كان المسجد الكبير بجيني، وهو أكبر مسجد مبنى من الطوب التقليدي في العالم، يستقطب عشرات الآلاف من السياح إلى وسط مالي سنويا. ولكنها الآن مهددة بالصراع بين المتمردين الجهاديين والقوات الحكومية والجماعات الأخرى.

اعلان

كانت مدينة جيني ذات يوم مركزًا للتعليم الإسلامي، إلاّ أنها تعاني حاليا من قلة زوارها. المدينة التاريخية، والمعروفة بمسجدها المترامي الأطراف، المبني من الطوب الممزوج بالقش، والمدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي المعرض للخطر منذ العام 2016.

كان المسجد الكبير بجيني، وهو أكبر مسجد مبنى من الطوب التقليدي في العالم، يستقطب عشرات الآلاف من السياح إلى وسط مالي سنويا. ولكنها الآن مهددة بالصراع بين المتمردين الجهاديين والقوات الحكومية والجماعات الأخرى.

السكان المحليون يعتقدون أن الأزمة ستنتهي في نهاية المطاف، ويعيشون على أمل أنّ الأعمال سوف تنتعش كما كانت من قبل، ولكن البعض يرى بأمّ عينه أنّه "كلما مر الوقت، أصبح هذا الحلم وهمياً"، لأنّ الأمور تزداد صعوبة.

جيني واحدة من أقدم المدن في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وكانت بمثابة مركز سوق، وحلقة وصل مهمة في تجارة الذهب عبر الصحراء. ولا يزال ما يقرب من 2000 من منازلها التقليدية موجودة في البلدة القديمة.

ويتم إعادة تجصيص المسجد الكبير، الذي بني العام 1907 على موقع مسجد قديم يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر، كل عام من قبل السكان المحليين في طقوس تجمع المدينة بأكملها. ويتطلب الهيكل الشاهق ذو اللون الأرضي طبقة جديدة من الطين قبل بداية موسم الأمطار، وإلا فإنّ وضعه سيصبح في حالة سيئة.

وتتولى النساء مسؤولية حمل المياه من النهر القريب لخلطها بالطين وقشور الأرز لصنع الطين المستخدم في تجصيص المسجد. أمّا إضافة طبقة الطين الجديدة، فمن اختصاص الرجال. تعتدّ هذه الطقوس المبهجة مصدر فخر للمدينة التي تمر بأوقات عصيبة وتوحد الناس من جميع الفئات العمرية.

شوارع مدينة جيني القديمة-ماليMoustapha Diallo/Copyright 2020 The AP. All rights reserved.

يعمل عمال البناء الرئيسيين في جيني كفريق منذ البداية. لقد تمّت إعادة التجصيص هذا العام في وقت سابق من هذا الشهر حيث يقوم كل واحد بالإشراف على مكان معين وهي الطريقة التي تسمح بإتمام الشغال برمتها بسبب التنظيم والإشراف على الصغار.

اندلع الصراع في مالي في أعقاب انقلاب عام 2012 الذي خلق فراغا في السلطة، مما سمح للجماعات الجهادية بالسيطرة على مدن الشمال الرئيسية. وقد طردتهم عملية عسكرية بقيادة فرنسا من المراكز الحضرية في العام التالي، لكن النجاح لم يدم طويلاً.

أعاد الجهاديون تنظيم صفوفهم، وشنوا هجمات على الجيش المالي، فضلاً عن قوات الأمم المتحدة، والقوات الفرنسية والإقليمية في البلاد. وأعلن المسلحون مبايعتهم لتنظيمي القاعدة وما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية".

انخفاض أعداد السياح وتراجع مداخيل السياحة كان حادًا في أعقاب أعمال العنف، لأنّ جيني كانت "وجهة شعبية حقًا"، يزورها عشرات آلاف الزوار سنويًا، لكنهم "غائبون اليوم فعليًا عن مالي".

على الرغم من كونها واحدة من أكبر منتجي الذهب في أفريقيا، إلا أن مالي تعد من بين أقل الدول نموا في العالم، حيث يعيش ما يقرب من نصف سكانها البالغ عددهم 22 مليون نسمة تحت خط الفقر. وبتراجع صناعة السياحة، أصبحت وسائل كسب العيش المتاحة أمام الماليين أقل من أي وقت مضى.

