دعت للاعتراف بالحوثيين كشرعية.. دراسة غربية: كيف يمكن لواشنطن تجنب خسارة الحرب في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
سلطت دراسة غربية الضوء على الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية في اليمن ضد جماعة الحوثي التي تشن هجمات على السفن في البحرين الأحمر والعربي منذ نوفمبر من العام الماضي.
وقالت الباحثة "إليزابيث تورينج"، في دراسة لها نشرتها مجلة "Small Wars Journal" الامريكية المتخصصة بالدفاع الوطني والسياسة الخارجية، وترجم أبرز مضمونها إلى العربية "الموقع بوست" إنها تسعى في ورقتها إلى مراجعة الصراع لتقييم أداء كل من المتمردين الحوثيين وبين الدول المتصدية لهم حتى الآن، نظرا لتزايد تورط الولايات المتحدة مع الحوثيين.
ودعت إليزابيث -وهي طالبة دراسات عليا في كلية شار للسياسة بجامعة جورج ميسون- إلى الاعتراف بجماعة الحوثي كشرعية في البلاد، تحت مزاعم تأمين الملاحة البحرية.
وأضافت "في السابع عشر من يناير 2024، قامت الولايات المتحدة بإعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص (SDGT) وفي الأسابيع التي تلت ذلك، تزايد نشاط واشنطن في الخليج، حيث أسقطت طائرات حوثية مسيرة وضربت أهدافًا للجماعة في اليمن".
تقول "وفقًا لعقيدة مكافحة التمرد الأمريكية، هناك ثلاث جهات فاعلة رئيسية في أي تمرد: الدولة والمتمردون والجهات الخارجية. هذا الوصف ينطبق على حالة الحوثيين".
وتابعت "في هذا التقييم، أزعم بأن التمرد لا يمتلك فقط مؤشرات رئيسية على النجاح، بل إن نقاط ضعف مكافحة التمرد تضعف إمكانية النجاح، ولتقديم هذه الحجة، تقدم هذه الورقة أولاً الجهات الفاعلة الأساسية داخل تمرد الحوثيين قبل تقديم تاريخ حديث موجز للقضية. ثم يحدد نقاط القوة والضعف لكل من المتمردين والمناهضين للتمرد قبل أن يختتم بنظرة عامة للتمرد.
ومطلع دراستها أوجزت الباحثة تسلسلاً تاريخياً لظهور جماعة الحوثي وارتباطاتها الداخلية والخارجية، كما تطرّقت إلى وضع الحكومة المعترف بها دولياً، ودور التحالف الذي تقوده السعودية، والمفاوضات بين الحوثيين والرياض، مشيرة إلى إن اليمن يواجه انقسامات دينية وقبلية وسياسية كبيرة بين سكانه على الرغم من كون غالبية سكانه من المسلمين.
الحوثيون في سياق حرب حماس-إسرائيل
وأكدت أن الحوثيين استخدموا حرب إسرائيل-حماس كمنصة لعرض قوتهم ومحاولة كسب الشرعية على المستوى الدولي. نتيجة لذلك، شهد الصراع دخول جهات فاعلة جديدة وتغيير في البيئة العملياتية للحوثيين.
وأضافت "بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل وحرب إسرائيل-حماس اللاحقة، بدأ الحوثيون بنشر دعاية للجمهور العالمي، ووصفوا أنفسهم بأنهم المدافعون عن الشعب الفلسطيني، باستخدام موجة التعاطف المؤيدة لفلسطين كمبرر ، نفذ الحوثيون عمليات مع "القوات المسلحة اليمنية" في البحر الأحمر، مما أدى إلى تعطيل تدفقات التجارة العالمية.
وتابعت "في حين أن حملة الحوثيين في البحر الأحمر قد حركت الولايات المتحدة، يمكن أيضًا وصف هذه الحقبة الحديثة من تمرد الحوثيين بأنها انخفاض في معارضة السعودية".
