تكتسب حضارة مصر القديمة أهمية بالغة بين الحضارات، نظراً لغناها وتقدمها في عدة مجالات، وكثيرة هي المعلومات والاكتشافات الأثرية المثيرة التي توثق ما قدمته، مما يدفع الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لتداول منشورات قد لا تتمتع بالدقة أو تثير الجدل.

وآخر تلك المنشورات تتحدث عن العثور على شعر مستعار مطرز بالذهب بحالة جيدة، يعود لإحدى زوجات "تحتمس الثالث"، وعمره أكثر من 3 آلاف سنة.

ويظهر  في صور المنشورات، شعر مستعار مطرز وتزيّنه حلقات ذهبية.

وعلق ناشرو الصورة بالقول: "هذه الباروكة (الشعر المستعار) عمرها حوالي 3450 سنة، يعني أنها كانت موجودة قبل وجود أكثر من 90 بالمئة من الدول الموجودة الآن على هذه الكرة الأرضية".

وأضافوا أنه يعود لـ "إحدى زوجات تحتمس الثالث" وأنه عثر عليه في "البر الغربي بمحافظة الأقصر" (صعيد مصر)، زاعمين أن الشعر "مطرّز بعناية فائقة بالذهب وفي حالة جيدة".

وحصدت المنشورات آلاف التفاعلات عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما المصرية منها.

تزوير للحقائق التاريخية

لكن جل ما ادعته المنشورات لا أساس له من الصحة، حسب ما أكده خبيران في الآثار المصرية لوكالة فرانس برس.

وفي التفاصيل، نفى الأستاذ في كلية الآثار في جامعة عين شمس المصرية، مدير عام المتحف المصري في التحرير، علي عبد الحليم، صحة كل ما جاء في المنشورات.

"طائرات حربية مصرية في سماء سيناء".. ما حقيقة الفيديو؟ مع تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ أكثر من سبعة أشهر في قطاع غزة ، ومع تمدد العمليات إلى رفح الواقعة على الحدود المصرية، صعدت القاهرة لهجتها ضد إسرائيل بعد أن حاولت منذ بدء الحرب الحفاظ على موقف متوازن.

وشرح قائلاً: "الشعر المستعار الظاهر في الصور هو تصميم حديث طبق الأصل"، وليس شعراً مستعاراً يعود لعهود مصر القديمة.

وصُنع هذا الشعر المستعار محاكاة لشعر مستعار أصلي عُثر عليه متحلّلاً في مقبرة الأميرة سات حتحور (ويطلق عليها أيضاً اسم سات حتحورات أيونت)، والمرجح أنها ابنة الملك سنوسرت الثاني وزوجة أمنمحات الثالث سادس فراعنة الأسرة الثانية عشر.

وشدد على أنه "لا يعود الشعر المستعار إلى زوجة تحتمس الثالث كما روجت المنشورات المضلّلة".

وأضاف الخبير المصري أن مقبرة الأميرة سات حتحور "عثر عليها في العام 1914 في الجهة الجنوبية من هرم "سنوسرت" في قرية اللاهون في محافظة الفيوم المصرية" ، وليس في البرّ الغربي لمحافظة الأقصر، كما ادّعت أيضاً المنشورات.

شعر مستعار حقيقي؟

وأكد مدير عام المتحف المصري أن مقبرة الأميرة سات حتحور هي أبرز نموذج يجسد فن الحلي في مصر القديمة، إذ عثر داخلها على عدد كبير من الكنوز الخاصة بالأميرة، وم بينها تيجان وعقود وصناديق خشبية مطعمة بالعاج ومرآة من الفضة ومجوهرات منقوش عليها اسم الملك أمنمحات الثالث.

وبعض هذه الكنوز معروض حاليًا في المتحف المصري في التحرير، أما ما تبقى منها فموجود في متحف المتروبوليتان في الولايات المتحدة، ومن بينها هذا الشعر المستعار الذي يحاكي الأصلي.

تصميم طبق الأصل

وهذا الشعر المستعار الحديث الصنع، صُمم كصورة طبق الأصل عن شعر مستعار أصلي عثر عليه متحللًا في واحد من صناديق الأميرة سات حتحور.

أما الحلقات الذهبية التي زينت الشعر فهي أصلية أخذت من الشعر المستعار، الذي وجد متحللًا ووضعت بنفس الطريقة تقريباً في التصميم الجديد.

مخابئ "خفية" للمقاتلات المصرية.. ما حقيقة الصورة؟ تداولت صفحات مصرية على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قالت إنها لـ"مخابئ" للطائرات العسكرية في مصر لتجنب رصد الأقمار الصناعية. 

واتفقت الباحثة الأثرية أمنية صالح، المتخصصة في مجال الملابس والحلي في مصر القديمة مع عبد الحليم، فتقول: "إن الشعر المستعار المعروض حاليًا في متحف المتروبوليتان هو حديث الصنع، وقد صمم ليتطابق بالكامل مع شكل الشعر المستعار (الأصلي) الذي تحلّل بفعل عوامل الزمن".

