تعلق منذ صغره بالسماء، ألفته وألفها وأحب أن يمسك بكفيه الصغيرتين سُحبها، فسحبته نداهتها عندما اشتد عوده وأغرم بعلوم الفضاء والكويكبات، رحلة طويلة خاضها ابن أول جامعة مصرية، وصولًا إلى التدريس في الجامعات العالمية، اجتهد وتعلم وثابر ليصل إلى طريق الإنجاز الذي اختتمه بكتابة اسمه بحروفٍ من نور، فأصبح اسمه موثقا في السماء، وأطلق الاتحاد الدولي للفلك اسمه على كويكب بارز، تقديرا لإسهاماته على مدار 15 عامًا في مجال الفضاء والكويكبات.

العالم المصري محمد رامي المعري، الأستاذ في كلية علوم الفضاء والكواكب والأرض بجامعة خليفة في أبو ظبي بالإمارات، والمدير لمركز علوم الفضاء والكواكب في الجامعة نفسها، فاجأ الاتحاد الفلكي الدولي الجميع؛ بإطلاق اسم «المعري 357148» بدلا من «CZ 2002» على أحد الكويكبات، تقديرًا لمساهماته العملية في مجال الفضاء والفلك ليصبح ثاني مصري بعد الدكتور فاروق الباز يطلق اسمه على كويكب، وأجرت الوطن معه حوارًا، جاء نصه كالتالي:

في البداية.. حدثنا كيف جاء قرار إطلاق اسمك على كويكب؟

هذا التكريم ثمرة مجهود فترة كبيرة من العمل، اشتركت في العمل على مشروع مشترك بين المرصد الفلكي في إيطاليا ومركز الفضاء الألماني، وكان يهدف المشروع إلى استكشاف الكويكبات في الفضاء، وبالفعل نجحنا في اكتشاف العديد من الكويكبات وتسميتها، بما في ذلك الكويكب المعروف حاليًّا باسم «المعري 357148».

درست في جامعة القاهرة.. أخبرنا عن دراستك في مصر؟

التحقت بكلية العلوم بجامعة القاهرة عام 1998، درست فيها الكمياء والجولوجيا، والسبب الذي دفعني للاتحاق بها هناك فقرة في أحد الكتب الدراسية العلمية، تتحدث عن مزج العلوم المختلفة، مثل الكيمياء البيولوجية وجيولوجيا الكواكب، فكان لدي شغف كبير بدراسته منذ صغير.

كيف كانت رحلتك بعد التخرج من جامعة القاهرة؟

بعد التخرج قررت البحث عن مجالات دراسية للتوسع في علوم الفضاء والكويكبات، وراسلت بعض الجامعات الأوروبية للحصول على منح دراسة الكويكبات وعلوم الفضاء، وبعد ثلاث سنوات من البحث حصلت على منحة الماجيستير عن طريق برنامج اللجنة الأوروبية للتعليم، من خلاله قمت بالدراسة في عدة جامعات أوروبية على مدى عامين، العام الأول 2005 درست أول ترم بألمانيا، والترم الثاني كان بالسويد، ثم العام الثاني كان بجامعة تولوز بفرنسا، وكان محور رسالة الماجيستير حول تحليل أشعة جاما لسطح المريخ بواسطة المهمة أوديسي، لدراسة النشاط البركاني على المريخ، وبعد الماجيستير، حصلت على منحة لدراسة الدكتوراة من معهد ماكس بلانك بألمانيا لدراسة علوم المجموعة الشمسية.

دراستك للكواكب والفضاء أهلتك للتدريس في عدد من الجامعات الأوروبية.. ما هي أبرز هذه الجامعات؟

بعد الماجستير والدكتوراة عملت بجامعة برن بسويسرا، وانتقلت منها بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية كباحث زائر لمدة عامين في جامعة كولورادو بولدر، كما عملت محاضرًا بجامعة ببركبك في لندن، والآن أعمل أستاذا مشاركا في علوم الفضاء والكواكب والأرض بجامعة خليفة، ومديرا لمركز علوم الفضاء والكواكب في جامعة خليفة في أبو ظبي بالإمارات.

