خلال الأسبوع الأول من شهر مايو عام 1948، عاشت عائلة أيمن أبو عمر يومًا لم ينسوه أجدادهم حتى وفاتهم، حيث كانت تلك الذكريات تمثل جزءًا لا يتجزأ من تاريخهم، وتركت أثرًا عميقًا في وجدانهم.

يروي «أبو عمر» كيف كانت حكايات أجداده تملأ الأجواء كقصص النوم، ولكنه اليوم، لا يراها وكأنها ذكريات بعيدة، وذلك في ظل الأمل الدائم في تحرير فلسطين من قبضة الاحتلال الإسرائيلي والعودة إلى أراضيهم.

يتذكر «أبو عمر» كيف كانت أسرته تعيش في مدينة الرملة، الواقعة شمال غرب القدس المحتلة، نتيجة لظروف العمل، في حين كانت أسرة والدته منطقة شهيرة تعرف باسم «الطنطورة»، التي شهدت مذبحة مؤلمة، ورغم ماضيهم المؤلم، إلا أنهم لا يزالون يحملون ذكريات الوطن والأمل في العودة.

قصص النكبة وتهجير الفلسطينيين

«أبو عمر» يشير إلى أنهم نشأوا وتربوا على قصص النكبة وتهجير الفلسطينيين، حيث كانوا شهودًا على معاناة أجدادهم الذين خرجوا من ديارهم بلا مأوى تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وتعرضوا لمصير مأساوي لم يكونوا يتخيلونه، وما فقدوه من ذهب وممتلكات تحت يد الاحتلال كان يمثل جزءًا من الألم الذي عانوه.

أمل وسط الألم 

أثناء تجربتهم المؤلمة، لم تكن الأسرة تحمل معها سوى القليل من الأمل، وكان على الأطفال والنساء أن يقطعوا مسافات طويلة حافيي القدمين، في حين كان يلاحقهم الرعب والموت في كل زاوية، وعلى الرغم من الظروف القاسية، فإن روح الصمود والأمل لم تغادر قلوبهم.

يتنهد «أبو عمر» قبل أن يقول لـ«الوطن»: «وقتها جدي كان عمره 12 سنة وخبته والدتي أسفل فستان واسع، كانت ترتديه للمرور من الحاجز لكي لا يرونه، لأن السن من 12 فما فوق كان مُعرضًا للاعتقال».

يوم النكبة

لحظة تهجير أسرة «أبو عمر» كانت خلال ساعات الصباح، عندما دخلت قوات الاحتلال القرية، وتغيرت الأمور تمامًا، حيث انقلبت الحياة رأسًا على عقب، وغمرت القصص المروعة عن المذابح والقتل والاعتقالات الأذهان، واجتاحت الرعب نفوس الفلسطينيين في تلك اللحظات الصعبة.

يروي «أبو عمر» التفاصيل المؤلمة: «دخلت القوات القرية، وسألوا العمدة عن مكان الفدائيين، فلم يكشف عنهم، ثم طلبوا من جميع أهل القرية الخروج من منازلهم والانصراف، وكان جدّي من بينهم. ولكن لم يكن هناك أحد يتوقع أن تدوم النكبة 70 عامًا».

وأثناء تهجيرهم، لم يتسن لأي فلسطيني أن يأخذ معه سوى أشياء بسيطة، متمنيًا العودة القريبة، وبدأت أسرة «أبو عمر» رحلة تجاه مناطق مجاورة لسوريا.

رحلة إلى المجهول

سار الأطفال والنساء على الأقدام لمسافة تزيد على 300 كيلومتر، حافيي القدمين، من دون طعام أو شراب، وفي طريقهم، قامت قوات الاحتلال بقتل كل المتمردين من الرجال الذين حاولوا المقاومة، وخلال رحلتهم، استراحت الأسرة على ضفاف نهر بالقرب من الحدود السورية، وبعض المهاجرين اختاروا الذهاب عبر الحدود اللبنانية والأردنية.

يقول «أبو عمر»: «استراح الأهالي على ضفاف النهر وناموا على أمل الاستيقاظ لاستكمال رحلتهم، لكن في الليل، هاجمتهم العصابات الإسرائيلية، ونهبت كل ما كان بجانبهم من ممتلكات، وفروا، وكانت المفاجأة أن بعض الأهالي أخذوا الوسائد التي كانوا ينامون عليها، ظنًا منهم أنها أطفالهم».

«أبو عمر» وأسرته يعيشون حاليًا في بلجيكا، يترقبون عودة إلى فلسطين، وترن في آذانه جملة «فلسطين حرة» كرمز لأملهم في تحقيق الحرية والعدالة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نكبة فلسطين نكبة 1948 النكبة الرملة فلسطين أبو عمر

إقرأ أيضاً:

فلسطين تدين تدمير الاحتلال مستودعًا طبيًا سعوديًا في غزة

أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية قصف الاحتلال الإسرائيلي وتدميره مستودعًا تابع للمركز السعودي للثقافة والتراث في منطقة موراج شرق رفح، وما يحتويه من مستلزمات طبية كانت مخصصة لتلبية احتياجات المرضى والمصابين في قطاع غزة.
ونددت بتصعيد عدوان الاحتلال، واستهدافه المدنيين الفلسطينيين، وارتكاب المجازر بحق الأطفال والنساء وكبار السن.
أخبار متعلقة مدرسة وورش ومخازن.. اكتشافات أثرية استثنائية في مدينة الأقصر بمصراستشهاد 11 فلسطينيًا في قصف للاحتلال على منزل وخيمة جنوب قطاع غزة .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الخارجية الفلسطينية تدين تدمير الاحتلال لمستودع طبي سعودي في غزة- أرشيفية
وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته والتحرك العاجل تحت الفصل السابع، لوقف حرب الإبادة والتهجير والضم والمجازر المفتوحة ضد المدنيين الفلسطينيين، ولفتت النظر إلى ضرورة تمكين الحكومة الفلسطينية من بسط سيطرتها على قطاع غزة والشروع في إعادة الإعمار.

مقالات مشابهة

  • أسرة الطفل يوناثان: لحظات المعمودية كانت مهيبة وكأنها ولادة تانية
  • إضراب شامل بالضفة والقدس غداً ودعوات في لبنان لمشاركة مخيمات اللجوء فيه
  • 17952 شهيدًا و350 معتقلًا.. جرائم الاحتلال تتواصل ضد أطفال فلسطين
  • إدانة فلسطينية لمشاهد اغتيال مسعفي غزة ومطالبات بمحاسبة إسرائيل
  • فلسطين تدين تدمير الاحتلال مستودعًا طبيًا سعوديًا في غزة
  • فصائل فلسطينية تعقب على تصاعد الجرائم الإسرائيلية في غزة
  • مراسل القاهرة الإخبارية: 50 شهيدًا وجريحًا ومفقودًا في غارة إسرائيلية على منزل عائلة العقاد
  • استشهاد امرأة فلسطينية وطفلتها في قصف إسرائيلي لخيمة تؤوي نازحين في مواصي خان يونس
  • مصادر محلية فلسطينية: جيش الاحتلال بدأ التوغل شرق حي الشجاعية بمدينة غزة
  • العدوان الإسرائيلي المتواصل على طولكرم.. تدمير وتهجير قسري ودماء فلسطينية جديدة