هجمات الحوثي في البحر الأحمر.. كيف تنسف سبل السلام؟
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
تواصل مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران هجماتها على السفن في المياه قبالة البلاد منذ أشهر.
◄هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية
أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية أن سفينة تعرضت لأضرار طفيفة في البحر الأحمر بعد إصابتها بجسم مجهول.
محلل سياسي يمني لـ" الفجر": الحوثي والإخوان وجهان لعملة واحدة.. ويستخدمان نفس الأساليب القمعية مع الصحفيين أمين الغزالي لـ "الفجر": الانتقالي وصل بالقضية الجنوبية لمراكز القرار.. والحوثي أكبر أزمة في الملف اليمني (حوار)
وأوضحت الهيئة أن "السفينة وطاقمها بخير وتواصل طريقها إلى ميناء التوقف التالي"، مشيرة إلى أن الحادث وقع على بعد 76 ميلا بحريا شمال غربي الحديدة باليمن.
◄ جرائم الحوثيين في البحر الأحمر
ودأبت ميليشيات الحوثي الإرهابية على تنفيذ هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن منذ نوفمبر، ردا على التوغل الإسرائيلي البري في القطاع.
وأجبرت تلك الهجمات شركات الشحن على تغيير مسار السفن ولجأت إلى سلك طريق أطول وأكثر تكلفة حول جنوب إفريقيا كما أثارت الهجمات المخاوف من اتساع نطاق الحرب بين إسرائيل وحركة حماس مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
وتؤثر الهجمات الحوثية على طريق حيوي يستحوذ على نحو 12% من التجارة العالمية، وبدأت تحالفات دولية في حماية حركة الملاحة في البحر الأحمر، وشنت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ضربات على مواقع الحوثيين في اليمن.
◄مجلس الأمن الدولي
ملفات ثلاثة طرحتها جلسة مجلس الأمن الدولي حول اليمن، الإثنين، الماضي وتمثلت بتهريب الأسلحة وتصعيد الأعمال العسكرية والهجمات البحرية ضد السفن.
وخلصت إحاطات قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واليمن والمبعوث الأممي، إلى أن التصعيد المستمر من قبل مليشيات الحوثي برا وبحرا يقوض أمن واستقرار البلد، مما يفاقم الوضع الإنساني.
وأعرب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطته المقدمة إلى مجلس الأمن، عن قلقه البالغ "إزاء تهديدات الأطراف بالعودة إلى الحرب، بما في ذلك تصريحات وأفعال مليشيات الحوثي فيما يخص مأرب".
وأكد الوسيط الدولي أن "زيادة العنف لن تكون حلًا للنزاع؛ بل ستفاقم من المعاناة التي نشهدها اليوم وقد تفقدنا فرصة التوصل إلى تسوية سياسية"، داعيا الأطراف اليمنية للالتزام بوقف إطلاق نار على مستوى البلاد، وضمان الإغاثة المطلوبة بشدة لليمنيين، وبدء عملية سياسية جامعة.
وتحدث غروندبرغ عن التحديات التي لا تزال تعرقل التقدم، وأبرزها الوضع الهش في المنطقة، واستمرار الأعمال العدائية على الرغم من أننا شهدنا انخفاضًا في الهجمات على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، بالإضافة إلى انخفاض عدد الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية ضد أهداف برية داخل اليمن".
ووصف المبعوث تهديدات مليشيات الحوثي بتوسيع نطاق الهجمات البحرية بأنها "استفزاز مقلق" في وضع مضطرب بالفعل، داعيا المليشيات إلى "خفض التصعيد في البحر الأحمر ومحيطه".
وأشار إلى أن الخطوط الأمامية في الجبهات ظلت نشطة مثل القصف ونيران القناصة والاشتباكات المتفرقة والهجمات بطائرات دون طيار وتحركات القوات، في الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز.
ودعا المبعوث الأطراف اليمنية إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في أفعالهم وخطابهم خلال هذه المرحلة الهشة".
وتحدث غروندبرغ عن خطته التي ترتكز على 3 محاور أساسية، ابتداء من الحوار مع الأطراف لإحراز تقدم بشأن خارطة الطريق الأممية بدعم من المجتمع الدولي والدول الإقليمية، ثم مواصلة "بحث سبل التهدئة وبناء الثقة"، وانتهاء بـ "التحضير من أجل وقف إطلاق نار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة".
كيف تنسف الهجمات البحرية للحوثيين سبل السلام؟
أكد ممثل الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة السفير روبرت وود أن "هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية والبحرية في البحر الأحمر جعلت التقدم المستمر نحو سلام مستدام بعيد المنال، وأدت إلى تدهور الوضع الإنساني للشعب اليمني".
وأشار إلى أن هجمات مليشيات الحوثي "أدت إلى ارتفاع الأسعار في ظل مكافحة اليمنيين على شراء السلع والمواد الغذائية والأساسيات في الأسواق".
