عربي21:
2025-03-18@06:39:04 GMT

في إشكالية الديمقراطية الكويتية

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

مساحة جغرافية صغيرة، عدد سكان قليل، وفرة مالية كبيرة، مجتمع غني، عقد سياسي بين آل الصباح والتجار مطلع القرن الماضي أنتج شراكة سياسية عبر بوابة صناديق الاقتراع، وهذه كلها عوامل داعمة لإقامة الديمقراطية وتطورها، وجعلت من الكويت تجربة سياسية استثنائية في محيط جغرافي مختلف سياسيا إلى حد كبير.

لكن، خلف هذه الصورة العامة، تعاني الديمقراطية الكويتية من مشاكل جوهرية حالت دون استقرارها وتطورها، بما ينعكس إيجابا على المستويات السياسية والاقتصادية والقانونية.



مشكلات الديمقراطية الكويتية

1 ـ ثمة انقسام حضري وقبلي بين مؤسسي الدولة من آل الصباح والتجار الكبار من جهة والقبائل البدوية (شمر، العوازم، العنوز، العجمان.. إلخ) من جهة أخرى، متبوعا بتباين طائفي بين الأكثرية السنية والأقلية الشيعية، وانتشار حاد للفساد والمحسوبية وتجاوز القانون.

وعلى الرغم من المناخ الديمقراطي القائم منذ مطلع ستينيات القرن الماضي، متبوعا بحريات عالية مقارنة بالمحيط الجغرافي، إلا أن العلاقات العامودية (القبلية، الطائفية، المناطقية) ما تزال هي الفاعل والموجه للسلوك السياسي، ولم تنشأ رغم عقود الديمقراطية ثقافة سياسية قائمة على الفردانية.

بعد ستة عقود من هذه التجربة المشوهة كان يفترض أن تكون الكويت على موعد مع قفزة تاريخية باتجاه الديمقراطية يخلصها من مشاكلها الذاتية السابقة، لكن الذي حصل هو العكس، حيث كان المجتمع الكويتي والمهتمين بالديمقراطية في العالم العربي على موعد تاريخي عنوانه تعطيل الديمقراطية في البلاد، ولو إلى حين. 2 ـ واقع دستوري يحول دون تطور التجربة الديمقراطية، فالحكومات لا تنبثق من البرلمان مباشرة، الأمر الذي يُفقد البرلمان قدرته على الحكم والتشريع، ليتحول إلى مجرد مشاكس ومعرقل ينحصر عمله في ملاحقة الحكومة غير المنتخبة.

3 ـ مشاركة شخصيات من العائلة الحاكمة في الحكومة، ما وضع الحكومة في موضع خارج المسائلة، أو على الأقل ضمن مسائلة شكلية، وهو ما رفضه كثير من النواب ممن أصروا على فتح ملفات هامة، مثل ملفات فساد شارك فيها أفراد من العائلة الحاكمة.

4 ـ ضيق القاعدة الانتخابية على مستوى الأفراد واتساعها على مستوى الدوائر: تقتصر عملية الانتخاب على أولئك الذين تجاوز سن الـ 21 عاما، مع استبعدا المرأة وأفراد الجيش والشرطة والجالية الكويتية في الخارج، إضافة إلى فئة البدون ممن لا يحملون الجنسية الكويتية.

أما على مستوى الدوائر، فالعكس صحيح، إذ قسمت الكويت إلى 25 دائرة انتخابية، وهذا عدد كبير مقارنة بالمساحة الجغرافية الصغيرة وعدد السكان القليل، الأمر الذي أدى إلى تشتت الأصوات وعدم تحولها إلى كتلة فارقة.

5 ـ غياب الأحزاب في العملية الانتخابية، الأمر الذي يحول دون تشكل أجندات وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية يندرج تحتها الناخبون، وكان لهذا الغياب أثر سلبي كبير، إذ جعل عمل البرلمان عملا فردانيا لا جماعيا، وحول الاهتمام من القضايا الكبرى إلى قضايا الفساد والمحسوبية.

6 ـ غياب المجتمع المدني، فالمجال العام في الكويت مقتصر على "الديوانيات"، ففيها يجري النقاش حول القضايا العامة، وفيها يستحصل المرشح البرلماني على قاعدته الانتخابية، ولهذا حالت ظاهرة الديوانيات على ما فيها من إيجابيات، دون نشوء مجتمع مدني يكون وسيطا بين المجتمع والدولة.