وأكدت أيضاً على أن الحلقات الذهبية "أصلية"، وقد عُثر في الصندوق على ما يزيد عن 1200 حلقة ذهبية بحجمين مختلفين، كانت تزين الشعر المستعار الأصلي.

ماذا يقول متحف المتروبوليتان عن الشعر المستعار؟

يرشد البحث العكسي عن صور الشعر المستعار إلى الصفحة الرسمية لمتحف المتروبوليتان الأميركي، التي خصصت للشعر المستعار زاوية خاصة.

ويشير الوصف المرافق لهذه التحفة إلى أنه عثر في الصناديق الخشبية على 1251 حلقة ذهبية بحجمين مختلفين، كانت تزين الشعر المستعار الذي تحلّل، وقد تم وضعها على الشعر المستعار الحديث.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الشعر المستعار مصر القدیمة شعر مستعار

إقرأ أيضاً:

قصائد مختارة.. من أشعار رسول حمزاتوف

من قرأ كتاب (داغستان بلدي) لرسول حمزاتوف (1923- 2003م) أدرك أثر اللغة الساحرة التي خُطَّ بها الكتاب، والاشتغال الراقي الذي ترك أثره على القارئ بعد قراءته للكتاب. ورسول حمزاتوف كاتب وشاعر داغستاني تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات، ولعل أشهرها کتاب (داغستان بلدي) وأشعار كثيرة أخرى كتبها في مسيرته الكتابية الممتدة لعقود من الزمن.

وفي معرض أشعار رسول حمزاتوف تُطلُّ علينا مجموعة قصائد مترجمة إلى العربية بعنوان: (قصائد مختارة من أشعار رسول حمزاتوف) ترجمها إلى العربية الدكتور مسوّح مسوّح ونشرتها دار الفارابي في طبعتها الأولى عام ٢٠١٦. تصدَّرتْ الكتابَ كلمةٌ مختصرةٌ للشاعر نفسه تناول فيها حديثاً سريعاً وعابراً عن داغستان وعن الشعر وعلاقة الأدب بالسياسة، وعلاقة الأديب بالحياة التي يعيشها، يقول حمزاتوف فيه: "إننا لسنا ببغوات من حديقة الحيوانات في بيتي. إننا بشر لحماً ودماً، وواجبنا نحن الأدباء أن نروي للبشر عن الحياة والموت بكل ما لدينا من الأساليب والطرائق والمهارة والفن". (ص١٠)، ويقول أيضاً: "وعلينا نحن رجال الأدب والفن أن نكون أطباء للحياة حتى نستحق رسالتنا". (ص١١)

وفي حديثه عن كتابة الشعر يقول حمزاتوف: "قال الشاعر الروسي الكبير (نكراسوف) مرة:

كان النضال يمنعني من أن أكون شاعراً

وكانت الأغاني تمنعني من أن أكون مناضلاً ". (ص9)

لذا فإن القصائد المترجمة في هذا الكتاب تأخذ موضوعاتٍ متعددةً من موضوعات الحياة التي تُعبّر فنياً عن الرؤية الشعرية للشاعر؛ إذ يُقدّم للقارئ صُوَرَ الحب والأم والمطر والموت بلغة فنية معبّرة تتَّسمُ بالرومانسية حيناً وبالتصوير الفني حيناً آخر. لقد ربط حمزا توف بين الدلالات الشعرية في إيجاد أنثى الشعر التي يقصدها، فالأنثى هي الحبيبة، وهي الأغنية، وهي الطفولة المتمثلة في كل لوحة من لوحات الوطن، يقول في قصيدته (أسماؤنا):

همستُ لكِ بأبياتِ الحب

واعتبرني الناسُ شاعراً

إن كنتُ شاعراً- فأنتِ الأغنية

تلك الأغنية التي تبقى بعد رحيل الشاعر.

لا يمكن أن تقرأ أشعار حمزاتوف دون أن تنجذب إلى ثلاث نقاط مهمة في شعره: أولها اللغة الساحرة الشفّافة التي يعبّر بها عن الحياة، وثانيها: تأمّله في واقع حياته وتصويره في الشعر وتعبيره عن المواقف المرتبطة بها في صورة فلسفية نابعة من زاوية رؤيته للكون والحياة، يقول في قصيدة (كي نعبر ما يعترضنا):

من لم تُلقِهِ

فرسُهُ الرشيقةُ عن كتفيها مراراً

لن يصبحَ فارساً

***

من لم يتلفْ بعضاً من أشعاره

من يخرس أمام السطورِ ولا يقوى على شطبها

لن يصبحَ شاعراً

***

من يسقطْ أمام مآسيه

لن يعرفَ يوم سعادة.

من لم يعرفْ خوفاً في الدربِ الصعب

سيظلُّ جباناً.

وثالثها: ارتباط الشاعر بالأرض، بالجبل، بالوطن، بداغستان؛ إذ يتمثل صورة الأرض ضمناً في شعره، فعبّر عنها راسماً لحظات طفولةٍ/ حياته في ذاكرته، يقول:

يبدو لي أحياناً أنّ الجنودّ

الذين لم يعودوا من الحقولِ المغطاةِ بالدم

لم يدفنوا في أرضنا حينذاك

بل تحوّلوا إلى لقالقَ بيضاء

وحتى هذه اللحظات، ومنذ ذلك الزمنِ البعيد

يطيرونَ ويرسلون لنا الأصوات...