كيف بدأ حبك لمجال الفضاء منذ صغرك؟

منذ صغري وأنا أعشق الفضاء، فكان هدفي أن أتخصص في علوم الفضاء والكواكب، فكانت كلية العلوم هي وسيلة تحقيقي لهذا الهدف، خاصة وأنا كنت أعشق علم الجيولوجيا، فأحببت أن أدرس الجيولوجيا كي أتخصص في جيولوجيا الكواكب.

شاركت في مشروع مهم مع وكالة الفضاء الأوروبية.. حدثنا عنه؟

كنت أحد أعضاء الفرق الاستشارية المتخصصة التي ساعدت في وضع استراتيجية وكالة الفضاء الأوروبية المستقبلية للبعثات خلال الفترة الزمنية 2035-2050، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى توصيل خطوط الملاحة والأقمار الصناعية حول القمر بحلول عام 2030؛ لتكون متاحة لكل الراغبين في استكشاف القمر.

حدثنا عن أبرز المهام التي شاركت بها؟

امتدت رحلتي البحثية لقرابة 15 عامًا، شاركت في أكثر من 80 بحثًا علميا، وفي العديد من المهمات الفضائية لدراسة المريخ والكويكبات الصغيرة في المجموعة الشمسية، ومنها الإمارات في استكشاف القمر، وحزام الكويكبات، كما أنني أحد أفراد الفريق العلمي للعديد من المهمات الحالية والمستقبلية، مثل مركبة الاستطلاع المدارية المريخية التابعة لوكالة ناسا، ومركبة تتبُّع الغازات المدارية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، وكذلك مهمات «مركبة إكزومارس» ومهمة «هيرا» التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، ومهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات.

كما شاركت في مهمة «روزيتا»، وتمثل هذه المهمة لحظة فارقة في تاريخ الاستكشاف الفضائي، وتحديدًا فيما يتعلق بالمذنبات؛ لأنها كانت أول مهمة تسمح بدراسة المذنبات بدقة كبيرة عن طريق التقاط صور ذات دقة عالية تسمح بدراسة جيولوجيا المذنبات وليس فقط خصائصها الفلكية.

والمهمة «روزيتا»، كانت أول مركبة تقترب من مذنب 67/ب وتعمل على دراسته لأكثر من عامين، وهنا ظهرت الحاجة إلى متخصصين في الجيولوجيا، لدراسة التقلبات والتغيرات الجيولوجية والمورفولوجية التي قد تطرأ على سطح المذنب وجسمه مع اقترابه من الشمس لأنه كان نشطًا.

أخبرنا عن الدور الذي تقوم به في المهمة «روزيتا»؟

كنت أحد الجيولوجيين القلائل الذي شاركوا في هذه المهمة، كنت أعمل لتحليل بيانات الصور التي تلتقطها كاميرا «أوزوريس» لسطح المذنب، وهو ما أسهم في تطور فهمنا لتطور جيولوجيا المذنبات، وكنت أحد رواد دراسة التغيرات على سطح المذنب، ونتج عنها دراسة تناولت تلك التغيرات ونشرتها مجلة «ساينس» عام 2017، وكان من مهامي أيضًا إطلاق أسماء مصرية قديمة على المناطق الموجودة على المذنب مثل منطقة «أمنحتب».

لماذا تحرص على إلقاء المحاضرات في المدارس والجماعات المصرية؟

حرصت على إلقاء الندوات والمحاضرات العلمية في المدارس والجامعات في محافظات مصر المختلفة، وهي من أحب وأقرب الأشياء إلى قلبي، وأتعاون مع الجمعية المصرية لعلوم الفلك، خلال زياراتي لمصر، ويجب أن نعمل على تسهيل العلم بتوازن يحفظ المضمون العلمي ويحمي القارئ من الفهم الخطأ للعلم، وهي مسئولية أي باحث علمي أن يرد الجميل للمجتمع الذي نشأ وتعلم فيه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الفضاء كويكب مجال الفضاء الفضاء الأوروبیة على کویکب

إقرأ أيضاً:

حمدان بن محمد يثمّن جهود فريق مركز محمد بن راشد للفضاء في نجاح إطلاق مهمة “محمد بن زايد سات”

