مما لا شك فيه أن التأمين الصحى من أهم المشروعات التى خدمت ملايين الأشخاص، إيمانًا بحق كل مواطن فى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لأعلى معايير الجودة. وهذا يتفق مع المادة 18 من الدستور والتى تنص على أنه: لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل.
ومن المؤسف أنه قد يتعرض المواطنون الذين يرميهم القدر تحت رحمة التأمين الصحى إلى التهلكة على يد بعض الأطباء والموظفين القاسية قلوبهم. فالشخص المريض الذى يلجأ إلى التأمين الصحى لا يعانى من الألم الجسدى فقط، بينما يقع تحت ضغط نفسى وعصبى من المعاملة السيئة التى يشاهدها من بعض العاملين بالمكان، مما يجعله يزداد مرضًا فوق مرضه وقد يصاب بحالة نفسية أسوأ من المرض ذاته. وهذه النوعية من العاملين بالتأمين الصحى تسىء إلى المنظومة ككل، وتعكس الهدف الحقيقى من هذا المشروع القومى، وهو محاولة مساعدة المريض والتخفيف عن آلامه سواء ماديًا أو معنويًا.
وهناك واقعة حدثت بالفعل منذ الأسبوع الماضى لشاب يعانى من عيب خلقى بالقلب منذ ولادته، ويتابع حالاته بالتأمين الصحى بالهرم، وهذا الشاب البالغ من العمر 22 عامًا، توجه إلى عيادة القلب للحصول على تقرير بحالته اعتاد عمله كل عام حتى يستفيد من معاش والده المتوفى، لعدم تمكنه من العمل طبقًا لظروفه الصحية. وانتقل الشاب من قريته إلى التأمين برفقة والدته وهو فى حالة إعياء شديد وطلب من أحد العاملين سرعة تسهيل الإجراءات لعدم قدرته على الانتظار، فإذا پإحدى الموظفات التى تدخله للطبيب تنهره ووالدته لهذا التصرف وتعطل دخوله قائلة «مش انتم اشتاكيتونا خلى الشكوى تنفعكم ومش هنعملكم حاجة اليوم واتفضلوا بقى امشوا «وتحججت بأن الإسم بها غلطة، فى حين أن الشاب فى كل عام يجدد التقرير يذهب بنفس الأوراق، وعندما أصروا على مقابلة الطبيب كانت هذه السيدة قد أعطته خلفية بأن هؤلاء الناس تقدموا ضدهم بشكوى مما أثار غضب الطبيب وتعنت هو أيضًا معهم وأخبرهم بأنه سوف يعطى الشاب تقرير بعام فقط عند عودتهم له مرة أخرى بدلًا من التقرير الدائم، على الرغم من أن حالته الصحية تعطيه الحق من منحه تقرير مدى الحياة. فلم تتم مراعاة مرض هذا الشاب اليتيم، ولم يلتفتوا لدموع والدته التى قاموا بنهرها.
ما حدث نموذج لآلاف الحالات التى تتعرض للمعاملة السيئة من العاملين بالتأمين الصحى.
لا بد أن يكون هناك ضوابط وردع لهذه النوعية من الموظفين، الذين يتعاملون مع المرضى بالهوى وعلى حسب مزاجهم، يجب أن تكون هناك رقابة شديدة وتوجيه المرضى للشكاوى ضد هؤلاء العاملين، والتحقيق معهم بجدية حتى لا نعطى فرصة لهذه النوعية من البشر فى هدم ما تبنيه الدولة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سامية فاروق إطلالة التأمين الصحي المعدلات العالمية التأمین الصحى
إقرأ أيضاً:
إلا.. الدعم!!
تحت هذا العنوان كتبت مقالا منذ 17 عاما، محذرا من إلغاء الدعم اعيد نشره اليوم، فما اشبه الليلة بالباحة
يومها قلنا: رغم تأكيد الحكومة انها لا تنوى إلغاء الدعم لكنها تبحث طريقة وصوله إلى مستحقيه، إلا أن الشارع المصرى تسوده حالة من الشك بأن الدعم فى طريقه للإلغاء ولو بعد حين!
