سبحة التحرّش كرّت في لبنان.. سلوكيات تفضح الوحش المضطرب
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
لا ينطوي يوم من دون أن تكشف حالة اغتصاب وتحرّش جديدة بالأطفال، كأن سبحة الفضائح كرّت في لبنان وحملة "أنا أيضاً" وصلت إلى هنا. فبعد أن هزّت عصابة "تيك توكرز" دنيئة تهتك عرض الأطفال ربوع وطن الأرز وحرّكت معها الأجهزة الأمنية والمسؤولين، باتت روايات"البيدوفيليا" تهطل من كلّ حدب وصوب... لعلّها الزوبعة الجديدة في لبنان!
الحكايات التي تصلنا والتي تجرّأ فيها الأطفال- الضحايا على مشاركة معاناتهم والبوح بتجربتهم الأليمة تتشابه بطبيعة تصنيفها.
إضطراب وسلوك منحرف
"البيدوفيليا" أو "الغلمانية" هو اضطراب نفسي يتميّز بالميول الجنسي للأطفال من دون سنّ البلوغ و"اشتهائهم".يعود تاريخ هذا السلوك المنحرف الى أزمان غابرة في التاريخ البشري ولا يوجد تاريخ محدد لنشأة هذه الممارسات، إذ عثر على رسوم ونقوش عند الاغريق والفراعنة والرومان والفرس والصين القديمة تدلّ عليها.
وتشير الإختصاصية في علم النفس فاطمة شريم لـ"لبنان 24" الى أن أسباب انحراف الفرد نحو الميول للأطفال عديدة، موضحة أن المتحرّش قد يكون شخصاً يعاني من خلل إدراكي أو يعاني من مرض نفسي. كما قد يكون من ذوي التاريخ الاجرامي وبالتالي فاقد للقيم الأخلاقية والدينية. وقد يكون أيضاً مدمناً على الكحول والمخدرات أو مدمناً على الجنس أي أنه مولع بالأفلام الإباحية، العادة السرية، الدعارة والتحرّش.
هذا وتلفت الى أن هذا الوحش البشري من الممكن أن يكون نفسه "ضحية وحش آخر" وقد تعرّض في طفولته للتحرّش، غير أنه لم يتلق العلاج اللازم فتحوّل لمتحرّش عن كبر.
سلوكيّات فاضحة.. كيف نكشف المتحرّش؟
متخفّياً بشعائر اللطافة والجاذبية، يتقرّب "المضطرب" من الأطفال وغالباً ما يكون من الأقارب أو من زملاء العمل أو حتى من المشاهير.. شخص يتودد الى الصغار، يمنحهم شعوراً بالاطمئنان له ليسيطر عليهم في وقت لاحق ويمنعهم من فضح أمره بأساليبه المتعددة.
"حركات" المتحرّش قد تكون أحد أبرز المعايير لكشفه، فوفقاً لشريم "يتّبع المتحرّش سلوكيات خاصة مع الأطفال كتقديم الهدايا الشخصية، التحديق بالجسد بنظرات غير لائقة، التصفير، النداءات والهمس بإيحاءات جنسيّة".
تصرّفاته ناجمة بمعظمها عن دوافع ورغبات جنسية، فهو يسعى للمس وتحسس الأطفال، الاقتراب منهم بشكل كبير ليتطوّر الأمر الى التعري وإظهار جزء من جسده أمام ضحيته.
"البيدوفيليا".. العلاج منه ممكن وضروري
لا يمكن التعامل مع المتحرّش كسائر المرضى أو التعاطف مع من تعرّض منهم في طفولتهم للفعل البغيض فانقلب بعدها لوحوش ينهش الصغاراً انتصاراً لنفسه. المتحرّش مهما اختلفت اسباب "انحراف ميوله"، لا بدّ من اعتباره مجرماً، إنصافاً للبراءة التي انتهكها وشوه معالمها.
مع ذلك وبتعريفها العلمي، البيدوفيليا هي اضطراب جنسي وكأي "مرض نفسي" توجد علاجات معتمدة تهدف للتقليل من ميول من جرى تشخيصهم بالمرض والتحكم بتصرفاتهم.
العلاج يتضمّن متابعة نفسيّة لـ"البيدوفيل" عبر إخضاعه لجلسات العلاج السلوكي المعرفي بهدف تصحيح أفكاره بشأن الاطفال، فهم الضرر الملحق بهم نتيجة أفعاله وتلقينه سلوكيات بديلة ومهارات إجتماعية لأسلوب حياة "سليم".
أيضاً، يتضمّن العلاج عقاقير دوائية تقلّل الرغبة الجنسية لديهم وبالتالي تقلل دوافع التحرّش لدى الشخص الخاضع للعلاج.
