يعاني المسلمون في الهند الألم والعزلة أثناء محاولتهم تربية أطفالهم، في بلد يشكك بشكل متزايد في هويتهم ذاتها. وقد رد ذلك في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية لمراسليها في الهند مجيب مشعل وهاري كومار.

ويقول التقرير إن  رئيس الوزراء ناريندرا مودي يمارس لعبة طويلة في هذا السياق، وأن قادة الهند حاليا يُشعِرون المسلمين علنا بأنهم لا يريدونهم في البلاد، ويشوهونهم لمجرد أنهم مسلمون.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقال بموقع بريطاني: المشروع الإسرائيلي في أزمة والدعم له ينهارمقال بموقع بريطاني: المشروع ...list 2 of 2إصابات معتادة أم جرح لن يندمل؟ تأثير الحرب في غزة على العلاقات الأميركية الإسرائيليةإصابات معتادة أم جرح لن يندمل؟ ...end of list

وتلوّن هذه الحملة كل شيء، الأصدقاء العزيزون لعقود يتغيّرون. والجيران يتراجعون عن إيماءات الجوار-حيث لم يعودوا يشاركون بالاحتفالات، أو يطرقون للاستفسار في لحظات الألم.

حياة بلا حياة

يقول المسلم ضياء سلام (53 عاما) الكاتب الذي يعيش في ضواحي دلهي مع زوجته أوزما أوساف وبناتهما الأربع "إنها حياة بلا حياة".

وعندما كان ناقدا سينمائيا لإحدى الصحف الرئيسية، كان سلام يملأ وقته بالسينما والفن والموسيقى. وانتهت أيام العمل حيث كان يركب على ظهر دراجة نارية لصديق هندوسي له أكبر سنا. وكانا يذهبان إلى كشك طعام مفضل لإجراء محادثات طويلة. أما زوجة سلام فهي صحفية متخصصة بشؤون الحياة والطعام والأزياء.

والآن، تقلص روتين سلام واقتصر على المكتب والمنزل، وأصبحت أفكاره مشغولة بمخاوف أثقل. وقال إن التنميط العرقي المستمر يصيبه بالإرهاق بسبب أنه "مسلم بشكل واضح": من قبل صراف البنك، وموظف موقف السيارات، ومن قبل زملائه الركاب في القطار.

وأصبحت النقاشات العائلية أكثر قتامة، حيث يركز كلا الوالدين على تربية بناتهما في بلد يحاول محو علامات هوية المسلمين في ارتداء ملابسهم وأكل طعامهم، وحتى هويتهم الهندية.

وتكافح إحدى بناته، وهي طالبة رياضية مثيرة للإعجاب، لدرجة أنها احتاجت إلى استشارات نفسية وغابت أشهر من المدرسة. وغالبا ما تناقش الأسرة ما إذا كانت ستبقى في حيها الهندوسي المسلم المختلط في مدينة نويدا خارج العاصمة دلهي.

يترددون في الإيجار للمسلمين

مريم (ابنتهما الكبرى) طالبة دراسات عليا، تميل نحو حل وسط: أي شيء لجعل الحياة محتملة. إنها تريد أن تتحرك، إلى أي مكان، ولكن الانتقال إلى منطقة إسلامية قد يكون صعبا. غالبا ما يسأل وكلاء العقارات صراحة عما إذا كانت العائلات مسلمة، والملاك يترددون في الإيجار لهم.

تقول مريم "لقد بدأت في اتخاذ خطوة كبيرة". ورد والدها "أنا أرفض ذلك". فقد تقدم في السن بما يكفي ليتذكر عندما كان التعايش هو القاعدة إلى حد كبير بالهند المتنوعة للغاية، ولا يريد أن يضيف إلى ذكرياته الفصل العنصري المتزايد في هذا البلد.

لكنه أيضا براغماتي. ويتمنى أن تنتقل مريم إلى الخارج، على الأقل في الظروف الحالية السيئة.

لعبة مودي الطويلة

لكن رئيس الوزراء ناريندرا مودي يمارس لعبة طويلة. وقد أدى صعوده إلى السلطة الوطنية عام 2014، على وعد بالتطور السريع، إلى اجتياح حركة قومية هندوسية المركز، بعد عقود من بقائها على هوامش السياسة الهندية.

