لمصلحة من تجاهل الصراع في السودان؟!
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
وصل الوضع المأساوي في السودان إلى نقطة حرجة جدا، حيث أدت المجازر الناتجة عن الصراع بين الجيش السوداني وقوات التدخل السريع إلى تمزيق السودان وتشريد أهله وفي بعض الحالات إلى تهجيرهم في الأصقاع. ورغم هذا المشهد المؤلم إلا أن الأوضاع في السودان ما زالت غير حاضرة ضمن الأولويات العربية أو الدولية وهذا ما يزيد من خطورة الأمر ويترك للمتصارعين هناك فرصا أكبر لارتكاب جرائم أكثر بشاعة مع استمرار الحرب.
وتسلط التقارير الأخيرة الصادرة عن مختلف المنظمات الدولية ومراكز الأبحاث الضوء على خطورة الوضع في السودان. ووفقا للأمم المتحدة، فقد نزح أكثر من 3 ملايين شخص حتى الآن، وخلق الصراع احتياجات إنسانية كبيرة جدا لا يمكن تلبيتها في الوضع الراهن ولا في السنوات القليلة القادمة.. لقد خلف الصراع آلاف القتلى، وعددا لا يحصى من الجرحى، وتتحمل النساء والأطفال العبء الأكبر من العنف، وعلى الرغم من هذه الإحصائيات المروعة، فإن الاستجابة العالمية كانت فاترة في أحسن الأحوال.
إن الصمت عن الفعل الحقيقي في السودان يثير الكثير من القلق دائما، ويكشف عن لعبة المصالح التي تتورط فيها بعض الدول في الإقليم وفق تأكيدات السودان نفسه، ورغم هذه التورطات التي يجري الحديث عنها إلا أن ذلك لا يمنع وضع السودان على خريطة المساعدات العربية والعالمية والعمل بجدية لوقف المجازر هناك.
إن خطر اندلاع حرب أهلية طويلة الأمد في السودان إلى جوار الصراع العسكري القائم اليوم باتت أكثر احتمالا وتظهر السوابق التاريخية في أفريقيا وأماكن أخرى أنه بمجرد انزلاق أي دولة إلى مثل هذا الصراع العميق، فإن تخليص نفسها يصبح أمرًا بالغ الصعوبة. ومن دون تدخل دولي ودعم حقيقي فإن السودان يمكن أن يتحول إلى أرض صالحة لاستقطاب الجماعات المتطرفة الأمر الذي من شأنه أن يزيد العنف ويُطور صراعات جديدة خارج السودان.
إن بطء الاستجابة العربية والدولية لما يحدث في السودان أمر لا يمكن فهمه أبدا، ورغم أن بعض الدول والمنظمات قدمت مساعدات إنسانية محدودة، فإن ذلك لا يكفي ولا يغطي ولو 1% من الحاجة الحقيقية في السودان. وإن استجابة دولية منسقة يمكن أن تخفف الكثير من المعاناة التي يعيشها السودانيون تتضمن ممارسة الضغوط الدبلوماسية على جميع الأطراف لحملها على وقف الأعمال العدائية، وكذلك لوقف الدول الداعمة لكل طرف ضد الآخر، كما يحتاج الأمر إلى قوات حفظ سلام قوية لحماية المدنيين.
يجب أن تجبر العلاقات التاريخية والثقافية مع السودان الدول العربية على القيام بدور قيادي في الجهود الدبلوماسية والمساعدات الإنسانية. ويتعين على الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي الأوسع أيضا أن يكثفا جهودهما، وأن يستفيدا من نفوذهما للتوسط في إنهاء الصراع الدموي.
أمّا تجاهل الأمر على هذا النحو فإنه يهدد أمن المنطقة بأكملها وكذلك أفريقيا وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك الآن ليس من منطلق الشعور بالواجب الأخلاقي، بل، أيضا، من منطلق المصلحة الذاتية للدول؛ فالسودان المستقر والمزدهر ضروري للاستقرار الإقليمي والأمن العالمي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
سلوفاكيا ترفض استخدام الأسلحة الأمريكية لضرب روسيا وتحذر من تصعيد دولي
أكد وزير الدفاع السلوفاكي روبرت كالينياك رفض بلاده استهداف قوات كييف للعمق الروسي باستخدام صواريخ أمريكية الصنع، معربا عن قلقه من حدوث استفزاز قد يؤدي لتصعيد النزاع العسكري دوليا.
