ما زال يراود إسرائيل حلم تحقيق النصر الكامل فى الأراضى الفلسطينية، وتحديدًا فى قطاع غزة. ولهذا بادر الجيش الإسرائيلى باجتياح رفح فى خطوة وصفت بأنها غير حكيمة، ويكفى أنها ستجلب كارثة جديدة لأكثر من مليون فلسطينى. وهنا نتساءل: هل يمكن لإسرائيل أن تحقق النصر الكامل فى غزة؟. لقد أمر نتنياهو بالهجوم على رفح رغم التحذيرات التى صدرت عما يمكن أن تخلفه من وقوع كارثة.
لقد هدد «بايدن» بأنه سيقطع إمدادات الأسلحة اللازمة لتحقيق هجوم كامل لمدينة رفح. وفى المظهر العام يمثل هذا أكبر تهديد أمريكى لمصلحة إسرائيل منذ عقود. غير أن إسرائيل مضت قدمًا فى اجتياح رفح بذريعة تدمير أربع كتائب تابعة لحماس، وبادر خبراء إسرائيليون بالتشكيك فى أن تغير العملية قواعد اللعبة، وبالتالى لن تخرج عن نطاق كونها تكتيكية لا أكثر. وفى معرض التعقيب قال مسئول سابق فى الموساد: (إنه وبمجرد انتهاء العملية ستبادر حماس بالتسلل من جديد إلى أجزاء أخرى من غزة كما فعلت فى مرات سابقة).
ولكن ما الذى دفع «نتنياهو» للمضى قدمًا فى الهجوم على رفح رغم التحذيرات الأمريكية؟. لقد رأى «نتنياهو» أن الهجوم على رفح ضرورى لتحقيق النصر الكامل. ومن المفترض أن يعنى تحرك إسرائيل صوب رفح تدمير قدرات حماس العسكرية وقدرتها على حكم غزة، وإعادتها للرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم. وفى الوقت نفسه تدرك إسرائيل أن الحرب لم تؤد إلى تدمير حماس، كما أن سياسة «النصر الكامل» التى تنتهجها حكومة نتنياهو قد أدت إلى عزلة عالمية هى الأكثر أهمية فى تاريخ إسرائيل.
ووسط الأحداث طرأت تغيرات على المشهد، فأعلن بايدن تعليق تسليم أسلحة لإسرائيل، وكانت كل من كندا وإستراليا قد أعلنت قبل إعلانه اتخاذ هذه الخطوة، كما بادرت كولومبيا بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وأعلنت تركيا فرض حظر تجارى عليها ليشكل كل هذا التهديد قنبلة اقتصادية ودبلوماسية للكيان الصهيونى. وفى الوقت نفسه تواجه إسرائيل فى محكمة العدل الدولية اتهامات بارتكاب الإبادة الجماعية. كما يلوح فى الأفق شبح أوامر الاعتقال ضدها الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية. بالإضافة إلى الاحتجاجات التى اشتعلت فى جامعات أمريكا وبريطانيا وأوروبا ضد ممارساتها.
فى الداخل لا يزال أكثر من مائة ألف إسرائيلى مشردين، فالحرب تؤثر سلبًا على دخل الناس وصحتهم العقلية، وفى كل يوم تفقد أسر إسرائيلية أبناءها فى الحرب من أجل تحقيق حلم إسرائيل فى «النصر الكامل» الذى لن يتحقق أبدًا. وربما كان الهدف تدمير حماس على أساس اعتبارها تجسد تهديدًا عسكريًا للمدنيين الإسرائيليين، والأراضى السيادية، ليكون ذلك مبررًا فى حد ذاته. غير أن حكومة نتنياهو لم تثبت بعد قدرتها على تحقيق هذا الهدف، بل إن الأدلة تشير إلى الفشل.
فضلًا عن هذا فإن إنهاء الحرب سيتطلب من إسرائيل وضع خطط واقعية لليوم التالى لقطاع غزة بالتعاون مع مجموعة من الحلفاء الغربيين والعرب. وهو ما تسعى الولايات المتحدة إلى دفعه وترتيب خطة متعددة الأطراف أكثر استدامة من أجل إحداث تحول حقيقى فى نموذج العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية بما فى ذلك الاستقلال وتقرير المصير للفلسطينيين. اليوم لا بد من إنهاء الحرب، ولكن لا يمكن اختزال الفكرة فى الألم الناجم عن الإذعان لحركة حماس، حيث إن إنهاء الحرب سيجلب أيضًا قائمة طويلة من المكاسب للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سناء السعيد إسرائيل تحقيق النصر مليون فلسطيني الجيش الإسرائيلي نتنياهو النصر الکامل
إقرأ أيضاً:
عائلات أسرى العدو: نتنياهو حوّل حياة أبنائنا للعبة شطرنج
يمانيون../ أكدت هيئة عائلات الأسرى الصهاينة في غزة، مساء اليوم السبت، إن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو حول حياة أبنائهم إلى لعبة شطرنج لخدمة مصالحه، داعية للنزول إلى الشوارع لمنع عودة الحرب.
وقالت عائلات الأسرى في مؤتمر صحفي أن “نتنياهو يتعمد إيجاد أزمة في محادثات الصفقة للعودة إلى الحرب” مشيرة إلى أن “نتنياهو يحاول تهيئة الرأي العام للعودة إلى الحرب بخلاف مصلحة “إسرائيل”.
وتساءلت “كيف يعقل أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يهتم بحياة الأسرى أكثر من نتنياهو؟” مطالبة ترمب “بعدم السماح لنتنياهو بالتضحية بأرواح الأسرى لأن الحرب لن تعيدهم”.
وأردفت عائلات الأسرى “ما دامت “إسرائيل” في حالة حرب فنتنياهو يتهرب من قضايا محاكمته بالفساد”.
وأكدت أن “الحرب لن تعيد الأسرى بل ستقتلهم” مشددة على أن “صفقة تبادل فقط من دفعة واحدة ستنقذهم”.
وأشارت عائلات الأسرى إلى أن “مصالح نتنياهو لا تتماهى مع مصلحة “إسرائيل” التي تطالب بإعادة الأسرى”.
ولفتت إلى أن “نتنياهو عمل على تفكيك فريق المفاوضات وجمد المحادثات عمدا، ومستعد للتضحية بحياة الأسرى من أجل مصالحه السياسية والإجرامية.
وشددت عائلات أسرى العدو على أنها لن تسمح لنتنياهو بالتخلي عن أبنائهم.