تحرك رئاسي سعودي.. وبري لجلسات متتالية
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
بات الوضع الميداني المتدحرج بين إسرائيل و"حزب الله" يضع لبنان برمته في عين اخطار حرب واسعة لم يعد ممكنا تجاهل تعاظم احتمالاتها وطمر الرؤوس بالرمال من خلال الإمعان في استبعادها. واذا كان الوضع الميداني يسجل تسارعا خطيرا نحو مزيد من اتساع المدى الجغرافي للعمليات الحربية المتبادلة بما يترجم تهديد إسرائيل للبنان بصيف حار، فان دخول التحرك الديبلوماسي "الخماسي" مجددا على واجهة المشهد اللبناني تحول غداة صدور بيان السفراء الخمسة عقب اجتماعهم الأخير في السفارة الأميركية الى ما يشبه الإنذار الضمني بان عدم التزام مهلة لتسريع ملء الفراغ الرئاسي سيعني تخبط لبنان بمزيد من التداعيات الاستثنائية في خطورتها لجهة افراغ كرسي لبنان حول أي طاولة محتملة للمفاوضات لاحلال تسوية لحرب الجنوب ربطا بمفاوضات انهاء حرب غزة.
وجاء في افتتاحية"النهار": بدا واضحا ان التريث غلب على مواقف الكتل النيابية والقوى السياسية حيال بيان سفراء المجموعة الخماسية لتقويم المعطيات التي تقف وراء اصدار هذا البيان قبيل تحديد المواقف منه علما ان أحدا لم يغفل استبعاد أي امكان فعلي لانتخاب رئيس للجمهورية سواء في نهاية أيار او في فترة ابعد . ولكن ذلك لم يحل دون مخاوف ومحاذير بدأت تطل برآسها من خلال توظيف الفريق المعطل للانتخابات الرئاسية وابتزازه المتكرر لموقف السفراء المؤيد للمشاورات لتصوير الامر بانه تبن لموقف فريق وتحديدا لموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري و"الثنائي الشيعي" من "الحوار" وتاليا محاولة رمي الكرة في ملعب القوى المعارضة وتحديدا "القوات اللبنانية" بما يعني إعادة اذكاء الانقسام بقوة حيال البيان وتفسيراته .
وتحدثت معلومات عن ان السفراء الخمسة اتفقوا على مقاربة تؤدي الى لم الشمل النيابي اللبناني قدر الامكان وسيترجم هذا الامر بالخطوات الاتية:
- يقوم السفير الفرنسي هيرفي ماغرو بتكليف من السفراء بزيارة بري ووضعه في تفاصيل مع توصلوا اليه للعمل على تحضير الارضية النيابية المطلوبة للمشاورات المنتظرة.
- يقوم السفراء الاربعة الاخرون بالتواصل مع رؤساء الكتل الى النواب المستقلين للهدف نفسه .
وينقل عن بري انه "يأمل ان تلبي الكتل هذا المطلب وتدخل في المشاورات المطلوبة. وعند لحظة تأكده وتيقنه ان الافرقاء المعنيين سيشاركون في المشاورات السياسية المقترحة وغير المفتوحة والتعاطي معها في شكل جدي ، لا يمانع في تحديد جلسة الانتخاب اذا كان يضمن ان تكون منتجة وتلبي المطلوب وان لا تكون على شكل سابقاتها".
وبحسب مصادر ديبلوماسية أوروبية على اطلاع على تحرك السفراء، فان هؤلاء وصلوا إلى اقتناع بضرورة الانتقال إلى مرحلة الدفع في اتجاه انجاز عملية الانتخاب ولذا تبنى البيان صياغة اكثر حزماً في التعامل مع الاستحقاق. فوضع وان بطريقة ديبلوماسية، مهلة لهذا الاستحقاق، محددا الاسباب المهمة التي تتطلب وجود رئيس للبلاد في المرحلة المقبلة. فإلى جانب التأكيد على "حراجة الوضع وتداعياته الصعبة التدارك، على اقتصاد لبنان واستقراره الاجتماعي بسبب تأخير الإصلاحات الضرورية"، لفت البيان الى انه "لا يمكن لبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحق رئيساً يوحد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية". اذن، فإن الاستحقاق الداهم بالنسبة إلى سفراء الخماسية لا يقتصر على التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للشغور في موقع الرئاسة، وانما على حفظ موقع لبنان على طاولات المفاوضات المقبلة في شأن الوضع في الجنوب وتطبيق القرار الدولي لمجلس الامن 1701.
