الحرب تهدم "البيت الكبير" في السودان
تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة الصحافة العربية عن الحرب تهدم البيت الكبير في السودان، الأسرة السودانية تدفع الفاتورة الأغلى للحرب في كل مناحي الحياة وفي مقدمتها الأثر النفسي أ ف ب تقارير .،بحسب ما نشر اندبندنت عربية، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات الحرب تهدم "البيت الكبير" في السودان، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
الأسرة السودانية تدفع الفاتورة الأغلى للحرب في كل مناحي الحياة وفي مقدمتها الأثر النفسي (أ ف ب)
تقارير السودانالنازحونالنازحينالأسرة الممتدةحرب السودانالخرطوميتميز السودان بمفهوم اجتماعي يتعلق بالأسر الممتدة أو ما يعرف بـ"البيت الكبير" الذي يحتوي على الجد والجدة والأعمام والأخوال ويعد من أقوى القيم السودانية التي يعيشها المجتمع، وهو نسيج متوارث يتم غرسه في نفوس الأطفال منذ الصغر ويتناقل من جيل إلى جيل.
في العاصمة الخرطوم والمدن الكبيرة من ولايات السودان المختلفة ظلت هذه الميزة تتجلى في قسمات المكون الاجتماعي، إذ يظهر تماسك الأسر في الأفراح والأتراح وغيرها من المفاهيم التكافلية التي ينادي بها كبار هذه الأسر.
لعنة حرب السودان منذ اندلاعها في منتصف أبريل (نيسان) طاولت هذه القيمة الاجتماعية، مما جعل الأسر تنزح إلى مسقط رأسها في ولايات السودان لتجابه بمشكلات أظهرت مدى الوهن الذي أصاب تلك القيم الموروثة من خلال المعايشة اليومية نتيجة احتكاكات ومشاجرات بين الأهل أدت إلى تراجع ملحوظ في صلة الرحم، علاوة على الاضطرابات والضغوط النفسية والاقتصادية للأسرة النازحة والمستقبلة، فجميعها لعبت دوراً كبيراً في تفكيك البيت الكبير.
مشاحنات الأهل
تقول عائدة أحمد وهي في العقد الخامس "نزحت إلى مسقط رأسي مدينة عطبرة بولاية نهر النيل حيث البيت الكبير اعتقاداً بأنه الملجأ والملاذ الآمن وسط شقيقاتي لكن التوقعات كانت غير ذلك، فبعد فترة قصيرة بدأت الخلافات تظهر بسبب مشاجرات الأطفال أثناء اللعب ونسبة لانشغالي بضغوط الحياة اليومية والوظيفة التي أسهمت في الابتعاد إلى حد كبير، لم نكن نقوم بزيارات لمن تربطنا بهم صلة رحم إلى جانب التنشئة واختلاف العادات والتقاليد فزاد الخلاف بين أطفالي والآخرين، ولم يكن هناك وعي فكل ينحاز إلى أطفاله".
أردفت "تعمقت المشكلات في البيت الكبير حتى وصلت إلى مرحلة الضرب والاشتباك بالأيدي فبات من الصعوبة بمكان التعايش مع بعضنا بعضاً، لكن نسبة لعدم صرف المرتبات وصعوبة توافر مقومات الحياة المعيشية كان من الصعب استئجار منزل لتفادي ما يحدث من احتكاكات ومشكلات أسرية".
وذكرت أن "السكن في البيت الكبير أكبر خطأ، فلم أعد أثق بمن حولي وأتوقع أن تنشب المشكلات لأبسط الأسباب، إضافة إلى أن أطفالي أصبحوا في حال توجس يريدون العودة لمنزلهم في الخرطوم على رغم مأساة الحرب وأخطارها".
وأردفت "الحياة تحتاج إلى خصوصية وتنظيم وقت الأكل والنوم، لا إلى أشخاص يراقبون الحركات والسكنات، أيضاً الأعداد الكبيرة في البيت الكبير قد تكون لها آثار جانبية من جرائم التحرش والتنمر واكتساب سلوكات غير حميدة".