ثمّن سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، الجهود المتميزة التي بذلها فريق مركز محمد بن راشد للفضاء في تحقيق نجاح جديد يضاف إلى سجل الإنجازات الوطنية في مجال تقنيات الفضاء، وذلك بإطلاق القمر الاصطناعي “محمد بن زايد سات”.
وأكد سموّه أن هذا الإنجاز يعكس الرؤية الطموحة لدولة الإمارات في تعزيز موقعها الريادي ضمن الدول المتقدمة في علوم وتقنيات الفضاء، مشيدًا بروح الإبداع والتفاني التي يتميز بها فريق العمل، ومساهمته في ترجمة طموحات القيادة الرشيدة إلى واقع ملموس.
جاء ذلك خلال استقبال سموّه وفدًا من مركز محمد بن راشد للفضاء، بحضور معالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، ومعالي الدكتور سلطان النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب، ومعالي الفريق طلال حميد بالهول الفلاسي، نائب رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، وسعادة حمد عبيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة المركز، وسعادة سالم حميد المري، مدير عام المركز، وأعضاء مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء، وفريق مهمة القمر الاصطناعي “محمد بن زايد سات”.
وقال سموّه: “فخور بما قدّمه فريق مركز محمد بن راشد للفضاء من مهارات في تطوير هذا القمر الاصطناعي بأيادٍ إماراتية… تفانيهم وإصرارهم يعكس رؤيتنا الوطنية الهادفة إلى تمكين الكفاءات الإماراتية وتعزيز دورها في رسم مستقبل قطاع الفضاء العالمي”.
وأشار سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم إلى الأهداف الطموحة التي يمثلها القمر الاصطناعي قائلاً: “هذه المهمة هي جزء من استراتيجيتنا الطموحة لتعزيز استدامة قطاع الفضاء، وبناء اقتصاد معرفي متقدم. وبدعم قيادتنا الرشيدة، سنواصل العمل على تحقيق المزيد من النجاحات التي تضع الإمارات في صدارة الدول المبتكرة والمستدامة”.
وختم سموّه: “هذه المهمة ستتلوها إنجازات جديدة في مجال الفضاء… سنواصل تقديم إسهامات علمية بالتعاون مع المجتمع العلمي العالمي لإثراء معرفة البشرية، وستبقى الإمارات مصدر إشعاع لعلمٍ يخدم البشرية ويبث الأمل بمستقبل أفضل”.
من جانبه، قدّم فريق المهمة لسموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم تفاصيل تطوير القمر الاصطناعي “محمد بن زايد سات” بأيادٍ إماراتية، والتحديات التي واجهت توطين الصناعة المحلية وكيفية التغلب عليها عبر التعاون مع الشركات الوطنية.

وقد نجح الفريق في تحقيق المواصفات والمعايير المطلوبة لقطاع الفضاء من خلال شراكات مع شركات محلية مثل ستراتا، وفالكون، وهالكون، والإمارات العالمية للألمنيوم، وركفورد زيليركس، وإي بي آي.

وقد أسفر هذا التعاون عن تصنيع 90% من الهيكل الميكانيكي، ومعظم الوحدات الإلكترونية للقمر الاصطناعي داخل دولة الإمارات.
كما استعرض الفريق مراحل الأيام الأخيرة قبل الإطلاق، حيث عمل فريق الإطلاق لمدة 50 يومًا في قاعدة فاندنبرغ الجوية ضمن مرافق شركة “سبيس إكس”، وقاموا بإجراء اختبارات مكثفة للتأكد من جاهزية القمر الاصطناعي للإطلاق.

كما قدم الفريق شرحاً حول تفاصيل عملية الإطلاق بدءًا من انفصال القمر الاصطناعي عن صاروخ “فالكون 9″، وصولًا إلى مرحلة الاختبار والتشغيل، حيث تم التأكد من كفاءة عمل جميع أنظمة القمر الاصطناعي.
قفزة تكنولوجية.
تم إطلاق “محمد بن زايد سات”، القمر الاصطناعي الأكثر تطورًا في المنطقة، في 14 يناير الجاري ليكون علامة فارقة في مجال تكنولوجيا الفضاء، بفضل قدرته الاستثنائية على توفير صور فائقة الدقة وسرعات قياسية لنقل البيانات إلى المستخدمين حول العالم.