وكتبت" نداء الوطن": غداة الاجتماع الأخير للجنة الخماسية في مقر السفارة الأميركية في عوكر، أبدت مصادر اللجنة بحسب المعلومات، تحفظها عن التوقعات التي أثارها بيان اللجنة لجهة ذكر نهاية أيار الجاري موعداً محتملاً لإجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان. ولم تستبعد أن تتولى فرنسا الاتصالات بإيران لتوسيع مروحة الغطاء الخارجي للاستحقاق الرئاسي.
ووفق المعلومات أيضاً، حرّكت زيارة وفد المعارضة لواشنطن الأجواء الداخلية، فأثمرت في بيان «الخماسية» الأخير دفعاً جديداً للاستحقاق الرئاسي.
وفي هذا السياق، اخذ السفير السعودي وليد البخاري، وبالتنسيق مع «الخماسية» أخذ على عاتقه مهمة تقريب وجهات النظر. وسيتولى مهمة تشاورية جديدة بين «القوات اللبنانية» والمعارضة من جهة، وبين الثنائي الشيعي.
وذكرت المعلومات أنّ البخاري سيسعى الى اقناع «الثنائي» بالتخلي عن زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية «كخطوة على طريق تقريب وجهات النظر بين الفريقين للاتفاق على مرشح من ضمن لائحة الخيار الثالث، ما يعني دخول سعودي جديد وقوي على خط الأزمة».
وأشارت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» إلى أن بيان اللجنة الخماسية احال تحريك ملف الرئاسة إلى القوى السياسية المحلية التي تقع عليها مسؤولية التشاور قبل جلسات الانتخاب المفتوحة، ورأت أن البيان لم يحمل أي طرح قديم وكان تكرار لهذه المسؤولية ، مؤكدة في الوقت نفسه أن المجال ترك لترتيب المرشحين دون فيتوات على احد.
وقالت هذه المصادر أن الخلاف على مبدأ التشاور لا يزال قائما، كما أن المواقف من التمسك ببعض الأسماء المرشحة لم تتبدل، ولكن ثمة اشارات واضحة إلى دخول أسماء جديدة في المرحلة المقبلة ،لافتة إلى أن هناك استحالة لانتخاب رئيس الجمهورية في نهاية الشهر الحالي، إلا إذا ركن الجميع إلى التشاور في القريب العاجل ووضعت مهلة زمنية لحسم الخلاصة قبل جلسة الانتخاب.
ولفتت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن محاولات جدية تجري بعيداً عن الأضواء للتوصل إلى مخرج يُرضي جميع الأطراف بشأن عقد جولة تشاور وطنيّ بين ممثلي الكتل النيابية في مجلس النواب، على أن تليها دعوة رئيس المجلس نبيه برّي لجلسات نيابية لانتخاب الرئيس في حزيران المقبل.
ولفتت أجواء عين التينة وفق مصادر إعلامية الى أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيدعو إلى جلسات بدورات متتالية، وليس إلى جلسة واحدة بدورات متتالية».
وكتبت السفارة الأميركية على منصة «إكس»: «لا يمكن للبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحقّ رئيساً يوحّد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليميّة وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسيّ مستقبليّ بشأن حدود لبنان الجنوبية».
وأضافت «محادثات سفراء الخماسية أظهرت أن هذه الكتل متفقة على الحاجة الملحّة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وهي مستعدّة للمشاركة في جهد متصل لتحقيق هذه النتيجة، وبعضها مستعدّ لإنجاز ذلك بحلول نهاية شهر أيار 2024. وبالتالي، يرى سفراء دول الخماسيّة أن مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسيّة ضروريّة لإنهاء الجمود السياسي الحالي. وهذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعدّدة حتى انتخاب رئيس جديد. ويدعو سفراء دول الخماسيّة النواب اللبنانيّين إلى المضي قدماً في المشاورات والوفاء بمسؤوليتهم الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: انتخاب رئیس
إقرأ أيضاً:
«لبنان 2024».. حرب ودمار من دون رئيس
أحمد مراد (بيروت، القاهرة)
أخبار ذات صلة «يونيفيل» تدعو لانسحاب إسرائيل من لبنان في الوقت المحدد قصف إسرائيلي يستهدف لأول مرة منذ شهر شرق لبنانلم يكن عام 2024 على لبنان أحسن حالاً، فقد ظلت الأزمات تراوح مكانها مع استمرار المعاناة، بل تضاعفت تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل حاد، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية لملايين اللبنانيين، لا سيما مع تصاعد حدة الصراع بين «حزب الله» وإسرائيل منذ سبتمبر 2024.
