باحثون: العلاقة بين الإغريق والعرب تعود إلى قبل الميلاد والشواهد عليها حاضرة في اللغة والأدب والفن
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
الشارقة - الرؤية
أكد عدد من الباحثين والكتاب الإماراتيين واليونانيين أن العلاقات التاريخية بين اليونان والعرب تعود إلى آلاف السنين، وتتجلى في حجم الترجمات العربية للمصنفات الإغريقية، وهي متجسدة في العمارة، والفنون الشعبية، والفلك والطب، وغيرها من العلوم والآداب والفنون، مشيرين إلى عدد من الكلمات اليونانية ذات الأصول العربية، ومختارات من أبرز مؤلفات الشعر والسرد العربي التي ذكرت فلاسفة اليونان وتأثرت بهم.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان "الصلات الحضارية بين العرب واليونان" ضمن فعاليات الشارقة أول ضيف شرف عربي على معرض سالونيك الدولي للكتاب 2024، تحدث خلالها كل من الدكتور سلطان العميمي، رئيس مجلس إدارة اتحاد أدباء وكتاب الإمارات، والدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، والباحث والأنثروبولوجي هارس ميلتياديس، عضو مؤسسة الثقافة اليونانية.
مفردات يونانية وعربية مشتركة
وخلال الجلسة، ألقى الشاعر والباحث الإماراتي الدكتور سلطان العميمي الضوء على الروابط التاريخية العميقة بين العرب واليونان، مؤكداً أن هذه العلاقة تمتد إلى ما قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، مستشهداً بالكتابات اليونانية القديمة التي وثّقت بدقة جغرافية البلاد العربية، وأشار في هذا الصدد إلى أعمال أيسخيليوس وإيسوقراط ويوريبيدس الذين تركوا نصوصاً تحكي عن بلاد العرب.
وتطرّق العميمي أيضاً إلى تأثير اللغة العربية على اليونانية، مستعرضاً حجم المفردات المشتركة بين اللغتين وتلك التي انتقلت من العربية إلى اليونانية، وأوضح أن هذا التأثير المتبادل لا يزال موضوعاً يحوم حوله الغموض؛ إذ لا يعرف بالضبط متى بدأ. وقال: "من الأمثلة على المفردات اليونانية ذات الأصل العربي كلمة (باراقالو) التي تعني (برجاء لو)، و(عتّال: أتالس) ومفردات مثل (خزنة: كزنس)، و(دنيا: داونياس)، و(خسارة: كساورا)، و(خبر: خاباري). وفي الاتجاه المعاكس، نجد كلمة (اسطرلاب) ذات الأصل اليوناني، حيث (اسطر) تعني النجم، و"وناؤوس" التي تعني الشرع".
وأضاء العميمي في الجلسة على بعض المدونات العربية التي ذكرت فيها اليونان وفلاسفتهم، مثل كتاب الفهرست لابن النديم. ومنها بيت لابن الرومي، الذي توفي في القرن الثالث للهجرة، ويقول فيه:
ونحن بنو اليونان قوم لنا حِجًا
ومجد وعيدان صلاب المعاجم.
وأشار العميمي إلى كتاب "الرسالة الحاتمية" لابن المظفر الذي ينسب إلى المتنبي أنه تأثر في بعض أبياته بمقولات لأرسطو، منها مقولة أرسطو: إذا عرفت من أفنى عمره في جمع المال خوف العدم فقد أوزى بنفسه إلى الفقر… زاعماً أن المتنبي تأثر بمقولته، فقال:
ومن ينفق الساعات في جمع مالهِ
مخافة فقر فالذي فعل الفقـرُ
النسطورية وفن الفجري
بدوره، تحدث الدكتور عبد العزيز المسلم حول العلاقة بين اليونان والعالم العربي من خلال المذهب النسطوري، وهو تيار ديني ظهر في المسيحية القديمة، مؤسسه نسطوريوس، الذي رفض فكرة اتحاد الطبيعتين الإلهية والبشرية في شخص المسيح، حيث أشار المسلَّم إلى أن أهل الخليج قبل الإسلام كانوا يتبعون هذا المذهب.
وتطرق المسلّم أيضاً إلى فن الفجري، وهو نوع من الغناء البحري الذي يُعتقد أن له جذوراً تاريخية ترتبط بالنسطورية، حيث روى قصة ثلاثة صيادين سمعوا أصوات طرب خلال رحلة بحرية، وعندما اقتربوا وجدوا مخلوقات أسطورية نصفها بشر ونصفها حيوانات، وتلقوا تحذيراً بأن أي شخص يكشف هذا السر للناس سيصاب بالعمى ثم يموت. لافتاً إلى أنه يُعتقد حتى اليوم أن من يمارس فن الفجري قد يصاب بالعمى، كما أوضح المسلم أن الألحان المستخدمة في فن الفجري تشبه ألحان الإنشاد الديني النسطوري، مما يعكس الصلة بين هذا الفن والمذهب النسطوري اليوناني.
