قصف على مستوطنة "روش بينا". مهلاً، إنها قرية الجاعونة.
قصف من ثكنة مرغليوت على لبنان. مهلاً، إنها قرية وقلعة هونين التاريخية.
أشكلون؟! عسقلان.
تل أبيب؟! الشيخ مؤنس.
أشدود؟! أسدود.
إيلات؟! أم الرشراش.
كريات شمونة؟! الخالصة.
بن عمي؟! أم الفرج.
كريات غات؟! الفالوجة.
زيكيم؟! هَربيّا.
نتانيا؟! أم خالد.

كثيرة هي الأسماء التي تداولها الإعلام خلال سبعة أشهر من الحرب، بعضها نعرفه وبعضها لا نعرفها.

. ولكن الأكيد أن ما لا نعرف اسمه الأصلي يجب أن نعرفه.

ليس هذا موضع تبيان صراع المصطلحات، الذي تناوله كثير من الباحثين، ولكنه للتركيز على فعل العدو من أجل تغيير أسماء المدن والقرى والمواقع..

تآمُرٌ مُبكّر

منذ بواكير الاستيطان الصهيوني، بدأ المهاجرون اليهود يعملون على تغيير الأسماء العربية في فلسطين. فمنذ أكثر من 140 سنة، وتحديداً منذ 1878، بدأوا بمشروع تغيير الأسماء بشكل يخدم الفكرة الصهيونية ودولة الاحتلال لاحقاً، من خلال ربطها بالفكرة الدينية التوراتية أو المزاعم التاريخية أو بالمخططات المستقبلية، كما هو الحال في اسم أول مستوطنة صهيونية في فلسطين، وهي بيتاح تكفا؛ أي بوابة الأمل (الذي سيفتح الباب لمشروعهم والأمل في تحقيقه). وغيروا اسم قرية الجاعونة إلى روش بينا، أي حجر الزاوية (الذي سينطلق منه بناء المشروع)، وهذا مصطلح توراتي أيضاً..

وقد نجح كيان الاحتلال حتى الآن في عَبْرَنَة أكثر من 7000 اسم لقرى فلسطينية ومواقع جغرافية ومعالم تاريخية وأراضٍ زراعية، فضلاً عن إطلاقه أسماء عبرية على نحو ألف مستعمرة.

تخطيط مستمرّ

لم تكن هذه التسميات فورةً أو خبطَ عشواء، بل اندرجت جميعها لاحقاً تحت مخطط رسمته الوكالة اليهودية في البدايات، وأكملته دولة الاحتلال لاحقاً.



فقد شكّلت الوكالة اليهودية عام 1922 لجنة أسماء تساعد المهاجرين على اختيار أسماء مستعمراتهم المُستجِدَّة.. فغيّرت خلال 26 سنةً (حتى عام 1948) أسماء 216 موقعاً في فلسطين.

وبعد تأسيس الكيان مباشرة صار اسمها لجنة الأسماء الحكومية، فغيّرت خلال سنتين فقط، 198 اسماً آخرين.

واهتم بن غوريون شخصياً بهذه اللجنة وضمها إلى ديوان رئيس الحكومة. فوسع اللجنة إلى 24 عضواً يمثلون أبرز علمائهم في التاريخ والأدب واللغة والجغرافيا والآثار، وممثلين عن الوزارات السيادية والوزارات المعنية والجيش والصندوق القومي والوكالة اليهوديين. وقسمها إلى ثلاث لجان: تاريخية وجغرافية ومستوطنات.

ولتكتمل عملية السرقة، غيرت هذه اللجنة في أول سنتين من عملها نحو 560 اسماً لمختلف المواقع والقرى والخِرب الفلسطينية. وبقيت تعمل منذ ذلك الحين على الأمر حتى وصل عدد المواقع المغيَّرةِ أسماؤها إلى 7000 اسم.

الرَّدُّ الفلسطيني

نظراً لأن أسماء المواقع الفلسطينية تشكل جزءاً لا يتجزأ من صراع الرواية والسردية، التي هي أساس إثبات الحق في هذا الصراع.. وصاحب الحق، يقاتل انطلاقاً من إيمانه وعقيدته وفكره ووطنيته وإنسانيته.. أما اللص الذي بعد أن سرق الأرض وقتل الناس، فقد أراد أن يعيد صياغة الرواية والسردية، ليقنع الأجيال التالية بأن ما سرقه من حقه، وأن له جذوراً تاريخية في هذه الأرض.

إزاء هذا الواقع، لم يقف الفلسطينيون مكتوفي الأيدي أمام هذه السرقة، فسارعوا إلى توثيق هذه المواقع وأسمائها وتاريخها، من خلال ما ألّفه كُتّابهم ومؤرّخوهم ومؤسساتهم وأفرادهم.

على المستوى الفردي، ألف الأفراد لكل قرية أكثر من كتاب.. فقريتنا شَعَب الجليلية مثلاً، صدر عنها أربعة كتب. وقرية صفورية ولوبية ثلاثة كتب لكل منها.. وغيرها كثير من القرى.

وهناك مشاريع الجامعات، مثل مشروع القرى في جامعة بيرزيت (وقد حصلتُ على أكثر من ثلاثين كتاباً أصدره هذا المشروع)، ومشروع الجامعة الإسلامية في غزة للذاكرة..

أما المشروع الرائد في هذا المجال فهو كتاب: بلادنا فلسطين للعلامة الموسوعي مصطفى مراد الدباغ، عن دار الطليعة، عام 1973، وهو الكتاب الذي عمل عليه مرّتين؛ مرة غرق مخطوطه (6000 صفحة) في البحر أثناء الهجرة. والمرة الثانية أعاد تجميع المصادر والمراجع والذاكرة حتى خرج في 13 جزءاً.

يليه الموسوعة الفلسطينية وما فيها من تفاصيل كثيرة ودراسات مهمة، تحرير أنيس صايغ.

وإليكم بعض أهم الكتب الصادرة في هذا المجال:

ـ بلدانية فلسطين المحتلة، أنيس صايغ.
ـ كي لا ننسى، وليد الخالدي.
ـ قبل الشتات، وليد الخالدي.
ـ موسوعة فلسطين الجغرافية، قسطنطين خمار.
ـ ذاكرة فلسطين، المركز القومي للدراسات والتوثيق.
ـ المواقع الفلسطينية بين عهدين وخريطتين، شكري عرّاف.
ـ المواقع الجغرافية في فلسطين، الأسماء العربية والتسميات العبرية، شكري عراف.
ـ معجم أسماء المدن والقرى الفلسطينية، حسين علي لوباني.
ـ معجم بلدان فلسطين، محمد حسن شُرّاب.

ختاماً، هذه الأسماء، وقبلها المصطلحات، وكل ما يخدم الرواية والسردية الفلسطينية، هي جبهات صراع مع الاحتلال.. من واجب الجميع؛ مؤسسات وأفراد وموسوعات، العمل على سدّ هذه الثغرة بشكل علمي وموضوعي تكون الحقيقة هي المعيار..

فروايتنا تعتمد على الحقيقة، ولا تحتاج المبالغة لإثبات الحق.. وروايتهم تعتمد على الكذب، وتحتاج ستيفن سبيلبيرغ وهوليوود كي يقنعوا بها العالم.

*كاتب وشاعر فلسطيني

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير فلسطين القرى فلسطين اسماء قرى هوية تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی فلسطین أکثر من

إقرأ أيضاً:

دار الافتاء: يستحب تغيير الاسم إلى أحسن منه إذا كان من هذه الأسماء

أوضحت دار الإفتاء المصرية، حكم تغيير الاسم إلى اسم أحسن منه، وذلك في منشور لها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

وقالت دار الإفتاء، ان تغيير الاسم إلى غيره قد يكون واجبًا؛ وذلك إذا كان الاسم خاصًّا بالله سبحانه وتعالى؛ كالخالق، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى؛ كحاكم الحكام، أو بما فيه إضافة العبودية لغيره تعالى؛ كعبد شمس ونحو ذلك، ويُستحب تغييره إلى أحسن منه إذا كان من الأسماء التي تَكْرَهُها النفوس وتنفر منها؛ كحَرْب، وكل اسم يستقبح نفيه؛ كرباح، وأفلح، وكل اسم فيه تزكية للنفس وتعظيم لها؛ كالأشرف والتقي ونحوهما؛ لما جاء عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنهما: أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: حَزْنٌ، قَالَ: «أَنْتَ سَهْلٌ» قَالَ: لَا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي؛ قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: «فَمَا زَالَتِ الحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ» رواه البخاري في "صحيحه".

وما عدا ذلك فيبقى في دائرة الإباحة التي يستوي فيها تغيير الاسم وعدمه، من غير ترتب مدح أو ذم على أحدهما، مع ضرورة مراعاة الإجراءات القانونية الـمُشترطة لذلك التغيير إن وجد سببه.

واشارت الى انه يُستحب تغيير الاسم إلى غيره إذا كان من الأسماء التي تكرهها النفوس وتنفر منها؛ كحَرْب ومُرَّة وحَزْن، وكل اسم يستقبح نفيه؛ كرباح، ويسار، وما شابه ذلك، وكذا كلُّ اسم فيه تزكية للنفس وتعظيم لها؛ كالأشرف والتقي وغير ذلك؛ لكراهة التسمية بها؛ لما جاء عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنهما: أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: حَزْنٌ، قَالَ: «أَنْتَ سَهْلٌ» قَالَ: لَا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي؛ قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: «فَمَا زَالَتِ الحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ» رواه البخاري في "صحيحه"، وعن سَمُرَة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ؛ فَيَقُولُ: لَا» رواه مسلم في "صحيحه"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم زَيْنَبَ" متفق عليه.

فهذه النصوص الشريفة تدل على استحباب تغيير أمثال هذه الأسماء إلى أسماء أحسن منها.

قال الإمام ابن الملقن في "التوضيح" (28/ 614، ط. دار النوادر): [وقد سلف أنه عليه السلام كان يُعْجِبُهُ تغيير الاسم القبيح بالحسن على وجه التفاؤل والتيمن؛ لأنه كان يعجبه الفأل الحسن، وقد غير عليه السلام عدة أسامي] اهـ.

وقال الإمام القاضي عياض في "إكمال المعلم" (7/ 16، ط. دار الوفاء): [وفيه تحويل الأسماء إلى ما هو أحسن وأولى، وذلك على طريق الندب والترغيب] اهـ.

وأمَّا ما عدا ذلك من حالات وجوب تغيير الاسم أو استحبابه، يبقى الأمر على السعة والاختيار وفي دائرة الإباحة التي يستوي فيها التغيير وعدمه.

موقف القانون المدني المصري من ذلك
هذا، وقد نظَّم القانون المدني المصري مسألة تغيير الأسماء في قيود الأحوال المدنية؛ فلم يمنع ذلك، وإنما أجازه بمراعاة مجموعة من الإجراءات والضوابط؛ كما جاء في المادة (46) من القانون (143) لسنة 1994م وبما صدر من قرار وزير الداخلية رقم (1121) لسنة 1995م بإصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون والمتضمِّنة الإجراءات والضوابط التنفيذية لتصحيح قيود الأحوال المدنية.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فتغيير الاسم إلى غيره قد يكون واجبًا؛ وذلك إذا كان الاسم خاصًّا بالله سبحانه وتعالى؛ كالخالق، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى؛ كحاكم الحكام، أو بما فيه إضافة العبودية لغيره تعالى؛ كعبد شمس ونحو ذلك، ويُستحب تغييره إلى أحسن منه إذا كان من الأسماء التي تَكْرَهُها النفوس وتنفر منها؛ كحَرْب، وكل اسم يُستقبح نفيه؛ كرباح، وأفلح، وكل اسم فيه تزكية للنفس وتعظيم لها؛ كالأشرف والتقي ونحوهما، وما عدا ذلك فيبقى في دائرة الإباحة التي يستوي فيها تغيير الاسم وعدمه، من غير ترتب مدح أو ذم على أحدهما، مع ضرورة مراعاة الإجراءات القانونية الـمُشترطة لذلك التغيير إن وجد سببه.

مقالات مشابهة

  • الرئاسة الفلسطينية: قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين
  • آثار سوهاج تنظم ندوة حول الأمن والسلامة في المواقع الأثرية
  • «الثقافة الفلسطينية» تُحيي شجاعة أطفال فلسطين: يصنعون من الحجارة أغنيات
  • دار الافتاء: يستحب تغيير الاسم إلى أحسن منه إذا كان من هذه الأسماء
  • الحرف اليدوية في زمن الآلات.. بين الحفاظ على التراث واندثار الهوية التقليدية| هل سرقت الآلة وهج التراث؟
  • إعلاميون: مواجهة انتشار الشائعات جزء أساسي من الحفاظ على الأمن القومي
  • إعلان قيادة ‘‘مؤتمر مارب الجامع’’ (الأسماء)
  • قصتهما قلبت المواقع.. تعرف على أسامة مروة وشيرين بيوتي
  • جامعة قناة السويس تناقش دور الشباب في الحفاظ على الهوية المصرية (تفاصيل)
  • تفاصيل ورشة دور الشباب في الحفاظ على الهوية المصرية بجامعة قناة السويس