"نسرين وفائزة".. كيف أحدثتا ثورة في مشهد المطاعم بتعز (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
نسرين ضرار وفايزة حيدرة امرأتان تحدتا الصور النمطية المتعلقة بالجنسين في اليمن من خلال افتتاح مطعم في محافظة تعز.
تقول نسرين لـ "العربي الجديد": "لقد كسرنا القاعدة بأن فتح المطاعم للرجال فقط". "لقد حاولنا إقناع المجتمع بأن المرأة يمكنها أيضاً العمل في المطاعم. ليس هناك أي عيب في ذلك".
نسرين وفايزة خريجتان جامعيتان، وقد زودهما تعليمهما بالثقة اللازمة لتخطيط وتنفيذ أفكارهما التجارية الجماعية بغض النظر عن التحديات.
ولم يحصل الاثنان على أي دعم مالي لإطلاق مطعمهما "مطعم بيتوتي"، كما توضح نسرين "من الناحية المالية، بدأ المشروع بمدخراتنا. حاولنا توفير العمل بمفردنا".
وقد أتاح هذا المشروع لنسرين وفايزة معرفة المزيد عن هذا المجال وأن يصبحا مستقلين مالياً، فضلاً عن القدرة على خلق فرص عمل لنساء أخريات. وتضيف نسرين: "إنه شعور رائع أن تكوني رائدة أعمال ومكتفية ذاتيًا".
وفي مجتمع محافظ كاليمن، يصعب إقناع الأب أو الأم بالسماح لبناتهم بالعمل في أحد المطاعم. ولديهم مبررات عديدة لتبني مثل هذا الموقف. كان هذا هو التحدي الرئيسي الذي واجهته فايزة ونسرين أثناء التحضير لافتتاح المطعم.
تقول فايزة للعربي الجديد: "كان العثور على موظفات إناث أمرًا صعبًا. لم يكن أحد على استعداد للسماح لابنته أو أخته أو زوجته بالعمل في أحد المطاعم. لكنهم غيروا موقفهم عندما فهموا أنني ونسرين كنا مسؤولين عن إدارة المطعم". "
وقال ياسر عبده، 40 عاماً، من سكان مدينة تعز، لـ"العربي الجديد"، إن الأمر بدا "غريباً" عندما دخل مطعم "بيتوتي" لأول مرة في يناير/كانون الثاني من هذا العام، ووجد طاقم العمل نسائياً بالكامل.
"لقد طلبت الغداء، الذي أحضرته إلى الطاولة نادلة ترتدي سترة طويلة. كان الأمر غريباً لأنني لم أر ذلك في مدينة تعز من قبل".
وأضاف: "الطعام كان لذيذاً، والمطعم يبدو أنيقاً، ويضم قسمين منفصلين للعملاء من الرجال والنساء. لا أعرف مديرات هذا العمل، لكنني فخور بهن".
وتعتبر عبده نجاح فايزة ونسرين "مثالا مشجعا" للنساء اليمنيات اللاتي يرغبن في فتح أو تشغيل مرافق الخدمات الغذائية الخاصة بهن في محافظة تعز أو أي مكان آخر في اليمن.
وقالت نوال محمد، طالبة جامعية من تعز، إن وجود هذا المطعم المملوك للنساء في مدينة تعز "ملهم".
"لقد جعلني ذلك أفكر في افتتاح مقهى يقدم الوجبات الخفيفة، وخاصة مجموعة متنوعة من عصائر الفاكهة والسندويشات. وسيكون الموظفون جميعهم من النساء".
وأضافت: "إذا كانت النساء في تعز أو المحافظات اليمنية الأخرى طبيبات وممرضات وأستاذات ناجحات، فيمكنهن أيضًا إدارة أعمال الخدمات الغذائية. إن الأعراف الاجتماعية فقط هي التي تضع حدودًا لقدراتنا".
تأثير الحرب: كيف يدفع الصراع النساء إلى أن يصبحن معيلات لأسرهن
اندلعت الحرب الأهلية في اليمن في عام 2015، مما أدى إلى محن اقتصادية متعددة، لا سيما انخفاض قيمة العملة، وارتفاع التضخم، وفقدان الوظائف.