ماذا عن الضحايا؟ مؤشرات "حمراء" تنبّهوا لها!
علامات مهمّة تظهر لدى الأطفال وتكشف تعرّضهم للتحرش، فهؤلاء يعانون بدورهم من اضطراب وقلق نتيجة ما يمرّون به. لذا، لا بدّ من تبدّل مزاج الطفل وتغيّر سلوكياته فيصبح قليل الكلام، منعزلاً عن العائلة مثلاً أو قد يحصل النقيض ويتحوّل الى طفل مفرط في الحركة، غير "منضبط" وعدائي أحياناً.
لا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، فالطفل يتأثّر بسلوكيات المتحرّش به والمتحكّم به، وقد تظهر سلوكيات جنسية غير سليمة لدى الأطفال
أيضاً، ينعكس "اضطراب الطفل الضحية" على سلوكه ومساره التربوي، ففي معظم الحالات يفقد الضحايا القدرة على التركيز في دراستهم حتى أنهم يتخلّفون عن نشاطاتهم المعتادة.
تتصدر جرائم التحرّش المشهد اللبناني وعدد كبير من الضحايا لم يفصح بعد عن معاناته. الدور الأكبر في هذا الملف يقع على عاتق الأهل وسط ما نمرّ به من "انفلات اجتماعي" و"هرطقة الكترونية".. و"الله يعين الأهل بهالزمن"! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المتحر ش
إقرأ أيضاً:
نجاة عبد الرحمن تكتب: التوحد
كثيرون يعتقدون أن التوحد إعاقة ذهنية، يجهلون انه ليس مرضا بل اضطرابا عصبيا يصيب الجهاز العصبي خلال سنوات النمو الأولي للطفل، و للبنين النصيب الأكبر من تلك الإصابات، و مازال يعجز العلم حتى الآن عن اكتشاف سبب ذلك الاضطراب العصبي الذي بنفسم إلى ثلاث مستويات :
المستوى الأول يطلق عليه متلازمة اسبرجر، وأصحاب ذلك المستوى تكون درجة ذكائهم حادة للغاية و يتقنون الحفظ بكافة أشكاله، لكنهم يفتقدون التفاعل الاجتماعي و انعدام المهارات الحياتية، بشكل اشبه بالروبوت الآلي الذي يتم تحريكه بالريموت كنترول.
المستوى الثاني: يواجه طفل التوحد ذات الدرجة المتوسطة صعوبة كبرى مع البيئة المحيطة في التواصل فيقتصر حديثه على عبارات بسيطة، كما ينخرط في سلوكيات متكررة، ويحتاج إلى رعاية ودعم نفسي و اجتماعي كبير.
المستوى الثالث: هو أشد درجات التوحد وفيه يحتاج الطفل إلى رعاية متكاملة شاملة، لما يعانيه أصحاب ذلك المستوي من صعوبة شديدة في التواصل، وعدم القدرة على التحدث بوضوح بل يصدر أصوات همهمات و زائير يشبه زائير الأسد، ونادرًا ما يتفاعل مع الآخرين، كما تظهر عليه الأعراض السلوكية بصورة أكثر حدة، خاصة تجاه نفسه حيث يميل لإيذاء نفسه بعض كلتا اليدين و ضرب الرأس في جسم صلب عند التعبير عن الغضب أو الفرح لعدم تلقيه لغة تعبير أخرى.
و مؤخرا أصبح التوحد يصيب الأطفال في سن العاشرة بسبب التعمق في استخدام السوشيال ميديا و الانغلاق و الانعزال التام بعيدا عن جو الأسرة.
نصائح للتعايش مع التوحد و تعد خلاصة تجربتي و دراستي مع أصحاب اضطراب طيف التوحد.
توجد بعض الإجراءات التي يمكن للوالدين القيام بها التي تقدم الدعم والرعاية للطفل المصاب، وتتضمن هذه الإجراءات ما يلي:
التركيز على الإيجابيات: يستجيب صاحب اضطراب طيف التوحد للتعزيز الإيجابي، مثل المكافآت وتقديم الهدايا عند القيام بسلوك جيد، ويساعد مدح الطفل على زيادة شعوره بالرضا.
الحفاظ على روتين محدد: يفضل اصحاب اضطراب طيف التوحد الروتين وعدم التغيير؛ لذا يفضل الالتزام بروتين محدد ليسهل على الطفل تطبيق ما تعلمه.
اللعب: تساعد مشاركة الأنشطة واللعب مع الطفل في تحسين مهارات التواصل.
منح الطفل الوقت اللازم للاستجابة: قد يحتاج الطفل تجربة عدة طرق علاجية لاكتشاف الطريقة المناسبة له؛ لذا ينبغي على الأهل التحلي بالصبر وعدم الاستسلام إذا لم يستجب الطفل لأسلوب علاجي معين.
