باحثون يحاولون فك طلاسم لغة الإشارة لدى الفيلة
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
لا يقتصر التواصل بين الكائنات على الأصوات أو اللغة المنطوقة، فالرئيسيات مثل البشر والشمبانزي والقردة يعتمدون على إشارات حركية لتوصيل رسائل معينة في إطار عملية التخاطب مع أقرانهم.
وبالمثل أثبتت دراسة علمية أجراها فريق بحثي من جامعة فيينا في النمسا ونشرتها الدورية العلمية Communication Biology أن الأفيال الأفريقية تعتمد على إشارات حركية عند تبادل التحية مع أقرانها، وأن هذه الإشارات تختلف عندما تكون هذه الأفيال على مرأى من بعضها أو لا.
وتقول الباحثة فيستا إليوتيري المتخصصة في علم الأحياء السلوكي بجامعة فيينا: “إذا كنت تريد من شخص ما أن يناولك شيناً بعينه، فلابد أن تشير بأصبعك حتى يعرف المتلقي الشيء الذي تريده، وكذلك إذا كنت تريد السخرية من شخص ما، فلابد أن تبدي تعبيرات معينة على الوجه أو تستخدم نبرة صوت معينة حتى يفهم المحيطون بك أنك لست جاداً فيما تقول”.
ومن أجل تحديد ما إذا كانت الأفيال تستخدم تركيبات مماثلة من الإيماءات الحركية والأصوات، قام الفريق البحثي بدراسة مجموعة من الأفيال في محمية جافوتا الطبيعية في زيمبابوي خلال شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الاول) عام 2021.
وفي إطار الدراسة، رصد الباحثون 1014 إشارة حركية و268 تعبيراً صوتياً قامت بها الأفيال لتحية بعضها البعض.
واعتمد الفريق البحثي على جمع البيانات من أعلى منصة مرتفعة تطل على مساحة مفتوحة توجد بها بركة مياه حيث يمكن متابعة الأفيال من جميع الزوايا من مسافة 200 متر. ومن أجل تعزيز آليات تبادل التحية بين الأفيال، اعتمد الباحثون على آلية لفصل الأفيال عن بعضها ثم جمع شملها مرة أخرى.
وخلال التجربة، كان حراس المحمية يبعدون الأفيال عن بعضها لمسافة 200 متر عن بعضها لمدة عشر دقائق ثم يسمحون لها بالاقتراب من بعضها مرة أخرى من تلقاء نفسها، مع تكرار هذه التجربة مرتين على الأقل يومياً حتى لا تشعر الافيال بالتوتر جراء التباعد عن بعضها البعض.
ووجد الباحثون أن الأفيال تتبادل التحية عن طريق سلسلة من الإيماءات والأصوات مثل القعقعات عن طريق تحريك الأذن او فردها، وأنها تقوم بإشارات أخرى عن طريق هز ذيولها أو رفعها لأعلى.
وتبين من المتابعة المستمرة أن تحريك الأذن هي أكثر أنواع التحية شيوعاً بين الأفيال، وأن هذه الإيماءة هي أكثر انتشاراً بين الإناث عن الذكور.
وتلاحظ أيضاً أنه في 71 % من مواقف تبادل التحية، تعتمد الأفيال على وسائل أخرى مثل التبول أو التبرز أو إفراز روائح معينة من بعض الغدد الصدغية التي لا توجد إلا في أجسام الأفيال.
وتقول الباحثة إليوتيري إن “السمع والشم بعتبران من الحواس بالغة الأهمية بالنسبة للأفيال، وبالتالي فقد خضعت لدراسات وأبحاث مستفيضة سابقة، ولكن هناك اعتقاداً سائداً أن الأفيال ضعيفة البصر، وبالتالي لا تعتمد كثيراً على الرؤية عند التواصل مع بعضها البعض”.
وأضافت في تصريحات للموقع الأمريكي “بوبيولار ساينس” المتخصص في الأبحاث العلمية: “لقد قدمنا الدليل على أن الأفيال تتبادل الإيماءات الحركية أثناء التحية، وتعتبر هذه الدراسة أول وصف منهجي لأنواع الإشارات الحركية المختلفة والتركيبات المتعددة التي تلجأ لها الأفيال أثناء التحية”.