ضعف التواصل
أسرار محمود سودانية في العقد الرابع من عمرها تشير بدورها إلى أنه "لم يخطر لها أن يأتي يوم وتترك منزلها، لكن والدها الطاعن في السن والظروف غير الإنسانية التي صاحبت الحرب في العاصمة الخرطوم أجبرتها على اتخاذ القرار والتوجه إلى مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض موطن أسرة زوجها"، مضيفة "خلال وجودنا أيقنت تماماً بضرورة تغيير مفهوم البيت الكبير والأسر الممتدة".
وتابعت "لكل شخص مفاهيمه الخاصة في نمط حياته وهناك من يريد أن يفرض هذه المفاهيم على الجميع، بخاصة كبار السن وهم الذين يمسكون بمقاليد الأسر الممتدة، وحقيقة أن الحرب أدخلت المجتمعات في حسابات كانت غائبة وخافية لأن الملمات أصبحت نادرة بسبب إيقاع الحياة المتسارع".
الزمن الجميل
في حين يرى أحمد الطيب أن الحرب غيرت تاريخ البيت الكبير ذي المساحات الواسعة الذي يضم أسراً عدة و"الحوش" عند المساء، حيث كان كل الأفراد يتجمعون ويدخلون من باب "النفاج" وهو باب صغير يفصل بين منزل وآخر من الداخل.
وتابع "الحرب أفقدت الأهل المقدرة على التحمل ولعبت دوراً في وهن العلاقات الأسرية، فضلاً عن اللهث وراء توفير مقومات المعيشة، مما أدى إلى التباعد وجعل هناك مشاحنات وخصومات بين الأهل".
اقرأ المزيديحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اختصاصي الطب النفسي والعصبي علي بلدو أوضح بدوره أن "الحرب الدائرة في الخرطوم ألقت بظلالها على المجتمع إلا أن الأسرة السودانية هي التي تدفع الفاتورة الأغلى، فهذه الحرب كانت وبالاً عليها في كل مناحي الحياة من واقع الأثر النفسي للحرب والخوف الذي لحق بكثير من الأشخاص والصدمة وتبعات ما بعد الشدة وغيرها من الآثار النفسية ذات المدى المتوسط والقصير والطويل، مما تسبب في نزوح كثيف إلى موطن الأسر العريقة ذات الجذور الممتدة، وهذا التزاحم أظهر ثقوباً في النسيج المجتمعي وكذلك ألمّت عيوب كثيرة بالشخصية السودانية وبرزت صفات كانت خافية على الجميع".
ولفت إلى أن النزوح من العاصمة الخرطوم للولايات أدى إلى الصدام المجتمعي والحراك الحضاري ما بين الأسرة النازحة ونظيرتها المستقبلة لجهة المقارنات والحنين إلى الماضي وظهور التنمر والتنمر المضاد، فضلاً عن وجود جو محتقن، بالتالي عدم التعبير عن النفس ووضع المحاذير والأقنعة الاجتماعية والشكوى المتواصلة والتراشق بالكلمات الجارحة.
لكن الخوف من اتخاذ قرار العودة للموت أدى إلى نوع من الكبت والقلق وإبداء الانفعال الذاتي وصعوبات في النوم ليلاً والخوف من المستقبل المظلم الذي يهدد حياة المواطنين، إلى جانب اضطرابات الشهية في الأكل، بخاصة أن الوضع الاقتصادي في البلاد يشعر كثيرين بالتحسس وقد ينتج من ذلك صعوبات في التغذية وبالتحديد عند كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وفق اختصاصي الطب النفسي والعصبي.
