جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-16@11:57:06 GMT

الكويت.. مرحلة جديدة

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

الكويت.. مرحلة جديدة

 

 

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

"إن الوثائق والحقائق أدوات أساسية للمؤرخ، لكنها لا تشكل التاريخ في حد ذاته؛ فالوثيقة قد تُغيِّر مفاهيم خاطئة أو متوارثة، ربما تكون أخذت ثوب الحقيقة في غير إستحقاق" - إدوارد كار.

وما زال التاريخ وصفحاته تكتب وتدون، وتذكر وتؤكد وتنفي، إذن لا جديد، هذا التاريخ، وهذا ديدنه، والمؤكد أنه لا يوجد جديد، فمن يكتب التاريخ هو إنسان، والإنسان كتلة مشاعر، ومبادئ معينة وانتماء معروف، من شرفني بقراءة ما أكتب في السابق كنت ألمح تارة وأؤكد تارة أن التاريخ كتاريخ ليس بالضرورة أن تكون صحته 100%، لماذا؟ لأن من يكتبه إنسان، والإنسان كإنسان يستحق التكريم والاحترام وهو الذي سبقنا به رب العزة إذا قال تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" (الإسراء:70).

لذلك في كتابة التاريخ مسؤولية جسيمة على الكاتب، والأفضل له إما أن يقول ويكتب بضمير حي، أو ينزوي جانبا ويترك الكتابة لما هو أهلا لها.

لذلك، أحيلك إلى عبارة في واجهة هذا المقال قالها المؤرخ البريطاني إدوارد كار، ومعناها واضح، أي لا تصدق كل شيء وأي شيء؛ بل حرِّك حسك النقدي، فليس كل دليل ذا وجاهة.

وفي مسيرة الأمم تحدث تطورات وتقدم وتأخر، وما لها وما عليها، هناك أمور تستلزم التوقف لمزيد من الرؤية لكامل الصورة، ولتنقيح ما يستدعي التنقيح، وحذف وإضافة وتعديل، العديد من الأمور يتم التحدث عنها أو بشأنها كمسلمات لا يمكن مسها؛ بل يصل الأمر لأقرب من التقديس لها، ولا قداسة إلّا لله جل في علاه.

وفي الكويت تاريخيا، وفي سنة 1962، توافق مجلس الأمة مع الحكومة على إصدار الدستور بعد مناقشات مستفيضة وتفصيلية، بعدها تم استصدار الدستور والذي يسمى بـ"دستور 62"، وهو وثيقة تاريخية تنظم علاقة الحاكم والمحكوم في دولة الكويت. اللافت في هذه الوثيقة أنها أتت لما تم استبدال معاهدة الحماية مع بريطانيا الموقعة في 1899 بعهد الشيخ مبارك الكبير، باتفاقية الصداقة والتشاور في 19 يونيو 1961. وفي عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح، أي بعد عام من الاستقلال، ومن ضمن بنود الاتفاق أن يُنظر إلى الدستور ويُراجع كل خمسة سنوات ليتم تنقيحه لمزيد من الحريات، إنما منذ ذاك الحين لم يُمس الدستور؛ حيث أصبح وكأنه ممنوع الاقتراب منه، مع أن التنقيح والتعديل والحذف والإضافة ولمزيد من الحريات وللمصلحة العامة بناء على ما يتجدد من ظروف وإرهاصات، أمرٌ مهمٌ جدا، وفيه فائدة، إلّا أنه لم يُمَس، هذا ما حصل، بعيدًا عن تأييد أو رفض ذلك.

قبل أيام، تحدث أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح -حفظه الله ورعاه- بخطاب للشعب، ومع سماع أو قراءة الخطاب ستجد أنه لا يحمل مفاجأة للمتابع؛ بل الخطاب هو تسلسل طبيعي لخطابات سابقة، فقد حذّر صاحب السمو في يونيو 2022، من بعض الممارسات للسلطتين، وبعدها تحدث في الخطاب الأميري بافتتاح مجلس الأمة السابق بشكل واضح عن بعض أوجه الخلل، وحذر من إجراءات شديدة الوقع، لكن يبدو أن هناك من لم يفهم الخطابات الواضحة. الخطر ليس من الديمقراطية؛ فهي -وبحسب الخطاب- مُصانة ولا خلاف عليها، والدستور هو الوثيقة التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، لكن ما الذي جرى؟

الذي جرى باختصار هو تنافس غير محمود بين السلطتين، تدخلت فيه سلطة القضاء بعدة مرات وأصدرت أحكاما أثارت جدلا في الساحة السياسية، وهي مرحلة كان كل حدث بها محل جدل، ومحل نقاش. هنا ليس القصد تبرئة فلان وذم علان، المسؤولية يتحملها الكثير، وأولهم السلطتان التشريعية والتنفيذية؛ حيث زخرت الساحة بممارسات وترضيات وإملاءات، وتعيينات مناصب على طريقة الركل إلى أعلى!