وكان العديد من ضحايا الحرب هم المعيلون لعائلاتهم. ومع رحيلهن، تُركت الأسر دون معيل، مما اضطر النساء إلى تحمل أعباء جديدة والبحث عن عمل لكسب لقمة العيش.
هدى ناصر، 20 عاما، خريجة مدرسة ثانوية، تعمل نادلة في أحد مطاعم صنعاء منذ أغسطس من العام الماضي. وصفها أصدقاؤها بأنها "شجاعة" لأن هذا العمل في اليمن يهيمن عليه الرجال.
وتعترف هدى أن الظروف المالية لعائلتها دفعتها إلى قبول وظيفة النادلة.
"سمح لي والدي بالعمل كنادلة في قسم العائلات بالمطعم، وهذا يعني أن الزبائن الذين أخدمهم هم النساء مع أزواجهن أو إخوتهن أو أطفالهن، ولا أدخل القسم الذي يخدم الرجال فقط".
وأضافت: "القيود الاجتماعية على عمل المرأة في المطاعم قديمة منذ عقود، إلا أن الحرب والظروف الاقتصادية الصعبة دفعت النساء إلى قبول وظائف كانت تعتبر في السابق صعبة أو غير مناسبة".
يشكل الحفاظ على استمرارية الأعمال التجارية تحديًا كبيرًا في بلد يعاني من الحرب وعدم الاستقرار السياسي منذ ما يقرب من عشر سنوات.
ويخوض الطرفان المتحاربان في اليمن، جماعة الحوثي المدعومة من إيران والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، حربا اقتصادية إلى جانب معاركهما العسكرية. وقد خلق هذا البؤس للمدنيين وتحديات هائلة لرواد الأعمال.
توقفت العديد من الشركات عن العمل أو انتقلت إلى بلدان أخرى، هرباً من البيئة غير الآمنة والضرائب الباهظة التي تفرضها الجماعات المسلحة.
على الرغم من العقبات المتعددة التي تواجهها الشركات في اليمن، تحاول نسرين وفايزة التغلب على الصعوبات التي يواجهها مشروعهما.
وتوضح نسرين أن "ارتفاع الأسعار وعدم استقرار العملة ونقص الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه وغاز الطهي من بين الصعوبات الرئيسية التي نواجهها".
"لكننا نبذل قصارى جهدنا لمعالجة المشاكل التي تواجه أعمالنا ونستمر في تقديم وجبات لذيذة للعملاء."
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن تعز المرأة مطاعم حقوق فی الیمن العمل فی
إقرأ أيضاً:
الولادة في زمن الحرب: وفيات وانفجار ارحام في طريق البحث عن مستشفى!!
لم تدر إنعام ذات الثلاثين عامًا، أن ولادتها هذه المرة ستكون الأخيرة، بعد أن أنجبت في السابق خمسة أطفال دون مشكلات أو مضاعفات، صباح الثلاثاء جاءها المخاض وهي في غرفة تبعد أمتاراً قليلة عن منزل والدة
منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : صحيفة التغيير
الخرطوم :15 يناير 2025 - لم تدر إنعام ذات الثلاثين عامًا، أن ولادتها هذه المرة ستكون الأخيرة، بعد أن أنجبت في السابق خمسة أطفال دون مشكلات أو مضاعفات.
صباح الثلاثاء جاءها المخاض وهي في غرفة تبعد أمتاراً قليلة عن منزل والدة زوجها، التي جاء بها صراخ إنعام. يقول زوجها معتصم حسين لـ"التغيير".
أسرعت والدة زوجها إلى القابلة التي لم تكن موجودة بمنزلها، وذهبت إلى إحدى القرى المجاورة لتوليد امرأة أخرى.
عادت، مسرعة وطلبت من ابن شقيقها الذهاب للقرية وإحضار القابلة بعربته الكارو (عربة تجرها الحيوانات) وهي وسيلة النقل الوحيدة بعدما تم نهب جميع السيارات بالقرية من قبل "قوات الدعم السريع" التي هاجمت قرية الهشابة التابعة لمحلية القطينة في ولاية النيل الأبيض- جنوبي السودان.
حضرت القابلة ووجدت إنعام في حالة حرجة تتطلب نقلها إلى أقرب مركز صحي لإجراء عملية قيصرية، وبالفعل تم إسعافها إلى مركز صحي بالسيل، لكن الطبيب المعالج ذكر أن المركز لا تتوفر فيه الإمكانات اللازمة لإجراء العملية وطلب تحويلها إلى مستشفى الدويم.