النتاج السياسي

بناء على هذه المعطيات السابقة، نشأ نظام سياسي غريب في الكويت، لا هو بديمقراطي كامل ولا هو بنظام استبدادي تكون السلطة فيه محتكرة بالكامل في شخص واحد.

فيه بعض القيم الديمقراطية، مثل شراكة الشعب في صنع القرار عبر انتخاب السلطة التشريعية والفصل بين السلطات نسبيا، والرقابة على أداء السلطة التنفيذية، وسلطة سحب الثقة من الوزراء، والحق في عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء مما قد يؤدي إلى إعفائه من قبل الأمير.

وبين هذا وذاك، تعقدت الحياة السياسية والتشريعية وتشابكت، ونشأت صراعات انعكست سلبا على عمر الحكومات وعلى الأداء التشريعي.

مستقبل الديمقراطية الكويتية

بعد ستة عقود من هذه التجربة المشوهة كان يفترض أن تكون الكويت على موعد مع قفزة تاريخية باتجاه الديمقراطية يخلصها من مشاكلها الذاتية السابقة، لكن الذي حصل هو العكس، حيث كان المجتمع الكويتي والمهتمين بالديمقراطية في العالم العربي على موعد تاريخي عنوانه تعطيل الديمقراطية في البلاد، ولو إلى حين.

لم تنشأ نخبة كويتية، سواء في مجلس الأمة أو في المجال العام تنظر إلى الديمقراطية من خارج المنظور البراغماتي والمناكفات السياسية، ولهذا السبب لم تخترق الديمقراطية في الكويت النسيج الاجتماعي القبلي والحضري معا.ثمة ثلاثة أسباب رئيسية حالات دون حدون نقلة إيجابية في الديمقراطية الكويتية، وأدت إلى هذه الانتكاسة:

1ـ نشأت الديمقراطية الكويتية في ظل معطيات تاريخية فرضت على آل الصباح قبولها آنذاك، وخلال العقود الماضية لم تنشأ شخصيات من العائلة الأميرية مقتنعة بالديمقراطية وبضرورة تطويرها، فظلت تنظر إلى الديمقراطية الكويتية على أنها امتياز أعطته للشعب الكويتي بحدود الإمكان التاريخي.

2ـ لم تنشأ نخبة كويتية، سواء في مجلس الأمة أو في المجال العام تنظر إلى الديمقراطية من خارج المنظور البراغماتي والمناكفات السياسية، ولهذا السبب لم تخترق الديمقراطية في الكويت النسيج الاجتماعي القبلي والحضري معا.

3ـ مناخ جغرافي طارد للديمقراطية، وقد ظهر هذا جليا في الرسائل الإماراتية والسعودية الداعمة لخطوة أمير الكويت بتعطيل الديمقراطية.

إن تعطيل التجربة الديمقراطية في الكويت يُشرع طرح السؤال الكبير القديم ـ الجديد، لماذا تتقدم دول كثيرة نحو الديمقراطية (أميركا اللاتينية، شرق أوروبا وجنوبها، منطقة أوراسيا، جنوب شرق آسيا، إفريقيا) فيما تتعطل الديمقراطية دائما في العالم العربي؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الديمقراطية الكويت الكويت سياسة رأي ديمقراطية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدیمقراطیة فی فی الکویت على موعد

إقرأ أيضاً:

العلاج الجنائزي في كوريا الجنوبية.. الموت 10 دقائق لتخفيف ضغوط الحياة

في ظل ارتفاع معدلات التوتر والاكتئاب في كوريا الجنوبية، برز نهج علاجي غير تقليدي يُعرف بـ"العلاج الجنائزي" أو "تجربة الدفن الوهمي"، وهو أسلوب علاجي يُستخدم لمساعدة الأفراد على إعادة تقييم حياتهم والتغلب على الأزمات النفسية.

ويقوم المشاركون في هذه التجربة بالاستلقاء داخل توابيت مغلقة لمدة 10 دقائق، في محاولة لإعطائهم إحساسا بالموت المؤقت، مما يساعدهم على إدراك قيمة الحياة وإعادة التفكير في أولوياتهم.

وتعد كوريا الجنوبية واحدة من الدول التي تعاني من معدلات مرتفعة للاكتئاب والانتحار، خصوصا بين الشباب والعاملين في الشركات الكبرى. وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية، تصنف كوريا الجنوبية ضمن الدول ذات أعلى معدلات للانتحار في العالم، حيث تؤدي الضغوط الاجتماعية والمهنية إلى تزايد حالات الاكتئاب والانتحار بشكل مقلق، مما جعلها تحتل المرتبة العاشرة عالميا في هذا السياق.