الصداقة الثقافية روح الشعوب
في مداخلته خلال الجلسة، قدم الأنثروبولوجي هارس ميلتياديس عرضاً تاريخياً شاملاً للعلاقات اليونانية العربية، مؤكداً على أهمية الترجمة كنقطة انطلاق لفهم هذه العلاقات، ومشيراً إلى أن الترجمات من اليونانية إلى العربية كانت بمثابة جسر لنقل المعرفة في مجالات الفلسفة، الطب، الفلك، والعمارة، وأن هذه الترجمات لعبت دوراً محورياً في تشكيل العلاقة بين الحضارتين.
وقال ميلتياديس: "كانت الترجمة العربية عظيمة ومفصلية في تاريخ العلاقة بين اليونان والحضارة العربية، وحان الوقت لإقامة علاقات صداقة ثقافية تعزز الروابط بين الشعبين؛ إذ إن الثقافة خير ما يمثل روح الأمم والشعوب".
وأكد ميلتياديس أن الحاجة اليوم ماسة أكثر من أي وقت مضى لخلق علاقات صداقة ثقافية لتعميق الصلات بين العرب واليونان، معتبراً أن الثقافة هي العنصر الأساسي الذي يجمع بين الشعوب ويعزز التفاهم المتبادل، مشيراً إلى أن هذه الصداقة الثقافية ستكون الأساس لمستقبل مشترك أكثر إشراقاً وتفاهماً بين حضارتين تمتلكان نقاط تفاهم والتقاء تاريخية مشتركة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: العلاقة بین إلى أن
إقرأ أيضاً:
إطلاق سياسة إلزامية تعليم اللغة العربية في مرحلة الطفولة المبكرة
دبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأطلقت هيئة المعرفة والتنمية البشرية «سياسة إلزامية تعليم اللغة العربية في مرحلة الطفولة المبكرة» ضمن مبادرة «لغة الضاد» باستراتيجية التعليم 2033، والرامية إلى تطوير وتعزيز مكانة اللغة العربية وإثراء تجربة تعليمها وتعلُّمها، وإبراز الثقافة والهوية الإماراتية في منظومة التعليم في إمارة دبي، وذلك تنفيذاً لتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، للارتقاء بتعليم وتعلُّم اللغة العربية وإبراز مكانتها في منظومة التعليم في الإمارة، وتزامناً مع اليوم العالمي للغة الأم.
وتستهدف السياسة إتاحة الفرص أمام الأطفال لتنمية مهاراتهم في اللغة العربية في سن مبكرة، وتعزيز المواقف الإيجابية تجاه تعلم اللغة العربية من خلال جعلها تجربة ممتعة وجاذبة للأطفال.
ووفقاً لسياسة تعليم وتعلم اللغة العربية في مرحلة الطفولة المبكرة في دبي، تلتزم جميع مراكز الطفولة المبكرة والمؤسسات التعليمية الخاصة التي تقدم خدمات الرعاية والتعليم بتوفير خدمات وأنشطة تعليم اللغة العربية للأطفال من الولادة حتى سن السادسة، وفق خطة زمنية محددة للتنفيذ، وتستهدف المرحلة الأولى الأطفال من سن 4 إلى 6 سنوات اعتباراً من العام الدراسي القادم 2025 – 2026 للمؤسسات التعليمية التي يبدأ عامها الدراسي في شهر سبتمبر من كل عام، واعتباراً من شهر أبريل 2026 في المدارس الخاصة التي يبدأ عامها الدراسي في أبريل من كل عام، على أن يتم تقييم النتائج بشكل دوري قبل تعميمها لتشمل مراكز الرعاية والتعليم للأطفال من عمر 0 إلى 4 سنوات في مراحل لاحقة خلال السنوات القليلة القادمة.
وقالت فاطمة إبراهيم بالرهيف، المدير التنفيذي لمؤسسة ضمان جودة التعليم في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي: «تهدف استراتيجية التعليم إلى إحداث نقلة نوعية في المنظومة التعليمية من خلال التركيز على الطالب في المقام الأول، وتلبية احتياجاته وتنمية مهاراته في مراحل حياته المختلفة، بدءاً من الطفولة المبكرة وحتى التعليم العالي وما بعده عبر تمكين كل طالب من الحصول على التعليم عالي الجودة، وترسيخ الثقافة والهوية الإماراتية واللغة العربية في المجتمع التعليمي».
وأضافت: «نحرص على ضمان تطبيق جميع المؤسسات التعليمية الخاصة في الإمارة لنهج متوازن يتماشى مع تلبية المتطلبات الوطنية والمناهج التعليمية الدولية المرخصة فيها، ومن ضمنها توفير فرص متكافئة وفاعلة لتعلم مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية والدراسات الاجتماعية والتربية الأخلاقية لجميع الطلبة في دبي».
وتركز السياسة على أهمية توفير العدد الكافي من المعلمين المؤهلين والمُدرَّبين في المؤسسات التعليمية المستهدفة لضمان تدريب الأطفال على مهارات اللغة العربية خلال يومهم الدراسي، مع ضمان أن يكون ثلث الوقت الأسبوعي المخصص لتعليم الأطفال -كحد أدنى- بحضور معلم ناطق بالعربية يشارك بفاعلية في أنشطة يقودها الأطفال أو في أنشطة جماعية أو أنشطة مخصصة لمجموعات صغيرة بقيادة المعلم.