كانت للشهيد عبد الفضيل الماظ، شهيد ثورة 1924، بصمته على انقلاب 19 يوليو بصورة موحية. وسبق أن رويت لكم حكاية النقيب أحمد المصطفى (الجوكر) المشارك في الانقلاب. فلقيه النميري والتفت إلى الصحفية مريم روبين، من صحيفة الأخبار المصرية، وقال لها إنما سموه بالجوكر لأنه مغزوز في كل انقلاب. ولم يفقد الجوكر حسه الفكاهي في ذلك اليوم العصيب فقال: “اصلو أنا عبد الفضيل الماظ”.

وبينما كان الجوكر يسمو بحسه الفكاهي على سفاح الشجرة كان هناك من قادة الانقلاب من ترسم خطى الماظ حرفياً. فاستشهد مثله تحت ركام المبني الذي واصل فيه القتال حتى اللحظة الأخيرة. ولما عثروا عليه وجدوا سلاحه في يده. كان ذلكم هو المقدم محمد أحمد الريح “ود الريح” عضو مجلس انقلاب 19 يوليو والمنتسب لأسر أل الريح وآل السنهوري وآل البرير من المتمة.

وأنقل أدناه مشهد مصرع الماظ وود الريح ليرى القارئ أوجه الشبه. ونقلت مصرع الماظ من كتاب “ملامح من المجتمع السوداني” المعروف للمرحوم حسن نجيلة. وأخذت مشهد مصرع ود الريح من مذكرات للملازم صديق عبد العزيز الذي كان في قيادة القوة التي استردت القيادة العامة من انقلابيّ 19 يوليو. وهي مذكرات وجدتها صدفة في أوراقي مما ربما استعرته من المرحوم ماجد بوب ولم أردها. وهي بطرفي وستصل صديق حيث شاء.

قال حسن نجيلة عن مقتل الماظ:
كانت القوة السودانية، التي اتجهت للخرطوم بحري لتنضم للقوات المصرية، التي أمرها الإنجليز بمغادرة البلاد، بقيادة عدد من الضباط هم عبد الفضيل الماظ، وحسن فضل المولى، وثابت عبد الرحيم، وعلى البنا، ومحمد سليمان. لما بلغوا كبرى النيل الأزرق وجدوا قوة إنجليزية سدته وفتحت الكبرى على مصراعيه فتحاً استحال بذلك عبوره. فأطلقت القوة الإنجليزية رصاصها في الهواء إرهاباً، وأسرع رجال القوة السودانية وتحصنوا بالجداول التي في طرف الشارع، وصوبوا نيرانهم الحامية نحو الجنود البريطانيين فأردوا عدداً منهم في الحال. ودارت الملحمة بين الفريقين من نحو الساعة الخامسة من مساء الخميس 27-11-1924 حتى ضحوة يوم الجمعة 28-11-1924. ونفذت ذخيرة الجنود السودانيين فأخذوا يختفون ويتسللون. وقد استشهد داخل مبنى المستشفى العسكري (مستشفى النهر، مستشفى العيون الحالي؟) الماظ بعد أن احتمى به، وأخذ يصلي الجنود الإنجليز وابلاً من رصاص المكسيم. ولما لم يتمكنوا من الاقتراب منه أُمرت الطابية الإنجليزية أن تُلقى على المستشفى القنابل الثقيلة من البعد. فهدمت جانباً من المستشفى على رأس الماظ. ووُجدت جثته فيما بعد تحت الأنقاض وهو ممسك بالمكسيم بكلتا يديه: إنه ما يزال يواصل المعركة (حسن نجيلة 200-201).

ومن جهة ود الريح:
وصف الملازم صديق عبد العزير معركة استعادة القيادة العامة من انقلابي يوليو بالشراسة. وقال إنه التقى في الطريق إليها بالمقدم عبد القادر أحمد محمد الذي لم يعرفه قبلاً. وتولى القيادة عنه. وقال:
كانت دبابات المدافعين تطلق نيرانها من مواقع لم يمكن لهم تحديدها. وقيل إن النقيب بشير عبد الرازق، العضو القيادي في انقلاب 19 يوليو، هو الذي صمم مواقعها بتلك الدقة. ورد عليها المقدم عبد القادر بطلقات من عيار 155 مم وأمر صديق أن يفعل نفس الشيء. ولكن صديق أمر الجنود باستخدام الرشاشات فقط لتفادي خسائر غير مرغوب فيها في أمكنة مبنية. ثم فجأة طلب منه المقدم أن يهد القيادة كلها. فانصاع له المقدم ولكنه سأل أحد جنوده إن كان يعرف المقدم. قال: “دا في المدرعات ومشهور بعبد القادر جني”. فأمر صديق الجنود ألا ينفذوا أمراً منه باستخدام الذخيرة الثقيلة. ولما اشتدت النيران طلع المقدم بنفسه على متن إحدى الدبابات وأطلق قذيفة ثقيلة عيار 155 مم سقطت على مخزن للوقود فاشتعلت النيران. ثم يشرح صديق مفاوضات جرت ليسلم جنود الانقلاب أنفسهم عرضها الملازم علي سيد احمد الشايقي على الملازم صديق لأن المقدم لم يكن يلبس شارات رتبته. وقال إن الشايقي جاءهم وسط النيران المتبادلة بغير اكتراث للحمم المتطايرة. وصرخ مساعد-صول لصديق ألا يقبل العرض لأن ذلك خداع حدث لهم في معركة أبا في 1970. وواصل صديق التفاوض لرغبته في إنهاء المواجهة بسلام. وقبل المقدم عبد القادر عرض الاستسلام ولكنه حمّل صديق مغبة أي خداع.

