1.7 مليار دولار إنفاق "مصفاة الدقم" على الخدمات المحلية لدعم الاقتصاد الوطني
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
◄ ناصحة الفلاحية: تشغيل 50% من عمليات المصفاة بالطاقة الشمسية بغضون 6 سنوات
◄ الطاقة التكريرية للمصفاة تبلغ 230000 برميل يوميًا
◄ 5.4 مليون دولار قيمة استثمارات الشركة في المشاريع الاجتماعية
◄ تخصيص 534 مليون دولار لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
◄ 182 مليون دولار استثمارات المصفاة في السلع المصنعة داخل عُمان
◄ 27 مشروعًا وبرنامج رعاية اجتماعية خلال العام الماضي
◄ استفادة 450336 فردًا من مشاريع الاستثمار الاجتماعي وبرامج الرعاية
◄ استراتيجية التنوع البيولوجي تؤكد الالتزام الراسخ بحماية البيئة الطبيعية
◄ دمج التقنيات الصديقة للبيئة في جميع عمليات المصفاة
◄ النفط العماني يمثل 35% من العمليات التشغيلية.
. و65% من الخام الكويتي
◄ نجحنا في خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 41.1%
◄ عمليات المصفاة تتوافق مع أهداف استراتيجية الحياد الصفري الكربوني
◄ تقنيات معالجة عضوية متقدمة لتحويل الحمأة إلى لدائن عضوية
◄ معالجة وإعادة تدوير أكثر من 1.68 مليون متر مكعب من المياه بعامٍ واحدٍ
الرؤية- ريم الحامدية
أبرزت ناصحة الفلاحية الرئيس التنفيذي للموارد البشرية والتكنولوجيا والثقافة بمصفاة الدقم للصناعات البتروكيماوية، دور المصفاة في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عُمان ودولة الكويت الشقيقة، وأوضحت أن سلطنة عُمان ودولة الكويت ترتبطان بتاريخٍ وإرثٍ بحريٍ مشتركٍ يمتد لقرون بعيدة، مشيرةً إلى أن مشروع مصفاة الدقم يعكس هذه الشراكة طويلة الأمد بين البلدين.
وقالت الفلاحية- في حوار خاص مع "الرؤية"- إن المصفاة، التي تقع على امتداد أهم طرق الملاحة العالمية، تُمثل تتويجًا لمشوار تعاون عُمان والكويت على الصعيدين الاقتصادي والاستراتيجي، وقد رسخت المكانةً المرموقةً للبلدين في قطاع الطاقة العالمي، كذلك يُعزز الموقع الاستراتيجي لمصفاة الدقم من انفتاح البلدين على الأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا، وتبرز المصفاة دور البلدين كمساهمين مؤثرين وفاعلين في مسيرة التنمية والرخاء بالمنطقة، بينما تدفع عجلة التطور التقني وتنمية البنية الأساسية في كلا البلدين، وتُحفز التحوّل والرخاء في المنطقة ككل.
موقع استراتيجي
وأشارت الرئيس التنفيذي للموارد البشرية والتكنولوجيا والثقافة بمصفاة الدقم إلى أن المصفاة تتميز بموقعها الاستراتيجي على الساحل الشرقي لسلطنة عُمان في منطقة الدقم الواقعة على طول طرق الشحن الدولية الرئيسية؛ مما يزيد الكفاءة اللوجستية لتوزيع الطاقة. ويُتيح لها هذا الموقع إمكانية الوصول إلى الطرق البحرية الرئيسية مُباشرةً، مما يقلل من تكاليف النقل والزمن الذي يستغرقه، ويزيد من جاذبيتها للتجارة العالمية، وتجعل هذه الميزة الجغرافية من سلطنة عُمان والكويت فاعلين محوريين في قطاع الطاقة، وتسهل تدفق التجارة بين الشرق والغرب، كما تفتح الباب أمام فرص الدخول إلى أسواقٍ جديدة، خاصة في آسيا وأفريقيا، حيث ينمو الطلب على الطاقة باطّراد.