وتبين من الدراسة أن وسائل التواصل بين الأفيال تختلف حسب ما إذا كانت تنظر إلى بعضها أو لا، بمعنى أن الفيل على الأرجح يعتمد على الإشارات الحركية مثل هز الأذن أو التلويح بخرطومه عندما يرى أن الفيل المتلقي ينظر إليه، في حين أنه يعتمد على إصدار أصوات معينة مثل القعقعة عن طريق هز الأذن، أو اللمس بطرف الخرطوم للتعبير عن التحية عندما يجد أن الفيل الملتقي لا ينظر إليه.
وذكرت الباحثة إليوتيري أن بعض الإيماءات كانت تبدو عشوائية للوهلة الأولى، ثم اتضح لاحقاً أن الأفيال تقوم بعمل تركيبات من الإشارات الحركية والأصوات من أجل توصيل رسائل معينة إلى أقرانها، ما يسلط بعض الضوء على احتمال وجود خواص نحوية في لغة الأفيال.
وتدل الدراسة أيضاً على أن الأفيال تعدل أسلوب التواصل باختلاف المواقف، أي عندما تكون في دائرة رؤية الفيل الملتقي أو لا، وهو ما يعزز خاصية الإدراك الفردي بين أفراد القطيع الواحد والترابط الاجتماعي بين الأفيال.
وتؤكد الدراسة أيضاً أن أنظمة التواصل متعددة الأوجه تطورت بين فصائل مختلفة من الثدييات، حيث تلاحظ أن بعض أنواع الشمبانزي والقرود تتواصل مع بعضها بشكل مختلف حسب ما إذا كانت تتبادل النظر أو لا أثناء عملية التواصل، وأنها تجمع بين التعبير الصوتي والحركي حسب السياق أثناء عملية التواصل.
وعلى الرغم من التباعد في الخواص بين الأفيال والقرود، فإنها تشترك في قدراتها العقلية المتطورة والحياة الاجتماعي المركبة التي تعيش فيها وسط أقرانها.
ويأمل الفريق البحثي في المستقبل أن يتم تسليط مزيد من الضوء على المرونة التي تبديها الأفيال عند التواصل مع بعضها البعض، وكذلك فهم أنماط الحركة المختلفة التي تقوم بها الأفيال التي تعيش في الحياة البرية وربما الوقوف على مدلولاتها المختلفة.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: بعضها البعض بین الأفیال عن بعضها عن طریق
إقرأ أيضاً:
العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة
منذ قرابة العشرين عاماً، أطلت علينا الهواتف الذكية، وما تبعها من تقنيات في اتساع خدماتها، حيث كانت في بداياتها وسيلة اتصال، ثم تحولت حتى باتت الكل في الكل. ألا ترون أنها أصبحت أسلوب حياة تغيرت معها كثير من أساليب عيشنا وتفكيرنا؟ الأجهزة الذكية نحَّت بكل غرور كل ماكنا لا نستطيع الاستغناء عنه (الساعة والكاميرا والحاسبة والطابعة وآلة التصوير والأجندات والمذكرات كتابية وصوتية والتقويم والمواعيد والقواميس والترجمة والمسجل والتلفزيون والمكتبات ونظام الخرائط والكشاف وغير ذلك كثير والقادم قد يكون مذهلاً ) وحلت محلها بدقة أكثر وسرعة أكبر ويسر وسهولة منقطعة النظير، رسائل الجوال الذكي خدمت المجتمع في توجيه دعوات الزواج والمناسبات الهامة التي كانت سابقاً تبدأ المرحلة الأولى منها في روحة وجيئة مع المطابع من أجل اختيار شكل الكرت وتصميمه واختيار العبارات وبعد الاتفاق على ذلك تبدأ المرحلة الثانية وهي كتابة أسماء المدعوين وتوزيع البطاقات الذي قد يستغرق أياماً! أما المؤسف بعد التوزيع، هو أن أغلب المدعوين بعد انتهاء الزواج، يلقون ببطاقات الدعوة إما في سلة المهملات، أو إن كانوا مهتمين، أحرقوها حفاظاً على قيمة وخصوصية وقيمة أسماء الداعين، إذ من المستحيل إمكانية الحفاظ على بطاقات الدعوات التي كنا نستلمها فقد كانت لا تكفيها لو خصصنا لها المكتبات. ومن هنا قدم الجوال خدمةً جليلة، إذ تم إلغاء هذا الموضوع واستبداله ببطاقات الكترونية معبرة وجميلة وممكن ربطها بالموعد والتذكير. ومن المهام الجليلة التي خدمتنا فيها التقنية عبر الأجهزة الذكية تلك، هي فرصة قراءة القرآن في كل زمان ومكان، ليلاً أو نهاراً، ولن ننسى الشيخ العلامة (جوجل) كما يحلو للبعض تسميته، إذ أنه مرجع حاضر في كل لحظة. قد لا يكون بمنتهى الدقة، لكنه إلى حدّ بعيد ذا مرجعية هامة في جميع العلوم والتخصصات والأحوال. وظائف ما كنا نتخيل اختزالها في جهاز أصغر من الكف. لذلك لم نعد نستغرب، أو نستبعد وصول العلم إلى أبعد من ذلك بكثير، ولعل الذكاء الإصطناعي اليوم وما وصلنا منه، دليل على أن وتيرة التقدم التقني متسارعة، والطموحات البشرية منه أسرع، والعالم في تنافس شديد، والأجيال لم تعد كسابقيها من أجيال، لكن هناك ممَّن تأقلموا بسرعة مع التقنية، فأحبوها وأتقنوها، وهناك من لم يتمكن منها، ولا يدرك أبسط قواعدها وخدماتها، ومن هنا كان لابد للجهات المختلفة والوزارات تقدير ذلك خاصةً وزارة العدل وتطبيق (ناجز) والمتأخر كثيراً في أن يستوعب الجميع عكس تماًماً تطبيق (أبشر) والمفهوم للجميع ما لسبب ؟ لا أدري!!