South Korea holds funerals for the living. More here: https://t.co/CNOlz9sg2d pic.twitter.com/gIlRj6ni2W

— Reuters (@Reuters) November 6, 2019

أمام هذه الظاهرة، لجأت بعض الشركات الكورية الجنوبية منذ أواخر عام 2000 إلى اقتراح تجربة الجنازات الوهمية لموظفيها، كوسيلة لمساعدتهم على تخفيف الضغط النفسي والتأمل في حياتهم.

إعلان

داخل غرفة خافتة الإضاءة، يرتدي المشاركون أكفانا بيضاء قبل أن يرقدوا داخل التوابيت الخشبية المغلقة. في تلك اللحظات، يجدون أنفسهم في عزلة تامة، حيث يبدؤون في التفكير في ماضيهم وأحبائهم.

وبعد خروجهم، يعبر العديد منهم عن شعورهم بتقدير أكبر للحياة، ويتعهدون بعيشها بطريقة أكثر إيجابية. وتُعد هذه التجربة جزءا من اتجاه "الموت بسلام"، الذي يعكس تحول المجتمع الكوري الجنوبي من التركيز على النجاة بعد الحرب الكورية إلى التركيز على جودة الحياة والصحة النفسية.

كثيرون يرون أن هذه الجنازات الوهمية تقدم فرصة للتخلص من الضغوط الهائلة التي يعاني منها الشباب الكوري الجنوبي، حيث يتعرضون لمنافسة شرسة في امتحانات القبول الجامعي، وصعوبة في العثور على عمل، وساعات عمل طويلة ومرهقة، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

ومنذ افتتاح مركز هيوون للشفاء عام 2012، شارك أكثر من 25 ألف شخص في هذه التجربة، أملا في تحسين حياتهم من خلال استحضار فكرة الموت بطريقة رمزية.

You can now experience how death feels through virtual reality from cardiac arrest to brain death. pic.twitter.com/mMUhW2XQf8

— Daily Loud (@DailyLoud) March 28, 2023

تجارب مماثلة ظهرت في أماكن أخرى حول العالم، حيث تمارس الصين نوعا مشابها من العلاج في مقبرة "باباوشان" في بكين، حيث يتم استخدام الواقع الافتراضي لمحاكاة تجربة الموت.

ويرتدي المشاركون نظارات وسماعات متطورة ليعيشوا تجربة نوبة قلبية مفاجئة، يليها فشل محاولات الإنقاذ، ثم الدخول إلى عالم ما بعد الموت، مما يمنحهم فرصة لإعادة التفكير في حياتهم وتقديرها بشكل أعمق. وفي عام 2023، نظمت أكبر دار جنازات في بكين يوما مفتوحا تضمن تجربة مماثلة باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، لكن التجربة أثارت تساؤلات عديدة حول مدى جدواها وما إذا كانت مفيدة بالفعل في تحسين الصحة النفسية.

إعلان

يثير العلاج الجنائزي جدلا واسعا بين الخبراء النفسيين. يرى البعض أنه أداة فعالة لمساعدة الأفراد على تقدير حياتهم وتقليل القلق والاكتئاب، بينما يحذر آخرون من أنه قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات النفسية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات حادة. ومع ذلك، لا يزال هذا النهج يحظى بشعبية متزايدة في كوريا الجنوبية، حيث يبحث الأفراد عن طرق غير تقليدية لمواجهة تحديات الحياة المتزايدة.

مقالات مشابهة

  • سحب شهادة الجنسية الكويتية من 12 شخصاً
  • الداخلية الكويتية توضع حقيقة إصدار قانون منع ارتداء النقاب أو البرقع أثناء القيادة
  • الشركة الكويتية لمكافحة الحشرات والقوارض بالكويت
  • كاتب أميركي: ترامب يقوض الديمقراطية محليا ودوليا
  • العراق يفتح أبوابه للجماهير الكويتية لدعم الأزرق في مواجهة أسود الرافدين
  • المدرسة الديمقراطية: ترامب يقود أمريكا نحو الارهاب العالمي
  • العلاج الجنائزي في كوريا الجنوبية.. الموت 10 دقائق لتخفيف ضغوط الحياة
  • "أمواج" تُطلق عطرين جديدين من "أوديسي" يُجسِّدان "قوة المالانهاية"
  • سحب الجنسية الكويتية من 12 شخصًا
  • الشقيري يختبر قدرة الرجال على تحمل محاكاة ألم الولادة..فيديو