إذا أراد أي محلّل سياسي تشريح البيان الصادر عن سفراء "اللجنة الخماسية"بعد اجتماعهم في مقر السفارة الأميركية في عوكر فيمكنه الذهاب إلى استنتاج أولي يلخّص الأزمة الرئاسية العالقة في عنق زجاجة أزمات المنطقة. وقد يكون هذا الاستنتاج أقرب إلى التسليم بمنطق "ما كان في الإمكان أفضل مما كان". وهذا الذي كان ليس سوى فعل ماضٍ ناقص لن تكتمل فصوله قبل أن يرى اللبنانيون رئيسًا يتربع على كرسي بعبدا واضعًا حدًّا لهذا الفراغ القاتل، الذي يسري مفعوله على حياتهم اليومية، التي باتت لا تُطاق بالمعنى المبسط.
وهذا الواقع الترابطي بين حرب غزة والأزمة الرئاسية يعني أن كل الجهود المبذولة لتحريك المياه الرئاسية الراكدة في مستنقع أزمات المنطقة لن تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وهو البلد الوحيد في العالم الذي تسيّر أموره من دون رئيس. وهو أمر قد لا يفهمه كثيرون، الذين لا يستوعبون كيف تُدار المؤسسات بالوكالات غير الحصرية.
ويُضاف إلى عامل ربط الاستحقاق الرئاسي بحرب غزة عامل آخر، وهو الانتخابات الرئاسية في أميركا في الخريف المقبل. وهذا يعني أن صيف لبنان سيكون حارًّا جدًّا بالمعنى المجازي للكلمة، وأن الملف الرئاسي سيستعمل كمروحة يدوية لتلطيف الجو الحار بمعناه المادي.
وما يلفت الانتباه في "البيان الخماسي" التلميح هو أن لبنان "المن دون" رئيس لن يكون وجوده مضمونًا "بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية". وهذا يعني أن أي تسوية كبرى على مستوى المنطقة ستكون على حساب الغائبين أو المغيّبين، ومن بينهم اللبنانيون والفلسطينيون.
وإذا أراد المرء التبحرّ أكثر في مضمون البيان الخماسي فيلاحظ أن في بعض تفاصيله ما يثير الانتباه، وبالأخصّ ما له علاقة بالحوار، الذي سبق أن دعا إليه الرئيس نبيه بري أكثر من مرة، فاستُعملت كلمة "مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسية" باعتبارها "ضرورية لإنهاء الجمود السياسي الحالي وهذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعددة حتى انتخاب رئيس جديد. ويدعو سفراء دول الخماسيّة النواب اللبنانيين إلى المضي قدماً في المشاورات والوفاء بمسؤوليتهم الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية".
فالمشاورات غير الهادفة إلى الاتفاق على اسم محدّد يتم التوافق عليه ليكون رئيسًا عتيدًا يُنتخب بالطريقة الدستورية المتعارف عليها برلمانيًا هي مضيعة للوقت ما لم تفضِ إلى ذهاب النواب إلى جلسة مفتوحة في البرلمان مع جولات، والقصد دورات، متعددة حتى انتخاب رئيس جديد.
وبذلك تكون "اللجنة الخماسية" قد تبنّت نظرية الفريق المعارض، الذي يرى أن لا جدوى من الحوار الذي دعا إليه الرئيس بري، وأن المشاورات الجانبية قد تكون أجدى، خصوصًا إذا اقترنت بإرادة وطنية جامعة تفضي حتمًا إلى فصل الاستحقاق الرئاسي عن مجريات الحرب الغزاوية وتداعياتها. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس للجمهوریة انتخاب رئیس یعنی أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
حدث أمنيّ صعب... ما الذي يحصل مع الجيش الإسرائيليّ في جنوب لبنان؟
تحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن "حدث أمنيّ صعب" مع الجيش الإسرائيليّ في جنوب لبنان. وأشارت إلى ارتفاع عدد قتلى الجيش الإسرائيليّ جراء هذا الحدث الأمني إلى 4.