أ.د هاني الضمور يكتب ..هل نعيد تقدير المعلم في الأردن؟
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
#سواليف
كتب … أ.د. #هاني_الضمور / رئيس جامعة آل البيت سابقا
في العقود الأخيرة، شهد #الأردن تحولاً ملحوظاً في كيفية #تقدير_المعلم، حيث تراجعت مكانة هذه المهنة النبيلة بشكل مؤسف. في السابق، كان المعلم يحظى بالتقدير والاحترام كعنصر أساسي في #تطوير_المجتمع ودفع عجلة التقدم. ومع ذلك، خلال العشرين سنة الماضية، بدأنا نشهد انخفاضاً في تقدير المعلم وتقلص دوره، الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول الأسباب والتداعيات المترتبة على هذا التغيير.
تشير الأدلة إلى أن العوامل متعددة، بدءاً من الضغوط الاقتصادية التي تؤثر على الرواتب وظروف العمل، إلى التغيرات في السياسات الحكومية والقيم الاجتماعية التي قد تقلل من شأن التعليم. في الدول التي تعتبر التعليم استثماراً في المستقبل، يتمتع المعلمون برواتب مجزية، تدريب مستمر، ومكانة مرموقة في المجتمع. فلماذا لا يحظى المعلمون في الأردن بنفس الدعم والتقدير؟
مقالات ذات صلةهل القضية تكمن فقط في الإمكانيات المادية أو هي أعمق من ذلك، تشمل السياسات التعليمية والإدارية، وتأثيرها على البيئة التعليمية؟ كيف يمكن للمعلمين أن يشعروا بالتحفيز والرضا عن عملهم إذا لم يتلقوا الدعم المناسب أو التقدير المطلوب من المجتمع والحكومة على حد سواء؟
إن الحاجة ماسة الآن إلى إعادة التفكير في كيفية تقديرنا للمعلمين والعمل بجدية لاستعادة وضعهم كركائز أساسية في المجتمع. يتطلب هذا التغيير تعاوناً بين الحكومة والمجتمع المدني والأسر لضمان أن يتم توفير بيئة داعمة تحفز المعلمين وتعيد لهم الاعتبار الذي فقدوه.
يجب أن نستعيد الاعتراف بأن التميز في التعليم يتطلب التميز في المعلمين. ولتحقيق ذلك، يحتاج المعلمون في الأردن إلى الدعم المادي والمعنوي، والاحترام والتقدير من الجميع. الوقت قد حان لإعادة تقدير المعلمين واعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من نجاح الأمة. بدءاً من تحسين الرواتب وظروف العمل، إلى توفير التدريب المستمر وفرص التطوير المهني، يجب أن نضمن أن المعلمين يتلقون الدعم الكافي لأداء دورهم بفعالية.
علاوة على ذلك، يجب أن نعزز الوعي المجتمعي بأهمية دور المعلم ونشجع على التقدير العام لهذه المهنة. يمكن للمجتمعات المحلية أن تلعب دوراً هاماً في هذا السياق، من خلال تعزيز التفاعل الإيجابي مع المعلمين وتقدير جهودهم بشكل منتظم.
لا ينبغي أن ننسى أن الاستثمار في #المعلمين هو استثمار في المستقبل. بتحسين وضع المعلمين، لا نساهم فقط في تحسين جودة التعليم الذي يتلقاه #الطلاب، بل نعزز من إمكانيات الأجيال القادمة ونساهم في تحقيق نهضة شاملة تعود بالنفع على الأردن ككل.
لذا، الدعوة موجهة الآن لكل من يهمه الأمر: الحكومة، الهيئات التعليمية، الأسر، والمجتمع المدني، للعمل معًا من أجل ترسيخ مكانة المعلم في قلب العملية التعليمية. من خلال إعادة تقدير المعلم، نستطيع أن نضمن بناء جيل جديد مزود بالمعرفة والمهارات اللازمة ليكون قادرًا على مواجهة التحديات المستقبلية بكفاءة وفعالية.