وأوضحت الباحثة أن هذا الانخفاض بدأ في الأشهر التي سبقت السابع من أكتوبر، عندما بدأ المسؤولون السعوديون محادثات سلام مع الجماعة، مشيرين إلى رغبة متزايدة في التنمية الاقتصادية في جنوب السعودية والتي لن تكون مجدية بدون سلام دائم مع الحوثيين.
وقالت لم يحسم بعد مصير تمرد الحوثيين، يتوقع البعض انخفاضًا في قوة الحوثيين، مشيرين إلى أن زيادة العمليات الأمريكية قد تجعل من الصعب وصول الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، مما قد يحد من قدراتهم العسكرية.
ويرى آخرون أن الحوثيين أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق هدفهم، مستشهدين بالانسحاب السعودي المذكور سابقًا من الصراع. بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن زيادة تحرك الولايات المتحدة يمكن أن يقوي الدعم السياسي للحوثيين داخل اليمن،حيث أن حشد الدعم من القضية الفلسطينية العابرة للقطاعات - بالإضافة إلى المشاعر المعادية للغرب المتزايدة في المنطقة - قد يمنح التمرد الشرعية اللازمة لتعزيز السيطرة على بقية اليمن وكسب الاعتراف والشرعية الدولية.
تقييم قضية الحوثيين
وأردفت "نظرًا للمستقبل غير المؤكد للحوثيين، فمن الضروري تقييم نقاط القوة والضعف لكل من المتمردين وقوات المناهضة لهم لفهم موقف هذه القوات - واكتساب نظرة ثاقبة حول من ينتصر في الصراع. لتحقيق ذلك، يجب على المرء أولاً فهم شكل النجاح لكلا الطرفين".
وزادت "يحدد عقيدة مكافحة التمرد (COIN) الأمريكية النجاح لقوات مكافحة التمرد في تعريفها لمكافحة التمرد. وفقًا لدليل ميداني للجيش الأمريكي 3-24 ، "مكافحة التمرد هي جهود مدنية وعسكرية شاملة مصممة في وقت واحد لهزيمة واحتواء التمرد ومعالجة أسبابه الجذرية".
واستدركت "بناءً على هذا النموذج، يحدد دليل مكافحة التمرد الصادر عن الحكومة الأمريكية ثلاثة شروط رئيسية تشير إلى نجاح قوات مكافحة التمرد: حيث يُنظر إلى الدولة على أنها شرعية، ولديها القدرة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية على "معالجة المظالم التي ربما أدت إلى دعم التمرد".
وقالت "يتم استقطاب التمرد - بما في ذلك قادتهم - أو تهميشهم أو فصلهم عن السكان، كما يتم تفكيك التمرد أو نزع سلاحه".
واستدلت الباحثة بدليل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لتحليل التمرد بأنه "نشاط سياسي عسكري طويل الأمد يهدف إلى السيطرة الكاملة أو الجزئية على موارد بلد ما من خلال استخدام قوى عسكرية غير نظامية ومنظمات سياسية غير قانونية".
وطبقا للباحثة الزابيث فإن الدليل مع هذا التعريف يقدم أربعة مؤشرات على نجاح التمرد يمكن تبسيطها إلى ثلاثة شروط: أولها يحصل التمرد على شرعية محلية ودولية مقارنة بالدولة المنكوبة. وثانيها يكتسب التمرد "السيطرة على السكان والأراضي". فيما الثالث هو اكتساب التمرد قوة قهرية على السكان.
وقالت "باختصار، فإن مؤشرات النجاح لقوات التمرد ومكافحة التمرد معكوسة - حيث تقاتل كلتا المجموعتين من أجل الشرعية، والسيطرة على السكان والأراضي، واحتكار القوة. مع تحديد هذه الأهداف، أصبح من الممكن الآن تقييم حالة الحوثيين".
