أسعار النفط المواتية تعزز الاستقرار المالي والإنفاق على مشروعات التنويع
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
قوة أداء القطاعات غير النفطية يمتص جانب كبير من ضغوط تراجع النشاط النفطي
انخفضت مساهمة النفط الخام في الناتج المحلي من 14.8 مليار ريال في 2022 إلى 12.7 مليار ريال بنهاية العام الماضي
تشير التوقعات إلى معاودة الاقتصاد للنمو خلال العام المقبل بمستويات مقاربة للمعدل المرتفع الذي تحقق خلال 2022
مع المساهمة الكبيرة لأنشطة النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان، وكون القطاع مصدرًا رئيسًا للإيرادات العامة، تعد التطورات التي تشهدها سوق النفط العالمية من أهم العوامل المؤثرة على الوضعين المالي والاقتصادي في سلطنة عمان، ويعتبر أهم هذه التطورات خلال الفترة الحالية استمرار مجموعة أوبك بلس في سياستها لخفض الإنتاج حفاظًا على توازن السوق النفطية من حيث حجم العرض والطلب، وفي ظل هذه السياسة الحكيمة لاوبك بلس، استمرت مستويات أسعار النفط مرتفعة خلال العامين الأخيرين، وأدت إلى زيادة في حجم الايرادات العامة لسلطنة عمان، وتعزيز الاستقرار المالي بخفض كبير في حجم الدين العام، ودعم الانفاق الانمائي على المشروعات التي تعزز أداء قطاعات التنويع الاقتصادي.
وعلى الرغم من أن تراجع انتاج النفط أدى إلى تعديل بالخفض لتوقعات النمو للعام الجاري لتكون نحو واحد بالمائة، لكن دعم الإنفاق الإنمائي ساهم في قوة أداء القطاعات غير النفطية وتسجيلها معدلات نمو جيدة، ولذلك تشير التوقعات الى معاودة الاقتصاد للنمو خلال العام المقبل بمستويات مقاربة للمعدل المرتفع الذي تحقق خلال عام 2022، كما من المرجح أن تشهد الفترة المقبلة تعافي القطاع النفطي مع بدء أوبك بلس تخفيف القيود على إنتاج النفط.
ووفقًا للتوجهات الاستراتيجية لدعم التنويع الاقتصادي وتقليص اعتماد النمو على الأنشطة النفطية، ساهمت هذه التوجهات في امتصاص جانب كبير من ضغوط تراجع النشاط النفطي، وحققت القطاعات غير النفطية خلال العام الماضي نموًا جيدًا، ومن المتوقع أن يتواصل نفس الأداء الجيد خلال العامين الحالي والمقبل.
ومع تراجع إنتاج النفط، انخفضت مساهمة أنشطة النفط الخام في الناتج المحلي الإجمالي من 14.8 مليار ريال عماني في عام 2022 إلى 12.7 مليار ريال عماني بنهاية العام الماضي، بنسبة تراجع 14 بالمائة، وقاد ذلك لتراجع إجمالي مساهمة أنشطة النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11.9 بالمائة، وانخفاض معدل نمو الناتج المحلي مقوما بالأسعار الثابتة الى 1.3 بالمائة مقارنة مع معدل تجاوز 4 بالمائة خلال 2022.
وفي جانب الوضع المالي، جاءت التطورات في سوق النفط بالعديد من النتائج الإيجابية؛ نظرًا لزيادة حجم الايرادات العامة، وتبنى خطط ضبط المالية العامة وترشيد الانفاق، وقد سجل متوسط سعر النفط خلال العام الماضي 80 دولار للبرميل، ومازالت أسعار النفط عند مستويات جيدة خلال العام الجاري، وساهمت الإيرادات النفطية الإضافية خلال عامي 2022 و2023، في خفض متواصل لحجم الدين العام وأعبائه، كما شهد الربع الأول من هذا العام تراجع حجم الدين إلى 15.1 مليار ريال عماني، وتجاوز حجم القروض التي تم سدادها خلال الربع الأول 600 مليون ريال منها 360 مليون من القروض الخارجية، حسبما أعلنته وزارة المالية مؤخرًا.