في نهاية المطاف، إعادة تقدير المعلمين ليست مجرد خطوة أخلاقية وحسب، بل هي استراتيجية ضرورية لتحقيق تقدم حقيقي ومستدام. ومن خلال هذه الجهود المتكاملة، يمكن للأردن أن يستعيد مكانته كرائد في التعليم في المنطقة وأن يبني مستقبلاً مشرقاً لأجياله القادمة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الأردن تقدير المعلم تطوير المجتمع المعلمين الطلاب
إقرأ أيضاً:
إخوان الأردن والقصر وخلية الدعم المسلح للمقاومة
في الخامس والعشرين من أيار/ مايو 1946 تم الإعلان عن قيام المملكة الأردنية الهاشمية، تطورا من إمارة شرق الأردن التي تأسست في العام 1923، قبل ذلك بعام (1945) تأسس في الأردن فرع لجماعة الإخوان المسلمين، ووافق مجلس الوزراء الأردني في العام 1946 على تأسيس جمعية الإخوان لتصبح كيانا قانونيا منذ ذلك الوقت، بل لتصبح أحد أعمدة المملكة الأردنية حتى الآن رغم بعض التوترات بين الحين والآخر.
التوتر الحالي بين القصر والجماعة على خلفية اكتشاف المخابرات الأردنية خلية لتصنيع الصواريخ والمسيرات دعما للمقاومة الفلسطينية؛ ليس الأول من نوعه، وإن بدا حتى الآن أنه قد يكون الأكبر مع تصاعد التحريض الإعلامي والسياسي من معارضي الإخوان للقصر بتوجيه ضربة كبرى للجماعة، وحل حزبها (حزب جبهة العمل الإسلامي) وبالتالي إبطال عضوية نوابه في البرلمان.
مع الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى كان الشعب الأردني في طليعة الشعوب الثائرة ضد العدوان، وهذا أمر مفهوم بحكم العلاقة العضوية بين الشعبين الأردني والفلسطيني، وصلت سخونة الشارع الأردني حد حصار السفارة الأمريكية في عمان، بل أكثر من ذلك جرت بعض محاولات لاقتحام الحدود مع الكيان الصهيوني لعل أشهرها قصة الأردني ماهر الجازي، شهيد عملية معبر الكرامة يوم 8 أيلول/ سبتمبر 2024، وقد احتفى الشعب الأردني بهذه العملية التي رآها تعبيرا عن ضميره بمناسبة مرور عام تقريبا على الطوفان، وتلتها عملية حسام أبو غزالة وعامر قواس اللذين اشتبكا في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 مع جنود إسرائيليين في منطقة البحر الميت قرب مستوطنة إيلوت، وأصابا جنديين منهم قبل مقتلهما.
التوتر الحالي بين القصر والجماعة على خلفية اكتشاف المخابرات الأردنية خلية لتصنيع الصواريخ والمسيرات دعما للمقاومة الفلسطينية؛ ليس الأول من نوعه، وإن بدا حتى الآن أنه قد يكون الأكبر مع تصاعد التحريض الإعلامي والسياسي من معارضي الإخوان للقصر بتوجيه ضربة كبرى للجماعة
مع غليان الشارع الأردني، وتزايد احتمالات حدوث المزيد من العمليات العسكرية الفردية أو المنظمة عبر حدوده مع الكيان الصهيوني، ارتفعت المخاوف من تسبب هذه العمليات في توريط المملكة في صدام مباشر مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي غير مستعدة أو لا ترغب في ذلك، وتوترت العلاقة مع الإخوان باعتبارهم القوة الأكبر في حشد المظاهرات، وتسخين الشارع الأردني، وجاءت الانتخابات البرلمانية في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي ليحقق الإخوان فيها المفاجأة بحيازتهم للمركز الأول بين القوى السياسية في البرلمان، وهو ما اعتبر ترجمة لتعاطف الشعب الأردني معهم بسبب دعمهم لغزة.