وتحدثت الفلاحية عن مساهمة مصفاة الدقم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، وقالت إن المقصود بالاستدامة بناءُ مجتمعات مستدامة من خلال توفير فرص عمل قيّمة، وفرص متكافئة للنساء والفتيات، وتعزيز التأثير الاقتصادي الاجتماعي، وتوفير بنى أساسية للمجتمعات، وتطوير الكفاءات المحلية، وهذا كله يقع في صميم مساعي مصفاة الدقم، باعتبارها مشروعًا رائدًا يُعزِّز رفاه الشعب العُماني.
وقالت الفلاحية إن أبرز مبادرات الشركة للاستدامة استثمار أكثر من 5.4 مليون دولار في المشاريع الاجتماعية المُساهِمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإنفاق 1.7 مليار دولار على الخدمات المحلية لدعم الاقتصاد المحلي، وتنفيذ استراتيجية تعويض خسائر التنوع البيولوجي، واستخدام التكنولوجيا لعمليات صديقة للبيئة، كما نستثمر في التقنيات المتطوّرة للحدّ من التأثيرات البيئية. وتجسّد استراتيجية التنوع البيولوجي التشغيلي التي نعتمدها في المصفاة التزامنا الراسخ بحماية البيئة الطبيعية في سلطنة عُمان، وتعزيز دورنا كمؤسسة تتحلى بوعي بيئي عالٍ، ويتجلى هذا الوعي في عملنا على تعزيز الاستدامة البيئية على المدى الطويل، وذلك بدمج التقنيات الصديقة للبيئة في جميع عمليات المصفاة، والمساهمة في تحقيق أهداف عُمان للتنمية المستدامة.
الطاقة الإنتاجية
وعن الطاقة الإنتاجية الحالية لمصفاة الدقم ومنتجاتها، أكدت الرئيس التنفيذي للموارد البشرية والتكنولوجيا والثقافة بمصفاة الدقم أن الطاقة التكريرية للمصفاة تبلغ 230000 برميل يوميًا، وتركّز على إنتاج المنتجات الصديقة للبيئة، ولا سيما الديزل ووقود الطائرات والنافثا وغاز البترول المسال بأعلى مستوى من الجودة. وبيّنت أن هذه المنتجات أساسية وحيوية لعدد لا يُحصى من الاستخدامات اليومية في مختلف القطاعات، كما تساهم بشكل ملموس في تلبية متطلبات قطاع الطاقة المتنامي، وتعود بالنفع على الاقتصادين المحلي والعالمي، مؤكدة أن تميز تلك المنتجات- من حيث جودتها وموثوقيتها- يُعزز من مكانة مصفاة الدقم المرموقة كمزود موثوق في سوق الطاقة.
وردًا على سؤال حول اعتماد المصفاة على الخام العُماني فقط، أم إن هناك خامات أخرى، وما طريقة استيرادها، أكدت الفلاحية أن مصفاة الدقم هي المصفاة الوحيدة في المنطقة التي لا تعتمد على النفط الخام المحلي؛ فهي أول مصفاة خليجية تعتمد على النفط الخام المستورد في عملياتها التشغيلية؛ حيث تستورد نحو 65 في المئة من احتياجاتها من النفط الخام الكويتي، الذي تقوم مؤسسة البترول الكويتية بتوريده للمصفاة، إضافة إلى الخام العُماني والذي يشكل نحو 35 في المئة من احتياجات المصفاة.