ومنذ ذلك الحين، تخلص من الإطار العلماني والديمقراطية القوية التي حافظت على تماسك الهند منذ فترة طويلة على الرغم من الانقسامات الدينية والطائفية المتفجرة في بعض الأحيان.

وبدأت المنظمات اليمينية في استخدام القوة الهائلة حول مودي كدرع لمحاولة إعادة تشكيل المجتمع الهندي. وأثار أعضاؤها اشتباكات طائفية مع ظهور المسؤولين في وقت لاحق لهدم منازل المسلمين واعتقالهم، بينما كانت الحكومة لا تهتم بما يجري.

وقامت المجموعات اليمينية، التي ازدادت جرأة، بإعدام المسلمين الذين اتهموا بتهريب لحوم البقر. واحتفل كبار القادة في حزب مودي علانية بالهندوس الذين ارتكبوا جرائم ضد المسلمين.

وعلى أقسام كبيرة من وسائل البث، وبشكل خاص على وسائل التواصل الاجتماعي، انطلق تعصب أعمى دون رادع. ونشرت مجموعات "واتساب" نظريات المؤامرة حول رجال مسلمين يستدرجون الهندوسيات لتحويلهن دينيا، أو حتى عن قيام المسلمين بالبصق في الطعام بالمطاعم.

"متسللون كثيرو الأطفال"

وفي حين أن مودي ومسؤولي حزبه يرفضون مزاعم التمييز من خلال الإشارة إلى برامج الرعاية الاجتماعية التي تغطي كل الهنود على قدم المساواة، فإن مودي نفسه يكرر الآن التلميحات المعادية للمسلمين بالانتخابات التي تنتهي أوائل الشهر المقبل. لقد استهدف 200 مليون مسلم في الهند بشكل مباشر أكثر من أي وقت مضى، ووصفهم بأنهم "متسللون" وألمح إلى أنهم يلدون كثيرا من الأطفال.

يقول سلام "إذا قصرت طاقاتي على السينما والأدب، فلن أتمكن من النظر إلى نفسي في المرآة، ماذا أقول لأطفالي غدا عندما يسألني أحفادي ماذا كنت تفعل عندما كانت هناك أزمة وجودية؟".

وعندما كان طفلا، عاش سلام في شارع مختلط من الهندوس والسيخ والمسلمين في دلهي. وعندما تصبح شمس الظهيرة حارة، كان الأطفال ينقلون ألعابهم إلى الأشجار في ساحة معبد هندوسي. وكان الكاهن يأتي بالماء للجميع.

ويتذكر سلام فيقول "كنت مثل أي طفل آخر بالنسبة له".

تفاؤل عنيد

هذه الذكريات هي أحد الأسباب التي تجعل سلام يحتفظ بتفاؤل عنيد بأن الهند تستطيع استعادة نسيجها العلماني. وسبب آخر أنه بينما تجتاح قومية مودي الهندوسية أجزاء كبيرة من البلاد، فإنها تتعرض للمقاومة من قبل العديد من الولايات المزدهرة بالجنوب. وتختلف النقاشات العائلية بين المسلمين بالولايات الجنوبية كثيرا: حول الشهادات الجامعية، الترقيات الوظيفية، خطط الحياة، التطلعات المعتادة.

وفي ولاية تاميل نادو الجنوبية، تتحد الأحزاب السياسية في كثير من الأحيان من أجل حماية العلمانية والتركيز على الرفاهية الاقتصادية.

أما في الشمال، بعيدا في دلهي، تعيش عائلة سلام فيما يبدو وكأنها في بلد آخر. هو مكان أصبح فيه التحيز روتينيا لدرجة أنه حتى الصداقة التي تبلغ 26 عاما يمكن أن تتعرض للكسر نتيجة لذلك.

انتهاء صداقة عمر

كان سلام يطلق على صديقه المحرر السابق لقب "جبل الإنسان" لمكانته الكبيرة. وعندما يركبون دراجة المحرر النارية بعد العمل في شتاء دلهي، يقوم المحرر بحماية سلام من الريح.

وكانوا معا في كثير من الأحيان، وعندما حصل صديقه على رخصة قيادته، كان سلام هناك معه.

يقول سلام "كنت أذهب إلى صلاتي كل يوم، وكان يذهب إلى الهيكل كل يوم، وكنت أحترمه لذلك".

وقبل بضع سنوات، بدأت الأمور تتغير. جاءت رسائل "واتساب" أولا. بدأ المحرر يرسل لسلام بعضا من المواد المضللة ضد المسلمين، مثل: سيحكم المسلمون الهند في 20 سنة لأن نساءهم يلدن كل عام ويسمح لرجالهم بـ4 زوجات.

يقول سلام "في البداية، قلت له لماذا تريد الدخول في كل هذا؟ اعتقدت أنه كان مجرد رجل عجوز يحصل على كل هذه الأشياء ويعيد إرسالها لي".

ومع سير الانتخابات الهندية، واستخدام مودي وحزبه مقاطع فيديو متحركة لمهاجمة المسلمين، استمر الصديق في الاتصال بسلام وتوجيه الرسائل المضللة والمزعجة ضد المسلمين، حتى جاء اليوم الذي قال فيه وداعا "ولم يعد إلى حياتي بعد ذلك".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات فی الهند

إقرأ أيضاً:

الخطيب استقبل وفد تجمع العلماء المسلمين

استقبل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب قبل ظهر اليوم في مقر المجلس في الحازمية، وفدا موسعا من تجمع "العلماء المسلمين". وكانت جولة أفق في التطورات المحلية والخارجية وآفاق المرحلة المقبلة. 
 
وأكد العلامة الخطيب في خلال اللقاء "المواقف الثابتة للمجلس الاسلامي الشيعي من القضايا المطروحة ،لا سيما قضية فلسطين والتحولات الحاصلة في المنطقة"، وقال:" ان الثمن الذي دفعناه كان كبيرا جدا، لكنه ليس منة لأحد بل هو واجب، لأن الخطر الوجودي كان علينا جميعا، والخسارة كانت على كل الأمة. فالمقاومة قامت بواجبها الاخلاقي، والثمن تستحقه القضية، ولكن علينا ان نعرف كيف نستفيد من هذه التجربة".
 
حنينة
وعقب اللقاء، قال رئيس مجلس الأمناء في "التجمع" الشيخ غازي حنينة في تصريح:
"تشرفنا اليوم تجمع "العلماء المسلمين"، بزيارة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب حفظه الله، الذي أكد لنا في هذا اللقاء أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة العربية والإسلامية، وأن العرب والمسلمين في كل مكان يتحملون مسؤولية هذه القضية المركزية، وأن نصرة الشعب الفلسطيني التي قدمها الشعب اللبناني من خلال رجال المقاومة ومن خلال المجتمع اللبناني بشكل عام هي نوع من أنواع الإخوة الإنسانية والإخوة الإسلامية والتي أكد من خلالها اللبنانيون مدى تمسكهم بقضية فلسطين وبالدفاع عن الشعب الفلسطيني".

أضاف :"أكد لنا سماحته، أن الوحدة الإسلامية التي تجلت في هذه المعركة هي تعتبر من أصول العقيدة، كما أننا نؤمن بوحدانية الله سبحانه وتعالى ينبغي ويجب علينا أن نؤمن بوحدة الأمة، وأكد سماحته أيضا أن هذا العنوان المجتمعي اللبناني الذي تجلى في معركة أولي البأس من خلال أطياف الشعب اللبناني عموما باستقبال أبناء الجنوب وأبناء الضاحية والبقاع في منطقة الشمال وفي منطقة الجبل من قبل عموم أبناء تلك المناطق، أكدت أن الوحدة بين اللبنانيين مسألة أصيلة لا يمكن لكل الأبواق المسمومة التي أرادت أن تحدث فرزا وانقساما بين أبناء اللبنانيين فشلت ولم تؤد أهدافها ولم تحقق ما تصبو إليه، ولذلك كان موقف سماحة الشيخ حفظه الله يؤكد أيضا، أننا كلبنانيين ينبغي لنا أن نحرص على وحدتنا الداخلية، وأن نحرص دائما على الموقف الموحد من كل القضايا والمستجدات". 
 
وتابع الشيخ حنينة :"كما تطرق سماحته إلى أنه يتمنى لسوريا ولشعب سوريا كل التوفيق والاستقرار والازدهار والتقدم والنمو، وأن ما يريده الشعب السوري هو ما نريده نحن وما يسعى إليه الشعب السوري نحن نسعى إليه، وما يتمناه الشعب السوري نحن نتمناه له أيضا. ثم أكدنا من قبل تجمع العلماء المسلمين أن الموقف الوحدوي الذي يعمل في خطه تجمع العلماء المسلمين كان إحدى المرتكزات الأساسية في وحدة المجتمع اللبناني في تلك الحرب الضروس الوحشية التي مارسها العدو الصهيوني على جنوبنا وعلى لبناننا عامة، وأن هذه الحفاوة وهذه الرحابة الأخوية اللبنانية من قبل أبناء المناطق اللبنانية عامة تجاه إخوانهم وأبنائهم وأهلهم أبناء الجنوب وأهل الجنوب وأبناء الضاحية وأهل الضاحية وأبناء البقاع وأهل البقاع، كانت نموذجا رائع يحتذى وينبغي أن يدرس في معاهدنا وفي مدارسنا، وأن تكون هذه المرحلة التي قاربت الشهرين تقريبا، نوع من أنواع التوعية لنا في حاضرنا ومستقبلنا كلبنانيين". 
 
واستطرد :"أكدنا لسماحة الشيخ حفظه الله أننا في تجمع "العلماء المسلمين" نتكاتف مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في مشروع الدولة، وأننا نحن نسعى دائما لأن تأخذ الدولة دورها في حياتنا من خلال المؤسسات الرسمية على كل المستويات التي يحتاج إليها الشعب اللبناني، وأن الشعب اللبناني الذي انتفض في وجه العدو الصهيوني الذي عمل منذ أكثر من 75 عاما على إحداث العديد من المجازر في منطقة الجنوب، كان أحد الأسباب الرئيسية التي ولدت مشروع المقاومة دفاعا عن أرضنا في جنوب لبنان، ودفاعا عن مياهنا وسمائنا، وأن هذه المقاومة مستمرة ما دام هذا العدو يمارس عدوانه واعتداءاته على لبنان، وأن هذه المقاومة هي ستكون الذراع القوي في خدمة الدولة اللبنانية وفي خدمة المجتمع اللبناني، وأن هذه المقاومة مستمرة حتى تحقيق كل هدف يسعى إليه لبنان بالحفاظ على أرضه ومياهه ونفطه وغازه وسمائه". 
 
وختم حنينة : "من هنا كان هذا اللقاء مع سماحة الشيخ علي الخطيب، هي من إحدى سلسلة الزيارات التي سيقوم بها التجمع  في لبنان على العديد من المراجع الروحية والمراجع السياسية الرسمية والشعبية".
 
سركيس نعوم 
واستقبل الخطيب ظهرا الكاتب الصحافي سركيس نعوم ،واجرى معه جولة أفق حول القضايا المطروحة. 
 
وقال الخطيب خلال اللقاء:" ان المشكلة التي نواجهها، تتمحور حول السؤال: هل نريد دولة او لا نريد؟ وهل نريد جيشا يدافع عن حدود الوطن او لا نريد؟".
 
ومن زوار الخطيب: رئيس جامعة المصطفى العالمية الدكتور الشيخ محمد حسين مقداد مهدوي مهر مع وفد من الجامعة وضعه في أجوائها.

مقالات مشابهة

  • في الذكرى ٦٩ لإستقلال السودان .. من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصرْ
  • معنى النهي عن الذبح في حديث « لا فرع ولا عتيرة »
  • طائرة المساعدات المصرية التي وصلت دمشق لن تكون الأخيرة (فيديو)
  • إحالة المتهم بانهاء حياة زوجته في مدينة بدر للمحاكمة
  • خطيب الجامع الأزهر يكشف عن معنى جميل في آية الأشهر الحرم بالقرآن
  • تأخر أكثر من 100 رحلة في مطار دلهي بسبب سوء الأحوال الجوية
  • مساجد إسطنبول تحتفل بـليلة الرغائب.. أردوغان يهنئ المسلمين
  • أحمد بهاء يشارك في كامل العدد 3 ويكشف عن معنى شارموفرز
  • أمين الفتوى: المنجمون يروجون لأقوال عامة قد تصادف الحقيقة
  • الخطيب استقبل وفد تجمع العلماء المسلمين