ظهر مصطلح الديمقراطية لأول مرة ببلاد اليونان القديمة ليعبر عن نظام الحكم بأثينا، وبالتالى وضع الأثينيون مصطلح الديمقراطية ليعبروا عما يعرف بحكم الشعب.
عرف النظام الديمقراطى الأثينى والذى يصنف من قبل أغلب المؤرخين كأول ديمقراطية فى تاريخ البشرية العديد من النقائض ولعل أبرزها إقصاء النساء والعبيد من المشاركة فى الحياة السياسية.
يعد رجل القانون والمشرع الأثينى «سولون» أول من وضع أسس الديمقراطية الأثينية، حيث نجح ما بين القرنين السابع والسادس قبل الميلاد فى إرساء جملة من القوانين خلص أثينا من النزاعات الداخلية وأنقذتها من شبح الحرب الأهلية. وقد باشر «سولون» تشريعاته بإصدار عفو عام والسماح للعديد من المنفيين بالعودة والحصول على كامل حقوقهم فى سعى منه لمحو الذكريات السيئة التى عاشت على وقعها أثينا خلال الفترة السابقة.
كما حرر الأفراد الذين تحولوا إلى عبيد بسبب عجزهم عن دفع ديونهم، ووضع قانونا منع من خلاله استعباد الناس بسبب عجزهم عن سداد ديونهم، إضافة إلى ذلك قسم «سولون» المجتمع إلى أربع طبقات حسب الدخل وقوانين الضرائب ووضع مجلسا عرف بمجلس الأربعمائة ينتخب أفراده من القبائل الأربع بأثينا، حيث أوكلت لهذا المجلس مهمة تهيئة المشاريع قبل الموافقة عليها. كما أرسى «سولون» ما عرف بمجلس المحلفين والذى اختير أفراده بالقرعة من جميع الطبقات للنظر فى مختلف القضايا والخلافات عدا جرائم القتل.
وفى الأثناء يلقب السياسى والمشرع «كليسثنيس» والمولود عام 750 قبل الميلاد بـ«أبوالديمقراطية»، حيث نجح فى قلب نظام الحكم بأثينا وإرساء نظام ديمقراطى. خلال تلك الفترة وكأغلب المدن الإغريقية، تميزت أثينا بالحكم المنفرد، حيث كان الحاكم رجل دولة قويا يلقب بالطاغية ولعل أبرز هؤلاء الطغاة «بيسيتراتوس» الذى كان رجلا صالحا، عرفت أثينا خلال عهده فترة ذهبية، ومع وفاته اشترك ابناه «هيبياس» و«هيبارخوس» فى الحكم ومع وفاة «هيبارخوس» تولى «هيبياس» الحكم بشكل منفرد لتشهد فترته أزمات عديدة، حيث لم يتردد فى إعدام ونفى عدد هائل من سكان أثينا بعد اتهامهم بمعارضة قراراته.
وبالتزامن مع ذلك نظم «كليسثنيس»، والذى كان فى المنفى انقلابا للإطاحة بـ«هيبياس» ولتحقيق غايته اتجه أبو الديمقراطية للاستعانة بطرف أجنبى وتحريضه على غزو أثينا. لم يكن هذا الطرف الأجنبى سوى «اسبرطة» والتى تميز شعبها بشدة تدينه، حيث اتجه «كليسثنيس» إلى تقديم رشاوى إلى كهنة معبد «دلفى» من أجل تقديم نبوءات كاذبة لمسئولى اسبرطة ودعوتهم لغزو أثينا وتحريرها من حكم «هيباس».
وفى حدود عام 510 قبل الميلاد زحفت جيوش اسبرطة على أثينا وأجبرت «هيبياس» على الهرب وعلى أثر ذلك عرفت أثينا أزمة سياسية، حيث اتجه أنصار «كليسثنيس» للمطالبة بالديمقراطية بينما اتجهت فئة أخرى لدعم فكرة حكم الأثرياء، ومع انتصار أتباع «كليسثنيس» لم يتردد مساندو حكم الأثرياء فى الاستعانة باسبرطة مجددا والتى غزت أثينا مرة ثانية ليطرد أبو الديمقراطية رفقة 700 عائلة من المدينة وينصب «اساغوريس» حاكماً.
لم تدم فترة نفى «كليسثنيس» طويلا فسرعان ما عاد لأثينا عقب ثورة شعبية عارمة أنهت حكم الأثرياء وأقصت جنود اسبرطة من المدينة، وبالتزامن مع عودة «كليسثنيس» أطلق الأثينيون سراح جميع جنود اسبرطة المحاصرين داخل المدينة لتجنب خطر الوقوع فى حرب طاحنة وفى المقابل صدر قرار أعدم على أثرة المئات ممن ساندوا حكم «اساغوريس» واستعانوا باسبرطة، وبناء على ذلك وضع «كليسثنيس» حداً لمعارضيه لتشهد أثينا عقب ذلك بداية العهد الديمقراطى.
