«أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِى فَلاَ يَعْطَشُ أَبَداً» بهذه الآيات المذكورة فى إنجيل (يو35: 6)، تردد الكنيسة القبطية قراءات الأحد الثانى من الخمسين المقدسة والذى يشتهر بـ«الخبز الحى» أو «الخبز الأبدية» فى رمزية لمفهوم التناول من جسد المسيح، وبهدف تحقيق الشبع الروحى من الإيمان.
وتواصل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، احتفالها بفترة القيامة وتردد قراءات دائماً عن الملكوت، ويصادف اليوم الأحد، قراءة «خبز الحياة» المرتبطة بالأحد الثانى من الخمسين المقدسة بالتزامن مع الطقس الخاصة بهذه الفترة.
أحد الخبز الحى
يقول القس مرقص داود فى برنامج «كلمة فى كلمة» المعروض على الفضائية القبطية، أنه مثلما يحتاج الإنسان إلى طعام لكى يحيا، فإن فى الحياة الأبدية تعتبر بمثابة فرصة ميلاد جديد للبشرية ويحتاج فيها إلى طعام وقيامة السيد المسيح من بين الأموات قد منحت العالم فرصة البداية والميلاد الجديد.
وتشهد الكنائس قراءات من (إنجيل يوحنا الإصحاح 6) ويتم توزيعه على 3 أناجيل خلال صلوات عشية وباكر والقداس الإلهى، حيث ناقشت هذه الآيات بعض الجوانب الروحية التى أعلن فيها أن المسيح هو خبز الحياة، بالإضافة إلى رمزية هذا التناول الذى يعنى أخذ شركة من الحياة الأبدية واتحاد مع المسيح وبالتالى يصبح الإنسان من السماء وليس من الأرض.
تُعد الخمسين المقدسة، فترة فرح لا صوم فيها حتى يومين «الأربعاء والجمعة» ولا مطانيات، وينظر إليها أنها «يوم أحد» متصل حيث يحتفل فيها يومياً بذكرى قيامة المسيح من بين الأموات، وهو ما قاله قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، خلال احتفالية عيد القيامة المجيد منذ أسبوعين، بالكاتدرائية المرقسية فى العباسية، حيث قال إنها تبدأ بعيد الفصح وتمتد لمدة 7 أسابيع يكون كل أحد فيها هو احتفال بـ«القيامة»، قائلاً: «كأننا نحتفل بيوم أحد طويل».
تنحصر هذه الفترة بين عيدى الفصح والعنصرة، وهى أيام الفرحة بالكنيسة تتزين من أجلها الساحات بالورود وتعلو الألحان الفريحية، وتُعلق الستائر البيضاء كما يحرص الأقباط على تنظيم أفراحهم فى هذه الفترة بسبب أجواء السعادة والبهجة التى تفيض من الكنائس خلال هذه الأيام، فعادة ما تكثر الاحتفالات والمناسبات لهذا السبب، ويجرى الطقس فيها خلال الصلوات باللحن الفرايحى بل يتم التذكير والاحتفال يومياً بقيامة المسيح من بين الأموات، وكأنها يوم أحد واحد يمر على سبعة أسابيع متصلة.
ويشهد الأقباط يومياً طقس «دورة القيامة» أثناء القداس الإلهى بالكنيسة ويستمر حتى يوم 39، وهذا يشير إلى ظهورات المسيح بعد قيامته من الموت حتى فى عيد الصعود تأخذ تغيرا صغيرا فى هذا الطقس حيث تكون دورة القيامة داخل الهيكل فقط لأن الهيكل يشير إلى السماء، ويختتم بدوره احتفالية فى صلاة رفع بخور باكر عيد الخمسين.