استفز فوز الإخوان المفاجئ بعض القوى الإقليمية وخاصة الإمارات والكيان الصهيوني، وتسارعت التحركات لتوجيه ضربة للإخوان، وتشويه صورتهم، وقد دفعت في هذا الاتجاه بعض القوى السياسية التي كشفتها الانتخابات الأخيرة، وكذا بعض الأصوات المناوئة للإخوان تقليديا، والمدعومة من قوى إقليمية مناهضة للإخوان. وفي هذا المناخ ظهرت قضية خلية الدعم المسلح للمقاومة الفلسطينية (صناعة صواريخ ومسيرات لتهريبها إلى الأرض المحتلة)، وظهر اهتراء الرواية الأمنية حول الواقعة، فهذه ليست خلية واحدة بل أربع خلايا، كما أن أنشطتها ومتابعتها لم تكن في توقيت واحد بل بدأت من العام 2021. وقد ضغط وزير الاتصال السياسي محمد المؤمني على هذا التاريخ ليمرر رسالة أن هذا التجهيز للصواريخ كان قبل طوفان الأقصى، أي ليس مرتبطا بدعم المقاومة، ونسي أن الأوضاع في الأرض المحتلة كانت ملتهبة باشتعال معركة سيف القدس في أيار/ مايو من ذلك العام، كما أن إحدى الخلايا المضبوطة ليست جديدة ولكنها تحاكم بالفعل أمام القضاء الأردني منذ فترة، كل ما في الأمر انه تم تجميع 4 حالات ودمجها معا بهدف تضخيم القضية، وإثارة الفزع، والتهيئة لضربة كبرى ضد الجماعة، مع العلم أن 3 متهمين فقط ادعت المخابرات انتماءهم للإخوان من بين 16 متهما في هذه الخلية.
وضمن الادعاءات التي تستهدف إثارة الفزع الداخلي تأكيد الوزير المؤمني أن مدى الصواريخ التي يجري تصنيعها ما بين 3 و5 كيلومترات، أي أنها ستكون موجهة ضد أهداف داخل المملكة، وليس خارجها، وبغض النظر عن ظهور معلومات بأن مدى الصواريخ محل الاتهام ما بين 7 و12 كيلومترا حسبما نشر نشطاء أردنيون، فإن مدى الخمسة وحتى الكيلومترين فقط يمكن أن يصل إلى داخل الأرض المحتلة، حيث يبلغ طول الحدود الأردنية مع إسرائيل والضفة الغربية 335 كيلومترا، منها 97 كيلومترا مع الضفة الغربية، و238 كيلومترا مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحيث يبلغ عرض نهر الأردن الفاصل بين الجانبين أقل من كيلو متر.
جماعة الإخوان الأردنية من ناحيتها أصدرت على الفور بيانا أكدت فيه أن ما أعلنته الحكومة هي أعمال فردية على خلفية دعم المقاومة الفلسطينية "لا علم للجماعة بها ولا صلة، مؤكدة التزامها "بالخط الوطني وبالنهج السلمي وبعدم الخروج عن وحدة الصف الوطني"، وأن "مصالح الأردن العليا فوق كل اعتبار". تعرض البيان لانتقادات متباينة على صفحات التواصل بين من يراه تخليا من الجماعة عن أبنائها، أو أنه في المقابل تبرير غير مباشر لفعلهم، ثم جاء بيان حزب جبهة العمل الإسلامي منددا بما وصفه بـ"حملات تجييش وتحريض ضد الحركة الإسلامية والحزب، ومحاولات اتهامها بأعمال فردية تستهدف أمن الوطن على فرض ثبوتها بحق المتهمين".