وندد الدبلوماسي الأمريكي باتخاذ مليشيات الحوثي "سكان تعز كرهائن في مدينتهم، والذين لا يزالون ضحايا لقناصة الحوثيين وقصف المدينة الذي أدى إلى مقتل وجرح نساء وأطفال".
وشدد وود على ضرورة وقف "الحوثيين هجماتهم على الشحن الدولي، بما يتوافق مع القرار 2722"، بهدف توفير الإغاثة للشعب اليمني والسماح بدخول الغذاء والإمدادات التي تشتد الحاجة إليها إلى اليمن.
واتهم إيران بالوقف خلف تهريب الأسلحة للحوثيين وقال "لقد أشرنا بالفعل إلى الأدلة الواسعة على قيام إيران بتوفير أسلحة متقدمة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، للحوثيين، في انتهاك لعقوبات الأمم المتحدة، الأمر الذي يزيد من عدم الاستقرار الإقليمي".
ودعا إلى إدانة دور إيران المزعزع للاستقرار والتي تختبئ خلف مليشيات الحوثي، مجددا دعوته لإيران بوقف "عمليات نقل الأسلحة غير القانونية وتمكين هجمات الحوثيين غير القانونية والمتهورة".
وأشار إلى أن "حجم وتنوع العتاد الذي يتم نقله حاليًا إلى الحوثيين ينتهك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ويعد أمرا غيرا مسبوق"، داعيا لاتخاذ المزيد من الإجراءات لانفاذ وردع منتهكي العقوبات لحظر الأسلحة باليمن.
وحث وود إلى "استمرار المناقشات حول سبل تعزيز قدرة آلية الأمم المتحدة للتحقق وتفتيش السفن المتجهة إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون لضمان الامتثال لحظر الأسلحة ومنع استيراد الأسلحة".
من جهته، كشفت المندوبة البريطانية لدى مجلس الأمن باربرا وودوارد عن زيادة "ملحوظة في عدد السفن التي دخلت الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون دون إبلاغ آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش".
وأشار إلى أنه منذ أكتوبر 2023، "وصلت الانتهاكات المبلغ عنها إلى ما يصل 500 حمولة شاحنة من المواد غير الخاضعة للتفتيش إلى الحديدة".
وشددت على أهمية دور" آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش كآلية حاسمة لتقييد توريد الأسلحة غير المشروعة التي تدخل اليمن"، داعية جميع السفن إلى الامتثال لعمليات التفتيش اللازمة.
وفيما يتعلق بالشحن، أدانت المملكة المتحدة تهديدات الحوثيين الأخيرة بتوسيع هجماتهم على الشحن البحري إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.
وقالت إن "التصعيد المستمر للهجمات البحرية يقوض أمن واستقرار اليمن، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل"، مشيرة إلى أنه "لا يمكننا تأمين اتفاق سلام مستدام دون تهيئة بيئة أمنية مواتية".
وكررت المندوبة البريطانية دعوتها للحوثيين لاحترام حرية الملاحة ووقف هجماتهم المتهورة على الشحن البحري، داعية جميع الأطراف إلى تهدئة التوترات والحفاظ على مساحة للمفاوضات، بموجب خارطة الطريق الأممية.
يذكر أن الحكومة اليمنية تمكست بالسلام العادل المبني على المرجعيات الأساسية المتفق عليها عربيًا وإقليميًا ودوليًا، مؤكدة أنها تمثل خارطة طريق لمعالجة الأزمة في اليمن.
وقالت الحكومة اليمنية على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله السعدي، أن المليشيات الحوثية الإرهابية، بدلًا من التعاطي والتفاعل الإيجابي مع جهود السلام وخارطة الطريق، اختارت نهج التصعيد والإرهاب والقرصنة واستهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، والتهديد باستهداف السفن في البحر الأبيض المتوسط، والمنشآت النفطية في مأرب، مما ينذر بتقويض جهود ومساعي السلام ومفاقمة معاناة اليمنيين".
كما أنه بعد أكثر من 6 أشهر على بدء استهداف سفن الشحن في البحر الأحمر، أعلن الحوثيون توسيع هجماتهم إلى البحر الأبيض المتوسط في تطور خطير يثير قلقا إقليميا وعالميا.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مجلس الأمن الدولي الازمة اليمنية اليمن الحوثيين ايران البحر الاحمر فی البحر الأحمر ملیشیات الحوثی الأمم المتحدة هجمات الحوثی وأشار إلى أن مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
الحديدة ليست الميدان الوحيد : أنصار الله يستهدفون السفن من كل أنحاء اليمن
وعلى الرغم من التوجهات الأميركية المتجددة لتصعيد الأعمال الحربية على الحديدة تحت حجة وقف هذه الهجمات، فإن المعطيات والوقائع على الأرض تكشف أن هذه الرؤية تتسم بالعشوائية وعدم الاستناد إلى تحليل دقيق للواقع العسكري.