وتجسدت أولى الأزمات التي عانى لبنان من تداعياتها خلال عام 2024 في استمرار الفراغ الرئاسي الذي دخل عامه الثالث منذ نوفمبر الماضي، حيث تدير البلاد حكومة تصريف أعمال بصلاحيات محدودة، غير قادرة على اتخاذ قرارات ضرورية وحاسمة في عدة ملفات.
ومع استمرار شغور المنصب الرئاسي، تعطلت واحدة من أهم الاستحقاقات الدستورية المتمثلة في الانتخابات البلدية التي كان من المقرر أن تُجرى في مايو 2022، ولكن تم تأجيلها إلى مايو 2023، ثم تم تأجيلها للمرة الثانية إلى مايو 2024، وتأجلت للمرة الثالثة إلى مايو 2025، في ظل تدهور مستوى الخدمات المحلية والبلدية بشكل غير مسبوق، إضافة إلى وجود العديد من البلديات المعطلة والمنحلة، وهو ما يُجسد واحدة من أبرز الأزمات المتفاقمة التي يعاني منها اللبنانيون.
ووسط تفاقم الأزمات التي يُعاني منها لبنان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، جاء التصعيد العسكري بين إسرائيل و«حزب الله» منذ 23 سبتمبر 2024، وشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية في مناطق الجنوب اللبناني، وهو ما دفع نحو 1.5 مليون لبناني إلى النزوح من الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، وأسفرت العملية العسكرية الإسرائيلية عن سقوط وإصابة آلاف ومحو قرى بشكل كامل، وذلك قبل الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 نوفمبر.
اقتصادياً، واجه لبنان في عام 2024 تحديات كبيرة في ظل معاناته من أزمة مالية طاحنة، لا سيما مع انهيار الليرة اللبنانية وفقدانها أكثر من 90% من قدرتها الشرائية، وارتفاع معدلات التضخم بشكل حاد، وتراجع احتياطيات مصرف لبنان، وتجاوزت خسائر القطاع المصرفي 70 مليار دولار، وانخفض الناتج المحلي بنسبة 50%، وهو ما جعل 80% من اللبنانيين تحت مستوى خط الفقر.
وأظهر تقرير للبنك الدولي في ديسمبر، انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بنحو 6.6% ليصل الانخفاض التراكمي منذ عام 2019 إلى أكثر من 38%، وانكماش النشاط الاقتصادي بنحو 5.7%، وهو ما يعادل خسارة 4.2 مليار دولار.
تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان، ومن قبلها تشابك الأزمات السياسية والاقتصادية أدت في مجملها إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في لبنان بشكل حاد، فبحسب تقديرات الوكالة الأميركية للتنمية الدولي فإن هناك 2.5 مليون شخص كانوا يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة، وهو ما يعادل 40% من السكان.
وأوضحت الكاتبة والمحللة السياسية اللبنانية، ميساء عبد الخالق، أن 2024 كان عاماً صعباً وقاسياً على لبنان، حيث لم يسلم أي قطاع أو أي فئة من تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد ضاعفت الهجمات الإسرائيلية من حدة تداعيات هذه الأزمات، ما جعل ملايين اللبنانيين يُعانون من أوضاع معيشية صعبة للغاية، وأن بعض المنظمات الأممية والدولية تُصنف لبنان كواحدة من بؤر الجوع الساخنة في العالم.
وذكرت الكاتبة اللبنانية في تصريح لـ«الاتحاد» أن العام القادم، 2025، قد يشهد انفراجة لأزمة «الفراغ الرئاسي» عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويتبع ذلك خطوات مهمة في سياق مواجهة بقية الأزمات التي يُعاني منها لبنان، وبالأخص تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات.