طائرات حربية مصرية في سماء سيناء.. ما حقيقة الفيديو؟
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
مع تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ أكثر من 7 أشهر في قطاع غزة، وتمددها إلى رفح الواقعة على الحدود المصرية، صعدت القاهرة لهجتها ضد إسرائيل بعد أن حاولت منذ بدء الحرب الحفاظ على موقف متوازن.
وفي هذا السياق، تداولت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو، قيل إنه يُظهر تحليقاً للطائرات الحربية المصرية في سماء سيناء.
ويظهر في الفيديو سرب من الطائرات الحربية، ومن الممكن رؤية خطوط بألوان تبدو كأنها أسود وأبيض وأحمر، على جناحي كل طائرة.
وعمد ناشرو الفيديو لإضافة العلم المصري في أعلاه، وهو مؤلف من الألوان نفسها، مما يعزز الانطباع بأن هذه الطائرات مصرية.
وجاء في التعليقات المرافقة، أن الفيديو "يوثق طلعات جوية للطائرات الحربية المصرية في سيناء" خلال الآونة الأخيرة.
وهذا المنشور هو واحد من عدة منشورات ظهرت في الآونة الأخيرة، تتحدث عن استنفار عسكري مصري في ظل ما يجري في قطاع غزة المجاور لشبه جزيرة سيناء، من بينها منشورات تتحدث عن اصطفاف دبابات على الحدود، أو عن استعداد القوات الجوية لأي طارىء.
وتزامن ظهور هذه المنشورات مع نقل وسائل إعلام مصرية عن مصادر رفيعة، أن القاهرة أبلغت إسرائيل "بخطورة التصعيد" بعد سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وتشديدها على أن "مصر جاهزة للتعامل مع السيناريوهات كافة".
حقيقة الفيديولكن ما قيل عن الفيديو غير صحيح، فالتفتيش عنه على محركات البحث يُظهر أنه منشور عام 2022، مما ينفي ما قيل عنه على مواقع التواصل.
ونُشر الفيديو تحديداً في نوفمبر 2022، في مواقع تُعنى بالطيران الحربي، قالت إنه مصور في الولايات المتحدة، وتحديداً ضمن استعراض لطائرات Thunderbirds في قاعدة نيليس الجويّة في نيفادا في لاس فيغاس.
وبالفعل، أقيم في تلك القاعدة الجويّة استعراض لطائرات Thunderbirds في الخامس والسادس من نوفمبر 2022، وفقاً للموقع الإلكتروني للقاعدة العسكرية.
لكن هل الألوان الظاهرة على أجنحة الطائرات هي ألوان العلم المصري؟الإجابة هي لا، فهذه الألوان ليست ألوان العلم المصري وإن كانت تُشببها.
ويمكن ملاحظة وجود هذه الألوان نفسها في صور لطائرات حربية أميركية نشرتها مواقع عسكرية، وأيضاً وزعتها وكالة فرانس لطائرات Thunderbirds في السنوات السابقة.
وفي الصور الواضحة، يمكن ملاحظة أن اللون الثالث هو الأزرق الداكن، وليس الأسود. وبالتالي فإن هذه الألوان مقتبسة من ألوان العلم الأميركي ولا شأن لها بالعلم المصري.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: العلم المصری
إقرأ أيضاً:
في سماء تايتانيك
بقلم : د. مظهر محمد صالح ..
لم يسيطر عليّ شيء من الفزع الكالح، وكأنني وُلدتُ لأحلق
أراقب مياه المحيط وهي تنكمش تحت قدمي والغيوم تفتح لي ذراعيها،
وكأن السماء تعرفني،
وتهمس لي: لا تخف، فهنا موطنك .وانا على متن تلك الطائرة المتجهة الى ساحل اميركا الشمالي الشرقي خيل لي ان ومضة داكنة من اللاشعور قد انقضت بمنكبيها على متاهات عقلي، لتجعل الخوف كحشرة طائرة تتسلق جبال مخيلتي لتغرقها في مياه الاطلسي بعد ان ثملت بدفء الجو ولذته في تلك الارتفاعات الشاهقة في سماء المحيط . فالقلق والاحساس بالنكد جعل من رحلتي مغامرة فقدت ظلها، لتختلط فيها مسارات اليأس بالخوف، وقد قلّب الفزع ثناياها بأشواط واسعة ،وغامت الوانها تحت طيف من القلق واليأس وانا مازلت اتصفح المجلة التي وضعت امامي، وكان موضوعها الرئيس قد تناول الذكرى ما قبل المئوية لغرق السفينة تايتانيك، وان خلاصي من اليأس قد امسى مستحيلاً مالم تتوافر بين انفاسي قوة انقاذ خيالية خارقة.