اصطحاب الطفل خارج المنزل: يساهم اصطحاب الطفل عند الخروج من المنزل أثناء القيام بالمهام اليومية، مثل التسوق في اندماج الطفل مع العالم الخارجي.
تمت دعوتي كضيف متحدث في عدد من الندوات حول التوحد خلال الأيام الماضية، وجدت أنه أصبح هناك اهتماما كبيرا من الدولة و المجتمع تجاه البحث و المعرفة حول التوحد و كيفية التعايش معه، و كانت من اكثر الندوات ثراءً ثلاث ندوات الأولي بمؤسسة إيزيس للخدمات الاجتماعية لدعم و تدريب و تعليم و تأهيل و توظيف ذوي القدرات الخاصة بالتعاون مع الجمعية المصرية العلمية للعلاج التنفسي التي يرأسها أ.د محيي الدين عبد الظاهر خليفه، ثم ندوة تم تنظيمها بالمجلس الأعلى للثقافة دعاني لها آ.د عماد محجوب أستاذ و رئيس قسم علم النفس بجامعة القاهرة و أستاذ علم التفس الإكلينيكي فئات خاصة، ثم ندوة بحزب حماة وطن أمانة شرق القاهرة دعاني لها د. جمال حمدان أحد قيادات الحزب.
سعدت كثيرا بالندوات الثلاث و الحفاوة بأصحاب اضطراب طيف التوحد و مدى حرص و اهتمام الحضور بمعرفة كل تفصيله تتعلق بأولادنا من اصحاب اضطراب طيف التوحد، و لكن ما أثار إستيائي ما صدر عن أحد الأساتذة دكتور جامعي ربما كان رئيسا لجامعة عريقة ذات يوم عندما قال " ربنا خلق المعاقين ليه؟ علشان أهاليهم تتعذب بيهم؟ ! هذه كانت كلمته خلال الندوة.
لا أنكر أنني لم أندهش لان كثيرا ما أسمع ذلك من الجهلاء و عديمي الثقافة و المعرفة و مسطحي الفكر و الأميين، و لكنني صعقت عندما سمعته من قامه كبيرة و قدوة عليها واجب تجاه المجتمع و يجب عليها تثقيفه و توعيته و ليس العكس.
الذي صدر عن ذلك الأستاذ هو نتاج جهل مجتمعي تجاه أولادنا من ذوي القدرات الخاصة.
بالرغم من الطفرة العلمية و التقدم و اهتمام الدولة المصرية بذلك الملف إلا إنه مازال هناك تقصيرا كبيرا تجاه توعية المجتمع و تثقيفه بأهمية الاهتمام بأولادنا من ذوي القدرات الخاصة، الأزهر الشريف يجب أن يتدخل بسلسلة ندوات إرشاديه حول الصبر على أولادنا و حسن التعامل معهم و فضل ذلك عند رب العالمين.
و لا أنكر التقصير الصحفي و الإعلامي تجاه ذلك الملف الهام، فلا يعقل أن تنتفض الدولة المصرية من أجل حقوق هؤلاء الأبناء و في الوقت ذاته يتجاهل الإعلام و الأزهر حملات التوعية و التثقيف.
و هنا يجب أن أنوه لفضل وجود ملاك في بيتنا انه منحه من الله و ليس محنة، منحة اختارنا الله حتى ندخل بها الجنة دون عناء.
ليس كل متعلم مثقف و ليس كل جاهل أعمى، المقصود بالأعمى هو أعمى البصيرة و الفطنة و الثقافة و القناعة و الصبر على أولادنا، كم من أم غير متعلمة بل أمية تحسن إلى أولادها من ذوي القدرات الخاصة، و خير مثال أحب أن أحدثكم عنه هي " ماما زوزو " تلك المرأة الحديدية الصبورة الحنونة، التي تجاوزت السبعين عاما و كان قد رزقها الله بأبن معاقً ذهنيا صبرت عليه و كبرته و رعته خير رعاية ثم زوجته من فتاة من نفس ظروفه لترزق بثلاث أبناء معاقين ذهنيا تقوم على رعايتهم جميعا تلك البطلة " ماما زوزو " النموذج الذي استمد منه قوتي و أدعو القادرين و أصحاب القلوب الرحيمة لتقديم المساعدة لتلك المرأة الحديدية بتوفير مسكّن آدمي لها و لأحفادها و ابنها و زوجته المعاقين ذهنيا حيث أنهم يعيشون في غرفة متواضعة ذات سقف من الخوص و بقايا الكرتون و الخشب بحمام مشترك مع الجيران، و دعمها ماديا و تحقيق أمنيتها بزيارة بيت الله الحرام.