وذكرت الباحثة أن تقييم نقاط القوة لدى الحوثيين في عدة عوامل منها الجغرافيا، حيث لعبت عدة عوامل في جغرافية اليمن دورا رئيسياً في قدرة الحوثيين على السيطرة على الأراضي، إلى جانب الدعم الخارجي المتمثل بدعم إيران سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلاء.
وزعمت الباحثة الأمريكية أنه "من أجل مصالح بلادها وفشل مكافحة التمرد وبدل من استخدام القوة العسكرية، يمكننا أن نجرب تقديم حافز للمتمردين: اعتراف المجتمع الدولي باليمن بقيادة الحوثيين".
وقالت "باستخدام النفوذ داخل المنظمات الدولية، يجب على الولايات المتحدة التفاوض بشأن شروط يمكن أن يكتسب الحوثيون بموجبها الشرعية - مشروطًا بعدة عوامل مدنية مثل تسهيل النمو الاقتصادي للتخفيف من الأزمة الإنسانية وتطوير نظام سياسي عادل يضمن المصالحة مع الحكومة اليمنية.
واستطردت "في تعزيز هذا اليمن الجديد، يجب على الولايات المتحدة اتباع مبادئ عقائد مكافحة التمرد - مثل العمل كمستشار داعم للحكومة الجديدة لبناء قدرة الدولة".
وخلصت الباحثة الزابيث في دراستها إلى أن هذه النتيجة تنطوي على إمكانات كبيرة: واقع يكون فيه اليمن مستقرًا نسبيًا وممر التجارة في البحر الأحمر آمنًا مرة أخرى، ولكن من دون نشر قوات مكافحة التمرد في صراع طويل الأمد. وبالتالي، قد يفوز الحوثيون في هذا الواقع، مشيرة إلى أن هذا الواقع لا يتطلب خسارة الولايات المتحدة - وهو سيناريو أفضل بكثير من خسارة باهظة الثمن وطويلة الأمد، حد زعمها.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا الحوثي البحر الأحمر إيران الولایات المتحدة مکافحة التمرد السیطرة على
إقرأ أيضاً:
إلى أين تتجه الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين؟
أنقرة (زمان التركية) – كشفت شركة كوفاس الرائدة في مجال الائتمان التجاري وإدارة المخاطر في تقريرها الجديد أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بلغت مرحلة خطيرة وتهدد بشكل جاد التجارة الدولية.
وأفاد التقرير أن الولايات المتحدة تواجه خطر الركود وأن الحرب التجارية المتصاعدة بين البلدين بلغت أبعاد غير مسبوقة.
وأشار التقرير إلى رد الصين بإجراءات مشابهة عقب إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التعريفات الجمركية الشاملة في الثاني من أبريل/نيسان الجاري وأنه في غضون أسبوع واحد فرضت الدولتين ضرائب جمركية إضافية بقمية 125 في المئة على الواردات المتبادلة مشيرا إلى شمول التعريفات الجمركية للسلع المصنعة كالألعاب والمنسوجات على الجانب الصيني والمنتجات الزراعية والمعدات عالية التقنية على الجانب الأمريكي.
الدور المركزي للتعريفات الجمركية في سياسة ترامبيؤكد ترامب أن تكلفة التعريفات الجمركية على المدى القصير منخفضة إلى حد كبير مقارنة بعائدها على المدي الطويل ويعتبر التعريفات الجمركية أداة لتمويل الخفوضات الضريبية وتقليل عجز التجارة الخارجية للولايات المتحدة وتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية على نقل الإنتاج إلى داخل الولايات المتحدة.
ويتواصل قطع العلاقات التجارية مع الدول التي تحقق فائضا في التجارة الخارجية مثل الصين مع استراتيجية ترامب بشكل تام.
ولا يشكل خطر انهيار التجارة الدولية مصدر قلق لترامب، إذ أنه يرى أن التجارة الدولية تكون ذات قيمة عندما فقط تخدم مصالح الولايات المتحدة.
