لا يقتصر التواصل بين الكائنات على الأصوات أو اللغة المنطوقة، فالرئيسيات مثل البشر والشمبانزي والقردة يعتمدون على إشارات حركية لتوصيل رسائل معينة في إطار عملية التخاطب مع أقرانهم.

وبالمثل أثبتت دراسة علمية أجراها فريق بحثي من جامعة فيينا في النمسا ونشرتها الدورية العلمية Communication Biology أن الأفيال الأفريقية تعتمد على إشارات حركية عند تبادل التحية مع أقرانها، وأن هذه الإشارات تختلف عندما تكون هذه الأفيال على مرأى من بعضها أو لا.

وتقول الباحثة فيستا إليوتيري المتخصصة في علم الأحياء السلوكي بجامعة فيينا: “إذا كنت تريد من شخص ما أن يناولك شيناً بعينه، فلابد أن تشير بأصبعك حتى يعرف المتلقي الشيء الذي تريده، وكذلك إذا كنت تريد السخرية من شخص ما، فلابد أن تبدي تعبيرات معينة على الوجه أو تستخدم نبرة صوت معينة حتى يفهم المحيطون بك أنك لست جاداً فيما تقول”.
ومن أجل تحديد ما إذا كانت الأفيال تستخدم تركيبات مماثلة من الإيماءات الحركية والأصوات، قام الفريق البحثي بدراسة مجموعة من الأفيال في محمية جافوتا الطبيعية في زيمبابوي خلال شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الاول) عام 2021.
وفي إطار الدراسة، رصد الباحثون 1014 إشارة حركية و268 تعبيراً صوتياً قامت بها الأفيال لتحية بعضها البعض.

واعتمد الفريق البحثي على جمع البيانات من أعلى منصة مرتفعة تطل على مساحة مفتوحة توجد بها بركة مياه حيث يمكن متابعة الأفيال من جميع الزوايا من مسافة 200 متر. ومن أجل تعزيز آليات تبادل التحية بين الأفيال، اعتمد الباحثون على آلية لفصل الأفيال عن بعضها ثم جمع شملها مرة أخرى.
وخلال التجربة، كان حراس المحمية يبعدون الأفيال عن بعضها لمسافة 200 متر عن بعضها لمدة عشر دقائق ثم يسمحون لها بالاقتراب من بعضها مرة أخرى من تلقاء نفسها، مع تكرار هذه التجربة مرتين على الأقل يومياً حتى لا تشعر الافيال بالتوتر جراء التباعد عن بعضها البعض.
ووجد الباحثون أن الأفيال تتبادل التحية عن طريق سلسلة من الإيماءات والأصوات مثل القعقعات عن طريق تحريك الأذن او فردها، وأنها تقوم بإشارات أخرى عن طريق هز ذيولها أو رفعها لأعلى.
وتبين من المتابعة المستمرة أن تحريك الأذن هي أكثر أنواع التحية شيوعاً بين الأفيال، وأن هذه الإيماءة هي أكثر انتشاراً بين الإناث عن الذكور.

وتلاحظ أيضاً أنه في 71 % من مواقف تبادل التحية، تعتمد الأفيال على وسائل أخرى مثل التبول أو التبرز أو إفراز روائح معينة من بعض الغدد الصدغية التي لا توجد إلا في أجسام الأفيال.
وتقول الباحثة إليوتيري إن “السمع والشم بعتبران من الحواس بالغة الأهمية بالنسبة للأفيال، وبالتالي فقد خضعت لدراسات وأبحاث مستفيضة سابقة، ولكن هناك اعتقاداً سائداً أن الأفيال ضعيفة البصر، وبالتالي لا تعتمد كثيراً على الرؤية عند التواصل مع بعضها البعض”.
وأضافت في تصريحات للموقع الأمريكي “بوبيولار ساينس” المتخصص في الأبحاث العلمية: “لقد قدمنا الدليل على أن الأفيال تتبادل الإيماءات الحركية أثناء التحية، وتعتبر هذه الدراسة أول وصف منهجي لأنواع الإشارات الحركية المختلفة والتركيبات المتعددة التي تلجأ لها الأفيال أثناء التحية”.