خلال الفترة التالية وضع «كليسثنيس» جملة من القرارات الجديدة التى كرست الحكم الديمقراطى حيث أعيد تنظيم المنطقة مرة أخرى ووسع المجلس الذى وضعه «سولون» سابقا لتتم زيادة عدد أعضائه والذين أصبح من الممكن اختيارهم عن طريق الاقتراع الشعبى فضلا عن ذلك غيّر أبو الديمقراطية نظام القبائل الأربع التى كانت قائمة أساسا على رابطة الدم ليتم تفويضها بنظام جديد احتوى عددا أكبر مكن المجموعات اختير أفرادها بشكل عشوائى حسب مكان الإقامة وبفضل ذلك عرفت أثينا تغييرات مهمة وضعتها على طريق الديمقراطية المعاصرة، خاصة عقب بروز مبدأ المساواة أمام القانون.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب أبو الديمقراطية حكاية وطن تاريخ البشرية أبو الدیمقراطیة
إقرأ أيضاً:
الإفراج عن بلجيكي متهم بالتورط في انقلاب بالكونغو الديمقراطية
وصل الخبير الأمني البلجيكي جان جاك ووندو العاصمة بروكسل، اليوم الأربعاء، بعد اعتقاله أكثر من 8 أشهر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بسبب إدانته بمحاولة انقلاب فاشلة في العاصمة كينشاسا.
ووصل ووندو العاصمة البلجيكية بروكسل وسط ترحيب حار من عائلته وأقاربه، كما كان في استقباله وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو، الذي أعرب عن سعادته بإطلاق سراح ووندو.
واعتقل ووندو في مايو/أيار 2024 على خلفية اتهامه بالمشاركة في محاولة انقلاب فاشلة.
وقد أثارت هذه الحادثة حالة من التوتر الأمني الشديد في الكونغو، مما دفع السلطات إلى شن حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات الأشخاص.
وفي سبتمبر/أيلول 2024، خضع ووندو للمحاكمة أمام محكمة عسكرية في كينشاسا، التي أصدرت بحقه حكما بالإعدام، إلى جانب 36 متهما آخرين، بينهم 3 مواطنين أميركيين وبريطاني وكندي.
وقوبلت المحاكمة بانتقادات واسعة، حيث شكك العديد من المراقبين في نزاهتها وإجراءاتها، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية على الحكومة الكونغولية بشأن قضايا حقوق الإنسان.
ردود فعل دوليةأثارت إدانة ووندو ردود فعل قوية في الأوساط السياسية والدبلوماسية الدولية، لا سيما في بلجيكا، التي تعتبره خبيرا أمنيا بارزا ولديه إسهامات في تحليل الشؤون العسكرية الأفريقية.
إعلانواستدعت وزارة الخارجية البلجيكية السفير الكونغولي في بروكسل للاحتجاج رسميا على الحكم الصادر، معربة عن قلقها العميق بشأن سلامته وطالبت بتوفير ظروف احتجاز إنسانية له.
كما أصدر البرلمان الأوروبي بيانا دعا فيه إلى الإفراج الفوري عن ووندو، مشيرا إلى تدهور حالته الصحية داخل السجن.
وأكد البيان أن معاملة ووندو داخل السجن لم تكن تتماشى مع المعايير الدولية، مما زاد من حدة الضغوط على الحكومة الكونغولية.
يشار إلى أن جمهورية الكونغو الديمقراطية كانت قد ألغت فعليا تنفيذ عقوبة الإعدام منذ عام 2003، لكن في مارس/آذار 2024، قررت الحكومة إعادة العمل بالعقوبة، مما أثار موجة من الانتقادات الحقوقية.
تدهور الحالة الصحيةأشارت عدة تقارير حقوقية إلى أن الحالة الصحية لووندو تدهورت خلال فترة احتجازه، بشكل ملحوظ، مما دفع محاميه وعائلته إلى المطالبة بالإفراج عنه لدواع طبية.
وبعد شهور من الضغط الدبلوماسي والحقوقي، قررت السلطات الكونغولية الإفراج عنه لأسباب صحية، وهو ما وصفه بعض المراقبين بأنه "مخرج سياسي" لتجنب المزيد من التوتر مع بلجيكا والجهات الحقوقية الدولية.
ماذا بعد الإفراج؟أشارت عدة وسائل إعلام بلجيكية أن هذه الخطوة من قبل السلطات الكونغولية تثير تساؤلات واسعة حول العلاقات بين بلجيكا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في ظل الأوضاع التي يشهدها شرق البلاد مع سيطرة حركة "إم 23" المتمردة على مدينة غوما والخلفية التاريخية المعقدة التي تجمع البلدين منذ الحقبة الاستعمارية.
ومن المرجح أن يتم تسليط الضوء على أوضاع السجناء السياسيين في الكونغو الديمقراطية، مع وصول جان جاك ووندو إلى بلجيكا، لا سيما في ظل الضغوط التي تمارسها الجهات الحقوقية على الحكومة الكونغولية.