بين الأبيض والأسود
ويعود بلدو ليشير إلى أن "شجارات الأطفال والاحتكاكات قد تفضي إلى ملاسنات واحتقان وضعف النفس"، إضافة إلى "خلافات داخل الأسرة باعتبار أن بعضهم لا يقبل بوجود أسر نازحة، فضلاً عن التكدس الذي أصبحت تعانيه الأسر المستقبلة، كما أن هناك جانباً آخر وفي اعتقاد
54.218.103.240
اقرأ على الموقع الرسمي
وفي نهاية المقال نود ان نشير الى ان هذه هي تفاصيل الحرب تهدم "البيت الكبير" في السودان وتم نقلها من اندبندنت عربية نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
علما ان فريق التحرير في صحافة العرب بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: ايجي بست موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
عيد العمال في السودان: حين يُحاصر العمل بين الحرب والضياع
طلال نادر
كاتب وصحافي من السودان
في الأول من مايو، الذي اعتادت فيه الحركة العمالية حول العالم أن تجدد عهدها مع قضايا العمل والعدالة الاجتماعية، يمر عيد العمال في السودان هذا العام وسط واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي عرفها تاريخ البلاد الحديث.
لم تكتفِ الحرب التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023 بتدمير مؤسسات الدولة وهدم البنية الإنتاجية، بل أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والعاملين، وتسببت في إصابة مئات الآلاف، وسجلت تقارير أممية موثقة جرائم اغتصاب وانتهاكات ممنهجة بحق النساء والرجال على السواء، في ظل نزوح داخلي تجاوز 8 ملايين، مع لجوء مئات الآلاف إلى الدول المجاورة.
أُغلقت المصانع، وشُلّت الأسواق، وتوقفت المزارع عن الإنتاج، وتحولت مساحات واسعة من البلاد إلى ساحات قتال فارغة من العمل ومن الكرامة
أُغلقت المصانع، وشُلّت الأسواق، وتوقفت المزارع عن الإنتاج، وتحولت مساحات واسعة من البلاد إلى ساحات قتال فارغة من العمل ومن الكرامة. في هذا المشهد، لا يمر عيد العمال كتقليد روتيني، بل كلحظة مؤلمة تستدعي كامل ذاكرة النضال العمالي في السودان، وتقيس حجم المأساة الجارية بمقاييس التجربة التاريخية الطويلة التي عاشها العمال السودانيون.
لم تولد الحركة العمالية في السودان مصادفة ولا امتيازًا، بل جاءت نتاج معاناة طويلة. فمنذ إضراب عمال مناشير الغابات عام 1908، ثم تأسيس أندية العمال في الخرطوم عام 1934، تبلورت نواة الحركة المنظمة التي انتزعت حقها عام 1947 بإنشاء هيئة شؤون العمال في السكة الحديد، بعد إضراب عمالي ملحمي أجبر الاستعمار البريطاني على الاعتراف بأول تنظيم نقابي سوداني مستقل.
لم تقتصر معارك العمال على المطالبة بتحسين الأجور وشروط العمل، بل ارتبطت جذريًا بالنضال الوطني من أجل الاستقلال والحرية، ما جعل النقابات، لاحقًا، جزءًا لا يتجزأ من ثورتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985، في قيادة الإضرابات العامة وإدارة الفعل الجماهيري.
ومع انقلاب 30 يونيو 1989، بدأت مرحلة التجريف المنظم للعمل النقابي. سنّت السلطة قوانين تجرّم العمل النقابي الحر، وأقامت نقابات خاضعة بالكامل، وألغت الانتخابات، وطردت آلاف النقابيين المستقلين، محولة العمل النقابي من قوة مجتمعية فاعلة إلى واجهة شكلية خالية من الروح. ورغم القمع الممنهج، ظل بعض النبض حاضرًا، حتى تشكل "تجمع المهنيين السودانيين"، قبيل ثورة ديسمبر 2018، من أطياف متعددة شملت المعلمين، والأطباء، والمهندسين، وغيرهم من المهنيين الذين لعبوا دورًا حاسمًا في إطاحة نظام الإنقاذ كما نشطت بذات القدر الكيانات العمالية.