وتحدثت الفلاحية عن الإجراءات المُتّبعة للتحكم في انبعاثات الغازات، وجهود المصفاة لمواكبة استراتيجية الحياد الصفري الكربوني؛ حيث قالت إن إحدى أولويات رؤية "عُمان 2040" تتمثل في وضع إجراءات للحد من انبعاثات الكربون، ونجحت مصفاة الدقم في تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 41.1% في عام واحد (من 2021 إلى 2022)؛ حيث حرصت المصفاة على أن تتوافق عملياتها مع استراتيجية عُمان الرامية إلى الوصول إلى الحياد الصفري من خلال الممارسات والتقنيات المستدامة وابتكار الحلول التي تساهم في تقليل البصمة الكربونية وتعزيز كفاءة الطاقة. وأشارت إلى أن مصفاة الدقم تؤدي دورًا مهمًا في رحلة عُمان نحو الحياد الصفري بحلول 2050، من خلال الاستثمارات الاستراتيجية في التقنيات الموفرة للطاقة ومصادر الطاقة المتجددة، والالتزام بتقليل انبعاثات الكربون تنفيذًا للخطط الرامية لتشغيل نسبة 50% من عمليات المصفاة بالطاقة الشمسية بحلول عام 2030، ومن أهم مبادراتنا للتحكم في انبعاثات الغازات مبادرة القضاء على انبعاثات مشاعل الغاز لتقليل التلوث وتحسين كفاءة الطاقة، وبالتالي تحسين جودة البيئة المحلية.
الاستدامة البيئية
وأبرزت الفلاحية البرامج التي تستخدمها المصفاة لإعادة تدوير المواد وتقليل النفايات، وقالت إن مصفاة الدقم تتبنى عدة تقنيات مستدامة؛ منها: التناضح العكسي لتحلية المياه وإعادة تدويرها، وذلك بتطبيق أنظمة تصريف السوائل الصفرية، وعمليات معالجة المياه الثلاثية التي تقلل بشكل كبير من الملوثات، محافظةً على النظم البيئية المحلية والتنوع البيولوجي، مع استخدام مياه الصرف المعالجة لعمليات حيوية مثل الإطفاء والتبريد لدعم مشاريع استعادة النظم البيئية، إضافة إلى تقنية التخثير الكهربائي لتقليل النفايات الخطرة، وتقنيات المعالجة العضوية المتقدمة لتحويل الحمأة إلى لدائن عضوية، دعمًا للاقتصاد الدائري. وأضافت أن المصفاة دأبت على تأسيس محطات معالجة متطورة تستخدم هذه التقنيات المبتكرة، وأن المصفاة قامت بالفعل بمعالجة وإعادة تدوير أكثر من 1.68 مليون متر مكعب من المياه في عام 2023 باستخدام تقنية التناضح العكسي، ونظم معالجة ثلاثية متقدمة أدت إلى تخفيض نسبة النيتروجين والفوسفور بنسبة 98%؛ مما سمح بإعادة استخدام قدرٍ كبيرٍ من المياه، مع تنفيذ نظام مُتخصص لتخزين وتوزيع المياه المعالجة لاستخدامها في أبراج التبريد والمراجل، وذلك بهدف تقليل الطلب على المياه العذبة وتخفيض التأثير البيئي، كما أسست الشركة منشأة للمعالجة البيولوجية تحول النفايات العضوية إلى طاقة بيولوجية، وتقلل النفايات الموجهة لمكبات النفايات بنسبة 50%.
وأضافت الرئيس التنفيذي للموارد البشرية والتكنولوجيا والثقافة بمصفاة الدقم أن مصفاة الدقم حققت نسبة تعمين عالية؛ حيث تصل نسبة الموظفين العُمانيين والكويتيين إلى 60% من فريق الشركة، الذي يضم 749 موظفًا وموظفة من 32 جنسية.
