رشان أوشي: إبراهيم جابر يعمل.. بينما نصال التخوين تدمي ظهره
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
طوال (13) شهراً، والنقاش في الإعلام المحلي والإقليمي منصب على حرب السودان، حيث هي القصة، و-بالطبع- تستحق ذلك إنسانياً، وسياسياً، وأمنياً، واقتصادياً، لكن هناك قصة أخرى مسكوت عنها وهي ما أسميها (محاولات إنقاذ كيان الدولة)، هذه القصة بطلها عضو مجلس السيادة الانتقالي، ومساعد القائد العام للجيش، فريق بحري مستشار “إبراهيم جابر إبراهيم”…
صبيحة (١٥) أبريل وما تلاها، دخلت الدولة السودانية مرحلة الانهيار المخيف هو ما يحدث بمناطق النزاع في العالم، حيث اللادولة، وازدياد معدلات الفقر، وانعدام التعليم، بحده الأدنى، وقصص المهجرين، واللاجئين، والعنف، وجرائم الاغتصاب، والاضطهاد، كنت أتساءل أيام الحرب الأولى أي جيل سننتظر بعد هذه الحرب؟ وأي معايير أخلاقية وسط هذا القتل والدمار والفقر؟.
كل ما سبق هو الانهيار، فأي مستقبل ينتظر السودان وسط هذه الفوضى،، وانعدام الأمن، وانتشار الميليشيات المسلحة، وانعدام هيبة الدولة ومؤسساتها؟، وانعدام السلم الاجتماعي، بات ملعباً لصراع كل الدول الباحثة عن النفوذ لنهب موارد بلادنا، كانت صورة قاتمة، لكنها واقعية…
غادرت أم درمان نهاية يونيو ٢٠٢٣ م، ترافقني حسرتي وشعور قاتل بالتوهان، بعد جولة على ولايات (نهر النيل، الشمالية، كسلا، القضارف) لتسجيل برنامج ” مشيناها خطى” الذي بث على تلفزيون السودان القومي، لدعم معركة الكرامة إعلامياً، وصلت مدينة “بورتسودان” في سبتمبر ٢٠٢٣ م، وجدت الفريق “إبراهيم” قد أقام دولة من العدم، نفض عن كيان الدولة السودانية ركام الدمار، وشرع فوراً في إعداد خطط اقتصادية بمشاركة خبراء عرفت ب (اقتصاد الحرب)، كان يعمل في صمت بينما على ظهره نصال التخوين والأخذ بجريرة “حميدتي” فقط لأنهم ينحدرون من عشيرة واحدة.
ولكن الحقيقة أن الفريق “إبراهيم” و”حميدتي” خطان متوازيان: واحد مضى في اتجاه السياسة والتقاتل والصراع على الزعامات والاعتداء على سيادة وسلام الآخرين، والثاني ذهب في اتجاه الاستقرار والنمو للسودان وشعبه.
أشرق فجر جديد، بعد الفصل العظيم من الخراب الذي دشنه “حميدتي”، حيث عمل “جابر” على مشروع استعواض الدولة التي دمرتها مليشيا “ال دقلو”، و-بالفعل- نجح في إعادة إعمار المؤسسات وإمكانياتها، كتدشين معامل فحص الذهب والمعادن النفيسة التي تتبع لهيئة المواصفات والمقاييس الأحد الماضي، والآن يعمل على إنشاء مصفاة للذهب بولاية نهر النيل، بجانب برنامج إعادة توطين الصناعة المحلية بتوفير بدائل ومغريات للمصنعين ورجال الأعمال، وعقد مؤتمر الصناعة أمس خصيصا كضربة بداية.
هدف “جابر” في خطته إلى إعادة إعمار السودان وفق أسس جديدة وصحيحة، وأهمها آراءه حول ضرورة توزيع النشاط الصناعي التحويلي إلى مناطق الإنتاج الزراعي، بهدف تنمية تلك المناطق عبر أموال المسؤولية المجتمعية، وتوفير فرص عمل للشباب السوداني الذي غيرت الحرب مجرى حياته.
مجهودات الفريق “إبراهيم جابر”، وضعت اقتصاد السودان على مساره الصحيح بعد أن بلغ السيل الزٌبى، وصار مصير السودان نفسه على مفترق الطريق من ناحية لحاقه بقطار النهضة الاقتصادية.