هناك أصوات تدعو للاستئصال التام، وحل الجماعة (رغم أنها محلولة بالفعل) وحل حزب جبهة العمل الإسلامي، ومن ثم طرد نوابه من البرلمان، لكن في المقابل هناك أصوات أخرى تدعو للتعقل، والحكمة في التعامل مع الأزمة، حفاظا على الاستقرار في المملكة، وتجنبا لأي هزات في وقت تتعرض فيه المملكة لتهديدات التهجير والتوطين للفلسطينيين على أرضها، وهو ما يمثل خطرا داهما عليها
في بيان الحزب وقبله الجماعة إشارة إلى دوافع المتهمين، وهي دعم المقاومة الفلسطينية، وفي البيانين أيضا تأكيد على رفض استهداف أمن الأردن واستقراره، واعتبار ذلك خطا أحمر، وضرورة تمتين الجبهة الداخلية و"تفويت الفرصة على من يسعى للفتنة الداخلية التي تخدم مخططات الاحتلال لإضعاف الأردن، أو الفت في عضد النسيج الوطني الأردني في وقت الأردن أحوج ما يكون فيه لوحدة الصف في مواجهة ما يتعرض له من تهديدات من قبل المشروع الصهيوني التوسعي". ثم جاء بيان جماعة الإخوان المسلمين بقيادة الدكتور صلاح عبد الحق ليؤكد أن "دعم المقاومة الفلسطينية واجبٌ شرعي، وشرفٌ لكلّ مسلم، ولا يجوز أن يُجرَّم أو يُصادَر، فالمقاومة ضدّ الاحتلال حقٌّ أصيل أوجبته الشرائع السماوية، وأقرّته القوانين الدولية، ويتّسق مع النخوة العربية والفطرة الإنسانية السويّة"، كما أكد في الوقت نفسه أن موقف الجماعة "من حبّ الأوطان والحفاظ عليها واضحٌ وثابت، لا يُزايد عليه أحد، ولكنّ الخلط بين دعم المقاومة والسعي إلى التخريب، هو تضليل للرأي العام وتشويش على الموقف الشعبي الصادق في نصرة فلسطين"، وأوضح أن تهمة الإرهاب "لم تَعُد تنطلي على الرأي العام من كثرة سوء استخدامها وبغير حق، وأدان اعتقال أيّ ناشطٍ، أيّا كان موطنه، بسبب وقوفه إلى جانب فلسطين".
في كل الأزمات التي مرت بها الجماعة مع القصر والأجهزة الأمنية كانت هناك أصوات تطالب باستئصالها، وكانت في المقابل أصوات عاقلة تسعى للتهدئة والتفاهم باعتبار الجماعة أحد أعمدة المملكة منذ تأسيسها، وحينما تصاعدت الأزمة بين السلطة والجماعة عقب نجاح الثورات المضادة للربيع العربي، وكان من مظاهر ذلك محاكمة نائب المراقب العام زكي بني أرشيد بسبب انتقاداته للإمارات على الفيسبوك، وحل الجماعة ، ومنح ترخيص جديد لبعض المنشقين عنها لتأسيس جمعية جديدة باسم الإخوان، وتسليمها كل مقرات ومؤسسات الجماعة (ومنها المركز العام والمركز الإسلامي وغيرهما)، ظلت الجماعة الأصلية تعمل في الشارع دون ترخيص رسمي، وظل حزب جبهة العمل الإسلامي قائما بشكل رسمي، ولم تعمد السلطات إلى الزج بكل قيادات الجماعة في السجون.
وفي الأزمة الحالية أيضا هناك أصوات تدعو للاستئصال التام، وحل الجماعة (رغم أنها محلولة بالفعل) وحل حزب جبهة العمل الإسلامي، ومن ثم طرد نوابه من البرلمان، لكن في المقابل هناك أصوات أخرى تدعو للتعقل، والحكمة في التعامل مع الأزمة، حفاظا على الاستقرار في المملكة، وتجنبا لأي هزات في وقت تتعرض فيه المملكة لتهديدات التهجير والتوطين للفلسطينيين على أرضها، وهو ما يمثل خطرا داهما عليها.. وفي كل الأحوال نتمنى السلامة للشعب الأردني الشقيق.
x.com/kotbelaraby