إن الدعوات الأميركية لشن هجوم بري على الحديدة تطرح تساؤلات جدية حول جدوى هذه الاستراتيجية. فالمنطق العسكري يقول إن استهداف السفن في المياه الإقليمية لم يكن يوما مرتبطا بموقع جغرافي معين، بل كان مرتبطا بالقدرة على استهداف الأهداف البحرية عبر تقنيات متنوعة.
إذ إن أنصار الله لم يعتمدوا في استهداف السفن على الزوارق المسيرة إلا بعد شهور طويلة من استخدام صواريخ وطائرات مسيرة أُطلقت من مختلف المناطق اليمنية.
وبالتحديد، منذ بداية هجمات أنصار الله على السفن التجارية، تم استهداف 153 سفينة خلال الأشهر السبعة الأولى من المواجهات، ولم يحتاج المهاجمون إلى الزوارق المسيرة في تلك الفترة. بل كانت الهجمات تتم عبر صواريخ مجنحة وطائرات مسيرة أُطلقت من 12 محافظة يمنية. وهذا يثبت أن استهداف السفن لا يعتمد على الحديدة أو على منطقة معينة في البحر الأحمر، بل هو جزء من استراتيجية عسكرية شاملة تتوزع فيها العمليات من عدة مواقع في اليمن.
واليوم، وبعد مرور أكثر من عام على بداية هذه الهجمات، بلغ إجمالي السفن المستهدفة 202 سفينة، منها اثنتان فقط استُهدِفتا عبر الزوارق المسيرة في البحر الأحمر أما بقية السفن، فقد تم استهدافها بصواريخ وطائرات مسيرة، وصواريخ باليستية متطورة انطلقت جميعها من مختلف المناطق اليمنية، باتجاه مسرح العمليات البحري الذي يشمل البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي وحتى البحر الأبيض المتوسط. هذه الوقائع تؤكد أنه لا توجد علاقة حتمية بين الهجمات على السفن وبين الحديدة بشكل خاص.
يستند التحليل العسكري إلى الوقائع الميدانية، ولا يمكن تجاهل المعطيات التي تؤكد أن الهجمات على السفن لن تتوقف في حال شن حرب برية على الحديدة. بل إن النتيجة ستكون كارثية، حيث ستجد المملكة العربية السعودية نفسها في مواجهة ردود فعل عسكرية عنيفة من قبل أنصار الله، سواء في البحر أو على الأرض وفي حال تم تنفيذ الهجوم البري على الحديدة، فمن المتوقع أن تكون هناك زيادة في الهجمات على السفن السعودية والنفطية، التي تشكل جزءا رئيسيا من الاقتصاد السعودي. ومن الممكن أن يكون الرد الحوثي على أي تصعيد في الحديدة جزءا من استراتيجية عسكرية أوسع تشمل استهداف المنشآت النفطية الحيوية للمملكة
وبالتالي حدوث ازمة عالمية في اسواق الطاقة بالعالم
علاوة على ذلك، فإن ما يبدو أنه اقتراح عسكري عشوائي يتجاهل تماما حقيقة أن أنصار الله يمتلكون القدرة على استهداف السفن باستخدام تقنيات أخرى لا تعتمد على موقع جغرافي معين.
لذلك، يمكن الاستنتاج بأن إشعال حرب على الحديدة لن يؤدي إلى توقف الهجمات على السفن، بل سيؤدي إلى تصعيد أكبر في المواجهات، وسيضر بمصالح الأطراف المتورطة في هذا النزاع، وعلى رأسها السعودية التي تساهم بشكل مباشر في دعم القوات المعادية في اليمن.
هذه المعطيات العسكرية تؤكد أن الرهان الأميركي على استهداف الحديدة كوسيلة لوقف الهجمات على السفن هو رهان خاطئ. بل إن التصعيد العسكري في هذه المنطقة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ ستزيد الضغوط على المملكة العربية السعودية التي قد تجد نفسها في مواجهة تهديدات متعددة، سواء كانت في البحر أو على الأرض.
في النهاية، يعكس الموقف الأمريكي تجاه الحديدة فشلا في فهم تعقيدات الواقع العسكري اليمني، ويجسد عجزا في قراءة التفاعلات الاستراتيجية على الأرض. وإذا كانت الولايات المتحدة تظن أن الهجوم على الحديدة سيقيد قدرة أنصار الله على استهداف السفن، فهي بذلك تقامر بمصالحها الإقليمية وتضع الأمن السعودي والاقليمي في خطر أكبر.
وما كان من المفترض أن يكون خطوة نحو وقف الهجمات البحرية عبر وقف العدوان الاسرائيلي على غزة قد يتحول إلى تصعيد عسكري شامل، مع ما يترتب عليه من عواقب كارثية على الأمن الإقليمي، لا سيما بالنسبة للمملكة التي تعتبر أكبر مصدر للنفط في العالم.
- عرب جورنال / كامل المعمري -