أسابيع الخمسين
وعلى مدار 7 أسابيع تقسم الخمسين المقدسة إلى جزأين يتكون الأول من أربعين يوماً تستمر حتى احتفالية عيد الصعود وهو بحسب المعتقد المسيحى ذكرى صعود المسيح إلى السماء، ثم تأتى الجزء الثانى مكون من عشرة أيام وهى الفترة بعد صعوده، لذا تعرف بـ«الخمسين المقدسة، وتضم بـ«آحاد الخمسين»، ويحمل كل أسبوع منها اسما وقصة وحدثا فريدا.
آحاد الخمسين المقدسة
بدأت الكنيسة هذه الأيام بعد احتفالية القيامة مباشرةً ثم جاء الأحد الأول المعروف بـ«أحد توما» ذكرى ظهور السيد المسيح للتلاميذ وكان معهم «توما» الذى أراد أن يتأكد من حقيقة الظهور وبحسب المعتقد المسيحى يعرف هذا اليوم بـ«الثبات على الإيمان» ويعتبر إثبات لاهوت وقيامة المسيح، ويذكر الأنبا بنيامين مطران الأقباط الأرثوذكس بالمنوفية، فى إحدى عظاته التى عرضت على شاشة الفضائية القبطية أن هذه الفترة تحمل قصصا وأحداثا خالدة مقسمة على كل يوم «أحد»، والهدف من تلك الأيام هو الفرحة التى يجب أن يستشعر بها المسيحى من قيامة المسيح وألا يُضيع ما قام به خلال الصوم الكبير، ويحافظ على ما تعلمه من ضبط الجسد فترات الصوم بالإضافة إلى تغذية الجانب الروحى بالمداومة على القراءات والطقوس، وتركز «الخمسين» على ترسيخ الإيمان بالقيامة وهو ما تقوم به الكنيسة.
والأحد الثانى «خبز الحياة أو الخبز الحى» وهو ما ورد فى الكتاب المقدس (يو 6: 51)، وتتحدث الكنيسة فى هذا اليوم عن تناول جسد القيامة ودم الصليب، ثم يأتى الأحد الثالث باسم «الماء الحى أو ينبوع الحياة» وتتحدث فيه الكنيسة عن عمل الروح القدس الذى يقيم الإنسان من موت الخطية.
كما يعرف الأحد الرابع بـ«النور الحى» يقول مطران المنوفية إن النور يرتبط بالحياة والقبر الوحيد المضىء هو قبر المسيح، الذى فج فيه النور «صباح يوم السبت» وأعلن خلاله نور القيامة أقوى من نور الشمس وهو ما حدث فى «سبت النور».
وتُلقب الكنيسة الأحد الخامس بـ«الإيمان الحى أو طريق الحياة» ويُعد الركيزة الأساسية لمفهوم وحقيقة القيامة، والأحد السادس هو «النصرة أو الصلاة» هذا اليوم يأتى بعد عيد الصعود وتتبعه فترة بين الصعود وحلول الروح القدس حين كانت جميع التلاميذ حاضرة للصلاة بحرارة لمدة 10 أيام، ثم يأتى الأحد السابع الأخير المعروف بـ«العنصرة» وهو ذكرى حلول الروح القدس وبدأت فيما بعد كرازة الرسل للعالم أجمع.
تفسيرات عن سبب قول المسيح «أنا هو خبز الحياة»
يفسر الأنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، فى عظته بمناسبة «أحد الخبز الحى»، عن سبب قول السيد المسيح «أنا هو خبز الحياة»، الواردة فى إنجيل يوحنا، أنه قام بالكثير من أجل البشرية ولم يكتف فقط بالصوم وإطعام الناس بيده بل كان يحرص أن يختم خدمته على الأرض بترسيخ عدة مفاهيم ومبادئ عامة، فقد أخذ الخبز وأعطى تلاميذه وقال لهم «هذا هو جسدى» وأخذ كأسا ومزج فيه الخمر بالماء وأعطاها لهم وقال «هذا دمى»، وأشار لهم أن جسده مأكل حقيقى ودمه مشرب حقيقى، لذا قال عن نفسه «من يُقبل إلى فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش ابداً».