وقبل وصولها إلى مستشفى الدويم أسلمت إنعام روحها إلى بارئها على بعد لحظات من الوصول ليتم قبرها في مقابر الهشابة.
أرقام مخيفة
لم تكن إنعام الوحيدة التي توفيت في حالة الولادة، بل هناك العشرات من النساء اللائي وجدن ذات المصير بسبب تعطل المشافي والرعاية الصحية للحوامل ووصلت الوَفِيَّات إلى أرقام مخيفة- بحسب مصدر طبي.
"لا توجد إحصائية دقيقة لوفيات الأمهات بسبب الولادة، لانقطاع الإنترنت وانعدام الرعاية الصحية الأولية وتوقف المشافي في عدد كبير من ولايات البلاد". يقول المصدر.
وذكر أنه كان شاهداً على عدد من الوَفِيَّات في المشفى الذي يعمل فيه منذ اليوم الأول للحرب.
حالات مماثلة
ورصدت "التغيير"، عدداً من وَفِيَّات النساء الحوامل بسبب صعوبة الوصول إلى المشافي في ظل الحصار الذي يفرضه طرفا الصراع على تحركات المواطنين خاصة المناطق التي تشهد اشتباكات متكررة.
وفاقمت حرب 15 أبريل 2023، من معاناة النساء الحوامل في السودان بعد خروج أكثر من (80%) من المشافي عن الخدمة، مما اضطر بعضهن للولادة في المنازل ودور الإيواء.
وقبل اندلاع الحرب لم يكن وضع السودان أحسن حالًا، حيث سجل أعلى معدل وَفِيَّات للأمهات أثناء الولادة في العالم.
وأشارت إحصاءات وزارة الصحة الاتحادية إلى أن هناك 100 حالة وفاة بين كل 10 آلاف حالة ولادة في البلاد، وهذا ما أكدته منظمتا الصحة العالمية واليونيسف، اللتان ذكرتا أنه تم تدمير خدمات صحة وتغذية الأمهات والأطفال في السودان، ما يترك حوالي 14 مليون طفل في حاجة لإغاثة إنسانية عاجلة.
وأقر وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم، خلال اجتماع اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية في القاهرة أكتوبر 2023، بضعف مؤشرات صحة الأم والطفل، التي تتضمن وَفِيَّات الأمهات والأطفال وسوء التغذية.
النزيف الحاد
وتقول أخصائية النساء والتوليد صفاء محمد، إن أغلب وَفِيَّات الأمهات بسبب النزيف الحاد بعد الولادة بالمنزل لتأخر إسعاف الحالة، وعندما تصل تكون في وضع حرج يصعب إنقاذ حياتها.
وأضافت في حديث لـ"التغيير"، أن مشافي ولايات السودان المختلفة تعاني من نقص حاد في الدَّم بعد توقف المعامل المركزية وغياب الأدوية المنقذة للحياة.
ورأت اختصاصية النساء والتوليد، أن الحوامل يفضلن الولادة بالمنزل لعدم توفر الأموال بعد أن فقد أزواجهن أعمالهم بسبب الحرب، لذلك تلجأ أغلب النساء الحوامل للقابلات، ولا يكون خِيار الذهاب إلى المستشفيات إلا بعد فوات الأوان.
الولادة بالمنزل
وتؤكد التقارير أن أغلب الوفيات وسط النساء الحوامل بسبب الولادة بالمنازل التي تقوم بها القابلات لعدم توفر المتطلبات الأساسية لسلامة الأم وجنينها، وفي حالة حدوث أي طارئ لا يمكن إنقاذ الموقف.
وتقول القابلة نفيسة علي، إنهن يمارسن مهنتهن بأمانة ومسؤولية، يكرسن أنفسهن لأي حالة ولادة في المناطق التي يعملن فيها.
وأضافت لـ"التغيير"، أنها استطاعت توليد عشرات النساء في مراكز النزوح بعد توقف العديد من المشافي من المنطقة التي تعمل بها.
وتابعت: "لضيق ذات اليد نضطر أن نجري ولادة في مناطق النزوح داخل "الرواكيب والخيام" وتتم الولادة بسهولة، ولكن أحيانا تحدث تعقيدات تتطلب تدخلا جراحيا وتتحول الولادة المستعصية إلى عملية قيصرية نضطر بعدها لنقل الأم إلى المستشفى.