المسؤولية الاجتماعية
وتعليقًا على سؤال حول مشاريع المسؤولية الاجتماعية للمصفاة لا سيما فيما يتعلق بالمشاريع البيئية أو التنموية، قالت الفلاحية إن المصفاة أثبتت ريادتها في مجال المسؤولية الاجتماعية وتنمية المجتمع؛ إذ لا يقتصر دور مصفاة الدقم على تكرير منتجات النفط فحسب؛ بل تُكرِّس جهودها لصقل آفاق مستقبل أفضل. وأضافت: "ملتزمون بتطوير مجتمعات مستدامة، وتوفير فرص عمل للشباب والكفاءات المحلية وترك أثر دائم في حياة أفراد المجتمع، وتشمل مبادراتنا في مجال المسؤولية الاجتماعية مشاريع لحماية البيئة، وبرامج لتنمية المجتمع، ودعم قطاعي التعليم والصحة المحليين؛ حيث نؤمن بأن نجاحنا يرتبط ارتباطًا وثيقًا برفاهية المجتمعات التي نفخر بخدمتها".
وأوضحت أن الشركة أطلقت 27 مشروعًا وبرنامج رعاية عام 2023، كما نفذ فريق الاستثمار الاجتماعي التابع للمصفاة 58 مشروعًا بالتعاون مع أصحاب المصلحة في عام 2023، واستفاد 450336 فردًا من مشاريع الاستثمار الاجتماعي وبرامج الرعاية منذ عام 2014. وأضافت أن قيمة استثمارات الشركة في المشاريع الاجتماعية تتجاوز 5.4 مليون دولار، كما جرى تخصيص 534 مليون دولار لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مشيرة إلى أن نسبة المنتجات والخدمات عُمانية المنشأ التي تعتمد عليها المصفاة في العمليات لا تقل عن 20%، إلى جانب استثمار 182 مليون دولار في السلع المُصنَّعة في سلطنة عُمان.
وأكدت أن استراتيجية الاستثمار الاجتماعي للمصفاة تركز على التعليم والصحة، والرخاء الاقتصادي والمسؤولية البيئية، كما إن مصفاة الدقم تعقد اجتماعات شهرية مع مختلف أصحاب المصلحة لضمان التوافق على الاتجاهات الإستراتيجي، وتشمل أنشطة الاستثمار الاجتماعي التي تنفّذها مصفاة الدقم عدّة إجراءات للحدّ من الآثار والتداعيات على السكان والبيئة والمجتمع، كما تعمل مصفاة الدقم على الاستثمار في البنى الأساسية والخدمات التي تُسهم في تحسين حياة السكان المحليين، وبناء علاقة إيجابية ومُستدامة مع أبناء المجتمع كافة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد الاجتماعي.. رافعة لتمكين التنمية المحلية في سلطنة عمان
يشهد قطاع الاقتصاد الاجتماعي اهتماما عالميا متزايدا في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية، ويبرز كأحد النماذج البديلة التي تجمع بين الأهداف الاقتصادية والتنموية، مسهمًا في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي ومتطلبات التنمية، ورافدًا أساسيًا لدعم جهود التنمية المحلية، باعتباره قطاعًا ثالثًا مكملًا للقطاعين العام والخاص.
ويوضح مبارك بن خميس الحمداني باحث في علم الاجتماع والسياسات العامة في الحوار التالي ماهية الاقتصاد الاجتماعي، وأشكاله المختلفة، وأهميته ويناقش الفرص المتاحة لتفعيل هذا النوع من الاقتصاد في سلطنة عمان، ومدى إمكانية استثماره لدعم المجتمعات المحلية، وتعزيز التكافل الاجتماعي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية بأساليب مستدامة تعتمد على رأس المال الاجتماعي والتضامن المجتمعي.
ويضيف الحمداني أن الاقتصاد الاجتماعي كمصطلح هو حديث العهد في المناقشات العمومية، ولكنه قديم العهد على مستوى الممارسات والتنظيم، وأنه يسعى لتحقيق أهداف اجتماعية على حساب الربح المادي المباشر. مؤكدًا أن هذا النوع من الاقتصاد لا يعني بالضرورة التخلي عن الأرباح، لكنه يجعلها وسيلة لتحقيق أهداف أسمى مثل حل المشكلات الاجتماعية، ودعم الفئات ذات الاحتياج، وتنمية المجتمع، وتقديم خدمات اجتماعية ميسرة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الاقتصاد يتميز بإعادة استثمار الأرباح وضخها في الدورة الاجتماعية، مما يعزز من تأثيره المستدام.
أشكال وتطبيقات
وأوضح الحمداني أن التاريخ شهد أشكالًا متعددة من الممارسات الاقتصادية التي ترتبط بمفهوم الاقتصاد الاجتماعي، ومن أبرزها التعاونيات، التي لا تقتصر فقط على الجمعيات الاستهلاكية، وإنما هي مفهوم أوسع يجسد كل تنظيم اقتصادي يقوم على تعاون بين مجموعة من أفراد المجتمع لخدمة مجتمعاتهم، ومن أمثلتها الجمعيات التعاونية لدعم الزراعة والصيد، حيث لا يقتصر الدعم فيها على التمويل المالي فقط، بل يشمل توفير التيسيرات، وتخصيص الأراضي، وتوفير المعدات، وبناء القدرات، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي للفئات المستهدفة وتحقيق قيمة اقتصادية للمجتمع المحلي والقطاعات المرتبطة به.
إلى جانب التعاونيات، تبرز المؤسسات غير الهادفة للربح كأحد الأشكال الرئيسية للاقتصاد الاجتماعي، حيث تنشط في قطاعات مثل الصحة، والتعليم، ورعاية الأطفال، وبناء القدرات، والعمل الإنساني، وتقديم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، ورعاية الفئات المحتاجة، مما يجعلها ركيزة أساسية في التنمية الاجتماعية.
اهتمام متزايد
يشير الحمداني إلى أن الاهتمام المتزايد عالميًا بالاقتصاد الاجتماعي يعود إلى خمسة عوامل رئيسية وهي التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، حيث يحقق هذا الاقتصاد معادلة تضمن تحقيق الأرباح دون الإضرار بالمجتمع، والابتكار الاجتماعي، إذ ينبع من احتياجات المجتمع ويسعى لحل المشكلات الاجتماعية بأساليب إبداعية، توظيف التضامن الاجتماعي، عبر تحويل المبادرات الفردية إلى تنظيمات ذات أثر اقتصادي واجتماعي مستدام، بالإضافة إلى التكامل مع العمليات الاقتصادية التقليدية، مما يجعله مسهمًا في نمو الناتج المحلي الاجتماعي، وتحقيق مؤشرات (سوسيو - اقتصادية) اجتماعية واقتصادية مهمة، مثل زيادة معدلات التشغيل، دعم الحرف، وتعزيز القوى المنتجة في المجتمع.
المساهمة الاقتصادية
وبيّن الحمداني أن الاقتصاد الاجتماعي يحقق على المستوى العالمي، مساهمة تتجاوز 10% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول، مع نسب أعلى في الاقتصادات الأوروبية المتقدمة، كما استطاع هذا القطاع توظيف حوالي 6.5% من الأيدي العاملة في بعض دول الاتحاد الأوروبي، بينما تشير الدراسات إلى أن بإمكانه استيعاب ما بين 3-5% من القوى العاملة في الدول التي ينشط فيها، وهذا يشكل الأهمية الاقتصادية التي تشترط عدة محكات لضمان تحقيق العوائد المرجوة من هذا الشكل الاقتصادي.
ويرى الحمداني أن نجاح الاقتصاد الاجتماعي يتطلب تحقيق أربعة معايير أساسية كوجود تشريعات وسياسات داعمة، حيث تبنت بعض الدول قوانين خاصة بالاقتصاد التضامني أو الاجتماعي، بينما وضعت دول أخرى سياسات وطنية تحت ذات المسمى، وحددت بعضها بعض المعايير لأنشطة تحت مسمى القطاع الثالث أو القطاع غير الربحي، ويجري عالميًا اليوم تأطير العديد من الاستراتيجيات القُطرية لتنشيط القطاع الثالث باعتباره قطاعا موظفا، ومبتكرا، ومساهما في التنمية الاجتماعية.