فندق المخيم، الفندق العامل الوحيد المتبقي في جيني-ماليMoustapha Diallo

يتصاعد الغضب والإحباط بشأن ما يسميه العديد من الماليين "الأزمة". فقد شهدت البلاد أيضًا انقلابين آخرين منذ العام 2020، خلال موجة من عدم الاستقرار السياسي في غرب ووسط أفريقيا.

وطرد العقيد عاصمي غويتا، الذي تولى السلطة في مالي بعد الانقلاب الثاني في العام 2021، القوات الفرنسية في العام التالي، ولجأ إلى جماعة المرتزقة الروسية للحصول على المساعدة الأمنية. ودعا الأمم المتحدة لإنهاء مهمة حفظ السلام التي استمرت عشر سنوات في مالي في العام التالي.

تعهد غويتا بهزيمة الجماعات المسلحة، لكن الأمم المتحدة والخبراء يقولون إن الحكومة تخسر الأراضي أمام المتشددين. ومع تفاقم الوضع الاقتصادي المتردي في مالي، أمر المجلس العسكري الحاكم بوقف جميع الأنشطة السياسية الشهر الماضي، وفي اليوم التالي منع وسائل الإعلام من تغطية الأنشطة السياسية.

حسب موسى موريبا دياكيتي، رئيس البعثة الثقافية في جينيي التي تسعى جاهدة للحفاظ على تراث المدينة، هناك تحديات أخرى تتجاوز الأمن، بما في ذلك الحفريات غير القانونية والتخلص من القمامة في المدينة. وشدّد دياكيتي على ضرورة إشراك المزيد من الشباب في أشغال إعادة التجصيص، لمساعدة الجيل الجديد على إدراك أهمية ذلك، مؤكدا أنه "ليس من السهل جعل الناس يفهمون فوائد الحفاظ على التراث الثقافي على الفور".

المصادر الإضافية • أ ب

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "إرهابيون" يقتلون جنودًا في النيجر إثر مواجهات والجيش المالي يشتبك مع جماعات "جهادية" ماذا نعرف عن تفجيرات مالي وبوركينا فاسو التي أدت إلى مقتل 37 شخصاً؟ مجموعة فاغنر في مالي: هل باتت الهدف المفضل لإعلام الجهاديين؟ مالي- جهاديون سياحة جمهورية مالي ترميم تراث ثقافي أزمة اقتصادية اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. حرب غزة في يومها الـ225: قتلى وجرحى بقصف على القطاع وغانتس يمهل نتنياهو 3 أسابيع ويشترط يعرض الآن Next هدوء هش في كاليدونيا الجديدة ووصول تعزيزات أمنية إضافية من فرنسا يعرض الآن Next الآلاف يشاركون في مسيرة مؤيدة لفلسطين في العاصمة البريطانية لندن وبامبلونا بإسبانيا يعرض الآن Next حالة رئيس الوزراء السلوفاكي مستقرة لكن وضعه ”لا يزال خطيرًا“ ومثول المشتبه به أمام المحكمة يعرض الآن Next شاهد: مقتل 50 على الأقل وفقدان عشرات الأشخاص جراء فيضانات قوية وسيول غرب أفغانستان اعلانالاكثر قراءة ألمانيا: "أين ينفجر القطار؟".. عراقي يسبب حالة ذعر وعملية أمنية كبيرة على خلفية ترجمة خاطئة شاهد: لقطات جديدة لحادث مرعب يُظهر لحظات سبقت تدلي شاحنة من فوق جسر في الولايات المتحدة الأمم المتحدة في نداء كارثي: 25 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية بروكسل تطلب من دول الاتحاد الأوروبي استقبال جرحى من قطاع غزة حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكاناك وأحفاد المستعمرين

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم حركة حماس غزة إسرائيل رفح - معبر رفح ضحايا روسيا فرنسا ألمانيا فيضانات - سيول طائرات أمطار Themes My EuropeالعالمBusinessالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةسفرثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: غزة فرنسا ألمانيا فيضانات سيول حركة حماس رفح معبر رفح غزة فرنسا ألمانيا فيضانات سيول حركة حماس رفح معبر رفح سياحة جمهورية مالي ترميم تراث ثقافي أزمة اقتصادية حركة حماس غزة إسرائيل رفح معبر رفح ضحايا روسيا فرنسا ألمانيا فيضانات سيول طائرات أمطار السياسة الأوروبية الأمم المتحدة یعرض الآن Next فی العام فی مالی

إقرأ أيضاً:

المراحل العشر التي قادت فيتنام إلى عملية الريح المتكررة ضد أميركا

في ظهيرة يوم شديد الصعوبة من أبريل/ نيسان عام 1975، بثت إذاعة الجيش الأميركي خبراً مفاده أن "درجة الحرارة في سايغون تبلغ 105 درجات وترتفع"، كانت تلك رسالة مشفرة تعني أن الوضع قد وصل إلى حد الانفلات التام في أعقاب هجوم واسع لقوات حكومة فيتنام الشمالية، وأنه قد بدأ الإجلاء الفوري لجميع الأميركيين المتبقين في فيتنام، بعدما كانت الولايات المتحدة قد سحبت قواتها القتالية من فيتنام وفقا للاتفاقية الموقعة في باريس عام 1973، تاركة نحو 5000 أميركي في مهام دبلوماسية واستخباراتية.

وخلال ساعات؛ وثقت الكاميرات مشهد عشرات الأميركيين والجنود الفيتناميين الجنوبيين واقفين على سطح مبنى في سايغون (عاصمة فيتنام الجنوبية)، أعينهم معلقة بطائرة هليكوبتر أميركية تهبط على عجل. رجال ونساء وأطفال يصطفون على درج معدني ضيق، يتدافعون بحذر وخوف نحو الطائرة التي لا تسع إلا عدداً قليلاً.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نصف مليون جندي و8 ملايين طن من القنابل.. لماذا هُزمت أميركا في فيتنام؟list 2 of 2في حال وقع المحظور النووي هل ستنحاز أميركا للهند أم باكستان؟end of list

كان ذلك المشهد ذروة عملية الإجلاء السريع التي عُرفت باسم "عملية الريح المتكررة" (Operation Frequent Wind)، وأصبحت رمزًا مريرًا لنهاية أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في القرن العشرين.


لكن كيف وصلت فييتنام إلى هذه اللحظة؟ وكيف تحوّل بلد زراعي صغير على هامش خريطة آسيا إلى ساحة صراعٍ دوليّ دمويّ، وإلى اختبارٍ عسير لطموحات القوى الكبرى ومرآة لانكساراتها؟ ولفهم هذه التحولات التي باتت تمثل واحدة من أهم المعارك العسكرية في القرن العشرين؛ لا بد من العودة إلى البدايات؛ إلى الحسابات الجيوسياسية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وماقبل ذلك في زمن الاستعمار القديم، تلك الحسابات التي تجاوزت حدود فيتنام الضيقة وجعلت منها ساحةً لصراع استمر أكثر من عقدين من الزمن.

منذ القرن التاسع عشر؛ كانت فيتنام جزءًا من المستعمرات الفرنسية (الفرنسية) المحطة الأولى: فيتنام تحت الظل الاستعماري

منذ القرن التاسع عشر؛ كانت فيتنام جزءًا من المستعمرات الفرنسية، إلى جانب لاوس وكمبوديا (كانت الدول الثلاث تعرف باسم الهند الصينية). وكانت البلاد أشبه بساحة خلفية للإمبراطورية الفرنسية، حيث نُهبت ثرواتها الطبيعية، وقُمعت حركاتها الشعبية، وزُرعت فيها بذور الانقسام الطبقي والثقافي.

إعلان

لم تكن فيتنام تحديدا مجرد مستعمرة بعيدة، بل كانت عقدة حيوية في خريطة النفوذ الفرنسي في آسيا. ميناء "هايفونغ" التجاري الأهم في فيتنام، والمزارع التي كانت تنتج الأرز والمطاط، وخطوط السكك الحديدية التي تربط الهضاب بالمرافئ، كلها كانت تُدار لخدمة باريس، وليس لخدمة هانوي.

المحطة الثانية: فرصة خاطفة للاستقلال

في منتصف القرن العشرين، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية؛ بدأ التوازن الاستعماري القديم يتصدع. اجتاحت اليابان الهند الصينية عام 1940، تاركة الإدارة الاسمية لفرنسا الفيشية، لكنها عمليًا أضعفت القبضة الفرنسية وأفسحت المجال لنمو تيارات المقاومة المحلية. من بين هذه التيارات، برزت شخصية استثنائية ستغيّر وجه آسيا، ويحمل الفيتناميون صورته اليوم وهم يحتفلون بالذكرى الخمسين لتوحيد بلادهم: هو تشي منه.

أسّس هو تشي منه "رابطة استقلال فييتنام" أو "الفييت مينه"، وهي حركة قومية شيوعية، مزجت بين الكفاح المسلح والتحريض الشعبي. وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945، وإعلان استسلام اليابان، كانت الفرصة سانحة أمام هو تشي منه، فأعلن استقلال فيتنام عن الامبراطورية اليابانية في ساحة "با دينه" بهانوي.

جنود فيتناميين خلال حرب الهند الصينية الأولى (غيتي) المحطة الثالثة: عودة الاحتلال الفرنسي

لم يعمر حلم الاستقلال طويلًا. فرنسا، التي خرجت مدمّرة من الحرب العالمية الثانية، أرادت استعادة "هيبتها" من خلال إعادة بسط نفوذها على مستعمراتها القديمة. تجاهلت إعلان الاستقلال في هانوي، ونزلت قواتها مجددًا إلى الأراضي الفيتنامية، لتبدأ بذلك حربًا دموية جديدة. وبذلك؛ وُلدت حرب الهند الصينية الأولى، والتي ستُشكّل الأساس لحرب فيتنام القادمة.

لم يكن الاستعمار هذه المرة مثل الاستعمار القديم منحصرا فقط في استغلال الموارد؛ بل برز في قلبه صراع أيديولوجي ناشئ حول رؤيتين للعالم: فرنسا التي تمثّل الغرب الرأسمالي الإمبريالي، وفيتنام التي بدأت تتجه نحو الفكر الشيوعي، مدفوعة بإرث الاحتلال، وبحلم العدالة الاجتماعية.

إعلان

كانت التربة الفيتنامية قد تشبعت بما يكفي من الغضب، وكان المشهد الإقليمي والعالمي مهيأً لانفجار طويل الأمد، لن ينتهي إلا بعد ثلاثة عقود من الدم والنار.

المحطة الرابعة: "ديان بيان فو" حيث دفنت فرنسا رايتها وورثت أمريكا عبء الإمبراطورية

في وادٍ بعيد تحيط به التلال شمالي غرب فيتنام، خسرت فرنسا آخر رهاناتها الاستعمارية الكبرى. بدأت المعركة في مارس 1954، واستمرت 57 يومًا من القصف والحصار والنار. حاصرت المقاومة الفيتنامية بقيادة  فو نغوين جياب الجنود الفرنسيين. واعتبرت المعركة لاحقا  أحد الدروس التاريخية المذهلة في فنون وتكتيكات حرب العصابات وقدرتها على التفوق على الجيوش النظامية.

وفي السابع من مايو 1954، استسلمت القوات الفرنسية في ديان بيان فو، بينما كانت قادة فرنسا يبحثون في جنيف عن مخرج مشرّف. وفي يوليو 1954، اجتمع القوى الكبرى في العالم في مؤتمر جنيف، حيث تقرر تقسيم فييتنام مؤقتًا على طول خط العرض 17، الشمال بقيادة هو تشي منه الشيوعي، عاصمته هانوي. والجنوب بقيادة نظام مدعوم من الغرب، برئاسة إمبراطور صوري ثم رئيس فعلي هو نغو دينه ديم. لكن الاتفاق نص أيضًا على إجراء انتخابات وطنية موحدة عام 1956، لكنها لم تحدث، لأن الولايات المتحدة خشيت من فوز الشيوعيين.