وقال كالينياك في مقابلة مع وكالة "برافدا" السلوفاكية للأنباء: "أخشى ما أخشاه أن يكون التصعيد (تصعيد الصراع في أوكرانيا) قد ارتفع جدا لدرجة أنه إذا ما حدث أي نوع من الاستفزاز.. فلن يكون من الممكن الضغط على المكابح"، مشيرا إلى أن "الانهيار قد يحدث بفعل تصرفات دول الناتو".
وأضاف: "لذلك، نحن في سلوفاكيا كنا غير موافقين من حيث المبدأ على هذا الإذن (من إدارة الرئيس جو بايدن) بتنفيذ ضربات في عمق الأراضي الروسية باستخدام صواريخ أمريكية بعيدة المدى".
ولفت كالينياك إلى أن "الضربات التي تنفذها كييف باستخدام أسلحة أوكرانية الصنع لا تهدد بعواقب دولية واسعة النطاق وبتصعيد الصراع، كما هو الحال عند استخدام القوات المسلحة الأوكرانية للأسلحة المصنعة في الغرب"، مشيرا إلى ان استخدام الأسلحة الغربية "يمكن تفسيره على أنه انخراط الدول الغربية في الصراع، مؤكدا أن "تورط الناتو المباشر في هذا الصراع أمر شديد الخطورة".
ويربط كالينياك الأمل في إنهاء الصراع بوصول إدارة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب "يمكنه التأثير بشكل حاسم على الوضع في أوكرانيا"، مضيفا: "نحن جميعا ننتظر انتهاء هذا الصراع، هذه هي رغبتنا الشديدة".
ووفقا للوزير السلوفاكي، في حال وفاء ترامب بوعده بحل الصراع، يجب "توقع وقف إطلاق النار، والهدنة وبدء المفاوضات، على الأقل في الأشهر الثلاثة إلى الستة الأولى بعد توليه منصب الرئيس الأمريكي". ولم يستبعد الوزير أن تضطر أوكرانيا إلى "التخلي عن جزء من الأراضي".
وفي معرض حديثه عن القيود الغربية، أشار الوزير إلى أنها تلحق الضرر بسلوفاكيا وأوروبا بأكملها، لأنها تبطئ التجارة والتنمية الاقتصادية.
يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد أكد الليلة الماضية ضرب أوكرانيا أهدافا في مقاطعتي كورسك وبريانسك الحدوديتين جنوب غربي روسيا بصواريخ "أتاكمس" الأمريكية، و"ستورم شادو" البريطانية، وصدّ الدفاعات الروسية لها بنجاح.
وأعلن بوتين توجيه الجيش الروسي ردا على ذلك ضربة دقيقة وشاملة بصاروخ "أوريشنيك" البالستي فرط الصوتي المتعدد الرؤوس.
وحذر بوتين الغرب من أن جميع أنظمة الدفاع الجوي في العالم غير قادرة على اعتراض هذا الصاروخ الأسرع من الصوت بعشر مرات، وأن موسكو ستضرب المواقع العسكرية في الدول التي تستخدم أسلحتها ضد روسيا.
ولفت إلى أن الجانب الروسي سيحذر هذه الدول من الضربات الروسية قبل توجيهها، وأن الإنذار سيشمل المدنيين ومواطني الدول الصديقة، لأسباب إنسانية.
وقد ضرب الجيش الروسي الليلة الماضية مصنع "يوجماش" العسكري التحترضي في مقاطعة دنيبرو بيتروفسك شرق أوكرانيا ودمره بالكامل، في أول ضربة موجعة بهذه الشدة لنظام كييف ورعاته حذرت منها روسيا مرارا.
بدوره أشار المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى أن الرسالة التي وجهها الرئيس فلاديمير بوتين للغرب وأعلن فيها ضرب أوكرانيا بصاروخ "أوريشنيك" تعني أن أي قرارات غربية متهورة “لن تبقي بلا رد”.