وتبين من الدراسة أن وسائل التواصل بين الأفيال تختلف حسب ما إذا كانت تنظر إلى بعضها أو لا، بمعنى أن الفيل على الأرجح يعتمد على الإشارات الحركية مثل هز الأذن أو التلويح بخرطومه عندما يرى أن الفيل المتلقي ينظر إليه، في حين أنه يعتمد على إصدار أصوات معينة مثل القعقعة عن طريق هز الأذن، أو اللمس بطرف الخرطوم للتعبير عن التحية عندما يجد أن الفيل الملتقي لا ينظر إليه.
وذكرت الباحثة إليوتيري أن بعض الإيماءات كانت تبدو عشوائية للوهلة الأولى، ثم اتضح لاحقاً أن الأفيال تقوم بعمل تركيبات من الإشارات الحركية والأصوات من أجل توصيل رسائل معينة إلى أقرانها، ما يسلط بعض الضوء على احتمال وجود خواص نحوية في لغة الأفيال.
وتدل الدراسة أيضاً على أن الأفيال تعدل أسلوب التواصل باختلاف المواقف، أي عندما تكون في دائرة رؤية الفيل الملتقي أو لا، وهو ما يعزز خاصية الإدراك الفردي بين أفراد القطيع الواحد والترابط الاجتماعي بين الأفيال.

وتؤكد الدراسة أيضاً أن أنظمة التواصل متعددة الأوجه تطورت بين فصائل مختلفة من الثدييات، حيث تلاحظ أن بعض أنواع الشمبانزي والقرود تتواصل مع بعضها بشكل مختلف حسب ما إذا كانت تتبادل النظر أو لا أثناء عملية التواصل، وأنها تجمع بين التعبير الصوتي والحركي حسب السياق أثناء عملية التواصل.
وعلى الرغم من التباعد في الخواص بين الأفيال والقرود، فإنها تشترك في قدراتها العقلية المتطورة والحياة الاجتماعي المركبة التي تعيش فيها وسط أقرانها.
ويأمل الفريق البحثي في المستقبل أن يتم تسليط مزيد من الضوء على المرونة التي تبديها الأفيال عند التواصل مع بعضها البعض، وكذلك فهم أنماط الحركة المختلفة التي تقوم بها الأفيال التي تعيش في الحياة البرية وربما الوقوف على مدلولاتها المختلفة.

المصدر: جريدة الحقيقة

كلمات دلالية: بعضها البعض بین الأفیال عن بعضها عن طریق

إقرأ أيضاً:

WSJ: إسرائيل قد تغزو غزة بقوة كبيرة للسيطرة على الأرض واحتلال مناطق معينة

#سواليف

أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” اليوم السبت، بأن #إسرائيل وضعت خططا حربية جديدة للضغط على حركة #حماس، مشيرة إلى أن إسرائيل قد تغزو قطاع #غزة بقوة للسيطرة واحتلال مناطق معينة.

وقالت الصحيفة إنه “مع تعثر المحادثات لتمديد وقف إطلاق النار لمدة سبعة أسابيع، رسمت إسرائيل مسارا لسلسلة من #الخطوات_التصعيدية لزيادة الضغط تدريجيا على حماس، وهي #الخطط التي قد تؤدي إلى استئناف الأعمال العدائية في #الحرب التي استمرت 16 شهرا في قطاع غزة”.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مصادر مطلعة قولها إن إسرائيل قد تغزو غزة بقوة كبيرة للسيطرة على الأرض واحتلال مناطق معينة.