من هنا، بدأت واشنطن تتدخل في فييتنام. لم يكن هناك إنزال عسكري بعد، وكانت الولايات المتحدة آنذاك تخشى من ما يسمى "تأثير الدومينو": إذا سقطت فييتنام في يد الشيوعية، ستتبعها لاوس وكمبوديا وتايلاند، وربما تصل العدوى إلى أستراليا! وهكذا، تحوّلت فييتنام من ساحة استعمار قديم إلى مسرح للصراع الأيديولوجي العالمي الذي تصاعد بعد الحرب الباردة.

كانت الولايات المتحدة آنذاك تخشى من ما يسمى "تأثير الدومينو"، فإذا سقطت فييتنام في يد الشيوعية، ستتبعها لاوس وكمبوديا وتايلاند، وربما تصل العدوى إلى أستراليا (غيتي) المحطة الخامسة: تقسيم البلاد وصعود ديان دينه ديم

انتهى الوجود الفرنسي رسميًا في جنوب فييتنام في أبريل 1956، وبقيت البلاد منقسمة بحكم الواقع بين حكومة “جمهورية فييتنام” في الجنوب، وحكومة “جمهورية فييتنام الديمقراطية” بقيادة هو تشي منه في الشمال.

إعلان

دشن ديان دينه ديم (حليف أمريكي) سياسة أيديولوجية قومية وعنيفة ضد المعارضين داخليًا، معطياً امتيازات واسعة للكاثوليك وهو ما أشعل اضطرابات اجتماعية وانتفاضات بوذية ضد حكمه. عام 1960 تأسست «جبهة التحرير الوطني» المعروفة بـ"الفيت كونغ" لإعادة توحيد كل قوى المعارضة في الجنوب تحت قيادة الشمال​. اعتمدت الفيت كونغ على تكتيكات حرب العصابات وبنية تحتية سرية في الدول المجاورة من الهند الصينية لتأمين الإمداد اللوجيستي.

المحطة السادسة: خليج تونكين؛ الذريعة التي فتحت أبواب الجحيم

في أغسطس من عام 1964، زعمت البحرية الأمريكية أن مدمّرتها يو إس إس مادوكس تعرّضت لهجوم من زوارق طوربيد فيتنامية شمالية في خليج تونكين. لم تكن التفاصيل واضحة، والصور غير حاسمة، لكن الرئيس ليندون جونسون لم يحتج لأكثر من هذه الشرارة لطلب تفويض مطلق من الكونغرس لاستخدام القوة في فييتنام. وهكذا، صدر قرار خليج تونكين، الذي منح البيت الأبيض يدًا طليقة لشن الحرب دون إعلان رسمي.

كانت الحادثة التي لا يزال الجدل قائمًا حول صحتها الكاملة نقطة تحوّل فاصلة، إذ انتقلت أمريكا من دور المستشار والراعي في الظل إلى قوة محتلة، تمطر الأدغال الفيتنامية بعشرات الآلاف من الجنود والقنابل.

وبحلول عام 1965، بدأ التصعيد العسكري الكبير: إرسال أولى وحدات القتال، ثم القصف الجوي المكثف على شمال فييتنام في حملة سُمّيت "رعد متواصل" (Operation Rolling Thunder).

مع تصاعد عدد القتلى، وغياب أفق النصر، بدأ الرأي العام الأميركي ينقلب تدريجيًا على الحرب (أسوشيتد برس) المحطة السابعة: أميركا ضد نفسها

مع تصاعد عدد القتلى، وغياب أفق النصر، بدأ الرأي العام الأميركي ينقلب تدريجيًا على الحرب. اللحظة المفصلية جاءت عام 1968، بعد هجوم مفاجئ شنّه الفيتكونغ في رأس السنة القمرية (هجوم تيت) على عشرات المدن في الجنوب، بما فيها سايغون نفسها. ورغم أن الهجوم ألحق خسائر هائلة بالمقاومين الفيتناميين وربما يعتبر خسارة عسكرية، إلا أنه زلزل ثقة الأمريكيين بقدرتهم علي تحقيق النصر. فقد بدا لهم كأن العدو "المنهك" لا يزال قادرًا على الضرب بقوة في عمق المناطق الآمنة، سيظل كذلك.
المحطة الثامنة: "فتنمة الحرب".

إعلان

حين تولّى ريتشارد نيكسون الرئاسة في الولايات المتحدة عام 1969، كانت فييتنام قد أصبحت كابوسًا سياسيًا وعسكريًا. أدرك نيكسون أن النصر الكامل مستحيل، لكنه لم يشأ الانسحاب فجأة. فطرح استراتيجية سمّاها: "فتنمة الحرب" (Vietnamization)، أي تحويل عبء القتال إلى الجيش الفيتنامي الجنوبي، بينما تبدأ القوات الأمريكية بالانسحاب التدريجي.

المرحلة التاسعة: رحيل آخر الجنود المقاتلين

لم تكن "فتنمة الحرب" أكثر من محاولة لتأجيل الهزيمة، لا تجنّبها. فالجيش الجنوبي كان ضعيف التدريب، ويفتقر للحافز القتالي، في حين كان الشمال يزداد صلابة. في الوقت نفسه، وسّع نيكسون الحرب عبر قصف كمبوديا ولاوس بحجة ضرب خطوط الإمداد الفيتنامية (طريق هو تشي منه)، ما أدى إلى توسيع رقعة الصراع، وخلق المزيد من الفوضى في المنطقة، وأشعل المعارضة داخل الولايات المتحدة.

لم يستجب الفيتناميون لرغبة الأمريكان في التفاوض مباشرة، واستمروا في إلحاق الخسائر بهم، حتى عام 1973 حين وقّعت أميركا اتفاقية باريس للسلام مع حكومة فيتنام الشمالية، معلنة انسحابها الرسمي من الحرب، بعد أن خسرت أكثر من 58 ألف جندي، وأبقت على نحو 5000 آلاف جندي فقط في مهام غير قتالية.

 

المحطة العاشرة: سقوط سايجون

في ربيع عام 1975، بدأ الجيش الشمالي الزحف النهائي نحو العاصمة الجنوبية سايغون. كانت القوات الفيتنامية الشمالية مدعومة بخبرة طويلة، وعقيدة قتالية متماسكة، بينما كان الجنوب، رغم الأسلحة الأمريكية المتروكة، منهارًا معنويًا. سقطت المدن الواحدة تلو الأخرى، بلا مقاومة تُذكر. أما واشنطن، فقد اكتفت بالمراقبة، بعد أن قطعت المساعدات العسكرية.

في 30 أبريل 1975، دخلت دبابات الشمال سايغون. لم تكن هناك معركة حقيقية. رفع الجنود علمهم الأحمر بنجمة صفراء فوق القصر الرئاسي، وانتهت الجمهورية الفيتنامية الجنوبية إلى الأبد. لم يُعلن عن هزيمة أمريكية رسميًا، لكنها بقيت محفورة ومستقرة في التاريخ العسكري والاستراتيجي: أن الفيتناميين هزموا الولايات المتحدة.

إعلان

 

مقالات مشابهة

  • سوريا توافق على آلية انتشار قوات الأمن العام في مدينة جرمانا
  • وزارة الداخلية تباشر مهامها لمنع مخالفي تعليمات الحج التي تقضي بالحصول على تصريح لأداء الحج من الدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وضبط المخالفين وتطبيق العقوبات بحقهم
  • قوات الأمن العام السورية تنشر حواجز في وسط مدينة جرمانا وأطرافها
  • “برلين” تتوقع جذب مزيد من السياح والزوار من دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الجاري
  • ركن الفنون.. إمتاع بصري ومساحة نابضة بالإبداع
  • المراحل العشر التي قادت فيتنام إلى عملية الريح المتكررة ضد أميركا
  • "المعتقلون الأشباح" في روسيا: التحقيقات التي كلفت فيكتوريا روشينا حياتها
  • مجوهرات جوهرة تحتفل بافتتاح ثلاث فروع جديدة في يوم واحد داخل دولة الإمارات
  • الدريوش تعمق الفجوة بين وزارة الصيد والمهنيين
  • تركيا تعلن أسماء الشركات التي ستقدّم خصومات للشباب المقبلين على الزواج! القائمة تضم 20 علامة تجارية