ويمتاز “محمد بن زايد سات” بتفوقه الواضح على الأنظمة الحالية، إذ يحقق دقة مضاعفة في التقاط الصور، وسرعات لنقل البيانات أسرع بأربع مرات، وإنتاجية صور تزيد بمقدار 10 مرات مقارنة بالقدرات التقليدية. وتعكس هذه المهمة الطموحة رؤية الإمارات في بناء اقتصاد مستدام مدعوم بالابتكار العلمي، مع الالتزام بتحسين جودة الحياة عالميًا عبر توظيف أحدث التقنيات الفضائية.
مصدر فخر .
وقال معالي الفريق طلال حميد بالهول، نائب رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء: “نتقدم بجزيل الشكر لسموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، على دعمه اللامحدود لجهود مركز محمد بن راشد للفضاء، والذي كان له الأثر الكبير في تحقيق هذا الإنجاز الوطني. إن هذا الدعم يعكس رؤية القيادة الرشيدة في تعزيز ريادة دولة الإمارات في قطاع الفضاء وتمكين الكفاءات الوطنية لتكون جزءاً من هذا المسار الطموح. سنواصل، بفضل هذه الرؤية الملهمة، العمل بجد وإصرار لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تعزز من مكانة الإمارات على خارطة الدول المتقدمة في علوم وتقنيات الفضاء، وستعمل مهمة “محمد بن زايد سات” على تعزيز جهود برنامج الإمارات الوطني للفضاء، من خلال توفير بيانات وتقنيات تُسهم في خدمة مجالات مختلفة داخل الإمارات وحول العالم”.
وقال سعادة حمد عبيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء: ” إن لقاء سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم يُعدّ تكريمًا لجهود فريق المركز ودعمًا كبيرًا لمسيرتنا نحو تحقيق المزيد من الإنجازات النوعية في قطاع الفضاء. إن هذه الإنجازات ليست مجرد خطوات تقنية، بل هي تعبير عن رؤية وطنية تسعى إلى تمكين العقول الإماراتية الشابة وترسيخ مكانة الدولة كمركز عالمي للابتكار والاستدامة في علوم الفضاء، ويمثل إطلاق القمر الاصطناعي “محمد بن زايد سات”، مرحلة متقدمة في طموحاتنا بمجال تقنيات الفضاء، ويعكس التعاون والتكامل بين مختلف فرق العمل، الذين نفخر بإبداعهم وقدرتهم على تحقيق الأهداف المرسومة بدقة واحترافية، كما أننا ملتزمون بمواصلة البناء على هذه النجاحات لتلبية تطلعات قيادتنا الرشيدة ورؤية الإمارات للمستقبل”.
كفاءات وطنية.
من جانبه، قال سعادة سالم حميد المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء: “نتوجّه بخالص الشكر والامتنان إلى سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم لدعمه المتواصل واهتمامه الكبير. هذا اللقاء يعكس حرص سموّه على متابعة الإنجازات الوطنية في مجال الفضاء. محمد بن زايد سات هو نتاج عملٍ دؤوب وتفانٍ من الكوادر الوطنية التي تؤمن بأهمية دورها في تحقيق رؤية الإمارات في أن تكون من بين الدول الرائدة في مجال علوم وتقنيات الفضاء. ملتزمون بتطوير المزيد من المشاريع والمهمات الطموحة التي تسهم في تعزيز قدرات الدولة في هذا المجال الحيوي، وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون العلمي والبحثي مع مختلف الشركاء داخل الدولة وخارجها”.


مقالات مشابهة

  • ممكن يخبط في الأرض.. العلماء يكتشفون كويكب جديد خطير
  • حمدان بن محمد يثمّن جهود فريق مركز محمد بن راشد للفضاء في نجاح إطلاق مهمة “محمد بن زايد سات”
  • حمدان بن محمد يثمّن جهود فريق مركز محمد بن راشد للفضاء في نجاح إطلاق مهمة «محمد بن زايد سات»
  • حمدان بن محمد: إنجازات جديدة تتبع مهمة إطلاق "محمد بن زايد سات"
  • اكتشاف عناصر أساسية للحياة على كويكب بينو
  • مراقبة كويكب يحتمل ارتطامه بالأرض.. وتحديد موعد الخطر
  • اكتشاف أجسام غامضة في الفضاء باستخدام تقنية مسح جديدة
  • اكتشاف كويكب قريب من الأرض يحمل عناصر الحياة
  • اكتشاف كويكب يحتمل اصطدامه بالأرض في 2032
  • قد يصطدم بالأرض.. مركز الفلك الدولي يعلن اكتشاف كويكب ويبين الموعد المتوقع للاصطدام المحتمل