وعزت نفيسة وَفِيَّات الحوامل في حالة الولادة إلى انعدام وسائل النقل لإسعافهن في حالة حدوث أمر طارئ، وهذه الظروف فرضتها الحرب، لأننا في الوضع الطبيعي نعمل تحت إشراف طبي بالمستشفيات.
انفجار الرحم
وكادت هنادي علي، أن تفقد حياتها، بعد أن تعثرت ولادتها الطبيعية، مما اضطر القابلة التي كانت تباشر ولادتها إلى نقلها إلى أقرب مركز صحي نتيجة لمضاعفات ونزيف حاد.
"وقبل أن تصل إلى المركز الصحي انفجر رحمها في الطريق بعد أن تم إسعافها "بعربة كارو" كما يروى لـ(التغيير) زوجها "عباس فضل المولى".
"بعد أن وصلنا إلى المركز تم إدخال زوجتي لعملية مستعجلة بعد أن نزفت كثيرًا دمًا وتم نقل الدَّم إليها مباشرة، ولكن للأسف فقدنا الطفل، ولولا العناية الإلهية لفقدت زوجتي أيضًا. "يضيف".
وحرمت الحرب نساء السودان من أبسط حقوقهن، لعدم تقيد أطراف الصراع بخلق ممرات آمنة للمواطنين التي نص عليها القانون الدولي الإنساني".
وتقول رئيسة اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، د. هِبَّة عمر، إن الانهيار الصحي وراء ازدياد وَفِيَّات الأمهات الحوامل، اللاتي تعيش الآف منهن ظروفا إنسانية وصحية حرجة وبالغة التعقيد".
وتضيف: "الإحصائيات الموجودة الآن تمثل رأس جبل الجليد بعد خروج المستشفيات في (13) ولاية عن الخدمة بعد الحرب".
ولفتت إلى أن المشافي الموجودة حاليًا لا تتوفر فيها خدمة جيدة والكوادر غير مؤهلة، بالإضافة إلى انعدام الأدوية المنقذة للحياة وأدوية التخدير، وأكياس الدَّم".
وطالبت رئيسة نقابة أطباء السودان طرفي الصراع بضرورة فتح ممرات آمنة للنساء والأطفال واحترام القوانيين والمواثيق الدولية التي تنصت على هذا، وعدم حرمان النساء الحوامل والأطفال من الغذاء والوصول لأماكن العلاج".
وتوقعت هِبَّة عمر، ازدياد معدلات الوَفِيَّات وسط الأمهات بسبب انقطاع الاتصالات في السودان وصعوبة الوصول للكوادر الصحية عبر الهاتف بالإضافة لصعوبة الحركة في مناطق حظر التجوال في الفترة المسائية".
انعدام الغذاء
وساعد انعدام الغذاء في بعض ولايات السودان من إزياد حالات الوفاة خاصة المناطق التي توقفت فيها الرعاية الصحية للحوامل، في حين يوصي صندوق الأمم المتحدة للسكان بأن تحصل الحوامل على 8 زيارات للطبيب خلال أشهر الحمل".
وتقول أخصائية التغذية نهى شمام، إن وضع النساء الحوامل في السودان سيء للغاية لعدم توفر الغذاء الكافي للأم وجنينها، لذلك نرى أن هناك ازديادا في حالات الإجهاض والوفاة وسط النساء الحوامل".
وتضيف: شمام لـ"التغيير"، "النساء قبل الحمل تحتاج إلى أنماط غذائية مغذية وآمنة لتكوين مخزون كافٍ لفترة الحمل، إذ تزداد الاحتياجات للطاقة والمغذيات في أثناء الحمل".
وتابعت: "من الضروري تلبية هذه الاحتياجات للمحافظة على صحة المرأة وطفلها داخل الرحم وعلى امتداد مرحلة الطفولة المبكرة".
مازال أطفال إنعام الخمسة ينتظرون عودة والدتهم ذات الثلاثين عامًا، ودائمًا ما يسألون والدهم عنها، لكنه لا يدري ماذا يقول، فقط يداري دموعه ولا يعرف كيف يخبرهم بأنها لن تعود أبدًا".
#SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum