امرأة شاحبة الوجه ومتهالكة القوام التقيت بها زمان عندما كنت صغيراً كانت تجلس هناك وحيدة تحت البنايات القديمة متلحفة عباءتها في خجل ، تمكث طويلاً بجانب زوايا ذاك البيت المهجور وتحدق في “جدرانه الطين” و”أبوابه الخشبية” و”نوافذه المفتوحة” وكأنها تنتظر شيئا ما ، شيئاً بداخله قد رحل في ظلام “غرفة وفناءه المتساقط” .
حيرتني تلك العجوز أصبحت أراقبها من بعيد لقد اشغلتني بحرصها الشديد وبقائها لفترات صامتة لا تمل ولا تتعب رغم حرارة الشمس فنفسها الطويل وصبرها الجميل جعلني أحاول أن أقترب منها بحذر لعل أجد تفسيراً لهذا الجلوس ولهذا الانتظار المرير.
فقد أقبل الليل ومازالت في مكانها تهمهم ؛ قررت أن أعرف حكايتها وقصتها ولكن كلما تقدمت إليها شعرت أن هناك ضوء يفزعني من داخل ذلك البيت المهجور ، أنظر إليها تارة وتارة إليه فبدأت تقف وتلملم أغراضها وكأنها نوت الرحيل أو خائفة من اقترابي إليها ، سألتها بصوت هادىء (أمي) ولم ترد وعدت بمناداتها (خالتي) ولم تنظر نحوي ثم اقتربت منها بخطوات ثقيلة يملؤها الخوف وفي لحظه اختفى ذلك الضوء ففزعت وكأنها غاضبة مني فبدأت تبتعد ولم استطيع اكتشاف هذا اللغز ،، حتى أن كبرت وبعد أن هجرت هذه البلدة وبعدما رجعت إليها ووقفت في نفس المكان واكتشفت أنها كانت امرأه طيبة جدا – هجروها ونسوها أولادها وأحفادها كما قد نساها الزمن واليوم أصبحت عروسة ومن أجمل نساء الكون بعد أن كانت شاحبة الوجه الآن شامخة الوجنتين بأهلها الحساوية هي (الأحساء بعد عيني) لؤلؤة أضاء صيتها الصامت وجلست كالأميرة تعتز في عرش نخيلها وتغتسل من مياهها بطعم العسل الصافي عندما يتدفق على قدح ترابها الذهبي فيمتزج طيبها بأنفاس أهلها الدافئه وخطوات تلامس وتعانق صكيكها ودهاليزها بعبق الماضي والحاضر.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
ترامب.. العنقاء العائد إلى البيت الأبيض للانتقام
اختتم الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، دونالد ترامب، 2024 بسلسلة إنجازات غير مسبوقة، فقد نجا من محاولتي اغتيال، وخرج سالماً من أربع قضايا جنائية، وفاز بانتخابات رئاسية فريدة من نوعها، واجه خلالها مرشحين ديمقراطيين اثنين.
وعندما غادر ترامب السلطة في يناير (كانون الثاني) 2021، بعد هزيمة أمام جو بايدن لم يعترف بها حتى الآن، لم يتوقع كثيرون عودته الناجحة سياسياً مثيراً للجدل لم يتخل يوماً عن خطته لإعادة الولايات المتحدة إلى عظمتها، وفق شعاره الشهير "اجعلوا أمريكا عظيمة مجدداً".وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أعلن ترامب نيته الترشح للرئاسة مجدداً، ومع مرور الوقت انسحب المرشحون الجمهوريون الآخرون واحداً تلو الآخر، مثل حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، وسفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، بعدما أدركوا أن شعبية الملياردير تقضي على فرصهم.
فوق القضاء؟
وأُغلق ملف قضية التدخل في الانتخابات والهجوم على مبنى الكونغرس في واشنطن؛ بسبب القوانين التي تمنع وزارة العدل من محاكمة رئيس في منصبه. كما سقطت قضيته في فلوريدا لحيازته وثائق سرية، بينما ظلت قضية التدخل في الانتخابات في جورجيا معلقة.
أما في نيويورك، فقد أُدين بتزوير سجلات تجارية لدفع رشوة لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز خلال حملة 2016، ليصبح أول رئيس في تاريخ البلاد يُدان جنائيا، وتأجل النطق بالحكم إلى موعد لم يحدد.
وكان ينظر إلى كل انتصار قضائي على أنه دليل على تسييس القضاء ضده، ما يعزز احتمالات سعيه للانتقام عند توليه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني). ورغم تأكيده أخيراً أنه "غير مهتم" بالانتقام، فإن اختياراته للمناصب الرئيسية، مثل ترشيح بام بوندي مدعية عامة، تشير إلى نيته القضاء على "التسييس" الذي يشكو منه.
ويدرك الرئيس المنتخب حجم توقعات الناس منه. ففي شبكته الاجتماعية "تروث سوشيال"، نشر صورة تجمع بين لقطة لملفه الجنائي وصورته على غلاف مجلة تايم، التي اختارته شخصية العام، على طريقة "كيف بدأ،كيف انتهى".
ولم تكن صورة ملفه الجنائي الوحيدة التي صنعت التاريخ هذا العام. فقد نُشرت أيضاً صورته بدماء تسيل من أذنه ويده مرفوعة بعد أن أصيب برصاصة في الأذن، أثناء تجمع انتخابي في بتلر بولاية بنسلفانيا، في أولى محاولتين لاغتياله.
ويبقى أن نرى تأثير عودته إلى السلطة. فقد وعد حتى الآن بالعفو عن المتهمين في الهجوم على الكونغرس، وتنفيذ أكبر حملة ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين في تاريخ البلاد، وإنهاء الحرب في أوكرانيا في 24 ساعة فقط.