دخلت القوة القيادة العامة بالدبابات. واستمرت تراشقات هنا وهناك. وظل رشاشاَ بنافذة أحد المباني يوالي الضرب. وبعد مدة وجيزة أُغلقت النافذة وتوقف الضرب. وبدا أن ذخيرة صاحب الرشاش نفدت. فصدر أمر المقدم لصديق والاحيمر المشهور أن يأتيا بمن كان يطلق النار حتى آخر لحظة. فقال صديق بالنص “وجدنا الباب مغلقاً، انفتح بركلة من الاحيمر. ويالهول ما رأينا: إنه المقدم محمد احمد الريح، الذي كنت أعرفه تماماً لتردده على أخيه الملازم أحمد الريح الشيخ بميز الضباط بالصافية حيث كنا نقيم. وجدناه مَلْقيّاً على الأرض أمام طاولة المكتب الكبيرة على البلاط ممسكاً بطبنجته بيده اليمني وسيرها ممتداً على يده اليسرى. وكان الدم يسير غزيراً من صدره. وعلى ما يبدو أنه فارق الحياة. اتجهت إليه وتأكدت من مفارقته الحياة تماماً. بعدها تركته ونزلت وأبلغت المقدم بالأمر. لكنه لم يعره كثير اهتمام علماً بأن المقدم كان عضواً في مجلس قيادة الحركة.”

يقول الإنجليز إن ثمة تحشية فضية لكل سحابة. ويريدون أنه ثمة بارق حتى في أعظم الدواهي. والبارقة هنا في وحشية يوم 22 يوليو البغيض، التزام نظام نميري بالخلق المهني حيث وقر وقفة ود الريح واستشهاده وسلاحه في يده. فسلموا جثته لأسرته لدفنه، الشيء الذي حرموا منه بقية أسر الشهداء، وسلموا عربته الخاصة، ولم يتم حرمانه من المعاش.
ويعيد التاريخ نفسه بصور مفاجئة ووسيمة.
عبد الله علي إبراهيم

صورة الشهيد ود الريح إلى اليمين ورفيقه معاوية عبد الحي إلى يساره. رحمهما الله.

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عبد القادر

إقرأ أيضاً:

"سرقت الماظ ومجوهرات".. التفاصيل الكاملة لقصة الخادمة التى سرقت عماد متعب

أمرت النيابة العامة في القاهرة بحبس خادمة لاعب النادي الأهلي ومنتخب مصر السابق عماد متعب وزوجته يارا نعوم لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، وذلك بتهمة سرقة حلق ألماظ ومبلغ قدره 10 آلاف جنيه. كما طالبت النيابة بسرعة إجراء التحريات حول الواقعة.

تفاصيل الحادثة

بدأت الواقعة عندما تقدم عماد متعب ببلاغ إلى قسم شرطة المعادي، يفيد بسرقة حلق ألماظ ومبلغ 10 آلاف جنيه من زوجته يارا نعوم داخل الفيلا الخاصة بهما. فور تلقي البلاغ، توجه رجال المباحث إلى فيلا اللاعب للتحقق من صحة البلاغ.

التحقيقات الأولية

أثبتت التحريات صحة البلاغ، وتم القبض على الخادمة وبحوزتها حلق ألماظ. عند استجوابها، اعترفت بأنها أنفقت المبلغ المالي على احتياجاتها الشخصية. تم تحرير محضر بالواقعة وأحيلت القضية إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.


سرقة منزل لاعب الأهلي السابق عماد متعب

عماد متعب هو لاعب كرة قدم مصري شهير، يُعتبر من أبرز المهاجمين في تاريخ كرة القدم المصرية. وُلد في 20 فبراير 1983 في مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية. لعب معظم مسيرته الكروية مع النادي الأهلي المصري، حيث حقق معه العديد من البطولات المحلية والقارية، بما في ذلك الدوري المصري الممتاز، وكأس مصر، ودوري أبطال إفريقيا.

انضم إلى الفريق الأول في النادي الأهلي في سن مبكرة، وسرعان ما أصبح أحد النجوم البارزين في الفريق، ويعتبر أحد هدافي الدوري المصري عبر التاريخ.

خاض بعض التجارب الاحترافية القصيرة في أندية خارج مصر، منها نادي الاتحاد السعودي ونادي ستاندر لييج البلجيكي.

أعلن عماد متعب اعتزاله اللعب نهائيًا في عام 2018، بعد مسيرة طويلة ومليئة بالإنجازات. بعد اعتزاله، اتجه للعمل في مجال التحليل الرياضي والإعلام.

مقالات مشابهة

  • بهذه الطريقة.. حسن الرداد يحيي ذكرى وفاة شقيقه "فادي"
  • «ولاد رزق 3 - القاضية» يستمر في تحطيم الأرقام القياسية ويتخطى حاجز الـ200 مليون جنيه
  • من هو المستشار عبد الراضي أحمد صديق رئيس النيابة الإدارية الجديد؟
  • قرار جمهوري بتعيين المستشار عبد الراضي أحمد صديق رئيسًا لهيئة النيابة الإدارية
  • تأجيل محاكمة 3 متهمين باستعراض القوة والتعدي على موظفة بحلوان لـ6 يوليو
  • تأجيل محاكمة 3 متهمين باستعراض القوة والتعدى على موظفة بحلوان لـ6 يوليو
  • "سرقت الماظ ومجوهرات".. التفاصيل الكاملة لقصة الخادمة التى سرقت عماد متعب
  • إسرائيل البديل التقتيل
  • أمينة خليل تخوض تجربة جديدة
  • بعض أساليب الحرب الناعمة