«الندامة».. هل أعيت من يداويها؟
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
تحل الندامة، وهي نتيجة مفتعلة لمواقف قد لا تكون مخططًا لها سلفا، يحدث ذلك انعكاسا لعوامل كثيرة، بعضها مادية «فعل فاعل» وبعضها الآخر نفسية، وثالثها حاصلة بتأثير الآخر على البيئة المحيطة، ومع أن الندامة يختلط في نتائجها القصد، وغير القصد، إلا أنها تظل ثقيلة على النفس، ومؤلمة إلى درجة كبيرة، ويظل أثر الهزيمة النفسية التي تتركها عند الفرد فترة طويلة، يتشكى على نفسه من خلالها، حيث تكثر أسئلته مثل: ما كان ينبغي أن أقوم بهذا الفعل/ القول؟ ماذا لو تريثت قليلا؟ كيف حدث ذلك وأنا مخطط ودارس لجميع ظروف هذا الأمر؟ ماذا سيقول الآخرون عني؟ لماذا تتوالى عليَّ مثل هذه الإخفاقات، وكأنني لم أتعلم من تجربة الحياة شيئا؟ وتتوالى الأسئلة محدثة أثرًا غائرًا متعبًا على النفس، مع أن حياة كل فرد منا قائمة على تجربة الخطأ والصواب، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الخروج من هذه المراوحة بينهما دون أن تتعرض النفس لشيء من كدر الندامة.
والـكسعي الذي يضرب بندمه المثل؛ فندمه حاصل عن كسله؛ وعدم تحفيز نفسه للتأكد من النتائج التي حدثت أمام عينيه، في مسافة -ربما- لا تتجاوز بضعة أمتار من موقعه، وموقع سقوط الظباء الثلاث التي اخترقتها سهامه، وهذا يعكس حالة التململ التي ترافق الإنسان عادة عند الإقدام وعدمه في كثير من شؤون حياته اليومية، وإلا ما الذي يضيره لو تحرك خطوات قليلة؛ ليتأكد مما آلت إليه نتائج محاولاته في أمر ما، كما حدث عند «الكسعي» لمَّا فقد قوسه الذي تعهده بالعناية والرعاية، وعقد صفقة ربح مع نفسه بأن القوس الذي تعهده بالعناية والرعاية ستكون له نتائج ممتازة، يتحدث عنها العرب، وتأتي المقاربة ذاتها عند الناس عندما يبذلون الغالي والنفيس في المرحلة التربوية الأولى لأبنائهم، ومن ثم يسْلِمونهم للمجتمع دون رقيب، ثقة بهم، فيقع كثير من هؤلاء الأبناء في مفترق طرق المجتمع، وفي كثير من التشابكات والتقاطعات التي تصدم الإنسان من ذوي الخبرات، حيث يحار فيما يفعل، فما بالك بطفل يظهر للتو بين دهاليز المجتمع الـ«ماكر» المليء بالتعقيدات، وبالإخفاقات، وبالمصادمات، وبحسابات الربح والخسارة التي يتقصدها البعض، ويستغلها البعض الآخر، فماذا ينفع الندم بعد ذلك فيما لو وقع هذا الطفل في شيء من هذا كله، وهو أمر وارد؟
قد تحفز بعض المواقف الآخر لأن يدخل تحديًّا غير محسوب النتائج، لتأخذه العزة بالإثم، فيقع في الإثم الأكبر، فيندم، فيكون حاله كحال الفرزدق عندما تشاعر مع جرير في حضرة الخليفة عبدالملك بن مروان -كما جاء في المصدر- وقد تعهد بتطليق زوجته إذا غلبه جرير في المرة الثانية -وقد كان- عندها أنشد الفرزدق قائلا:
ندمت ندامة الكسعي لما،
غدت منى مطلقة نوار
وكانت جنتي، فخرجت منها،
كآدم حين لج به الضرار
وغالبا، ما تنتهي حالات التحدي بين الأطراف إلى أضرار قاسية، تورث ندما أكثر قساوة وانهزامًا على النفس، ولذلك من الحكمة البالغة أن يتجنب الإنسان مواقف التحدي التي يكثر فيها هيجان النفوس، والأخذ والرد، حيث يتلاعب الشيطان بالعقول والنفوس، فيوردها موارد الهلاك والندم.
