تقييد دخول الأجانب إلى الأموي بدمشق.. في أي سياق وما دلالته؟
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
دمشق– مع اقتراب "ذكرى عاشوراء" التي اعتاد أبناء الطائفة الشيعية على إحيائها في مناطق من مدينة دمشق وبعض أحيائها القديمة، أصدر مكتب "الأمن الوطني"، وهو الجهة الأمنية الأعلى في النظام السوري، تعميما فرض بموجبه قيودا على دخول "الزوّار الأجانب" إلى الجامع الأموي، وسط توتر تشهده العلاقات بين إيران ونظام الرئيس بشار الأسد.
وأشار تقرير في موقع "صوت العاصمة" المحلي، نقلا عن مصادر اطلعت على التعميم، إلى أن التدابير الأمنية المقرّرة تشترط على الوفود السياحية الدينية الحصول على موافقات خاصة للدخول إلى المسجد.
كما وتشدد التدابير على منع الوفود من ممارسة الطقوس والشعائر الدينية، وإصدار الأصوات التي من شأنها أن تتعدى على حرمة المسجد.
ولفت الموقع إلى صدور تعليمات لإدارة الجامع الأموي تقضي بعدم إدخال أي "مواطن أجنبي" حتى وإن كان بصفة شخصية سياحية إلا بعد حصوله على موافقة أمنية.
وشمل التعميم الدبلوماسيين ورجال الدين من الطائفة الشيعية، والذين ينبغي لهم الحصول على موافقات عبر البعثات الدبلوماسية لبلدانهم قبل زيارة الجامع. كما شمل التعميم الصحفيين غير السوريين، والمصورين والسياح الذين يقصدون سوريا من مختلف دول العالم.
ورصدت الجزيرة نت التدقيق الأمني على الحواجز المحيطة بالجامع الأموي، وطلب عناصر الحاجز من المارّة الكشف عن وجهاتهم قبل العبور إلى الطريق المؤدية إلى الجامع.
وتأتي هذه الإجراءات في ظل توتر بين النظام السوري وإيران على خلفية مواقفهما المتباينة من الحرب على غزة وتداعياتها، لا سيما بعد استهداف إسرائيل مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل/نيسان الماضي.
يرى الباحث والكاتب السوري المختص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي أن هذا التعميم ما هو إلا ملمح من ملامح الرؤية والسياسة الأمنية الجديدة التي يتبناها النظام السوري تجاه الوجود الإيراني في البلاد، مؤكدا على عدم قدرة النظام على تطبيق هذه الرؤية بالنظر إلى "تعاظم الوجود الإيراني أمنيا وعسكريا في سوريا، وسيطرة إيران شبه الكاملة على ما تبقى من الدولة السورية".
ويشكّك النعيمي، في حديث للجزيرة نت، في قدرة النظام على منع المقاتلين الذين ينتمون إلى المليشيات الموالية لإيران في سوريا وغيرهم من حملة الجنسية الإيرانية المتنفذين في سوريا من الدخول إلى المسجد الأموي، وذلك مع تحوّل النظام خلال السنوات الماضية إلى "أداة ولائية من أدوات إيران في المنطقة"، على حد تعبيره.
أما عن دلالة صدور التعميم في هذا التوقيت، يقول الباحث "قد يكون التعميم رسالة تطمينية للعرب جاءت متزامنة مع اجتماع جامعة الدول العربية في المنامة بحضور الأسد (أمس الجمعة)، ويُفهم أيضا كورقة ضغط سياسية على المنظومة العربية لإعادة العلاقات مع النظام السوري".
ويضيف "غير أن المطالب العربية كانت مشروطة بتبني النظام لمشروع "خطوة بخطوة" والذي لم يطبق، بل على العكس لا تزال العلاقات بين المنظومة العربية والنظام السوري متوترة، بدليل تجدّد الاشتباكات على الحدود الأردنية-السورية مع مليشيا المخدرات، وبالتالي هناك صعوبات حقيقية أمام المنظومة العربية برمّتها لإعادة النظام السوري وتحييده عن إيران".
ويوضح النعيمي أن النظام السوري وإن رغب في الابتعاد عن إيران، فإن ذلك سيكون متعذرا من الناحية اللوجيستية "لأنه سلّم إيران جميع مفاتيح البلاد، وأصبح هامشيا بشكل شبه مطلق في العديد من النقاط التي يتموضع فيها جيشه".
امتصاص السخط الشعبيويتفق ميشال. خ، وهو باحث في العلاقات الدولية من دمشق، مع ما ذهب إليه النعيمي في ما يتعلق بدلالة التعميم الأمني على مستوى السياسة الخارجية، معتبرا أنها رسالة إلى الدول المهتمة بإبعاد إيران عن المشهد في سوريا وتقليص نفوذها.
ولكن الباحث يرى أن التعميم موجّه في الأساس إلى الداخل، ويقول في حديث للجزيرة نت إن النظام يحاول من خلال هذه السياسة الأمنية "امتصاص السخط المتنامي عند شريحة كبيرة من السوريين نتيجة سطوة المظاهر الدينية الشيعية في دمشق ودير الزور، والتي قد تخرج في بعض المناسبات والاحتفالات الدينية عن السيطرة، مما يؤدي إلى استفزاز باقي المكونات السورية".
