بايدن يطرد شركة صينية لتعدين العملات المشفرة.. قريبة من موقع حساس
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن، أوامر تجبر شركة "ماين وان" الصينية لتعدين العملات المشفرة، ومقرها الولايات المتحدة بمغادرة الأراضي الأمريكية.
وتقع الشركة بالقرب من موقع حساس، وهو قاعدة عسكرية ذات أهمية بالغة للبرنامج النووي الأمريكي، الأمر الذي برر مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
وباتت الشركة الصينية غير مرغوب بها على الأراضي الأمريكية منذ 14 أيار/ مايو، بعد إصدار الرئيس الأمريكي جو بايدن أوامر تفرض على شركة تعدين البيتكوين ومقرها وايومنغ، أن تقوم بتصفية استثماراتها والمغادرة خلال الـ120 يوما القادمة.
وأوضح بيان صادر عن البيت الأبيض أن موقع الشركة يشكل "تهديدا للأمن القومي الأمريكي"، خاصة بعدما استقرت بالقرب من بلدة شايان التي تبعد بضع خطوات من موقع عسكري أمريكي حساس للغاية إلى جانب مركز بيانات مايكروسوفت الذي يعُدّ البنتاغون كأحد أبرز العملاء.
"معدات ذات أغراض مزدوجة"
وفي الوقت الذي تبقى أنظار وسائل الإعلام الأمريكية منصبّة على القرار الأمريكي بشأن فرض رسوم جمركية معتبرة على واردات السيارات الكهربائية الصينية إلى الولايات المتحدة، تأتي هذه العقوبة، "على مستويات عدة كدليل تدهور العلاقات الصينية الأمريكية". وفق ما أوضح مارك لانتين، الباحث في الشؤون الصينية بجامعة القطب الشمالي في النرويج.
ويعلل لانتين ذلك قائلا إن شركة "ماين وان" تجسّد تماما ما يدينه "صقور السياسة الصينية في واشنطن"، وهو نقص الشفافية لدى شركة تستخدم "معدات ذات أغراض مزدوجة -مدنية أو عسكرية-".
وتنتمي "ماين وان" إلى مجموعة شركات مستقرة في ملاذات ضريبية مختلفة. وقد حصلت على الأرض التي أقامت عليها مصنعها لتعدين البيتكوين في العام 2022 بدون إبلاغ لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة. وهي الهيئة التي يُفترض أن تقيِّم المخاطر التي ينطوي عليها هذا النوع من الاستحواذ، على غرار أي تهديد للأمن القومي.
وقد تم الإبلاغ عن وصول "ماين وان" إلى المنطقة من جارة قوية وهي شركة مايكروسوفت التي نبّهت السلطات الأمريكية شهر أغسطس/تموز 2022 عن استقرار الشركة الصينية في المدينة وإمكانية "إجرائها عمليات جمع معلومات استخباراتية كاملة"، حسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.
ومنذ ذلك الحين، بدأت السلطات الأمريكية تهتم بأنشطة الشركة الصينية. وتبيّن أن مصانع تعدين البيتكوين لا تقوم بأي شيء مشتبه به. فهي عموما عبارة عن حظائر ضخمة مليئة بأجهزة كمبيوتر يتم دمج قوتها واستخدامها لحل معادلات معقدة للغاية تسمح بـ"إنشاء" عملات البيتكوين (تمثل عملات البيتكوين "مكافأة" إيجاد حل المسائل الرياضية المعقدة).
"أنشطة مراقبة وتجسس"
وجاء في بيان البيت الأبيض أن موقع شركة "ماين وان" يحتوي على "معدات متخصصة وأجنبية المصدر يحتمل أن تكون قادرة على تسهيل أنشطة المراقبة والتجسس". خاصة وأن شركة بيتماين الصينية المزودة لشركة "ماين وان" بالمعدات الإلكترونية كانت في قفص الاتهام بعدما تركت بعض "نقاط الضعف" في أجهزتها تسمح من خلالها التحكم عن بعد في أجهزة مختلفة عبر العالم.
ولكن ما أثار قلق إدارة بايدن بشكل خاص هو الموقع الذي اختارته شركة "ماين وان". إذ أقامت مصنعها في المنطقة بمحاذاة مباشرة لقاعدة فرانسيس إي وارن الجوية العسكرية. وهي إحدى القواعد الأمريكية الثلاث التي تضم صواريخ باليستية نووية. ما يعني أنها جزء مهم من قوة الردع النووي الأمريكية.
وفي سياق التوترات مع بكين، يبقى قرب المسافة بين عمال صينيين وأجهزتهم الرقمية القوية، من قاعدة استراتيجية كهذه، محل شبهات لدى واشنطن.
وهو أمر يعتبره مارك لانتين أيضا "خطوة سياسية جيدة لجو بايدن في هذا العام الانتخابي حيث تظل معارضة الصين إحدى نقاط الاتفاق النادرة بين الديمقراطيين والجمهوريين".
وهناك جانب آخر يكشف خبايا هذه القضية. قبل بضع سنوات، كانت مراكز تعدين البيتكوين الصينية تحظى باستقبال أفضل بكثير في الولايات المتحدة. ويوضح مارك لانتين قائلا "في العام 2021 قررت بكين لأسباب بيئية وسياسية حظر تعدين العملات المشفرة على أراضيها على الرغم من كونها أنذاك أكبر مكان يتم فيه ذلك، لتصبح الولايات المتحدة بعدها واحدة من الوجهات الرئيسية للمصانع التي كانت تبحث عن أماكن أكثر ترحيبا".
وقد تطرقت إلى هذا الموضوع الإذاعة العمومية الأمريكية أن بي آر في العام 2022 وأوضحت "كيف تستفيد الولايات المتحدة من سياسة الصين الجديدة تجاه البيتكوين". فقد كانت آنذاك الاعتبارات المتعلقة بالفوائد الاقتصادية وخفض البطالة التي تجنيها واشنطن من هذه الاستثمارات الصينية (غالبا في المناطق الريفية) أكثر أهمية من المخاطر التي تهدد الأمن القومي.
وفي غضون عامين تغيرت الأمور. إذ أعرب المسؤول الجمهوري المنتخب عن ولاية أركنساس بريان كينغ نهاية العام 2023 عن تخوفه قائلا إن "الجميع قلقين بشأن تيك توك، لكن لا أحد يتحدث عن كل هذه الشركات الصينية التي، من أجل تعدين عملات البيتكوين في الولايات المتحدة، ربطت مصانعها بشبكة كهرباء المنطقة".
شبكة الكهرباء في أمريكا الشمالية مهددة؟
تمكنت صحيفة نيويورك تايمز من تحديد مصانع تعدين العملات المشفرة المملوكة للصين في اثنتي عشرة ولاية أمريكية. وأكدت الصحيفة أن هذه المصانع معا "يمكنها استهلاك ما يعادل 1.5 مليون منزل أمريكي من الكهرباء".
وكتب كوينتيليغراف، وهو موقع متخصص في العملات المشفرة، أن "منشآت تعدين البيتكوين في الولايات المتحدة تمثل حصان طروادة الصيني." مثلما يوضح مارك لانتين "الخوف هو أن تبدأ جميع هذه المواقع في آن واحد تشغيل ودفع قوة أجهزة حواسيبها إلى حد أقصى لزيادة استهلاك الطاقة في محاولة لزعزعة استقرار شبكة الكهرباء في أمريكا الشمالية".
ويقول الخبير في الشؤون الصينية، بطبيعة الحال ليس هناك أي "عنصر ملموس" يوحي أن سيناريو كارثة كهذا يمكن أن يصبح حقيقة في يوم ما، ولكن التلويح بشبح مصيبة متعلقة بالطاقة ينبئ بالكثير عن الجو العام في الولايات المتحدة.
ويذكر أنه قبل أن تقيم شركات مثل "ماين وان" مصانعها على الأراضي الأمريكية، كان قد عبر منتخَبون أمريكيون عن قلقهم بشأن شراء مجموعات صينية لأراضي زراعية في الولايات المتحدة. فقد أدى الاستحواذ في العام 2021 على عدة هكتارات بالقرب من قاعدة غراند فوركس الجوية إلى توجيه اتهامات لبكين بالتجسس. وعلى إثر ذلك، تم تقديم مشروع قانون في العام 2023 للتحكم بشكل أفضل في المقتنيات الصينية في أمريكا.
فبالنسبة لمارك لانتين، يجد بايدن نفسه في وضع حرج. إذ أنه لا يستطيع تجاهل أهمية العلاقات الاقتصادية الصينية-الأمريكية من جهة، لكنه من جهة أخرى "يتعرض لضغوط من الشركات المصنِّعة التي تخشى منافسة المنتجات الصينية المدعومة مثل السيارات الكهربائية، ومن الصقور السياسيين الذين يريدون تقليص الوجود الصيني على الأراضي الأمريكية قدر الإمكان".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية بايدن الصينية قاعدة عسكرية امريكا الصين قاعدة عسكرية بايدن المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تعدین العملات المشفرة فی الولایات المتحدة الأراضی الأمریکیة تعدین البیتکوین فی العام
إقرأ أيضاً:
أبوبكر الديب يكتب: "ترامب" يحظر العملات الرقمية ويشجع "المشفرة"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كعادته دوما فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الأسواق قبل ساعات باصداره أمرا تنفيذيا يحظر على الاحتياطي الفدرالي تطوير أو إصدار أو ترويج عملة رقمية صادرة عن بنك مركزي ويطلب إنهاء أي عمل جار لإطلاق عملة رقمية في المستقبل، بعد أن كان الديموقراطيون بقيادة الرئيس السابق جو بايدن مؤيدون للمشروع معتقدين أنه يقدم العديد من المزايا والفرص.
يأتي ذلك في وقت يشجع بل ويروج الرئيس ترامب وعائلته للعملات المشفرة، بل ويعمل لجعل أمريكا عاصمة "الكريبتو" العالمية من خلال دمج العملات المشفرة وتقنيات "البلوكشين" في النظام الاقتصادي الأمريكي بشكل كامل.
ويسعي ترامب لتشجيع الشركات العالمية وتحفيزها على الاستثمار في قطاع العملات المشفرة عبر تقديم إعفاءات ضريبية وتحسين البنية التحتية التقنية
وفي عام 2010، جرت أول معاملة تجارية باستخدام بيتكوين، حيث اشترى مبرمج "قطعتين بيتزا" مقابل 10 آلاف بيتكوين.
وهنا نوضح الفرق بين العملات الرقمية كالدولار الرقمي، والعملات المشفرة كالبتكوين.. فالعملات الرقمية تمثل العملات المعروفة للدول، مثل الدولار ووالجنيه الاسترليني واليورو والين، وتصدرها البنوك المركزية لهذه الدول، وتتم إدارتها وضبط قيمتها من قبل الحكومات، وتستخدم هذه العملة سجلا إلكترونيا أو رمزا رقميا لتمثيل الشكل الافتراضي للعملة الورقية للدولة، ويتم إصدارها وتنظيمها من قبل السلطة النقدية المختصة، وبالتالي فهي خاضعة للتنظيم والمراقبة.. ومثل الأوراق النقدية الورقية التي تحمل رقما تسلسليا فريدا، يمكن أيضا تمييز كل وحدة من وحدات العملة الرقمية للبنك المركزي لمنع التقليد والتزييف، وتستخدم 11 منطقة بالعالم عملات رقمية تابعة لبنوك مركزية فيما لدي 21 دولة أخرى برامج تجريبية، وتستكشف 79 دولة أخرى الفكرة ومن بين الدول التي تدرس إصدار عملاتها الرقمية إنجلترا والسويد وروسيا والصين.. أما العملات المشفرة فهي تصمم بتقنية "البلوكشين" وتعتمد على التشفير والتوزيع اللامركزي والتحقق الذاتي، ولا يتم إدارتها أو ضبط قيمتها من قبل الحكومات أو البنوك المركزية وبما أنها لا تصدر من قبل أي سلطة مركزية فهي محصنة ضد تدخل الحكومات، ويتم التعدين المشفر للحصول عليها عن طريق حل معادلات محاسبية معقدة من قبل أجهزة كمبيوتر متطورة وتسخدم أيضا لإدارة إنشاء وحدات العملة الجديدة والتحكم بها.
وكما أن العملات الرقمية، تستخدم كوسيلة للتحوط ضد التقلبات الكبيرة في سوق العملات التقليدية، تستخدم "المشفرة" أيضا للتحوط ضد التقلبات في سوق العملات التقليدية وسوق الأسهم والسلع كالنفط والغاز وغيره.
واذا نجح مشروع الرئيس الأمريكي للعملات المشفرة، في تجاوز العوائق المتعلقة بالتنظيم، والتقلبات السعرية، والمنافسة الدولية، فقد تتمكن واشنطن من قيادة الثورة الرقمية الجديدة وتحقيق فوائد اقتصادية هائلة، بعض الشركات بدأت تقبل الدفع بالعملات المشفرة وتحديدا بالبتكوين أبرزها تسلا.
وفي خطوة كانت متوقعة، حول تدخل ترامب في السياسات النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي، وقبل 5 أيام من أول اجتماع للمركزي الأمريكي بعد تنصيبه رئيسا، قال خلال كلمته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا أمس الخميس: إنه سيطلب خفض سعر الفائدة على الفور وإن على الدول الأخرى أن تحذو حذوه.
وفي وقت سابق، كشفت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيثارامان، عن محادثات على مستوى دولي تجري لتدشين نظام عمل عالمي لتنظيم سوق العملات المشفرة "الكريبتو"، مضيفة أن عدم التوصل لآلية عمل عالمية لسوق العملات المشفرة، سيدفع لزيادة المخاطر المالية التي يواجهها الاقتصاد العالمي، وإن تعاون جميع الدول لتدشين نظام عمل دولي مهم لتنظيم سوق الكريبتو، وشددت علي أنه بصفة الهند رئيس الدورة الحالية لمجموعة العشرين فقد وضعت مجموعة من المقترحات والقواعد لغرض النقاش مع بقية الأعضاء لتنظيم هذه السوق، ورأت أن التطورات التكنولوجية في الصناعة المالية تحتم على الشركات العاملة في هذا المجال، زيادة الاستثمار في الأمن السيبراني وأن الثقة مهمة للغاية في هذه الصناعة.
ولدي الحكومة البريطانية خطط لتنظيم النشاط في سوق العملات المشفرة ووفقا لمقترحات الحكومة سيكون تنظيم سوق العملات المشفرة ضمن هيئة الممارسات المالية.. ومن جهة أخري، تحاول عدد من الدول السيطرة على ظاهرة العملات المشفرة من خلال منع التعامل بها وتجريمها، أو إصدار عملات رقمية مركزية تمثل عملتها المحلية، لتأكيد سياداتها في إصدار النقود، ومواجهة الاحتيال وتبييض الأموال.
ويقول المؤيدون لإصدار دولار رقمي بالولايات المتحدة الأمريكية على أنه طريقة للمحافظة على الريادة المالية العالمية، مع زيادة تسهيل المعاملات وكفاءتها وشمولها، فيما يري المعارضون، ومنهم الجمهوريون والقوى الفاعلة بوول ستريت، أن إصدار دولار رقمي قد يخل بالتوازن في النظام المصرفي.