لا تزال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تؤثر على مختلف مناطق العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، الداعم الأكبر للاحتلال في حربه على غزة، وطال التأثير أيضا شعبيا الرئيس جو بايدن.

نشرت مجلة "ذا نيشن" تقررًا حول تأثير الحرب الإسرائيلية في غزة على شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن واستعداداته للانتخابات الرئاسية لسنة 2024، وسط تزايد الانتقادات لسياساته تجاه الحرب على غزة.

 

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن انتخابات 2024 تستمر في التناقض مع نفسها مع اقتراب الانتخابات التمهيدية من نهايتها. فمن ناحية، تشير استطلاعات الرأي في السباق بين جو بايدن ودونالد ترامب إلى ثورة جمهورية. وعلى مدى الأشهر الثمانية الماضية، تقدم ترامب بشكل مستمر في استطلاعات الرأي الوطنية وفي الولايات المتأرجحة الحاسمة، وهو أمر، إذا استمر، سيمنحه فوزًا سهلاً بأكثر من 300 صوتًا انتخابيًا ويجعله أول جمهوري يفوز بالتصويت الشعبي منذ جورج دبليو بوش في سنة 2004.

ولكن في الوقت نفسه، أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز مؤخرًا تقدمًا قويًا للمرشحين الديمقراطيين لمجلس الشيوخ في نفس الولايات، ومع أقل من ستة أشهر قبل يوم الانتخابات، أصبح السؤال السائد في الحملة هو: لماذا لا يتمتع بايدن بشعبية كبيرة مقارنة بحزبه؟

أشارت المجلة إلى أنه بالنسبة للكثيرين من اليسار، الجواب بسيط: غزة. فمن بين جميع أعضاء حزبه، يقف الرئيس وحيدًا في درجة تواطؤه في الحملة الإسرائيلية التي لا يمكن الدفاع عنها أخلاقيًا والتي لا تحظى بشعبية متزايدة، لقد رفض أن ينأى بنفسه عن الصراع حتى مع ارتفاع عدد القتلى إلى مستويات لا يمكن تصورها والروايات المروعة عن الانتهاكات الإسرائيلية. وقد تسبب هذا في انخفاض دعمه بين الناخبين الشباب والناخبين الملونين إلى ما دون المعايير التاريخية والأرقام التي حققها الديمقراطيون الذين حصلوا على أصوات منخفضة، مما سمح لترامب بالتقدم.

وكل هذا يضيف درجة أخرى من الضرورة إلى شيء أراده الناس بالفعل: إنهاء الحرب. يقال: أوقفوا نتنياهو، ولن ينقذ هذا أرواحًا لا حصر لها فحسب، بل سينقذ أيضًا الرئاسة، وبالتالي الديمقراطية الأمريكية ذاتها.

لكن البعض اعترض على هذا التفسير للانتخابات، مشيرين إلى استطلاعات الرأي التي تظهر أن الناخبين الشباب والناخبين الملونين يعطون أولوية أعلى للقضايا المحلية مقارنة بإسرائيل، ويجادلون بأن فكرة تخلي القاعدة الديمقراطية عن بايدن بسبب سياساته في غزة هي مجرد تخمين أكثر من كونها حقيقة مثبتة؛ ويرون أن التركيز على غزة باعتبارها مصدر مشاكل الرئيس هو مثال آخر على زمرة إعلامية يسارية منعزلة ومثقفة للغاية تعتقد أن آراءها هي آراء البلاد ككل. 

أوضحت المجلة أن تحديد أصح هذه الآراء يعتمد على السؤال الذي تطرحه. فإذا كنت تحاول تحديد مدى اهتمام الجمهور الأمريكي الواسع بتفاصيل سياسة بايدن تجاه إسرائيل، فمن المحتمل أن تنحاز إلى المعسكر الثاني. فلا يمكن إنكار أن السياسة الإسرائيلية لا تحمل نفس الوزن الانتخابي مثل الهجرة أو الاقتصاد، فالأمريكيون نادرًا ما يضعون أي قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية على رأس اهتماماتهم، وعندما يفعلون ذلك، فإن هذه القضايا غالباً ما تتعلق بشكل مباشر بالقوات الأمريكية.

مع ذلك، فإن الادعاء الأكبر من جانب معسكر "اليساريين بعيدون عن الواقع" بأن غزة لها تأثير ضئيل على الانتخابات لا يمكن أن يكون أكثر خطأ. قد يبدو الأمر غير مفهوم للوهلة الأولى فكيف يمكن لمشكلة تسبب قلقًا بسيطًا نسبيًا لمعظم الناس أن تكون ذات أهمية كبيرة للانتخابات؟ ولكي تفهم ذلك، عليك أن تتعلم من جديد كل ما أخبرتك به هذه المجموعة عن عدم شعبية بايدن.

ذكرت المجلة أنه منذ إعلان بايدن إعادة انتخابه قبل سنة، كان من المسلّم به أن صراعه الأكبر هو الاقتصاد. وقد وجهت الصحافة تغطيتها للحملة حول هذه النظرية، وقد وجهت حملة بايدن نفسها حول هذا الموضوع، وكانت بعض النقاشات الأكثر إزعاجًا في تاريخ الخطاب عبر الإنترنت مبنية على هذا الافتراض المفرد. لكن هذا الافتراض خاطئ، ورغم سوء بعض جوانب الاقتصاد في عهد بايدن وبقدر ما يكره الناس طريقة تعامله مع الأمر، إلا أن ذلك لم يكن السبب وراء انخفاض شعبيته في البداية، لقد كان الجاني الحقيقي وراء فشل بايدن هو سجله في السياسة الخارجية.

ورغم غرابة التفكير في ذلك، فقد قدم بايدن نفسه في حملته الانتخابية 2020 والفترة الأولى من رئاسته كرجل دولة كبير السن قادر على إدارة أمريكا في العالم بطريقة لم يستطع ترامب أبدًا أن يفعلها. وحدد هذا المفهوم معظم جوانب شخصيته العامة، وجعله ذلك يتمتع بشعبية أكبر من معظم أعضاء حزبه، يمكن القول أنه جعله رئيسًا. وقد اختفت تلك الهالة منذ فترة طويلة، ولم يكن الاقتصاد هو الذي بدأ تدميرها، بل انهيار الحكومة الأفغانية في آب/أغسطس 2021.

أكدت المجلة أن بداية أزمة ضخمة أخرى في السياسة الخارجية كانت واحدة من أسوأ الأشياء التي يمكن أن تحدث لبايدن على الإطلاق في الفترة التي سبقت إعادة انتخابه. عزز ذلك تصورات الناخبين عنه: بأنه غارق في جنونه، وعجوز تجاوزته الأحداث، وهذا هو الجانب الذي رفضه فريق بايدن من شخصيته السياسية. ورغم حساسيتهم تجاه كل التفاصيل التي لا يوافق عليها الناخبون في سجله الاقتصادي، إلا أنهم كانوا غير مبالين بشكل لا يصدق بشأن ضعف الرئيس فيما يتعلق بالسياسة الخارجية بشكل عام، وغزة على وجه الخصوص.

إن تسمية هذا بأنه نقطة عمياء يعد تقليلًا من شأنه، فقد وصل الوهم إلى حد التطرف لدرجة أن البيت الأبيض اعتبر غزة بمثابة رصيد من شأنه أن يسمح لبايدن بمقارنة نفسه بشكل إيجابي مع ترامب، وغني عن القول أن الأمر ليس كذلك.

لا ينظر الناخبون إلى الحرب ويرون أن بايدن شخصية قوية وموثوقة، ويتوافق دعمه المهووس لإسرائيل مع تعاطفهم المفترض، بل يرون رئيسًا غائبًا غير كفؤ أثبت أنه غير قادر على إدارة البلاد، ناهيك عن العالم. ومع كل شهر يستمر فيه الصراع وكل شيك بقيمة مليار دولار يتم إرساله إلى الخارج، يزداد هذا التصور سوءًا، مما يقنع عددًا صغيرًا ولكن ذا معنى من الناخبين بأن بايدن، وليس ترامب، هو الأكثر سوءًا بين الخيارين السيئين.

لهذه الأسباب كانت حرب غزة بمثابة كارثة سياسية كاملة بالنسبة لبايدن، وبقدر ما قد تسخر دائرته من فكرة أن الناس يمكن أن ينظروا إليه باعتباره أقل جدارة بالثقة من دونالد ترامب، فإن هذا التصور حقيقي. وعلى افتراض أن الوقت لم يفت بعد، فإن أفضل شيء يمكن لبايدن أن يفعله - إن لم يكن من أجل عدد لا يحصى من الأرواح البريئة المعرضة للخطر، فعلى الأقل من أجل مصالحه الخاصة - هو تحريك السماء والأرض لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، بغض النظر عن طريقة فعل ذلك، فهو يحتاج فقط إلى القيام بشيء ما، أي شيء، لإقناع الناس بأن هذا البلد لديه قائد يمسك بزمام الأمور، سواء فيما يتعلق بهذه القضية أو غيرها من القضايا التي لا تعد ولا تحصى، وإلا فقد لا يهم ما سيفعله من الآن وحتى تشرين الثاني/نوفمبر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة بايدن نتنياهو امريكا احتلال غزة نتنياهو بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

أردوغان يعلق على الرسوم الجمركية الأمريكية.. كيف تؤثر على الاقتصاد التركي؟

علق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العديد من البلدان الأيام القليلة الماضية.

وقال أردوغان إن الحرب التجارية التي أشعلتها الرسوم الجمركية الأمريكية "تنذر بإعصار يؤثر على الجميع".

جاء ذلك في كلمة، الأربعاء، ألقاها الرئيس أردوغان أمام كتلة حزبه العدالة والتنمية في البرلمان التركي بالعاصمة أنقرة.

وأفاد أردوغان أن النظام العالمي الذي تم تأسيسه بعد الحرب العالمية الثانية وترسخت جذوره مع نهاية الحرب الباردة "يتصدع من أساساته".


وأضاف: "نشهد بروز هيكل أكثر حمائية محل النظام الاقتصادي والسياسي النيوليبرالي".

وأوضح أن "الدول تضع سياسات تهدف إلى تقوية المجتمع والاقتصاد، ليس فقط في آسيا وأوروبا وأمريكا بل في كل مكان تقريبا، وتُجهّز لمرحلة جديدة من الصراع في مجالات واسعة النطاق، بدءا من التجارة والأمن، وصولا إلى الدفاع ونسبة السكان".

وتابع: "يبدو أن الحرب التجارية التي أشعلتها الرسوم الجمركية سيكون لها تأثير عالمي، وليس من المبالغة القول بمجيء إعصار سيؤثر على الجميع".

وأكد أردوغان أن العالم ينتقل بسرعة من نظام أحادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب، لا سيما من جهة القدرات الاقتصادية والعسكرية.

وأشار إلى أن الأخبار المتتالية في هذا السياق خلال الأشهر الأخيرة يجب أن تعتبر بمثابة "مخاض لهذه المرحلة الجديدة".

ولفت إلى أن تركيا من الدول التي استطاعت أن تقرأ الأمور وتديرها وأن تتمتع بموقف قوي في الميدان وعلى طاولة الحوار خلال هذا "المسار التاريخي والمؤلم".

وأكد أردوغان أن الجهات الفاعلة العالمية متفقة على أنه لا يمكن إنشاء معادلة دون تركيا.


وذكر أن تركيا التي خرجت من المنافسة العالمية في الماضي لأسباب مختلفة، باتت إحدى الأطراف المؤسسة للحقبة الجديدة.

وشدد على أن "تركيا باتت صاحبة دور تجسد المسرحيات التي تكتب نصوصها وليست كومبارسا يُعطى دورا في مسرحيات القوى العظمى".

وقال إن الاقتصاد العالمي يمر باختبار صعب، موضحا أن الحروب التجارية الدولية تطورت إلى بعد جديد خلال الأسبوع الأخير، وبدأت معارك الرسوم الجمركية تسخن أكثر مع تصاعد نبرة الخطاب المتبادل.

وزاد أن الهزات الارتدادية للزلزال في أسواق رأس المال لم تهدأ بعد، وأن هذه التطورات من المتوقع أن تؤثر على الاقتصاد العالمي في ثلاث نقاط.

وبيّن الرئيس التركي أن النقطة الأولى تتمثل في انكماش حجم التجارة وتعطل سلاسل التوريد العالمية وزيادة الضغوط والتضخمية.

وأردف: "ثانيها، فقدان الثقة بالأسواق بشكل كبير بسبب حالة عدم اليقين المتفاقمة، وثالثها تقلبات أسعار السلع الأساسية".

وأوضح أن هذه العوامل من المرجح أن تتمخض عن تباطؤ معدل النمو العالمي، وربما تدخل بعض الاقتصادات الكبرى في حالة ركود.

وأكد أردوغان أن تركيا تبنت منذ أيار/ مايو 2023 برنامجا اقتصاديا شاملا قلل نقاط ضعفها الخارجية وعزز قدرتها على مواجهة الصدمات.


وأكمل: "يسود العالم حالة من عدم اليقين الشديد، ولكن تركيا تمتلك برنامجا اقتصاديا قويا يُنير طريقها، ولا نتوقع وضعا سلبيا في التجارة والإنتاج والصادرات".

وأشار إلى أن تركيا ستتجاوز هذه المرحلة بسهولة، نظرا لانخفاض الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة عليها.

واستطرد: "نتوقع أن تكون تركيا أقل تأثرا، وأن تشهد نموا أقوى مقارنة بالدول المماثلة، لا سيما على المديين المتوسط والطويل".

مقالات مشابهة

  • كتاب أمريكي جديد يكشف كيف منع موظفي البيت الأبيض الرئيس بايدن من التواصل الخارجي
  • استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية.. وحماس تدعو لـ هبًـة شعبية في الضفة
  • أردوغان يعلق على الرسوم الجمركية الأمريكية.. كيف تؤثر على الاقتصاد التركي؟
  • ترامب يوجه بترحيل 900 ألف مهاجر دخلوا أميركا بعهد بايدن
  • ترامب يقرر ترحيل نحو مليون مهاجر دخلوا أميركا عبر تطبيق بايدن
  • “لا يمكن تعيين بديل له”.. المحكمة الإسرائيلية العليا تقرر تجميد إجراءات عزل رئيس “الشاباك”
  • هكذا تؤثر الإبادة الإسرائيلية بغزة على أصوات الناخبين في أستراليا
  • مظاهرة شعبية في دمشق دعماً لأهالي قطاع غزة ورفضاً للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية
  • تنفيذ الخطط التنموية ومراعاة المتغيرات التي قد تؤثر على الاقتصاد وخاصة الركود وانخفاض أسعار النفط
  • المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو غير صالح لقيادة تل أبيب فى الحرب ولا يمكن الوثوق به