وأضاف أنه في بعض الحالات الفردية يكون هناك إساءة لمقدسات الغير، وهو ما يسعى النظام السوري لتفاديه قبل حلول ذكرى عاشوراء في يوليو/تموز المقبل.
وخلص الباحث إلى أنه "بالمجمل، تعكس هذه الإجراءات الأمنية تخوّف النظام من حدوث سيناريو مشابه لما يحدث في السويداء ومناطق أخرى تحت سيطرته، فهو لا يريد أن يعطي ذرائع مضافة للمعارضين أو للراغبين بالتظاهر رفضا للواقع الاقتصادي غير المقبول في البلاد".
وتسيّر شركات سفر إيرانية وعراقية رحلات سياحية دينية لأتباع الطائفة الشيعية سنويا إلى دمشق، ويقصد السياح عددا من المواقع والمقامات الدينية فيها كمقامي السيدة زينب والسيدة رقية.
وتثير ممارسات وعبارات صادرة عن بعض السياح، أثناء تأديتهم لشعائرهم الدينية، حفيظة سوريين لما تحمله من معاني ودلالات طائفية.
وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد تداولوا في يناير/كانون الثاني الماضي، فيديو قالوا إنه يوثّق اعتداء السياح (الحجّاج) على قبر الصحابي معاوية بن أبي سفيان، في مقبرة الباب الصغير بدمشق.
ويرى الكاتب مصطفى النعيمي أن التوتر الذي يشوب العلاقات بين إيران والنظام السوري مؤخرا مرده إلى "فقدان الثقة بين الطرفين"، وذلك بعد أن بات لدى إيران "معلومات مؤكدة حول تورط النظام السوري في تسريب معلومات حول تحركات قادة مليشياتها في اجتماعاتها ضمن الجغرافيا السورية، لا سيما بعد إجراء العديد من عمليات التمويه وفي نقاط متعددة".
وأضاف للجزيرة نت أنه رغم ذلك كان سلاح الجو الإسرائيلي حاضرا واستهدف هذا الاجتماع بشكل دقيق جدا، وهو ما يشير إلى حتمية وجود جهة توصل المعلومات.
ويعتقد النعيمي أن العلاقات بين إيران والنظام السوري اليوم في أدنى مستوياتها نظرا لوجود الكثير من المعلومات التي تؤكد أن عملية الاغتيال التي طالت محمد رضا زاهدي، قائد الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان، أمام مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق كانت دلالة على وجود اختراق كبير وجهة مسرّبة للمعلومات.
وبحسب وجهة النظر الإيرانية، يقول النعيمي إن "النظام السوري مدان بشكل كبير وربما نشهد انعطافة تاريخية في العلاقات بين البلدين".
وعن مستقبل العلاقات، يشير الباحث إلى أن الطرفين "وإن كانا متخادمين لكن سيبقى هذا التخادم في الأطر العسكرية بدلا من الأطر الأمنية كما كانت الحال في السابق، وذلك من أجل تحييد أكبر كم ممكن من الضربات الجوية الإسرائيلية التي تستهدف القطع العسكرية التي تتموضع فيها المليشيات الموالية لإيران".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات النظام السوری العلاقات بین فی سوریا فی دمشق
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يوعز لجيش الاحتلال بحماية حي جرمانا السوري بريف دمشق
وجه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب في حكومته يسرائيل كاتس، جيش الاحتلال إلى حماية مدينة جرمانا في ريف دمشق، بدعوى "حماية الدروز".
يأتي ذلك في تصعيد جديد من حكومة نتنياهو ضد الإدارة الجديدة في سوريا، التي تطالب بوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لسيادة البلاد.
وقالت هيئة البث العبرية الرسمية إن نتنياهو وكاتس "وجها الجيش لحماية منطقة جرمانا الدرزية".
وأشارت الهيئة إلى أن مكتب نتنياهو هدد عبر بيان، بعدم السماح للإدارة الجديدة في سوريا بـ"المساس بالدروز" هناك.
وأضاف: "إذا تعرض الدروز في سوريا للأذى، فسنرد على ذلك".
في وقت سابق، قتل مسلحون يطلقون على أنفسهم "درع جرمانا" أحد عناصر الجيش السوري، بعد أن تم إيقافهم على أحد الحواجز، وتعرضوا للضرب والشتم، وإطلاق النار على سيارتهم، ما أدى إلى مقتل أحدهم.
وقال مدير مديرية أمن ريف دمشق المقدم حسام الطحان إنه على خلفية حادثة إطلاق النار من حاجز بجرمانا "استشهد أحد العناصر على الفور فيما أصيب آخر وتم أسره من قبل عناصر الحاجز، أعقب ذلك هجوم على قسم الشرطة في المدينة".
وتابع "ورغم إنكار درع جرمانا في البداية احتجاز العنصر الأسير إلا أنه تم تسليمه لاحقاً بعد التواصل مع الوجهاء".
وتابع الطحان بأن مدير أمن ريف دمشق تواصل الجهود من أجل ملاحقة المتورطين، وإعادة العمل بمركز الشرطة هناك، مؤكدا أن مشكلة رجال الأمن هي مع من ارتكب الاعتداء فقط، داعية "أصحاب العقول" إلى إدراك أن هذا الطريق يهدد أمن واستقرار سوريا.