مصطفى الكيلاني يكتب: عادل إمام: عدو الظلام وحارس الضحكة
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
تُرى من أين أبدأ رحلة كتابة عن عادل إمام؟ هل من الكوميديا التى أضحكت ملايين العرب لأجيال متعاقبة، أم من مقاومته للظلم والتطرف التى أضاءت فى قلوب جمهوره شعلة الأمل؟ ربما من كلتيهما، فعادل إمام ليس مجرد فنان، بل هو ظاهرة ثقافية وفنية شكلت هوية المجتمع العربى وأثرت على حياة كل فرد من أفراده.
كان عادل إمام حامل مشعل الكوميديا، محدثاً لغة الضحك ومجدداً طرق إيصالها، فلم تكن كوميديا عادل إمام مجرد إضحاك، بل كانت رسالة، كانت أداة للتغيير، كانت حرباً ضد التطرف والظلم والجهل.
«الزعيم» و«الحريف» و«فتحى نوفل»، أبطال صاروا مرادفاً للكوميديا، وسجلوا فى ذاكرة الجمهور العربى حكايات لا تنسى. ولكن فيما وراء الضحك، كانت رسالة عميقة ترسل للمشاهد، فكان «الزعيم» يجسد حلم الشعب فى العدالة والتغيير، و«فتحى نوفل» يعبر عن مصر التى تختلف بين مَن يراها من الأعلى ومَن يعيش فى الأسفل، و«الحريف» يناضل ضد ما أحدثه الانفتاح فى المجتمع.
لم يغفل عادل إمام مواجهة قضايا الزمن، وفهم أن الضحك يمكن أن يكون سلاحاً لحرب أخرى، حرب ضد التطرف والظلم. ففى فيلم «الإرهابى» واجه ظاهرة الإرهاب بجرأة، وكشف عن أسبابها وعواقبها، ليؤكد أن التطرف لا يمكن أن يصبح حلاً للمشكلات الاجتماعية. وفى فيلم «طيور الظلام»، و«الغول»، و«الحريف»، استمر عادل إمام فى نضاله ضد الظلم والتطرف، وأظهر معاناة الشعب العربى فى ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية، وكشف عن عيوب الأنظمة والحكومات التى تؤدى إلى ظهور الظلم والتطرف.
لا يمكن فصل عادل إمام عن ثقافته، فهو ابن المجتمع العربى، وفهم مشكلاته وآلامه، واستطاع أن يقدم هذه الآلام فى لغة الضحك والسخرية، مقرباً القضايا من الجمهور، ومثيراً فيهم روح التغيير والمقاومة. التصق عادل إمام فى بداياته بالماركسيين، وأصبح واحداً منهم، وتبلور فكره على أيديهم، وانسلخ عنهم حينما هاجموه بعد أن قدم أولى بطولاته فى السبعينات، وكانت أفلاماً كوميدية بسيطة تناسب تلك المرحلة، وأصبح «إمام» يتفنن بعدها فى تعرية المثقف التقدمى البعيد عن المجتمع والقابع فى برجه العاجى متفرغاً للتنظير.
واقترب أكثر من الناصريين الذين اشتبك معهم فى خلافات كثيرة، لكنه احترم المشروع الوطنى الناصرى، ودافع عنه فى أفلامه ذات التوجه السياسى، وأبرزها الشخصية التى قدمها أحمد راتب فى «طيور الظلام»، مشروع عادل إمام الأهم فى نقد دولة مبارك، والذى قدم فيه وحيد حامد والزعيم رؤية مستقبلية لكل ما جرى بعد مرحلة التسعينات.
ورغم أننا نصنف دائماً سداسية عادل إمام مع وحيد حامد على أنها درة التاج، لكن تبقى مجموعته الرومانسية هى الأجمل من وجهة نظرى، «الإنسان يعيش مرة واحدة»، «ليلة شتاء دافئة»، «حتى لا يطير الدخان»، «حب فى الزنزانة»، وأجملها «خللى بالك من عقلك».. بالنسبة لى أصنفها أفلاماً أيقونية فى مسيرة عادل إمام. وحينما تتحاور مع عادل إمام، بعيداً عن الكلام المنمق والردود الصحفية المجهزة، تجد عقلاً متوثباً، وذكاء ابن السيدة زينب الفطرى، مع ثقافة أظنها كانت السبب الرئيسى فى كونه النجم رقم 1 فى الوطن العربى، وبلا منافس لسنوات طوال، وما زال حتى الآن هو النجم الأوحد للسينما المصرية.
ظل عادل إمام حارساً للضحكة ونوراً فى الظلام، واستطاع أن يصبح رمزاً للمجتمع العربى، معبراً عن أحلامه وآلامه، ومناضلاً ضد التطرف والظلم. وفى كل عمل من أعماله، ترك بصمة لا تُمحى فى ذاكرة الجمهور العربى، ليؤكد أن الفن يمكن أن يكون أداة للتغيير والمقاومة
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: عادل إمام عيد ميلاد عادل إمام أفلام عادل إمام جوائز عادل إمام محمد إمام رامي إمام عادل إمام
إقرأ أيضاً:
موعد ومكان جنازة الفنان عادل الفار
رحل عن عالمنا منذ قليل، الفنان عادل الفار، بعد صراع مع المرض، وتدهور حالته الصحية داخل العناية المركزة بأحد المستشفيات في منطقة الأزهر.
وقال شقيق عادل الفار، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إنه من المقرر صلاة الجنازة على الراحل اليوم بعد صلاة الجمعة، من مسجد القوات المسلحة بمدينة نصر.
وفاة عادل الفارومن ناحية أخرى قال مصطفى كامل، نقيب الموسيقيين، لـ«الوطن»، إن النقابة تٌجهز حاليا مكان وموعد عزاء الفنان الراحل.
وأعلن مصطفى كامل، وفاة عادل الفار بعد صراع مع المرض، حيث كتب عبر حسابة بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك قائلا: «البقاء والدوام لله، توفى إلى رحمة الله، الفنان الكبير والأخ العزيز، الأستاذ عادل الفار».