نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تحليلا تناول فيه مآلات إعادة الدول العربية تطبيع علاقاتها بالنظام السوري تحت قيادة بشار الأسد.

وقال المعهد في تحليل كتبه الباحث أندرو جيه تايلر،  إنه بعد عام فعلي من عودة النظام السوري إلى الحضن العربي عبر جامعة الدول العربية، لم يتغير شيء من المآخذ على دمشق، لا سميا ما يتعلق بتصدير المخدرات والأسلحة.



وقال تايلر إن "لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا" التابعة للجامعة العربية، لم تقم بشيء يذكر، "وإلى جانب الزيادة الأخيرة في الضربات العسكرية الأردنية ضد شبكات تهريب الكبتاغون عبر الحدود، تُظهر أن الانخراط العربي مع الأسد قد فشل في إعادة تأهيل النظام".

وتابع أنه "مع بدء النظر في اتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد دمشق في "الكابيتول هيل" (مقر الحكومة الأمريكية في واشنطن)، فمن الضروري أن تعمل الولايات المتحدة على التوصل إلى إجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن تمديد "عقوبات قيصر" لضمان المساءلة عن الفظائع الجماعية التي ارتكبها نظام الأسد".


 وزاد بأنه "يجب على واشنطن أيضاً اتخاذ خطوات عاجلة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى سوريا والتشاور مع شركائها العرب بشأن تطوير استراتيجية لما سيأتي في المرحلة القادمة - بما في ذلك خطة شاملة لمكافحة تهريب المخدرات والأسلحة إلى خارج سوريا".

ولفت التحليل إلى أنه حتى عندما حاولت الدول العربية تنفيذ مشروع نقل الطاقة الذي يمر عبر سوريا إلى لبنان، كانت شبكات نظام الأسد تزيد بشكل كبير من إنتاج الكبتاغون، المنشط الاصطناعي المسبب للإدمان الشديد، وتهريب كميات هائلة منه إلى جميع أنحاء المنطقة.

ومن الصعب تحديد حجم الإيرادات التي حققتها هذه العملية (ولا تزال تحققها) للنظام السوري بدقة، لكن المناطق التي يسيطر عليها الأسد في سوريا كانت تنتج الغالبية العظمى من تجارة الكبتاغون غير المشروعة في العالم، والتي قُدرت قيمتها بنحو 5.7 مليار دولار في عام 2021.

وفي السعودية وحدها، تم ضبط 107 ملايين حبة في عام 2022، والتي كانت ستصل قيمتها إلى 2.7 مليار دولار بسعر تقريبي في الشارع يبلغ 25 دولاراً للقرص الواحد.

وفي عام 2023، فرضت الولايات المتحدة و"الاتحاد الأوروبي" عقوبات على شقيق الأسد ماهر لاستخدامه "الفرقة الرابعة" في الجيش السوري لتسهيل إنتاج الكبتاغون وتهريبه بمساعدة "حزب الله" اللبناني وميليشيات إيرانية أخرى.

ومع خروج مشكلة الكبتاغون عن نطاق السيطرة، وتدهور الوضع الإنساني في سوريا بعد الزلزال الكبير الذي ضرب سوريا في شباط/فبراير 2023، وعدم إحراز أي تقدم نحو تسوية سياسية سورية، قررت السعودية استئناف العلاقات مع الأسد ودعم إعادة انضمام بلاده إلى "الجامعة العربية" في قمة جدة عام 2023.

وكان الهدف من هذا النهج، الذي طرحته الإمارات للمرة الأولى، حل الكثير من المشاكل المستعصية في وقت واحد من خلال منح الأسد حوافز إيجابية لتغيير سلوكه. وبناءً على ذلك، تم إنشاء "لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا" في مؤتمر القمة، والتي تضم الأمين العام لجامعة الدول العربية وممثلين عن مصر والعراق والأردن ولبنان والسعودية وسوريا.

 وكُلّفت اللجنة بأربع مهام رئيسية: (1) الحد من إنتاج الكبتاغون وتهريبه، (2) إعادة اللاجئين إلى سوريا، (3) دفع عجلة العملية السياسية السورية عبر اللجنة الدستورية، و (4) تشكيل لجنة لـ"تنسيق الأمن الإقليمي". ولم يتم تحديد هدف معيّن ولكنه كان مدرجاً في المبادرة وهو تقويض نفوذ إيران و"حزب الله" المتوسع في سوريا، والذي يشمل على سبيل المثال لا الحصر شبكات الكبتاجون.

وعلق المعهد بأنه "في أعقاب الاجتماع الافتتاحي في القاهرة في آب/أغسطس الماضي، وُلدت "لجنة الاتصال" ميتة في الأساس بسبب استمرار تدفق الكبتاغون إلى الخارج، مما أجبر الأردن على اتخاذ إجراءات عسكرية متزايدة".


وبحلول نهاية أيلول/سبتمبر، كانت قوات المملكة قد أسقطت أربع طائرات بدون طيار انطلقت من الأراضي التي يسيطر عليها الأسد، وشنت غارات جوية على منشآت إنتاج المخدرات بالقرب من قرية أم الرمان الحدودية السورية. ورداً على ذلك، اعترف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي أيد صراحةً إشراك الأسد، علناً بأن تهريب المخدرات قد زاد في السنوات التي تلت افتتاح عمان لمحادثات التطبيع.

وتوسَّع هذا النشاط بصورة أكثر في الأشهر اللاحقة، حيث ساعد ظهور الضباب الشتوي المهربين على التهرب من الدوريات وكاميرات الحدود.

ولمحاولة رأب صدع الذي أحدثه تزايد تدفق المخدرات والأسلحة، خطط الدبلوماسيون العرب لمعالجة هذا التصعيد في الاجتماع الوزاري الثاني لـ "لجنة الاتصال" الذي كان مقرراً عقده في 7 آذار/مارس، لكن الاجتماع ألغي بعد امتناع دمشق عن الرد على أسئلة اللجنة بشأن الكبتاغون وقضايا أخرى. وبدلاً من ذلك، أرسل النظام السوري وزير الخارجية فيصل المقداد إلى الرياض لمعالجة هذه الأمور شخصياً عبر محادثات مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان والسفير السوري الذي تم تعيينه مؤخراً أيمن سوسان.

وأعيد بعد ذلك تحديد 8 أيار/مايو موعداً للاجتماع الوزاري في بغداد، لكن سوريا امتنعت مجدداً عن تقديم رد مكتوب على أسئلة اللجنة، مما دفع المسؤولين إلى إلغاء الحدث بناءً على طلب عمّان.

وفي 13 أيار/مايو، التقى المقداد بالصفدي مباشرةً، لكن بياناً أردنياً لاحقاً أشار ضمناً إلى عدم إحراز أي تقدم بشأن أي من طلبات اللجنة القائمة منذ فترة طويلة.

وخلص المعهد إلى أن "الحوافز الإيجابية أثبتت أنها لن تغير سلوك نظام الأسد بشأن تهريب الكبتاغون، وتهريب الأسلحة، وغيرها من التهديدات".

وتابع "استمرت هذه المشكلة حتى عندما سُمح لدمشق باستخدام قناتها المفضلة للانخراط الدبلوماسي المستقل من أعلى المستويات إلى أدناها مع الرياض بدلاً من الاستجابة للنهج القائم على الشروط بقيادة الأردن".

وأضاف أنه "يجب على إدارة بايدن استخدام الأدلة الوافرة التي تدعم هذا الاستنتاج لثني شركائها العرب عن مواصلة مسار التطبيع مع الأسد، ومساعدتهم بدلاً من ذلك على تطوير استراتيجية مشتركة فعالة لمكافحة إنتاج الكبتاغون والاتجار به، من بين قضايا أخرى".

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية العربية الأسد المخدرات سوريا الكبتاغون سوريا الأسد العرب المخدرات الكبتاغون المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة لجنة الاتصال نظام الأسد

إقرأ أيضاً:

بين انفتاح وحذر وترقب.. مواقف الدول العربية من سوريا الجديدة

لم تكن الدول العربية بمنأى عما جرى في سوريا من سقوط النظام وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى روسيا، تتويجا لمعركة ردع العدوان التي بدأت من ريف حلب الغربي وصولا إلى دمشق بعد 11 يوما من انطلاقها.

وجاء سقوط الأسد ونظامه في وقت كانت فيه العديد من الدول العربية قد انخرطت في مسار لتطبيع العلاقات معه، كما جاء تسلم هيئة تحرير الشام -التي قادت الإطاحة بالنظام- وزعيمها أحمد الشرع السلطة مؤقتا، ليثير التوجس لدى هذه الدول.

في اليوم الأول من سقوط النظام السوري، سارعت السعودية وقطر إلى التعبير عن اهتمامهما وترحيبهما بالوضع الجديد، وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن المملكة تعرب "عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها".

أما وزارة الخارجية القطرية، فقد أكدت في بيان "متابعة الدوحة باهتمام بالغ تطورات الأوضاع في سوريا"، وجددت موقف قطر الداعي لإنهاء الأزمة السورية، بحسب قرارات الشرعية الدولية وقرار مجلس الأمن 2254، بما يحقق مصالح الشعب السوري.

كما أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قرارا بإنشاء جسر جوي لإرسال مساعدات لتقديم الدعم للشعب السوري، وقالت الخارجية القطرية إن القرار "يأتي في إطار موقف دولة قطر الداعم لسوريا ووقوفها باستمرار إلى جانب الشعب السوري الشقيق".

لقاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (يمين) مع نظيره السوري أسعد الشيباني في الرياض (وكالة الأنباء السعودية) موقف موحّد في العقبة

وبعد أيام من التغيير في سوريا، اتخذت الدول العربية موقفا موحدا إزاءه في اجتماعات العقبة بالأردن التي جمعت وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية، وهي الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وشارك فيها وزراء خارجية قطر والإمارات والبحرين، ودول إقليمية وغربية.

إعلان

ودعا البيان الختامي لاجتماعات العقبة -التي انعقدت في 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي- إلى مساندة الشعب السوري واحترام خياراته، والبدء بعملية انتقال سياسي شاملة وفقا للقرار الدولي 2254، وتوسيع دور الأمم المتحدة للإشراف على عملية الانتقال.

وفُسر هذا الموقف من قبل معلقين على أنه دعوة لفرض وصاية دولية على سوريا، وعرقلة عمل السلطات الجديدة.

ولكن بعد ذلك بأيام، أظهرت بعض الدول العربية نوعا من الانفتاح الدبلوماسي على الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، وأجرت اتصالات رفيعة المستوى، فيما اختارت دول أخرى إجراء اتصالات أكثر حذرا، مقرونة بتصريحات تعبّر عن هواجس بشأن الوضع الجديد في سوريا، فيما تأخرت دول بعيدة عن المشهد السوري عن الاتصال لبعض الوقت.

اتصالات رفيعة

وفي مقدمة الدول العربية التي سارعت إلى إجراء اتصالات مع الإدارة السورية الجديدة جاءت قطر، التي كانت أول دولة تفتتح حملة الاتصالات الدبلوماسية المباشرة، تلتها السعودية التي كانت أول دولة تستقبل وفدا حكوميا سوريا إلى الخارج، والأردن التي أرسلت أول وزير خارجية عربي إلى دمشق، وتبعتها وفود رفيعة المستوى من البحرين والكويت وليبيا.

قطر

فقد استقبلت دمشق وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي في 23 ديسمبر/كانون الأول على رأس وفد في زيارة حملت دلالات رمزية، حيث وصل على متن أول طائرة تابعة للخطوط القطرية تهبط في مطار سوري بعد سقوط الأسد وبعد توقف دام 13 عاما. وخلال الزيارة، أعادت الدوحة فتح سفارتها في دمشق لأول مرة بعد إغلاقها في 2011.

وفي 5 يناير/كانون الثاني الجاري، استضافت الدوحة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في أول محطة له ضمن جولة إقليمية شملت الإمارات والأردن.

كما وصل رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، يوم الخميس الماضي، إلى دمشق في زيارة "تأتي تأكيدا على موقف دولة قطر الثابت في دعم الأشقاء في سوريا"، وفقا للمتحدث باسم الخارجية القطرية.

إعلان السعودية

وفضلت السعودية البدء باتصالاتها الدبلوماسية مع القيادة السورية الجديدة عبر وفد برئاسة مستشار في الديوان الملكي، دون الإفصاح عن اسمه، حيث زار دمشق في 23 ديسمبر/كانون الأول والتقى الشرع.

واستجابة لدعوة رسمية من المملكة، أجرى الشيباني في 3 يناير/كانون الثاني الجاري زيارة على رأس وفد حكومي رفيع، ضم وزير الدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات إلى السعودية، في أول زيارة خارجية لوفد حكومي سوري منذ سقوط الأسد.

والتقى أعضاء الوفد السوري بنظرائهم السعوديين، في تحرك رأى فيه مراقبون رغبة متبادلة في التقارب والانفتاح بين الطرفين.

مؤتمر صحفي للشيباني (يسار) والصفدي في عمّان (الجزيرة) الأردن

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بدوره يعد أول وزير خارجية عربي يزور دمشق منذ سقوط الأسد.

وعبّر الصفدي خلال زيارته في 23 ديسمبر/كانون الأول عن دعم بلاده للشعب السوري في المرحلة الانتقالية، ليصل إلى مرحلة مستقبلية يكون فيها نظاما سياسيا جديدا يبنيه السوريون، ويحمي حقوق كل السوريين. وقال الوزير الأردني إنه اتفق مع أحمد الشرع على التعاون في مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة من سوريا إلى الأردن.

الكويت

وفي 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تلقى وزير الخارجية السوري الجديد اتصالا هاتفيا من نظيره الكويتي عبد الله علي اليحيا، مؤكدا دعم بلاده للخطوات التي اتخذتها حكومة دمشق الجديدة، بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا). وأبدى اليحيا استعداد الكويت للتعاون بما يخدم مصالح البلدين، ويصب في استقرار سوريا.

وأجرى الوزير الكويتي رفقة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، في 30 ديسمبر/كانون الأول، زيارة لدمشق، حيث التقيا بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب.

إعلان ليبيا

ولم تكن ليبيا بمعزل عن الحراك الدبلوماسي العربي تجاه دمشق، حيث تلقّى وزير الخارجية السوري اتصالا هاتفيا في 25 ديسمبر/كانون الأول من وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية الليبي وليد اللافي، نقل الأخير خلالها رسالة من رئيس حكومة الوحدة الوطنية، أكد فيها "موقف ليبيا الثابت" في دعم الشعب السوري والحكومة السورية الجديدة.

وأكد اللافي أهمية التنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والتحولات الراهنة بما يخدم المصالح المشتركة ويسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة. وفي 28 من الشهر ذاته، زار اللافي على رأس وفد ليبي رفيع دمشق والتقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.

البحرين

وكان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، سباقا إلى إرسال رسالة موجهة بشكل مباشر لقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عبر سفارة المنامة في دمشق يوم 13 ديسمبر/كانون الأول، أعلن فيها استعداده للتشاور وتقديم الدعم لسوريا، فيما تدرّجت المنامة في خطوات الاتصال الدبلوماسي مع الإدارة الجديدة.

ففي 25 من الشهر نفسه، تلقى الشيباني اتصالا هاتفيا من نظيره البحريني عبد اللطيف الزياني الذي أثنى على خطوات القيادة السورية الجديدة، بحسب "سانا". وزار وفد رفيع المستوى برئاسة رئيس جهاز الأمن الإستراتيجي الشيخ أحمد بن عبد العزيز آل خليفة دمشق في 28 ديسمبر/كانون الأول.

وفي زيارة أخرى، استقبل أحمد الشرع ووزير الخارجية الشيباني في 8 يناير/كانون الثاني الجاري وفدا من البحرين برئاسة عبد اللطيف الزياني.

اتصالات حذرة

في المقابل، لم تُخفِ بعض الدول العربية مخاوفها بشأن الوضع الجديد في سوريا، وهي مصر والعراق والإمارات ولبنان، وإن كان لكل منها مخاوفها الخاصة.

وفي حين استمرت بعض هذه الدول، مثل مصر والعراق في المحافظة على مسافة من الإدارة السورية الجديدة رغم الاتصالات المباشرة، بادر البعض الآخر، مثل الإمارات ولبنان في إبداء المزيد من الانفتاح على الوضع السوري الجديد.

إعلان الإمارات

في أول تعليق للإمارات على سقوط الأسد، قال المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش -بالتزامن مع فرار الأسد إلى روسيا- إن سوريا ليست في مأمن بعد، وإن وجود التشدد والإرهاب لا يزال مصدرا أساسيا للقلق.

وفي اليوم التالي، دعت الإمارات، في بيان لوزارة الخارجية، الأطراف السورية إلى تغليب الحكمة للخروج بما يلبي طموحات السوريين بكافة أطيافهم، وشددت على ضرورة حماية الدولة الوطنية السورية بكافة مؤسساتها، وعدم الانزلاق نحو الفوضى.

وبالتزامن مع وصول وفود عربية إلى دمشق في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أجرى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان اتصالا هاتفيا بنظيره السوري، ناقشا خلاله "تعزيز العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين والشعبين الشقيقين"، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام). وفي محطته الثانية بجولته الإقليمية، زار الشيباني أبو ظبي والتقى نظيره الإماراتي.

مصر

وفي أول اتصال مباشر بين الجانبين، تلقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني اتصالا من نظيره المصري بدر عبد العاطي في 31 ديسمبر/كانون الأول، أكد الأخير خلاله وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السوري ودعم تطلعاته المشروعة، داعيا كافة الأطراف السورية إلى إعلاء المصلحة الوطنية.

وشدد المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أن الوزير عبد العاطي أكد كذلك على أهمية أن تتبنى العملية السياسية مقاربة شاملة وجامعة لكافة القوى الوطنية السورية، تعكس التنوع المجتمعي والديني والطائفي والعرقي داخل سوريا.

ولم ترسل مصر حتى الآن وفدا دبلوماسيا للقاء الإدارة السورية الجديدة، كما لم تستقبل وفدا سوريا في المقابل.

العراق

في تعليقها الأول على التغيير في سوريا، شددت حكومة بغداد على "ضرورة احترام الإرادة الحرّة" للسوريين، والحفاظ على وحدة أراضي سوريا. وذكر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن "ثمة حالة من القلق من طبيعة الوضع في الداخل السوري"، داعيا السلطات الجديدة إلى أن "تعطي ضمانات ومؤشرات إيجابية حول إعدادها عملية سياسية لا تقصي أحدا".

وأوفد السوداني في 26 ديسمبر/كانون الأول رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري على رأس وفد إلى دمشق، ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن "مصدر رفيع" في بغداد، أن الإدارة السورية أبدت تفهما لمطالب العراق ومخاوفه.

وأجرى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين اتصالا هاتفيا مع الشيباني، أكد خلاله أن "استقرار وأمن البلدين مترابطان"، وأعرب عن تقديره لجهود الجانب السوري في حماية البعثة العراقية.

إعلان

لبنان

بعد سقوط النظام السوري، عرف لبنان مرحلتين من التعامل مع الوضع الجديد في سوريا، فبينما ظلت الحكومة اللبنانية بمنأى عن الاتصال بالإدارة السورية الجديدة، بادر الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط على رأس وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي إلى زيارة دمشق وعقد لقاء مع الشرع في 22 ديسمبر/كانون الأول.

وبعد يومين، أجرى وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب اتصالا هاتفيا بنظيره السوري، أكد خلاله وقوف بيروت مع الحكومة السورية الجديدة، واتفق الجانبان على تكثيف الجهود لتعزيز استقرار المنطقة.

وفي 11 يناير/كانون الثاني الجاري، استقبل قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بعد أيام من اتصال هاتفي بين الشرع وميقاتي، إثر إشكال حدودي.

ورغم الاتصالات المباشرة الرفيعة بين الجانبين، ظل الترقب والقلق سيد الموقف لدى بعض مكونات الحكومة اللبنانية القريبة من حزب الله، ومع انتخاب البرلمان اللبناني لقائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية، بعد فراغ دام أكثر من عامين، اكتسبت العلاقات السورية اللبنانية زخما، مع تحول حزب الله وحلفائه إلى صفوف المعارضة، وتكليف عون لنواف سلام المقرب من آل الحريري بتشكيل حكومة جديدة.

واعتبر عون في خطاب القسم عقب أدائه اليمين الدستورية في 9 يناير/كانون الثاني أن ثمة "فرصة تاريخية لبدء حوار جدي وندي مع الدولة السورية لمعالجة كافة المسائل العالقة معها". وفي اليوم التالي، هنأ قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عون في اتصال هاتفي.

اتصالات متأخرة

وبحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي وبداية يناير/كانون الثاني الجاري، أجرى وزراء خارجية كل من سلطة عمان واليمن والسودان والمغرب اتصالات هاتفية هي الأولى من نوعها لبلادهم بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.

إعلان

وأكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في اتصاله، دعم بلاده للشعب السوري وتأييده لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، مشددا على "القواسم المشتركة بين البلدين وضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية بما يخدم مصالح الدولتين".

من جهته، أكد وزير الخارجية اليمني شايع الزنداني "موقف القيادة السياسية والحكومة اليمنية إلى جانب الأشقاء في سوريا"، مشيرا إلى "وقوف الحكومة اليمنية إلى جانب الحكومة السورية الجديدة، وتهانيها للشعب السوري بمناسبة انتصاره".

وبارك وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف للشعب السوري انتصاره، مؤكدا "دعم السودان للشعب السوري الشقيق بما يحقق الأمن والاستقرار والسلم"، وأكد على "توسيع العلاقات بين البلدين وزيادة التعاون".

كما أكد وزير الخارجية العُماني بدر بن حمد البوسعيدي، في اتصال هاتفي مع نظيره السوري، موقف بلاده "الثابت والداعم لاحترام إرادة الشعب السوري"، مؤكدا عمق "الروابط والعلاقات التاريخية المتينة بين الشعبين العُماني والسوري".

وأتبعت عُمان الاتصال بزيارة لوفد يرأسه الشيخ عبد العزيز الهنائي المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان إلى دمشق في 11 يناير/كانون الثاني الجاري.

ولم ترد أخبار عن إجراء أي من الجزائر أو تونس أو موريتانيا أيَّ اتصال بالإدارة السورية الجديدة.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: خطر تقسيم سوريا لا يزال قائماً
  • العلاقة الإشكالية بين نظام الأسد في سوريا والمحور الشيعي
  • تدوينة لوزير الخارجية السوري عن الأكراد وتعامل نظام بشار الأسد معهم تثير تفاعلا
  • حلمي النمم: العقوبات الاقتصادية على سوريا أهم أسباب انهيار نظام الأسد
  • سوريا .. ضبط مستودع لمخدر الكبتاغون في ريف دمشق
  • بين انفتاح وحذر وترقب.. مواقف الدول العربية من سوريا الجديدة
  • حزب العدالة والتنمية يعد تقريرًا حول سوريا: ماذا يتضمن الملف المعروض على طاولة أردوغان؟
  • وزير الاتصالات السوري: منع إعادة تشكيل شركات نظام الأسد
  • معتقل سابق في سجون الأسد.. من هو وزير الداخلية الجديد في سوريا؟
  • إيكو دوبلر على الجغرافيا السياسية الجديدة بالمنطقة في ظل سوريا الجديدة