اليوم نحن نواجه اجتياح وسائل التواصل لجميع أفراد المجتمع صغاراً وكباراً حتى أولئك الذين لا علاقة بينهم وبين التقنية. نجد أبناءهم حملوا لهم (التيكتوك) في هواتفهم ليستمتعوا وبالفعل ينطبق على التيك توك عبارة دعاية قديمة (لما تفك ما حتسك) لهذا التطبيق أو هذه المنصة سحر متابعة مذهل جداً! لذلك أصبحت متابعة الأهل وتقييمهم لتفكير ولسلوكيات أبنائهم ومشاركتهم ما يتابعون وما يكتبون، واجب ديني وتربوي، التقصير فيه وإهماله (جريمة) في حق أنفسهم ومجتمعهم وفلذات أكبادهم، أصبحنا نقرأ من الكتابات خلف أسماء مستعارة ما يندى له الجبين من بذاءة ألفاظ وسلوكيات مصورة يحسبونها مفخرة في حين أنها رذيلة أخلاقية هؤلاء المستترين خلف أسماء مستعارة وينفثون سموماً أخلاقية. هل اعتقدوا أنهم مستترين عن الله الذي لا يحب الجهر بالسوء من القول؟ ليت الأباء والأمهات الذين صدروا أطفالهم في وسائل التواصل، يحذروا من مغبة الزج بأبنائهم وبناتهم في أحضان وسائل التواصل، فالعاقبة بنسبة غالبة ليست سارة! بل وغالبا ما تكون وخيمة! هذه أم تريد من ابنتها التي لم تتجاوز حسب تقديري الثلاثة أو أربعة أعوام أن تحكي ما في خاطرها دون خوف منها وتطمئنها بأنها ابتعدت ثم بدأت الطفلة في ذم أمها بكلام غير مقبول! أي تربية هذه وأي أمومة؟ وذاك أب يصدر ابنته الصغيرة في كل المواقف بمكياج ولباس لا يتفق وطفولتها وبراءتها فمتابعي ابنته ملايين وابنته جريئة ووسائل الإعلام تطاردها وهذا الهدف. أين برامج الأطفال الهادفة يشارك فيها الأطفال بمواهبهم وبراءتهم وطفولتهم؟ طفلة جريئة متحدثة استغل ذلك يا والدها وليستغلها الإعلام واجعلوها تقدم برنامجاً مفيداً للأطفال دون زجها في جلسات الرجال ومقابلاتهم وتعويدها الجرأة غير المحمودة حتى لا يموت الحياء في شخصيتها، لأن الحياء هو زينة النساء وتاج الفتيات وعنوان التربية السليمة. فتفاصيل تربية البنات تختلف عن تفاصيل تربية البنين، والحياء لكلا الجنسين مطلب لكنه للفتيات أكثر! والإطار العام للجميع هو الأخلاق المستمدة من ديننا الحنيف، وسنة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وكلما كانت تربية الطفل منذ نعومة أظفاره سليمة، كلما ظهر هذا في مستقبل حياته وتعاملاته. وكلما كان هذا رفعةً للوادين في الدنيا والآخرة. فاحرصوا على التربية السليمة فهي المكسب الحقيقي.
وفقنا الله وإياكم ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).