تصفحت المجلة حقا وانا ارتجف والقلق البالغ قد اندس بين طيات احاسيسي الخاوية. كما ان صفحات الرواية التي تصدت لغرق السفينة المنكوبة تايتانيك ظلت ترتجف تلقائياً بين أنامل يدي وان عبارة: ارتطمت السفينة بواحدة من جزائر الجليد الطافية قبالة السواحل الكندية وراح ضحيتها 2222 راكبا مضافا اليها راكبا آخرا غرق في اللحظات الاخيرة من انقاذها، زادتني هي الاخرى خوفا ورعباً.
تزامنت رحلتي الى اميركا في اليوم الخامس عشر من نيسان 2011 وهي الذكرى التاسعة والتسعين لغرق السفينة تايتانيك في العام 1912 . تناولت المجلة كرة اُخرى متحدياً مخاوفي، وانا اتطلع باضطراب على تفاصيل ذلك الحادث البحري المروع وامواج الرواية مازالت توشي لنا نحن راكبو الطائرات ، محلقين فوق الغيوم، نبحث عن الأفق البعيد، نهرب من الأرض قليلًا، و نلامس السماء بقلوب معلقة بين الحنين والمجهول… وان ارتياد الجو هو اكثر امناً من ارتياد البحر حتى وان كانت السفينة الطافية امام انظارنا في المحيط هي ليست التايتانيك الغارقة نفسها . ظلت مخاوفي في تلك الدقائق تداعب مجالا نفسيا قلقا ربما التحم مع المجال الجوي بقوةٍ مولداً اضطراباً انفعاليا كان اقرب الى ما تتناوله مدارس علم النفس السلوكية والمسمى (بالاقتران الشرطي).
اعتقدت حينها ان طائرتنا ستسقط وتترك فضاءها ليلتحم حطامها عمودياً مع حطام التايتانيك في قاع المحيط الاطلسي وبجنسين مختلفين من حطام المعادن ولكن ضحاياها هم من جنس بشري واحد. يقول رائدو هذا المجال من العلوم النفسية ان ارتباطا مثيرا بمثير آخر، يحدث معه في اللحظة نفسها، لابد من ان يؤدي الى انتقال الاثر من احدهما الى الاخر،إذ يجري على الثاني الامر نفسه الذي يجري على الاول.وإزاء هذا الالتباس النفسي فقد تولاني الذعر ولم استطع حينها ان اخبر صاحبي الذي جلس الى جانبي وانا اردد في نفسي عبارة: يادافع البلاء ارحمنا. وهكذا انسكب سم الخوف في نفسي وتوهمت ان انظار القدر اخذت تلاحقني وان الموت يربض في تلك الظهيرة مجمدا كل حركة ومسكتا كل صوت. وبدهشة وسخرية فقد صحوت على وقع مخاوفي لكي اُهدئ نفسي بنفسي وانا ابحث عن تلك القوى السامية غير المنظورة لتأخذني من مجال حيرتي بلطف وتمنحني الطمأنينة الكافية لكي اسدل الستار عن اوهامي وشكوكي في واقعة وهمية لا اساس لها .
استعرضت في اساريري متسائلاً: من في بلاد مابين النهرين يعرف ما حل بالسفينة تايتانيك يوم نكبتها وهي في رحلتها الاولى عبر الاطلسي؟ هنا استفقت من خوفي متذكرا ان في العراق كان هناك رمزاً وطنياً ومفكراً عملاق هو العلامة الراحل محمد رضا الشبيبي من بين رجالات بلادي ممن رثى الانسانية من ضحايا تايتانيك قائلا في ابياته الشعرية التي من بينها: ابكيت اهلك لاجزائر وحدها…..فالعالمون جميعهم اهلوك.
ختاما،استيقظت من خوفي ومحوت فكرة الاقتران الشرطي بعد ان دخلت الطائرة المجال الجوي للساحل الشرقي للولايات المتحدة، ولكن ظل الاقتران الشرطي يلاحق جيمس هورنر، ملحن موسيقى فيلم التايتانيك، الذي تحطمت طائرته في 22 حزيران 2015 قبالة الساحل الغربي الاميركي ، ليؤكد لنا الحادث المؤسف ان سماء التايتانيك ومجالها الجوي لايختلف عن مجالها البحري عند تحقق الاقتران الشرطي .
د.مظهر محمد صالح