لجريدة عمان:
2025-03-07@02:55:52 GMT

«الندامة».. هل أعيت من يداويها؟

تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT

تحل الندامة، وهي نتيجة مفتعلة لمواقف قد لا تكون مخططًا لها سلفا، يحدث ذلك انعكاسا لعوامل كثيرة، بعضها مادية «فعل فاعل» وبعضها الآخر نفسية، وثالثها حاصلة بتأثير الآخر على البيئة المحيطة، ومع أن الندامة يختلط في نتائجها القصد، وغير القصد، إلا أنها تظل ثقيلة على النفس، ومؤلمة إلى درجة كبيرة، ويظل أثر الهزيمة النفسية التي تتركها عند الفرد فترة طويلة، يتشكى على نفسه من خلالها، حيث تكثر أسئلته مثل: ما كان ينبغي أن أقوم بهذا الفعل/ القول؟ ماذا لو تريثت قليلا؟ كيف حدث ذلك وأنا مخطط ودارس لجميع ظروف هذا الأمر؟ ماذا سيقول الآخرون عني؟ لماذا تتوالى عليَّ مثل هذه الإخفاقات، وكأنني لم أتعلم من تجربة الحياة شيئا؟ وتتوالى الأسئلة محدثة أثرًا غائرًا متعبًا على النفس، مع أن حياة كل فرد منا قائمة على تجربة الخطأ والصواب، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الخروج من هذه المراوحة بينهما دون أن تتعرض النفس لشيء من كدر الندامة.

والـكسعي الذي يضرب بندمه المثل؛ فندمه حاصل عن كسله؛ وعدم تحفيز نفسه للتأكد من النتائج التي حدثت أمام عينيه، في مسافة -ربما- لا تتجاوز بضعة أمتار من موقعه، وموقع سقوط الظباء الثلاث التي اخترقتها سهامه، وهذا يعكس حالة التململ التي ترافق الإنسان عادة عند الإقدام وعدمه في كثير من شؤون حياته اليومية، وإلا ما الذي يضيره لو تحرك خطوات قليلة؛ ليتأكد مما آلت إليه نتائج محاولاته في أمر ما، كما حدث عند «الكسعي» لمَّا فقد قوسه الذي تعهده بالعناية والرعاية، وعقد صفقة ربح مع نفسه بأن القوس الذي تعهده بالعناية والرعاية ستكون له نتائج ممتازة، يتحدث عنها العرب، وتأتي المقاربة ذاتها عند الناس عندما يبذلون الغالي والنفيس في المرحلة التربوية الأولى لأبنائهم، ومن ثم يسْلِمونهم للمجتمع دون رقيب، ثقة بهم، فيقع كثير من هؤلاء الأبناء في مفترق طرق المجتمع، وفي كثير من التشابكات والتقاطعات التي تصدم الإنسان من ذوي الخبرات، حيث يحار فيما يفعل، فما بالك بطفل يظهر للتو بين دهاليز المجتمع الـ«ماكر» المليء بالتعقيدات، وبالإخفاقات، وبالمصادمات، وبحسابات الربح والخسارة التي يتقصدها البعض، ويستغلها البعض الآخر، فماذا ينفع الندم بعد ذلك فيما لو وقع هذا الطفل في شيء من هذا كله، وهو أمر وارد؟

قد تحفز بعض المواقف الآخر لأن يدخل تحديًّا غير محسوب النتائج، لتأخذه العزة بالإثم، فيقع في الإثم الأكبر، فيندم، فيكون حاله كحال الفرزدق عندما تشاعر مع جرير في حضرة الخليفة عبدالملك بن مروان -كما جاء في المصدر- وقد تعهد بتطليق زوجته إذا غلبه جرير في المرة الثانية -وقد كان- عندها أنشد الفرزدق قائلا:

ندمت ندامة الكسعي لما،

غدت منى مطلقة نوار

وكانت جنتي، فخرجت منها،

كآدم حين لج به الضرار

وغالبا، ما تنتهي حالات التحدي بين الأطراف إلى أضرار قاسية، تورث ندما أكثر قساوة وانهزامًا على النفس، ولذلك من الحكمة البالغة أن يتجنب الإنسان مواقف التحدي التي يكثر فيها هيجان النفوس، والأخذ والرد، حيث يتلاعب الشيطان بالعقول والنفوس، فيوردها موارد الهلاك والندم.

وفي السياق ذاته لن تخرج الحماقة عن الندامة، فالعلاقة عضوية بين الاثنتين، انعكاسًا لما تؤدي إليه نتائجهما من مآسٍ، ولذلك - كما قال أبو الطيب -: «لكل داء دواء يستطب به، إلا الحماقة أعيت من يداويها».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أحمد هارون: أعراض النفس جسدية تظهر في صورة أرق شديد

أكد الدكتور أحمد هارون، استاذ العلاج النفسي والصحة النفسية، أن  أعراض النفس جسدية تظهر في صورة أرق شديد، ما يعني التفكير الزائد والنوم العميق والوحدة والتشتت في الانتباه.

مهمان للجسد والنفس| أحمد هارون: يجب التفرقة بين الصيام والصومأنت أقوى.. أحمد هارون: النفس أخطر من الشيطان.. فيديو

وقال أحمد هارون، خلال تقديمه برنامج “علمتني النفوس”، عبر فضائية “صدى البلد”، أن خطأ التفكير والتعميم السلبي ظاهرة سلبية تعني (الكل سواء في السوء)، وتكون امتداد لقاعدة (ليس في الإمكان أفضل مما كان).

وتابع مقدم برنامج “علمتني النفوس”، أن  متلازمة “أي حاجة” هي علامة من علامات الاحتراق النفسي، مؤكدا أنها ظاهرة قد تصيب الإنسان جسديا وأعراضها تتنوع بين الصداع أو انتفاخ البطن أو زيادة ضربات القلب، مع التعب والألم النفسي.


 

مقالات مشابهة

  • بعيداً عن هرطقات العالم الآخر…الفيفا أصبحت تتابع من مقرها بالرباط كل صغيرة وكبيرة في إستعدادات المغرب لمونديال 2030
  • بالفيديو.. أيمن أبو عمر: الألعاب النارية في رمضان ترويع محرم
  • أحمد هارون: أعراض النفس جسدية تظهر في صورة أرق شديد
  • مدير أمن محافظة اللاذقية لـ سانا: المجموعات المسلحة التي تشتبك معها قواتنا الأمنية في ريف اللاذقية كانت تتبع لمجرم الحرب “سهيل الحسن” الذي ارتكب أبشع المجازر بحق الشعب السوري
  • السعودية تصفع كبرانات “العالم الآخر” بتجديد دعمها مغربية الصحراء وسيادة المملكة
  • هارون : الصوم أفضل وسيلة للإرتقاء بين درجات النفس ومستوياتها
  • مهمان للجسد والنفس| أحمد هارون: يجب التفرقة بين الصيام والصوم
  • نيجيرفان بارزاني يدعو للتمسك بالتعايش السلمي وقبول الآخر وترسيخ الديمقراطية
  • الذكاء الاصطناعي والسياسة.. عندما يُسيطر أحدهما على الآخر؟
  • استشاري: النفس اللوامة تجعل الإنسان دائم الانشغال بالماضي