مبعث ذلك الشك–بلا شك–تصريحات المسئولين المتلاحقة، حول توقيت فتح هذا الملف الآن، وطرح قضية الدعم للحوار المجتمعى بين المؤسسات الحزبية والمدنية، فى حوار وطنى، وصولا لرؤية واضحة تحدد إبقائه أو إلغائه، ساعد أيضا على اتساع دائرة الشك، إن الحكومة ما زالت تبحث عن الفئة التى تستحق الدعم، وهى تعلم ان ربع المصريين يعيشون تحت خط الفقر، والدعم لا يعنى لهم سوى رغيف الخبز وانبوبة البوتاجاز، وبعض السلع التموينية.
صحيح ان 40% من حجم الدعم على الأقل يذهب لجيوب الاغنياء، وانه يكلف موازنة الدولة الحالية اكثر من 655 مليار جنيه، لكن الامر المؤكد استحالة إلغائه بطريقة متجلة.
وبصفتى واحدا من مستحقى الدعم -مع اعتذارى لمؤسسة الاهرام–التى انتمى اليها، ومعى كل موظف شريف لا يزيد راتبه عن 5000 جنيه، جميعنا نقر ونعترف بان الإبقاء على الدعم حاليا ضرورة حتمية لعدة اسباب:
*أولا: من هو الذى لا يستحق الدعم فى ظل هذا الارتفاع الرهيب للاسعار، تحت لافتة ا(السوق الحر) التى تجبر الدولة على رفع يدها عن كل شىء رغم ان ظروفنا الحالية لا تسمح بعمل ذلك، قبل ان تقوم الحكومة بضبط الاسواق اولا قبل الغاء الدعم أو ترشيده!!
*ثانيا: قد يكون الدعم النقدى هو الأكثر قبولا لدى البعض، ولكن اين الدراسة التى تحدد لنا الفئات المستحقة لهذا الدعم النقدى، وكيف سيتم حسابه؟ وهل ستلتزم الدولة برفعه عند كل زيادة تطرأ على الاسعار، كل ثلاثة اشهر على الأقل، واذا لم تفعل الدولة ذلك، فما هو مصير الدعم، خاصة ونحن نستورد 70% من السلع المدعومة، ومع تغير سعر الصرف لن تتمكن الحكومة من وضع سقفا للدعم النقدى.
*ثالثا: هل نحن ندعم الفقراء ام ندعم أصحاب الملايين، بمليار جنيه يوميا بدعم الطاقة والوقود، اضافة إلى دعم الصحة والتعليم ليزداد الاغنياء توحشا، بينما يضع مستحقو الدعم اكثر من 17 مليار جنيه فى جيوب المدرسين سنويا للدروس الخصوصية، لتعويض فشل التعليم!!
*رابعا: ان تسرب الدعم لغير المستحقين- وانا ضده- فهو مشكلة لا تنفرد بها مصر وحدها، ولكنها توجد فى دول عديدة من بينها امريكا، التى تدعم الفقراء بطوابع غذاء مجانية تتجاوز قيمتها مليارات الدولارات سنويا، ياخذ نصفها من يتكسبون من اعمال اخرى من غير المستحقين لها.
تلك الملاحظات لا تعنى اننا ضد ترشيد الدعم، أو لسنا حريصين على وصوله إلى مستحقيه، ولكننا بنفس الحرص نحذر من إلغائه بصورة مستعجلة، أو يصل إلى رغيف الخبز أو ينال من السلع التموينية، قبل اجراء دراسات جادة تحدد، من هى تلك الفئات الاولى بالدعم لان استمراره ضرورة حتمية، على الاقل لـ(63 مليون اسرة) تحمل بطاقة تموينية، على استعداد ان تتنازل عن اى شىء إلا الدعم!!