اجتهد “جابر” في إجراء إصلاحات تشريعية على قوانين الاستثمار، وكذلك الاستيراد والتصدير، ومن ضمن خطته تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج المحلي، وإغلاق الباب أمام استيراد السلع الاستهلاكية غير الضرورية والتي ينتج عنها استنزاف العملات الصعبة، بجانب وضع ضوابط قاسية على حصائل الصادر السوداني، بالإضافة إلى نجاح الموسمين الزراعيين، لحماية البلاد من احتمال حدوث فجوة غذائية، وكل تلك المعلومات مبذولة لدى الجهات المعنية من بينها المخزون الاستراتيجي.
هذا القرار التاريخي، لم يعجب خليط من المستفيدين من اللعبة السابقة، المتكررة، المرهقة، حيث اقتصاد استهلاكي بلا جدوى، وصلاحيات استثمارية غامضة، وأجندات غريبة.
محبتي واحترامي
رشان أوشي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
???? السودان يجب ان يفعل مثل إيران في تجهيز حظائر للطائرات تحت الجبال
إيران أعلنت في نهاية يناير الماضي عن شراء طائرات سوخوي 35 من روسيا والتي توصف بأنها طائرات سيادة جوية وكانت روسيا قد تلكأت طويلا في إتمام الصفقة مع إيران رغم متانة العلاقات بينهما.
قيل إن إيران قد جهزت حظائر الطائرات الجديدة تحت الجبال قبل إكمال صفقة شراءها بوقت طويل.
اليوم خرجت أنباء عن عقد السودان لصفقة لشراء طائرات مشابهة ربما هي نفسها سوخوي 35 أو طائرات مماثلة لها. وأتمنى أن يكون السودان قد فعل مثل إيران في تجهيز حظائر تحت الجبال مع مطارات أو في طريقه لفعل ذلك.
حسب تصريحات وزير الخارجية السوداني في زيارته الأخيرة لروسيا فإن السودان وروسيا قد أكملا الترتيبات بشأن القاعدة العسكرية الروسية، ومن الطبيعي أن يكون المقابل هو تزويد السودان بالسلاح، طائرات مقاتلة ومنظومات دفاع جوي وغيرها.
خطوات متناسبة مع حجم الخطر الذي تواجهه الدولة السودانية. السودان حسم أمره في التحالف مع شريك قوي هو روسيا التي يبدو أنها قد خرجت منتصرة في حربها ضد الغرب في أوكرانيا بعد استسلام أمريكا تحت قيادة ترامب الذي اعتبر أن هذه الحرب لا يمكن الفوز بها.
في بداية حرب روسيا ضد أوكرانيا أعتبر محللون أن نتيجة هذه الحرب هي التي ستحدد ما إذا كنا سنتجه إلى عالم متعدد الأقطاب بشكل حقيقي بفرض روسيا لنفسها كقطب منافس للولايات المتحدة أو أن الصعود الروسي سيتم تحجيمه وتعود روسيا مجرد قوة إقليمية. هذه الفرضية كانت في بداية الحرب مع الهجمة الغربية الشرسة ضد روسيا والتي تمثلت في العقوبات والمقاطعة والدعم الغربي العسكري والإقتصادي لأوكرانيا. حاليا ترامب انقلب على أواكرانيا وتابعنا أمس هجومه على زلينسكي رئيس أوكرانيا واتهامه بتبديد أموال أمريكا في حرب لا يمكن الفوز بها، وهدده بأنه قد يفقد كامل أوكرانيا إذا لم يتدارك نفسه.
فبناء على هذه الفرضية فإن روسيا بانتصارها في الحرب على أوكرانيا ومن وراءها كل الغرب قد أثبتت نفسها كقطب جديد وأننا قد دخلنا بالفعل إلى مرحلة عالم متعدد الأقطاب.
تحالف السودان مع الروس جاء في زمن هذا التحول. والسودان دولة كبيرة غنية بمواردها وبكادرها البشري وبقدر حاجتنا كدولة لحليف قوي يمكن الاعتماد عليه فنحن أيضا لدينا أهميتنا وما نقدمه.
أتمنى أن يستفيد السودان من الشراكة مع الروس أولا في فرض سيادة الدولة ووحدتها واستقرارها من خلال الدعم العسكري والحماية الدولية في مجلس الأمن ضد غطرسة وتآمر الدول الغربية، وثانيا وهو الأهم وكنتيجة للنقطة الأولى، الاستفادة من العلاقة مع روسيا في التطوير الاقتصادي والتنموي، وبالفعل كما أعلن وزير المالية من قبل فالشراكة مع روسيا ليست عسكرية وحسب.
التحديات والمخاطر الكبيرة تولد الاستجابات الكبيرة والسودان تعرض ويتعرض لأكبر تحدي وجودي في تاريخه وينبغي أن تكون الاستجابة ومن ثم الانطلاق للأمام بنفس حجم التحدي.
حليم عباس