صحيفة صدى:
2025-10-27@13:31:07 GMT

أعطني مصحفاً

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

أعطني مصحفاً

في أحد عصريات رمضان كنت قد صليت العصر بجامع الراجحي بالرياض وبعد الصلاة إذ بطفلين يقول أحدهما للآخر أحضر لي مصحفاً معك ، أخذت بي تلك الكلمات إلى بحر واسع عن أثر القرآن في تربية النشء، ذلك الطفل الذي هو أظنه في الصفوف الأول من المرحلة الابتدائية يطلب مصحفاً يتعلم منه الأحكام ويقرأ منه قصص الأنبياء ويأتمر بأوامره ويزدجر بنواهيه ، ذلك الطفل قد لايعي مايقرأ ولكن عندما يكبر سوف يعي كل ماقرأه .

عندما يرتبط ذلك الطفل بالقرآن سوف يكون له أنيسا في وحشته ودليلاً إلى الهدى وسائقاً له إلى فعل الخيرات وترك المنكرات ، سوف يربطه برب السموات وتكون تربيته تربية قرآنية وما أجملها من تربية ، ذلك الطفل عندما طلب المصحف لم يكن إلا بتربية من أبوين يعظمون القرآن وجعلوه في حياتهم وأخلاقهم وانعكس على أبنائهم .

والآيات الواردة والأحاديث عن فضل القرآن وتلاوته كثيرة فهو من أعظم الذكر ، عندما تقرأ القرآن تنزل عليك السكينة وتشعر بالاطمئنان ، إن من رحمة الله بعباده أن أنزل عليهم ذلك الكتاب العظيم القرآن الكريم وارتبطت به البشرية لمافيه من المعاني والدلالات والآيات العظيمة .

فيبدأ تعليمه للطفل منذ الصغر بقراءة أم الكتاب الفاتحة التي هي ركن من أركان الصلاة ثم يتنقل بين السور ، وإنك لتعجب ممن بلغ الحلم وهو يخطئ في قراءة الفاتحة وهو من العرب فيكسر مافتح ويضم ماسكن وعندما تعود إلى زمنه الماضي تجده لم يكن يعطي القرآن حقه ، بل إن بعض الناس أصبح يتقن لغات الأعاجم على لغة العرب .

إن اللغة العربية هي من مقومات البقاء ومن أسمى اللغات ، فناسب أن ينزل القرآن بها ، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أنزَل عليه القرآن بلسان عربيّ، والله تعالى يقول: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ﴾ ، عندما تتأمل النشء الذين تربوا على القرآن وتعالميه تجده انعكس على أخلاقهم وتعاملاتهم بل هم أقل الناس شراً وجرماً فلديهم دوافع إيمانية قرآنية تقودهم إلى كل فضيلة وتحجمهم عن كل رذيلة ، إن هؤلاء النشء تجدهم متميزين في تعليمهم وذكائهم وهذا ليس بمستغرب فهي بركة القرآن المعنوية إذ حفظوا الله في الصغر فحفظهم وأعانهم في الكبر.

عندما يتربى ذلك الطفل على التعلق بالقرآن ويرى القدوات أمامه والديه والبيئة المحيطة به وإمام المسجد والحلقات القرآنية المنتشرة فيعيش تلك البيئة الآمنة ثم تكبر تلك البذرة؛ فاعلم بإذن الله أنها سوف تكون شجرة مثمرة قوامها الذكر وثمارها الأعمال الصالحة وظلها الأخلاق الحسنة ، سوف يكون منبع خير ونهر جار متدفق من الفضائل وأنيس كل جليس ، يترفع عن سفاسف الأمور ويسمو بنفسه ويعلقها بمعالي الأعمال الصالحة والأخلاق السامقة.

قل أن تجد من ارتبط بكتاب الله سافكاً للدماء أو مرتكباً للرذائل و مندفعاً للمحرمات من هتك الأعراض وأكل الربا ومال اليتيم وشرب ماحرم الله والسبب في ذلك تلك الآيات القرآنية التي كانت له شمعة مضيئة في حياته فإذا هم بأمر سوء تذكر المواعظ والآيات الناهية فانتهى .

نسأل الله أن يحفظنا بالقرآن قائمين وأن يحفظنا بالقرآن راقدين وأن يحفظنا بالقرآن قاعدين وأن لايشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: ذلک الطفل

إقرأ أيضاً:

معنى الوسيلة ومواضع ذكرها في القرآن الكريم والسُنة

الوسيلة.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن من المعاني التي أُسيء فهمها في الإسلام في عصرنا الحديث معنى «التوسل»، مما يوجب علينا أن نعود إلى الأصل اللغوي والمعنى الشرعي للتوسل قبل الحديث عن حكم التوسل.

معنى الوسيلة في اللغة والشرع :

والوَسِيلة في اللغة: المنزلة عند الملك، والوسيلة: الدرجة، والوسيلة: القُربة. ووَسَّل فلانٌ إلى الله وسيلةً إذا عمل عملًا تقرَّب به إليه، والواسِل: الراغب إلى الله. قال لبيد:

أَرى الناسَ لا يَدْرونَ ما قَدْرُ أَمرِهم... بَلى كلُّ ذي رَأْيٍ إلى الله واسِلُ

وتوسَّل إليه بوسيلةٍ إذا تقرَّب إليه بعمل، وتوسَّل إليه بكذا: تقرَّب إليه بحرمةِ آصرةٍ تُعْطفه عليه. والوسيلة: الوُصلة والقُربى، وجمعها الوسائل (لسان العرب).

معنى الوسيلة:

ولا يخرج معنى الوسيلة الشرعي عن ذلك المعنى اللغوي، فإن قضية حياة المسلم هي أن يتقرب إلى الله ويحصل رضاه وثوابه، ومن رحمة الله بنا أنه شرع لنا كل العبادات وفتح باب القرب إليه. فالمسلم يتقرب إلى الله بشتى أنواع القربات التي شرعها الله عز وجل، فعندما يصلي المسلم فإنه يتقرب إلى الله بالصلاة، أي أنه يتوسل إلى الله بهذه الصلاة. وعليه، فإن القرآن كله يأمرنا بالوسيلة (أي: القرب) إلى الله.

وقد ذكر الوسيلة في كتابه العزيز في موضعين:

الأول: الأمر بها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35].

الثاني: الثناء على الذين يتوسلون إليه في دعائهم، قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57].

فالآية الأولى تأمر المؤمنين أن يتقربوا إلى الله بشتى أنواع القربات، وليس هناك ما يخصص وسيلةً عن وسيلة، فالأمر عامٌّ بكل الوسائل التي يرضى الله بها. والدعاء عبادة، ويُقبل ما لم يكن بقطيعة رحم، أو إثم، أو ألفاظٍ تتعارض مع أصول العقيدة ومبادئ الإسلام.

والآية الثانية تُثني على المؤمنين الذين استجابوا لله وتقربوا إليه بالوسيلة في الدعاء.

مواضع ذكر الوسيلة في السنة :

- حديث الخروج إلى المسجد للصلاة:
  عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: «من قال حين يخرج إلى الصلاة: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي، فإني لم أخرج أشرًا، ولا بطرًا، ولا رياءً، ولا سُمعة، خرجتُ اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تُنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت؛ وكلَّ الله به سبعين ألف ملكٍ يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته» (أخرجه أحمد).

وهذا حديث صحيح، صححه كلٌّ من: الحافظ ابن حجر العسقلاني (أمالي الأذكار)، والحافظ العراقي (تخريج أحاديث الإحياء)، وأبو الحسن المقدسي شيخ المنذري (الترغيب والترهيب)، والحافظ الدمياطي (المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح)، والحافظ البغوي (مصباح الزجاجة).
والحديث يدل على جواز التوسل إلى الله في الدعاء بالعمل الصالح، وهو سير المتوضئ إلى الصلاة، وبحق السائلين لله.

- حديث «أعينوا عباد الله»:
  عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: «إن لله ملائكةً في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من نوى الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجةٌ بأرضٍ فلاة فلينادِ: أعينوا عباد الله» (رواه البيهقي).

قال الحافظ الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله ثقات» (مجمع الزوائد).
وفي الحديث دليل على الاستعانة بمخلوقاتٍ لا نراها، قد يسببها الله عز وجل في عوننا ونتوسل بها إليه في تحقيق المراد كالملائكة، ولا يبعد أن يُقاس على الملائكة أرواحُ الصالحين؛ فهي أجسام نورانية باقية في عالمها.

الوسيلة:
- وقد قال النبي ﷺ: «إذا انفلتت ناقةُ أحدِكم في الصحراء فلينادِ: يا عبادَ الله، أمسِكوا! يا عبادَ الله، أمسِكوا! يا عبادَ الله، أمسِكوا!» والحديث صحيح باتفاق.

فاستغاثَ بعباد الله الصالحين؛ فإن لله عبادًا في الدنيا ينصرون المؤمنين كالملائكة، وكالأولياء. فما الشرك في هذا؟! حكمُ الله علينا بالأسباب، ولذلك لا بد أن نعمل، ولا بد أن نجاهد، ولا بد أن نصلي، فهذه أسباب، ولكن لم يربط الله هذه الأسباب بالأفعال، فالفعل كله من عنده، ولا يكون في كونه إلا ما أراد.
إنما عندما أقول لك: "ساعدني على رفع هذا الثقل" فها أنا أستعين بك، لكن {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. فما الذي حدث؟
الذي حدث سببٌ، إنما المعين على الحقيقة هو الله، والمستجيب على الحقيقة هو الله.

التوسل والوسيلة:

وأوضح علي جمعة أن لكل هذه الأدلة الصريحة الصحيحة وغيرها من كتاب ربنا وسنة نبينا ﷺ، أجمع علماء الأمة من المذاهب الأربعة وغيرها على جواز واستحباب التوسل والوسيلة، واتفقوا على أن ذلك لا يُحرَّم قطعًا، ولا عبرة لمن شذَّ عن إجماع العلماء.

 

مقالات مشابهة

  • كلمات
  • جزاء الصبر في القرآن.. عضو الأزهر للفتوى: له أجر لا يحصى إذا كان لوجه الله
  • نكرانُ الجميل.. عندما يعضُّ المعروفُ يدَ صاحبِه
  • اعتقاد خاطئ حول سورة يس.. أمين الفتوى يُصحّحه
  • علي جمعة: ربنا شرَّفنا بأن جعلنا أمةً وسطًا ووسطَ القوم أعلاهم نسبًا وعلمًا
  • الأضرحة الأكثر زيارة.. عندما يعلن الفنان حبه لأهل البيت
  • فضيلة الداعية الشيخ «محمد الغزالى» (7)
  • معنى الوسيلة ومواضع ذكرها في القرآن الكريم والسُنة
  • فضل سورة الواقعة وقراءتها في صلاة الفجر.. أسرار لا يعرفها كثيرون
  • فضل قراءة القرآن في أي وقت.. وأحكام سورة البقرة