هل احتفل عليٌّ.. بالغدير؟!
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
آخر تحديث: 18 ماي 2024 - 9:34 صبقلم: رشيد الخيّون بين حين وآخر، تُطلق في سماء بغداد مذنبات حارقة، وكأن «مدينة السّلام»، يعوزها سَعير الحرب. خرج مَن دعا إلى اعتبار «الغدير» عيداً، وزاد بوصفه وطنياً، بعد أنْ كان يلوم مَن دعا إليها مِن قَبل، لأنه، حسب تصريحاته، عدَّ نفسه صمام أمان العِراق، بينما اعتبار مناسبة تخص طائفة، عيداً في الدّولة تعسفاً للآخرين، بل لفريق مِن الشّيعة، مِن أهل الوئام والسّلام، الذين لا ينتصرون لمثل هذه الدَّعوة.
لكن العِراقَ «ومِن عجبِ أنَّ الذين تكفلوا/ بإنقاذ أهليه هم العثراتُ»(الجواهري، الرَّجعيون 1929). يُثار السؤال: هل احتفل عليّ بن أبي طالب بالغدير عيداً، وكان حاكماً(35-40هجرية)، وأنتم تعتبرونه «تتويجاً إلهيّاً»، وهو بحاجة لتكريسه، أكثر مِن حاجتكم، بسبب النّزاع بالبصرة(36هجرية)، وصفين(37هجرية)، ناهيك عما كان بينه و«الخوارج»، وقد أعلنوا خلعه، وكانوا رجاله؟ كما لم يذكره لا اسماً، ولا مناسبةً، في أدبه المجموع في «نهج البلاغة»، الذي تعتبرونه «أخو القرآن» (الطَّهراني، الذريعة)، ولا في القرآن نفسه. حتّى «فدك» التي تحولت إلى فضائيات للكراهية لم تكن تعنيه، «وما أصنع بفدك وغير فدك والنفسُ مظانها في غدٍ»(النهج). كيف يكون التّتويج سياسياً إلهيَّاً، وحفيده زيد بن عليّ بن الحُسين(قُتل: 122 هجرية)، اعتبر ما أصطلح عليه بالوصية، إمامة فقه، حتَّى أتته الخلافة (ابن المرتضى، المُنية والأمل).هذا وعليٌّ نفسه، لا يقر بسلطة إلهية، ذلك في ردَّه على شعار «لا حكم إلا لله»: «كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ! نَعَمْ إِنَّهُ لا حُكْمَ إِلاَّ للهِ، هؤُلاَءِ يَقُولُونَ: لاَ إِمْرَةَ، فَإِنَّهُ لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرّ أَوْ فَاجِر»(نفسه)، فحكم الله ليس الإمرة السِّياسية، إنما القضاء والقدر(ابن أبي الحديد، شرح النهج). أخيراً إذا كان تتويجاً إلهيّاً فيكون مِن تدبير الله، لا يمنعه أحدٌ مِن البشر! أليس هذا هو المنطق المعقول؟! ذُكرت خطبة الوداع (10 هجرية)، عند غدير خُم، بين مكة والمدينة، ومنها: «فمَنْ كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ مَنْ والاه وعاد مَنْ عاداه»(اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي). أما الطَّبري(ت: 310هجرية) فسماها «حِجَّة الوداع» و«حِجَّة البلاغ»، وأورد فيها وضع الدِّماء التي كانت على الجاهلية، ووصية بالنِّساء، والالتزام بالأشهر الحُرم، دون ذكر الموالاة. لكنها موجودة، في كتب السُّنة والشِّيعة، والقصد منها العلم، حسب التفسير الزّيدي والصوفيّ، وتأنيب مَن تهجم على عليٍّ عندما كان باليمن، حسب المصادر الأُخر(الآلوسيّ، روح المعاني). ليس المراد من تكريس الوئام الاجتماعي، حجب الاحتفال بهذه المناسبة أو تلك، فكثرة الأفراح تعمر الأوطان. لكن، ألا تكون سبباً لعاصفةٍ «طوى لها النَّسرُ كشحيه فلم يطرِ»! بمسألة الإمامة التي قال فيها إخوان الصفا(الرَّابع الهجري): «كثر فيها القيل والقال، وبدت بين الخائضين العداوات والبغضاء…»(الرِّسالة الأولى من الآراء والديانات). أقول: ماذا لو استعادت الطَّائفة الأخرى، ما حدث السَّنة (389هجرية)، وأعلنت يوم «الغار» عيداً مثلما جعله أتراك الزَّمن الماضي (السلاجقة)! مواجهةً «للغدير»(ابن الأثير، الكامل في التّاريخ)، مثلما سنه عيداً صفويو الزَّمن الماضي أيضاً(البويهيون)! والطَّرفان يعرفان جيداً أنه لا شأن للغدير ولا الغار بسياسة الأمس واليوم، فإذا كان السّاسة يتبارون بالمناسبات الطّائفيّة، لم يبق غير القول: «كنا رأينا النُّور في أحلامنا/لو أطبقت جفوننا على المُقل/أظلمت الآفاق في وجوهنا/حتَى ولا بارقة مِن الأمل»(الخاقانيّ، شعراء الغري). ها وقد عدمتم، خلال العقدين والنصف الماضيين بارقة الأمل، ونشأ جيلٌ مشوهٌ باستدراج الماضي، فأخذ الشَّباب يعيشون أحداثه بحذافيرها، عبر المنابر، مفخخات العقول.ختاماً، لو خرج عليٌّ، وشاهد ما شاهد باسمه، لخصف نعله، وكررها على ساسة اليوم، وهم يسنون «الغدير» عيداً: «والله لهي أحب إلى مِن إمرتكم، إلا أنْ أقيم حقاً، أو أدفع باطلاً»(النهج)، فأي حقٍّ أقمتم، وباطلٍ دفعتم؟!
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
آخر لحظات حياته.. نجل هاني الناظر: كان نفسه يرد على تساؤلات المرضى قبل رحيله
تحدث الدكتور محمد هاني الناظر، أخصائي الأمراض الجلدية، عن ذكرياته مع والده الراحل الدكتور هاني الناظر، مشيرًا إلى اهتمامه الكبير بمظهره وصحته وتفانيه في مساعدة المرضى حتى اللحظات الأخيرة من حياته.
وفي لقاء مع الإعلامي شريف نور الدين في برنامج «أنا وهو وهي» على قناة “صدى البلد”، أوضح الدكتور محمد أن والده كان يدير صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي بنفسه حتى قبل وفاته بأسبوعين، رغم تدهور حالته الصحية.
وقال: "كان بيقول لي إنه نفسه يبقى كويس عشان يقدر يرد على تساؤلات المرضى".
وأضاف أن الدكتور هاني الناظر كان يخصص وقتًا كبيرًا للتواصل مع المرضى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يفوق الوقت الذي يقضيه في عيادته.
وبعد وفاته، قرر الدكتور محمد الاستمرار في إدارة الصفحة للرد على استفسارات المرضى، تكريمًا لوالده ودوره الإنساني.
وعن الجانب الإنساني للراحل، كشف الدكتور محمد أن والده لم يكن يحتفظ بالمال ولم يترك أي ثروة مادية لعائلته، مشيرًا إلى أن إرثه الحقيقي كان علمه ومبادئه. وعلق قائلاً: "كان سايبها على ربنا".
أما عن اللحظات الأخيرة في حياة الدكتور هاني الناظر، أفاد نجله بأن آخر كلمة قالها قبل وفاته كانت: "كل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".