كانت هذه رسالة المسيح بعدما أشبع الجموع تمهيداً لهديته الكبرى للعالم وفدائه للعالم وكانت خدمته الأخيرة كهدية وعطية ووصية الوداع، ويوضح أسقف الأقباط الكلمات التى جاءت فى (لو 19: 22) «وَأَخَذَ خُبْزاً وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «هذَا هُوَ جَسَدِى الَّذِى يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِى»، وتعنى وصية المسيح أن يحرص المسيحى على التواجد فى الكنيسة وكلمة لذكرى تحمل رمزية لاستشعار وجوده يشاهد ويرى وأن يتذكره كل إنسان وكلمة شكر الواردة فى الآية تعنى بالقبطى قبول النعمة وهو ما يرجو أن يصل إليه الإنسان فى حياته أن يكون مصليا وراضيا ومحافظا على ما أوصى به السيد المسيح.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الخمسین المقدسة السید المسیح هذه الفترة وهو ما
إقرأ أيضاً:
قام بإصلاحات كثيرة.. الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بذكرى نياحة البابا مرقس الثامن
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، اليوم الأحد ، الموافق الثالث عشر من شهر كيهك القبطي، بذكرى نياحة البابا مرقس الثامن البطريرك 108 من بطاركة الكرسي المرقسي.
البابا مرقس الثامنوقال كتاب السنكسار الكنسي الذي يدون سير الآباء الشهداء والقديسين، إنه في مثل هذا اليوم من سنة 1526 للشهداء ( 1809م ) تنيَّح البابا مرقس الثامن البطريرك 108 من بطاركة الكرازة المرقسية.
سيامة دياكونيين جدد بكنيسة "العذراء ومارجرجس" بأبوتشت .. صوروصل لدرجة السياحة الروحانية.. الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بذكرى نياحة الأنبا بيجيمي السائحواضاف السنكسار : وُلِدَ ببلدة طما محافظة سوهاج، وربَّاه والداه تربية مسيحية، وعندما كبر ترَّهب بدير القديس الأنبا أنطونيوس، ثم اختاره البابا يوأنس ( 18 ) ليقيم معه بالدار البطريركية. وبعد نياحة البابا يوأنس ( 18 ) اختير هذا الأب للبطريركية.
وتابع السنكسار: فاهتم بوعظ الشعب وتعليمه وتثبيته على الإيمان المستقيم، وقام بإصلاحات كثيرة في الكنائس والأديرة، ورسم عدداً من الآباء الأساقفة منهم الأنبا مكاريوس مطراناً للحبشة، واشتهر هذا البابا بعمل الخير والإحسان وكان مداوماً على النسك بسيطاً في مأكله وملبسه وهو الذي نقل الدار البطريركية من حارة الروم إلى الكنيسة المرقسية الكبرى التي قام بتكريسها - بالأزبكية سنة 1517 للشهداء ( 1801م ).
واختتم السنكسار: وكان محباً للتسبيح ويتمتع بموهبة تأليف المدائح ومازالت الكنيسة تردد قطع عشيات آحاد كيهك التي وضعها. ولما أكمل سعيه الصالح تنيَّح بسلام.
كتاب السنكسار الكنسيجدير بالذكر أن كتاب السنكسار يحوي سير القديسين والشهداء وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة، ويُقرأ منه في الصلوات اليومية.
ويستخدم السنكسار ثلاثة عشر شهرًا، وكل شهر فيها 30 يومًا، والشهر الأخير المكمل هو نسيء يُطلق عليه الشهر الصغير، والتقويم القبطي هو تقويم نجمي يتبع دورة نجم الشعري اليمانية التي تبدأ من يوم 12 سبتمبر.
والسنكسار بحسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مثله مثل الكتاب المقدس لا يخفي عيوب البعض، ويذكر ضعفات أو خطايا البعض الآخر، وذلك بهدف معرفة حروب الشيطان، وكيفية الانتصار عليها، ولأخذ العبرة والمثل من الحوادث السابقة على مدى التاريخ.