ويقول أيضاً:

كنا في الجبال

نعتبر الأكبر بيننا

من عبر أنهاراً أكثر

من مشى طرقاً أطول

إنه كان كبيرنا

وله الاحترام الدائم...

لقد كان حمزاتوف يفكر بصمت في الحياة، ويسترسل في التعبير عنها بلغةٍ متأمّلةٍ في الأشياء، لقد كان يدعو القارئ إلى التأمل معه في نظرته إلى الكون، كان يحمل رؤية مضادة للحياة والتعبير عنها، يمكن أن نجد هذا التضاد في نظرته مثلاً في المقطعين الآتيين اللذين يعكسان صورة الحياة والتأمل والفرح والحزن:

عندما أجوبُ العالم البعيد

وأرى حدودَ الأرضِ المتنوعة

أفكّر بقلقٍ وحزن

أنّ الناس قدموا إلى الحياة عن طريق الخطأ

وُلدوا ليعيشوا مع أهلهم

أتَوا إلى الحياة اعتباطاً

حيث يجهل الجميع أسماءهم

حيث لا أحد يسعدُ لقدومهم

حيث يُغنّي كلٌّ منفرداً وحزيناً

حيث لا يلحظ الناسُ بعضهم بعضاً كأنهم في ضباب

حيث يصلي ويشكو كلُّ واحد

باللغة التي يفهمها وحده...

ويقول أيضاً:

أما ما لا أستطيع فهمه فهو:

لماذا يحدثُ أحياناً؟

أنّ الحب والحقيقة والخمر

تقتل الإنسانَ أيضاً.

تسكنُ داغستان وجدان حمزاتوف، إنها داغستان الحضن الدافئ الذي تربى فيها الشاعر، وعشق جبالها ووديانها وأشجارها، لذا فإنها متمثّلة في الشعر أيضاً، لا تنفكُّ عن لغته وعن حروفه وعن تعبيره الدافئ، إنها مقطوعة مختزنة في الوجدان والذاكرة فلا عجب أن يُعبّر عنها تعبيراً صادقاً، لذا نجد في نصوصه ألفاظاً تحيل على الوطن/ المكان الداغستاني فتأتي الألفاظ دالةً على الجبل والقرية والنهر والبيت في تعبير عن شخوص تتمثل في الأم والشيخ المُسن والأصدقاء والجنود والطبيبة الشابة، كلها دلالات تحيل على هوى مشرعٍ على داغستان الوطن.

كذلك فإن القصائد المختارة بها روح القضية الإنسانية الداعية إلى السلام والحب والاستقرار، فما يشهده العالم من حروب متتالية أصابت الإنسانية بشرخ أدّت إلى سقوطها على الهاوية، يقول في قصيدته (غالباً ما أفكّر):

غالباً ما أفكّرُ

أنّ الأرضَ كلها وطني... بيتي

أينما وجدت المعارك والنار ورعد المدافع

يحترقُ بيتي يحترقُ بيتي

أيها القرنُ العشرون

لقد أصبحت مصيراً لجسدي

تتحارب السنون فيما بينها

وأينما وجدت رعود المدافع والنار والمعارك

نحترق وإياك يا قلبي.

إنّ القصائد المختارة لرسول حمزاتوف في هذا الكتاب هي أغانٍ منتقاةٌ بعناية فائقة، ومقطوعاتٌ موسيقيةٌ عزفتها أنامل فنانٍ أدرك من خلالها أنّ الحياة والجمال متمثّلان في الشعر وحده. لذا فإنّ القارئ يعيش لحظاتِ من التأمل الفكري والوجداني والإنساني في قراءته لنصوص الكتاب. لقد جاءت القصائد أنموذجاً مهماً في تجربة رسول حمزاتوف الطويلة التي رصدت أفراح المكان وأحزانه، وأغانيه وتأملاته، لذا تأخذ النصوص هنا اتجاهاً فنياً معبراً عن ذاكرة المكان البعيد.

مقالات مشابهة

  • فديتك زائرًا في كل عام.. الرمضانيات في الشعر العربي
  • بالصور.. العثور على عبوات ناسفة وأسلحة في أحياء دمشق القديمة
  • قصائد مختارة.. من أشعار رسول حمزاتوف
  • 7 نصائح للوقاية من تساقط الشعر
  • قبل عيد الفطر.. خطوات العناية بالشعر |صور
  • اكتشاف روائح المومياوات المصرية القديمة .. من قشور البرتقال إلى الصنوبر والبخور
  • نبوءة الشعر بين الأدب والسلطة متن القصيدة في شعر أحمد مطر
  • استعدوا للسبت المقبل.. كسوف جزئي للشمس في حدث فلكي مذهل
  • «خناقة كلاب مفترسة» في مصر القديمة.. الداخلية تكشف الكواليس
  • تكنولوجيا مبتكرة وأداء مذهل .. أفضل هواتف أوبو لعام 2025