ومنذ فترة ليست بالقصيرة نادى الكثيرون بمراجعة الدستور وبحث المثالب لتصحيحها، والمزايا لتعزيزها، ولاحياة لمن تنادي!

الكويت بخيرٍ؛ سواءً بوجود النفط أو قبل النفط، ومن يقرأ تاريخ الكويت سيفهم كلامي جيدًا، وقوة الكويت في العلاقة الوثيقة الرابطة بين الحاكم والمحكوم، ولا شك أن الحريات مصانة وما زالت، والدستور قائم ولم يُلغ، إنما عُطِّلَت بعض مواده للدراسة والبحث حتى يتم التنقيح -إن حصل- للأفضل ولمزيد من الحريات، وكذلك لوضع بعض النقاط المنظمة للعلاقة بين السلطتين بما يضمن استمرار المسيرة بشكل سلس، وبدون أن تقفز سلطة في مكان سلطة!

العقد شريعة المتعاقدين، ولا يوجد شك في احترام وتقدير سمو الأمير -حفظه الله ورعاه- لهذه الوثيقة المُهمة، وأعتقد أن ما قام به سموه من صميم مسؤولياته الجسيمة كرئيس للدولة لتعديل اعوجاج، وتمهيد الطريق نحو ممارسة ديمقراطية مسؤولة تكون سياجًا للوطن، وليست ثغرة تُدخِل إليه ما يضر.

الملاحظات التي أوردها الخطاب وجيهة، والثقة في حكمة سمو الأمير لا حدود لها، وهو قائد السفينة وربانها، ويعرف تمامًا ماذا يقول، وماذا يفعل.. وفَّقه الله لما يحبه ويرضاه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هالة منصور تكشف دور الخطاب الإعلامي في توحيد الشعب ضد تصفية القضية الفلسطينية

تحدثت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، عن دور الخطاب الإعلامي في توحيد صف الشعب المصري ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية.

هالة منصور: المصريون من أكثر شعوب العالم ولاء وانتماء لبلدهمهالة منصور: الظهير الشعبي المصري على قلب رجل واحد دائما


وقالت خلال حوارها مع الإعلامي مصطفى بكري، ببرنامج "حقائق وأسرار"، على قناة "صدى البلد"،المسئولية الوطنية تشمل القيادات التنفيذية والمجتمعية".

وأضافت: "الخطاب الإعلامي يصاغ من قبل العلماء والقيادات والرأي العام"، لافته: "الوعي يتكون من الخطاب الإعلامي بما يشمله من جانب ثقافي وسياسي وديني واجتماعي واستراتيجي".

وقالت: "المهنية تلعب دورا كبيرا في توصيل الرسالة الإعلامية لتحقيق الهدف، لذلك لا مجال للإرتجال والاعتماد على بعض الشخصيات الضعيفة أو الاجتهاد الشخصي"، مشدده: "لابد أن تكون هناك رسالة محددة واضحة ومدروسة للوصول إلى تحديد هدف وهو حماية بلدنا والاصطفاف خلف قيادتنا السياسية وإنعاش حالة الوطنية داخل الوطن المصري".

مقالات مشابهة

  • الكويت تُقر تعديلات جديدة على تملك غير الكويتيين للعقارات
  • "الخطاب".. فقيد أحمد بن ماجد
  • «شولتس» يردّ على «فانس»: التاريخ علّم الألمان عدم التسامح مع «الفاشية» مرة جديدة
  • نيجيرفان بارزاني: مرحلة جديدة بين أربيل وطهران ولا تهديد لأمن إيران من أراضي الإقليم
  • تفسير رؤية اسم عمر في المنام .. بداية مرحلة جديدة نحو الأفضل
  • هالة منصور تكشف دور الخطاب الإعلامي في توحيد الشعب ضد تصفية القضية الفلسطينية
  • حكومة الإمارات تُطلق مرحلة جديدة من التحديث الحكومي مع عدد من الدول
  • حكومة الإمارات تُطلق مرحلة جديدة من التحديث الحكومي مع دول أمريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا
  • كيف يوظف داعش معاناة الشعوب لخدمة أجندته؟
  • العراق يدشن مرحلة جديدة في العلاقة مع التشيك.. بيان مشترك بعد لقاء السوداني - فيالا