وفي السياق ذاته لن تخرج الحماقة عن الندامة، فالعلاقة عضوية بين الاثنتين، انعكاسًا لما تؤدي إليه نتائجهما من مآسٍ، ولذلك - كما قال أبو الطيب -: «لكل داء دواء يستطب به، إلا الحماقة أعيت من يداويها».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
علاج انقطاع النفس أثناء النوم.. حلول مبتكرة
مشاكل انقطاع النفس أثناء النوم .. في عام 1979، ابتكر الدكتور كولين سوليفان، طبيب شاب في سيدني، أستراليا، جهازًا لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل التنفس أثناء النوم. بعد أشهر من الانتظار، التقى بأحد عمال البناء الذي كان يعاني من اضطرابات شديدة في النوم لدرجة أنه كان ينام بشكل متكرر على السقالات.
كانت حالته هي انقطاع النفس النومي، حيث كان مجرى التنفس ينغلق أثناء النوم، مما يسبب له الاستيقاظ المتكرر طوال الليل. ومع ذلك، رفض الرجل توصية سوليفان بإجراء عملية جراحية كانت هي العلاج الوحيد المعروف آنذاك.
قرر سوليفان تجربة جهاز ابتكره، والذي كان يتألف من "أنبوب كبير موصول بجهاز تهوية"، كما وصفه، كان الجهاز يضخ الهواء عبر قناع إلى أنف الرجل، مما يزيد الضغط بشكل طفيف ويحافظ على بقاء مجرى التنفس مفتوحًا. ونال الرجل قسطًا كافيًا من النوم لأول مرة منذ سنوات.
التحديات التي تواجه استخدام جهاز CPAP
بينما أثبت جهاز CPAP فاعليته لملايين الأشخاص، إلا أنه ليس حلاً يناسب الجميع. يواجه العديد من الأشخاص صعوبة في استخدام الجهاز بشكل فعّال، حيث يتوقف بعض المرضى عن استخدامه بعد فترة قصيرة.
وتعد واحدة من أكبر التحديات هي ضمان أن القناع يناسب المستخدم، إذ تقول إميليا كوكسي، الناشطة في مجال دعم المرضى في مشروع النوم: "لقد استخدمت جهاز CPAP لمدة 16 عامًا، ومع ذلك لم أشعر أنني حصلت على قسط كافٍ من الراحة". وتضيف أن المشكلة كانت في القناع غير المريح، حيث لم يتم تزويدها بأي تعليمات حول كيفية تعديل القناع ليكون أكثر راحة.
ويوافقها الرأي الدكتور كيفين موتز، أخصائي الأنف والأذن والحنجرة وباحث في انقطاع النفس النومي في جامعة جونز هوبكنز، الذي يوضح أن علاج CPAP لا يتناسب مع الجميع، مؤكدًا: "لا يوجد حل يناسب الجميع"، حيث أن الأقنعة التي تغطي الأنف فقط تكون أكثر فعالية بالنسبة للعديد من الأشخاص، بينما يمكن أن تكون الأقنعة التي تغطي الفم أيضًا مفيدة لأولئك الذين يعانون من صعوبة في التنفس من الأنف.
التشخيص الدقيق: خطوة أساسية في العلاج
أحد التحديات الأخرى التي يواجهها المرضى هو تحديد السبب الدقيق لانقطاع النفس النومي. أحيانًا، قد يكون من الصعب معرفة ما إذا كان الشخص يعاني من هذه الحالة أو ما الذي يسببها. ويعد التشخيص الدقيق خطوة أساسية لاختيار العلاج الأنسب.
يشير الدكتور سوليفان إلى أن الشخير هو علامة شائعة على انقطاع النفس النومي، ويجب فحصه من قبل الأطباء. كما يمكن أن تساعد الأجهزة التجارية القابلة للارتداء مثل الساعات أو أجهزة تتبع النوم في اكتشاف المشكلة، ولكن إذا كانت هذه الأجهزة تشير إلى احتمالية وجود انقطاع في التنفس، من المهم متابعة الأمر مع الطبيب المتخصص.