"ليست هذه الحرب أول كارثة تواجه الحركة العمالية السودانية، لكنها بلا شك الأخطر والأكثر قسوة"
ثم جاءت الحرب في نيسان/أبريل 2023، لتعيد تشكيل المأساة بأكثر وجوهها قسوة. توقفت المصانع والمزارع والمرافق الإنتاجية، وتدهورت الخدمات الصحية والتعليمية. ووفق تقارير أممية، نزح أكثر من 8 ملايين سوداني منذ اندلاع القتال، كثير منهم من الطبقة العاملة التي فقدت موارد رزقها بين ليلة وضحاها. تحول عشرات الآلاف إلى الاقتصاد غير المنظم، دون عقود عمل، ولا حماية قانونية، ولا نقابات تدافع عنهم بفعالية في ظل هذا الانهيار.
لم تقتصر الخسائر على قطاع بعينه، بل طالت جميع القطاعات المهنية والعمالية دون استثناء. الصحة، التعليم، الخدمات، الهندسة، الإعلام، المحاماة، النقل، والمرافق العامة، كلها تعرضت لانهيار شبه كامل، وتوقفت المؤسسات الإنتاجية والخدمية عن العمل في العديد من المدن والمراكز الحضرية الكبرى في السودان. أما القطاع غير المنظم، الذي كان يشكل ما يزيد عن 65% من حجم الاقتصاد السوداني، فقد تعرض لدمار مضاعف، حيث خسر الملايين من العمال البسطاء مصادر رزقهم دون حماية قانونية أو اجتماعية. وكان العمال، لا سيما العاملون في الاقتصاد غير المنظم، هم الأكثر تضررًا من الانهيار، مع تراجع مستويات الدخل إلى أدنى معدلاتها، واستشرى الاستغلال والابتزاز الاقتصادي ضد أضعف الفئات العاملة في ظل غياب أي آفاق عمل مستقر في ظل استمرار الفوضى المسلحة،
رغم هذا الخراب الشامل، لم تختفِ الحركة العمالية والنقابية كليًا. ظهرت محاولات مقاومة ولو محدودة: الحركة النقابية٫ رغم الانقسامات والضغوط، واصلت إصدار البيانات والدعوات للدفاع عن الحقوق ولم تتخلَّ عن الدعوة لتنظيم العاملين وتوحيد صفوفهم وحماية المؤسسات. تظهر هذه المحاولات، وإن كانت مبعثرة، أن إرث النضال النقابي في السودان لم يُمحَ، وأن فكرة التنظيم لا تزال تتنفس حتى تحت الركام.
في لحظة عيد العمال هذا العام، تصبح الأسئلة أكثر إلحاحًا: كيف يمكن إعادة بناء حركة نقابية حقيقية في ظل غياب شبه كامل للدولة؟ كيف يمكن الدفاع عن حقوق العاملات والعمال في واقع تهيمن عليه الميليشيات والسلاح؟ كيف يمكن أن يسهم العمل النقابي المستقل في إعادة بناء السودان السياسي والاجتماعي والاقتصادي؟
"لم تقتصر معارك العمال على المطالبة بتحسين الأجور وشروط العمل، بل ارتبطت جذريًا بالنضال الوطني من أجل الاستقلال والحرية"
ليست هذه الحرب أول كارثة تواجه الحركة العمالية السودانية، لكنها بلا شك الأخطر والأكثر قسوة. وفي المقابل، ليست النقابات والقوى العمالية مجرد هياكل تنظيمية، بل هي جزء أصيل من معركة بناء مجتمع عادل وإنساني. وكما انتُزعت الحقوق يومًا تحت ظل الاستعمار، فإن انتزاعها اليوم من قلب الحرب والفوضى يبقى ممكنًا، إذا توافرت الإرادة والوعي والتنظيم. ففي كل عيد عمال جديد، يتجدد السؤال الأبدي: من الذي يصون الكرامة عندما تنهار الدولة؟ وجواب السودان القديم والجديد معًا، يظل واحدًا: إن الذين ينظمون أنفسهم، مهما بلغ الخراب.
نقلا عن "ألترا صوت"