وعن ثاني المحركات أشار إلى أهمية وجود تسهيلات وحوافز لهذه المؤسسات التي تنشط في مجال الاقتصاد الاجتماعي كالإعفاءات الضريبية، وتسهيلات الاستثمار، وحصص التدريب للقوى العاملة، مشددًا على ثالث المحركات وهي أهمية الاهتمام ببناء قدرات المؤسسات من ناحية رأس المال البشري، وتحديث الممارسات الإدارية، وإضافة المنظور الاقتصادي والحوكمي لعملياتها، وتدريب العاملين فيها على أسس قيادة وتعظيم العائد من هذا القطاع، بالإضافة إلى نشر الوعي الجمعي لتعزيز ثقافة الاقتصاد الاجتماعي وتشجيع إنشاء مؤسسات قائمة على هذا المفهوم في مختلف القطاعات التنموية.
فرص محلية
وأوضح أنه على المستوى المحلي هناك فرص عديدة يتيحها تنشيط الاقتصاد الاجتماعي في سلطنة عمان أهمها الاستثمار الأمثل في تنظيم موضوع (الجمعيات التعاونية الاستهلاكية)، والتي يمكن أن تسهم في ثلاث فوائد أساسية: أولًا تقديم المنتجات بأسعار ميسورة للمستهلكين في المجتمع المحلي، ودعم المنتجات المحلية وتوفير منصة للأسر المنتجة والمشروعات الناشئة لعرض منتجاتها وكذلك أصحاب الإنتاج المحلي من مزارعين وصيادين ومهتمين بالثروة الزراعية والحيوانية والسمكية والمنتجات المنبثقة منها، وثالثها تحقيق الأمن الاقتصادي في مفهومه الأشمل لحالة الاستهلاك المحلي والأمن الغذائي في مفهوم أضيق للمجتمعات المحلية من خلال توفير حماية من تقلبات الأسواق والأسعار.
وأشار إلى أن هناك فرصا لتحويل بعض الخدمات الحكومية إلى مؤسسات المجتمع المدني مع تمكين هذه المؤسسات وتأهيلها وتنمية قدراتها لتقديم تلك الخدمات بكفاءة عالية وجودة واستدامة وتنافسية، ومن تلك الخدمات رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن وتقديم الاستشارات الأسرية والنفسية والقانونية، وبعض الخدمات المرتبطة بالرعاية الصحية الأولية، ويمكن كذلك توسيع نطاق عمل مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي المرتبطة برعاية الموهبة وتنميتها، ويمكِّن رأس المال الاجتماعي الذي يتكئ عليه المجتمع العُماني وحالة التضامن، بالإضافة إلى تمكين اللامركزية والانتقال نحو تنمية نوعية للمجتمعات المحلية كلها روافع يمكن أن تسهم في تحفيز حالة الاقتصاد الاجتماعي.
ممكن للتنمية المحلية
ويوكد الحمداني على أن الاقتصاد الاجتماعي يمكن أن يكون رافدًا أساسيًا لدعم جهود التنمية المحلية، باعتباره قطاعًا ثالثًا مكملًا للقطاعين العام والخاص. ولتحقيق ذلك، لا بد من توافر ثلاثة متطلبات رئيسية مثل تحفيز منظومة السياسات والتشريعات، لتكون داعمة وممكنة لهذا النوع من الاقتصاد، ومحاولة خلق ثقافة الابتكار الاجتماعي، التي تشجع المجتمع على تطوير حلول اقتصادية واجتماعية مبتكرة، بالإضافة إلى إعادة تعريف دور مؤسسات المجتمع المدني، بحيث تتحول إلى مؤسسات قطاع ثالث قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، بدلًا من التركيز على الأدوار التقليدية.