مواجهة الولايات المتحدة لخطر الركودعلى الرغم من عملية التفكك الاقتصادي، فإن التجارة بين الولايات المتحدة والصين تواصل كونها أحد الركائز الأساسية للاقتصاد العالمي.
وتعطيل التعريفات الجمركية للواردات قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع أو سحب بعض المنتجات المستوردة من السوق بشكل كلي. وقد تؤثر الاضطرابات في سلاسل التوريد على قطاعات محورية كالسيارات والكيماويات والالكترونيات بشكل سلبي.
وقد يقود بلوغ التضخم 4 في المئة والبطالة 5 -6 في المئة بنهاية العام الجاري الاقتصاد الأمريكي إلى الركود.
السيناريو الأسوأ: أزمة ثقة وهروب رؤوس الأموال وانهيار الدولارولعل السيناريو الأكثر تشاؤما هو مغادرة رؤوس الأموال طويلة الأكد نتيجة لزعزعة الثقة بالإدارة الأمريكية وحدوث أزمة في ميزان المدفوعات.
والبيانات الأخيرة تعزز من هذه الاحتمالية، فمنذ الثاني من أبريل/ نيسان الجاري، تراجع الدولار الأمريكي أمام اليورو من 0.93 إلى 0.88 وارتفعت فوائد سندات الخزانة بنحو 50 نقطة.
وخلال الفترة عينها، تراجع مؤشر ستاندر آند بور بنحو 7.6 في المئة منذ مطلع العام الجاري. وتعكس جميع المؤشرات إلى شروع رؤوس الأموال في مغادرة الولايات المتحدة.
رد الصين: إجراءات داعمة للسوق المحليةتأثير صدمة التعريفات على الجانب الصيني يمكن التعافي منه جزئيا عبر تحفيزات لإحياء الطلب المحلي، ف81 في المئة من رصيد الشركات الصناعية الصينية يأتي من المبيعات المحلية وأن حصة الصادرات المباشرة للولايات المتحدة من الإجمالي تبلغ 2.7 في المئة فقط.
لهذا فإن السوق المحلية تواصل كونها أحد المصادر الأساسية للاقتصاد الصيني. ومن المنتظر أن ترفع الحكومة الصينية حزم المساعدات والإعانات للمصدريين والشركات الصغيرة والمتوسطة خلال اجتماع المكتب السياسي نهاية أبريل/ نيسان الجاري، لكن استمرار الغموض الخارجي قد تدفع الشركات والمستهلكين للتعامل بحذر فيما يتعلق بالاستثمار والاقتراض وهو ما قد يحد من تأثير هذه الإجراءات.
مرحلة تقييم جديد للشركاء التجاريينالحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين ستدفع الشركاء التجاريين للدولتيين إلى إعادة النظر من جديد في استراتيجياتهم.
إما سيلجأ الشركاء إلى حماية صناعاتهم أو الاقتراب من السياسة الأمريكية للانتفاع من التعريفات الجمركية المنخفضة. ولعل الخيار الثاني سيقلص أنشطة إعادة التوجيه التي تتم عبر مناطق مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا.
وقد تعمل بيكين الراغبة في موازنة هذا الوضع على إصلاح علاقاتها مع الاقتصادات الموجهة نحو التصدير والتي تؤيد نظام التجارة المتعدد الأطراف (اليابان وجنوب شرق آسيا وأوروبا)، لكن لإنجاح هذه الاستراتيجية، قد يتوجب على الصين حل مخاوف الشركاء الاقتصاديين بشأن الإغراق. وهذا أيضا قد يدفع الصين إلى فرض حصص أو قيود على الحد الأدنى للأسعار على صادراتها.
هذاويشير الإغراق في الاقتصاد إلى بيع السلع دوليًا بأسعار أقل من سعر البيع المحلي أو تكاليف الإنتاج.
Tags: التعريفات الجمركيةالحرب التجارية بين الصين وأمريكا