مقالات ذات صلة تحقيقات لم تُنشر لجيش الاحتلال بشأن هجوم 7 أكتوبر تكشف مفاجآت جديدة وما خفي أعظم 2025/03/08

ولفتت إلى أن الرئيس دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف هددا بالعودة إلى الحرب في قطاع غزة إذا لم تطلق حماس سراح الرهائن المتبقين، فما تخطط إسرائيل بالفعل لكيفية حدوث ذلك.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن وسطاء قولهم إن حركة حماس تصر على فتح محادثات بشأن إنهاء الحرب وترفض مناقشة نزع السلاح، فيما نقلت عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق قوله إسرائيل ستحتاج إلى 6 أشهر على الأقل لإخضاع حماس، وأنه لا توجد طريقة للقضاء على حماس دون احتلال غزة.

وقالت وول ستريت جورنال إن إسرائيل عرضت تمديد وقف إطلاق النار في غزة لمدة شهر إذا استمرت حماس في إطلاق سراح الرهائن.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن عن إجراء مناقشات مع حركة “حماس” في وقت لا تزال تتنصل إسرائيل من بدء تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى واتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال ترامب خلال حديثه أمام الصحفيين في البيت الأبيض يوم الخميس: “أجرينا مناقشات مع حماس ونساعد إسرائيل”.

وبحسب محللين، فإن المباحثات المباشرة التي أجرتها الولايات المتحدة مع حماس تؤشر إلى الصعوبات التي تواجهها المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة في القطاع.

واعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أن الخطة المصرية بشأن غزة “لا تلبي تطلعات” الرئيس دونالد ترامب الذي أشاد موفده الخاص في وقت سابق بجهود مصر، لكنه شدد على أن تفاصيل المشروع تدرس راهنا.

ومن جانبه، أشاد مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الخميس بمصر لعرضها خطة جديدة بشأن غزة من دون أن يؤيد التفاصيل الواردة في هذا المقترح للمشروع الأول بسيطرة أمريكية على القطاع وتهجير الفلسطينيين.

وكانت وسائل إعلام أمريكية كشفت أن المفاوضات السرية التي تجريها واشنطن مع حماس فجرت مخاوف إسرائيل في مكالمة بين أقرب مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمسؤول الأمريكي الذي يقود المحادثات.

ونقلت وكالة “أكسيوس” عن مسؤول إسرائيلي ومصدر يعلم بالمكالمة أنه “عندما استطلع مساعدو ترامب آراء المسؤولين الإسرائيليين في أوائل فبراير حول إمكانية التفاوض مباشرة مع حماس، نصحهم الإسرائيليون بعدم القيام بذلك، خاصة دون شروط مسبقة. لكن إسرائيل اكتشفت من خلال قنوات أخرى أن الولايات المتحدة كانت تمضي قدما على أي حال”.

ولفتت الوكالة إلى أن “نتنياهو تجنب انتقاد الرئيس ترامب علنا منذ أن تم الكشف عن المحادثات الأمريكية غير المسبوقة مع حماس يوم الأربعاء، قائلا فقط إن إسرائيل قد أوضحت رأيها للولايات المتحدة”.

مقالات مشابهة

  • إلي وزارة البلديات وأمانة جدة.. مع التحية
  • الشرع: فلول النظام السابق يحاولون جرّ سوريا لحرب أهلية
  • وزارة الإعلام: ننوه إلى وسائل الإعلام العربية والغربية التعامل بدقة ومصداقية مع الأحداث الجارية وعدم الوقوع في فخاخ الشائعات التي يتم ضخها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متصاعد وممنهج
  • الشرع: فلول النظام يحاولون جرّ سوريا لحرب أهلية لتقسيمها
  • ماذا يحدث في جامعاتنا؟!
  • تدريب 15 موظفًا بـ"التنمية" على لغة الإشارة من "القاموس الإشاري العُماني"
  • التنمية الاجتماعية تنظّم حلقة تخصصية للغة الإشارة
  • «فك طلاسم انتحار الطلاب».. أحداث مثيرة في الحلقة 8 من مسلسل أثينا
  • ماجينا والمسحراتي.. بغداديون يحنّون لعادات رمضانية بعضها اندثر
  • WSJ: إسرائيل قد تغزو غزة بقوة كبيرة للسيطرة على الأرض واحتلال مناطق معينة