عربي21:
2025-04-30@10:30:58 GMT

احتفال الكرامة.. تقييم لتركيبة الجيش ومسؤوليته

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

ما كان استعراض الجيوش والتهليل لها محل سخرية وسخط كما هو الحال منذ السابع من أكتوبر الماضي وبعد انتفاضة الأقصى، فالجيوش العربية يعد عناصرها بالملايين وعتادها يقيم بمئات المليارات من الدولارات، إلا أنها خارج معادلة التدافع اليوم، وبعضها يوظف لخدمة العدوان الإسرائيلي.

لقد دمرت قوة غير نظامية في غزة أسطورة الجيش الذي لا يهزم، وبالنظر إلى تجربة عملية الكرامة في الشرق الليبي، فإن انتصارها في حرب بنغازي خلال الأعوام 2014 ـ 2017م تحقق بفعالية المجموع الكبير من المقاتلين غير النظاميين، وصرح أبرز القادة الميدانيين، العقيد فرج البرعصي، من أن عدد العسكريين ممن شاركوا في العمليات العسكرية في حرب بنغازي لم يتجاوز 5 ـ 10%.

وحين تحول الجيش إلى النمط النظامي العسكري التقليدي، أخفق في هزيمة مجموعات مسلحة غير نظامية، وذلك في حرب الجيش على العاصمة العام 2019م، برغم التفوق الكبير في العتاد وبرغم وجود عناصر أجنبية مدربة، هم قوات فاغنر،، فقد استمات المدافعون، والكثير منهم مدنيون، في إفشال خطة دخول العاصمة طرابلس أشهرا،  قبل أن ينقلب الدفاع إلى هجوم بدعم من الاتراك.

ما يزال الاعتماد على الجيوش والإنفاق عليها بسخاء أساسيا لدى الأنظمة العسكرية الشمولية، وبرز نموذج الجيش "البزناس" الذي يدير مشروعات تجارية وشركات بناء وتشييد ومصانع وغيرها، ويبدو أن الجيش التابع لمجلس النواب يسير على خطى التجربة المصرية في هذا الصدد، ليصبح السؤال المشروع: ما هي مهمة الجيش ومسؤوليته وقد ثبت أنه عاجز عن تحقيق انتصارات على الأرض، ومنسحب من معركة الأمة، وتشوهت رسالته، وانحرف عن مهمته؟

في الحالة الليبية اليوم، فإن الدور الذي اعتبره غالبية أنصار الجيش في الشرق بناء وذلك بعد العام 2014م، من خلال محاربة "الإرهاب"، صار محل شك لدى كثير من مؤيديه بعد أن أعيد تشكيله تحت سيطرة الأسرة المتنفذة، ودخل في عملية غربلة وفقا لمعايير بعيدة عن الأسس الصحيحة لبناء الجيوش، واتجه إلى تحقيق غايات سياسية من المفترض أن ينأى الجيش بنفسه عنها.من يدافعون عن الجيش بشكله وتركيبته الحالية في الشرق الليبي باستماته ينقسمون إلى أقلية هم أصحاب منفعة، وأغلبية يعتقدون أن الجيش هو ضمانة الاستقرار والأمان وبناء الدولة، والحقيقة أن هذا الفهم مغلوط، فالاستقرار الأمني فترة النظام السابق الذي دام عقودا لا علاقة للجيش به، بل فرضته أجهزة وكتائب أمنية، وهذا هو الحال في أغلب الأنظمة الاستبدادية المغلقة التي حكمت، ولا تزال، العالم العربي.

وبالعودة للتجربة الليبية ومسؤولية الجيش في الأزمات والملامات، لم يكن للقوات المسلحة النظامية دور سلبي أو إيجابي العام 2011م، فمن اعتمد عليهم النظام السابق في حربه على من طالب بإسقاطه معظمهم كتائب أمنية ومتطوعون، ومن ساهم بدرجة كبيرة في مقاومته ثم إسقاطه جُلهم ليسوا عسكريين.

التجربة السورية لا تخلو من أمثلة موافقة لهذا التحليل، واليمن أكثر وضوحا في هذا الصدد، فبغض النظر عن الموقف الصحيح للمتحاربين سياسيا وأخلاقيا، فإن إرادة القوات النظامية، السعودية والإماراتية ومن ناصرهم من دول أخرى، والمجهزة تجهيزا كبيرا والمدعومة بالطيران والدبابات والمدافع والقواذف الحديثة تكسرت أمام قوة غير مصنفة ضمن الجيوش، وهم الحوثيون.

من ناحية أخرى، فقد ثبت أن الارتكان للجيوش تحول إلى توظيف سياسي هدام، وهذا حال الأنظمة العسكرية خلال العقود الست الماضية، ومثاله الأوضح في الوقت الراهن هو مصر، وفي الحالة الليبية اليوم، فإن الدور الذي اعتبره غالبية أنصار الجيش في الشرق بناء وذلك بعد العام 2014م، من خلال محاربة "الإرهاب"، صار محل شك لدى كثير من مؤيديه بعد أن أعيد تشكيله تحت سيطرة الأسرة المتنفذة، ودخل في عملية غربلة وفقا لمعايير بعيدة عن الأسس الصحيحة لبناء الجيوش، واتجه إلى تحقيق غايات سياسية من المفترض أن ينأى الجيش بنفسه عنها.

أرجع إلى تقييم خبراء عسكريين ومحللين ومخططين استراتجيين عسكريين وأمنيين لما وقع ويقع الآن في غزة ستصل إلى خلاصة مهمة تتعلق بالأهداف التي من أجلها تشكلت الجيوش والتي تتمحور حول الدفاع عن البلاد من العدوان الخارجي، وأن النمطية التي على أساسها تبنى الجيوش والأغراض التي من أجلها تتشكل لا تحقق هذه الغاية، والنبراس ليس فقط غزة، فالشواهد التاريخية  والمعاصرة كثيرة، وعندما تكون القضية عادلة والحق أبلج فإن الدفاع عنها سيكون عقيدة يهب الإنسان روحه لأجلها، أما إذا دخلت المصالح الضيقة على الخط، وصار الجيش أداة في الصراع الداخلي، فإن النتاج جسم بيروقراطي مترهل وعبئ على الخزانة والدولة وكيان بعيد عن المصلحة الوطنية.

أختم بالقول إن هذا التقييم لا مفهوم مخالفة له، أي لا يفيد بدعم الوضع الأمني والعسكري في المنطقة الغربية في البلاد واعتباره نموذجا سليما، بل هو وضع بائس ونموذج سيء، والكلام في هذا المقال له مناسبة هي الاستعراض العسكري الكبير احتفالا بذكري عملية الكرامة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجيش ليبيا جيش احتفالات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق

إقرأ أيضاً:

نهى طلعت في عيد العمال: العمل جوهر الكرامة الإنسانية ومحرك التنمية

تقدمت الدكتورة نهى طلعت عبد القوي، مؤسس وعضو الجمعية العامة للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، بخالص التهاني وأصدق الأمنيات إلى جموع عمال وعاملات مصر في جميع أنحاء الجمهورية.

وقالت الدكتورة نهى طلعت عبد القوي في تصريح لها بهذه المناسبة، إن عيد العمال هو يوم لتكريم وتقدير كل يد عاملة تساهم بجهدها وعرقها في بناء هذا الوطن، وهو فرصة لنجدد الامتنان لهؤلاء الرجال والنساء الذين يمثلون القوة الدافعة وراء كل إنجاز يتحقق على أرض مصر.

وأكدت عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، الأهمية القصوى للعمل ليس فقط كمصدر للرزق، بل كونه جوهر الكرامة الإنسانية وأساس استقرار الفرد والمجتمع.

وأضافت: "العمل يمنح الإنسان الشعور بالقيمة، ويعزز انتمائه لمجتمعه، وهو السبيل لتحقيق الذات والمساهمة الفاعلة في مسيرة التقدم الوطني".

وشددت الدكتورة نهى طلعت على أن الحق في العمل هو حق إنساني أساسي، لا ينفصل عن الحق في الحياة الكريمة والحق في التنمية.

وأوضحت بأن ضمان هذا الحق لا يقتصر على توفير فرص العمل، بل يمتد ليشمل ضمان بيئة عمل صحية وآمنة، وأجور عادلة، وحماية اجتماعية تكفل للعامل وأسرته مقومات الحياة الكريمة، وهو ما نسعى لترسيخه كثقافة وممارسة من خلال عملنا في المجلس القومي لحقوق الإنسان وبالتعاون مع كافة الشركاء".

وأشارت مؤسس وعضو الجمعية العامة للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي إلى الدور الحيوي لمنظمات المجتمع المدني والعمل الأهلي التنموي في دعم قضايا العمال.

وقالت إن التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، جنباً إلى جنب مع الجهود الحكومية، يعمل على تمكين العمال وتنمية مهاراتهم وتوفير الدعم اللازم لهم، إيماناً بأن الاستثمار في العنصر البشري هو الركيزة الأساسية لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة تعود بالنفع على المجتمع ككل."

واختتمت الدكتورة نهى طلعت عبد القوي تصريحها بتجديد التهنئة القلبية لعمال مصر، داعيةً إياهم إلى مواصلة العطاء بنفس الروح المعهودة من الإخلاص والتفاني، ومتمنية لهم ولمصرنا الغالية دوام الرفعة والازدهار.

طباعة شارك عيد العمال نهى طلعت عبد القوي المجلس القومي لحقوق الإنسان التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي المجتمع المدني

مقالات مشابهة

  • الإمارات: أحبطنا محاولة تمرير أسلحة الى الجيش السوداني
  • أجهزة الأمن في الدولة تحبط محاولة غير مشروعة لتمرير كمية من العتاد العسكري إلى الجيش السوداني
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • نهى طلعت في عيد العمال: العمل جوهر الكرامة الإنسانية ومحرك التنمية
  • وزير الطوارئ والكوارث يناقش مع المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر التحديات التي تواجه الشعب السوري
  • استشهاد عنصرين من الجيش السوري خلال إطلاق نار كثيف في مدينة جرمانا
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • النائب مشوقة يسأل عن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لضبط ارتفاع الدين العام
  • المعابر الفلسطينية: صيانة معبر الكرامة ومضاعفة عدد مقاعد قاعة المغادرين
  • قرقاش: الكرامة لا تُكرّس بالشعارات بل تُصان عبر حماية الحقوق