وخلال السنوات الثلاثة الماضية، كان خفض الدين وتحقيق الاستقرار المالي أهم الأولويات، واستغلت سلطنة عمان عائدات النفط الإضافية في دعم الانفاق على المشروعات الانمائية، ووجهت الجانب الأكبر من هذه العائدات لسداد الدين وقلصت حجمه بشكل ملموس، وإضافة إلى ما حققه ذلك من تحسن في الوضع المالي والتصنيف الائتماني، فقد أسهم أيضا في تعزيز آفاق الاستدامة المالية بخفض كبير في كلفة خدمة الدين العام والتي تراجعت إلى 861 مليون ريال عماني خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر من عام 2023، مقارنة مع 1.076 مليار ريال عماني خلال ذات الفترة من 2022، وقد أشاد صندوق النقد الدولي في ختام زيارته الأخيرة لسلطنة عمان، ضمن مشاورات المادة الرابعة، بما حققته سلطنة عمان من انخفاض في مستوى الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أشار إلى استقرار مستوى دين الشركات الحكومية عند حوالي 31 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي اجتماعها الأخير في مارس الماضي، مددت مجموعة أوبك بلس خفض الإنتاج لدول المجموعة حتى نهاية هذا العام، ومن المتوقع أن تبقي على نفس التوجه خلال اجتماعها المقبل في بداية شهر يونيو المقبل، وتواصل العديد من دول المجموعة سياسة الخفض الطوعي لانتاج النفط التي تم تبنيها لأكثر من عام وحققت نجاحًا في الحد من تبعات تباطؤ الطلب على النفط، وقيام بعض المنتجين من خارج المجموعة بزيادة الانتاج بهدف دفع الأسعار للتراجع، وفي نهاية العام الماضي، أقرت بعض دول المجموعة، ومنها سلطنة عمان، تنفيذ خفض طوعي للإنتاج بإجمالي 2.2 مليون برميل يوميًا، ومدت هذه الدول هذا العام الخفض الطوعي حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي.
وخلال الفترة المقبلة، ترجح التوقعات أن تخفف أوبك بلس من توجهها نحو خفض الإنتاج مواكبة لما تشهده مستويات الأسعار حاليًا من استقرار، وتحسن آفاق نمو الاقتصاد العالمي بما يعزز زيادة الطلب على النفط، حيث تحقق جهود احتواء التضخم عالميا تقدمًا جيدًا يتيح قيام البنوك المركزية خلال الفترة المقبلة ببدء خفض أسعار الفائدة والتي كان لمستوياتها المرتفعة للغاية خلال 2022 و2023 تأثير سلبي على معدلات النمو خاصة في الدول المتقدمة. وفي أحدث تقاريره حول آفاق الاقتصاد العالمي، توقع صندوق النقد الدولي استمرار نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2 بالمائة خلال العامين الحالي والمقبل، قريبا من نفس معدلات النمو في عام 2023، مشيرًا إلى أن الاقتصادات المتقدمة ستشهد تسارعًا طفيفًا في النمو ليزيد من 1.6 بالمائة في 2023 إلى 1.7 بالمائة في عام 2024 و1.8 بالمائة في عام 2025، كما توقع استمرار تراجع معدل التضخم العالمي من 6.8 بالمائة في 2023 إلى 5.9 بالمائة في 2024 و4.5 بالمائة في 2025.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی ملیار ریال عمانی فی الناتج المحلی العام الماضی خلال الفترة الدین العام سلطنة عمان خلال العام بالمائة فی أوبک بلس
إقرأ أيضاً:
رئيس الرقابة المالية يشارك في اجتماعات المجموعة الاستشارية لمجلس الاستقرار المالي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في جلسة نقاشية عن آخر التطورات الخاصة بالمخاطر المحتملة للاستقرار المالي في القطاع المالي غير المصرفي، وذلك ضمن فعاليات الاجتماعات الدورية للمجموعة الاستشارية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنبثقة عن مجلس الاستقرار المالي (FSB)، وذلك بمدينة شرم الشيخ على مدار يومين.
جاءت مشاركة الدكتور فريد، كعضو بالمجموعة الاستشارية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنبثقة عن مجلس الاستقرار المالي، بصفته رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ونائب رئيس المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (IOSCO)، ورئيس لجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC).
ترأس الجلسة النقاشية حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، بحضور مشاري الكدحي، ممثلاً عن البنك المركزي السعودي، ومحمد العمايرة، ممثلاً عن البنك المركزي الأردني، وانضم إليهم لي فولجر، ممثلا عن بنك إنجلترا عبر الإنترنت.
ويترأس حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري ونظيره السعودي أيمن السايري المجموعة الاستشارية لمجلس الاستقرار المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تضم في عضويتها الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ، ومحافظي بنوك مركزية لعدد من الدول، تشمل الأردن والكويت، وعمان، وقطر، وتونس، وتركيا، والإمارات.
ركز الدكتور فريد، خلال مشاركته، على أهمية تعزيز مرونة شركات القطاع المالي غير المصرفي في مواجهة الصدمات المختلفة، وأن ذلك يجب أن يكون هدفاً رئيسياً لكافة الجهات الرقابية والتنظيمية في الوقت الحالي، حيث أن الفهم السليم للمخاطر وحسن إدارتها بشكل استباقي يعزز مرونة وصلابة المؤسسات المالية غير المصرفية، موضحاً الأهمية القصوى للمؤسسات المالية غير المصرفية في الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة من حيث الفرص وكذلك التحديات التي تتعلق بالتطوير السليم وأداء الأسواق.
وأوضح أن هذه المؤسسات تتمتع بأداء إيجابي، مستشهداً بتقرير صندوق الاستقرار المالي العالمي الذي أصدره صندوق النقد الدولي في أبريل عام 2023 الذي أشار إلى الدور المهم الذي تلعبه هذه المؤسسات في النظام المالي العالمي وتعزيز الوصول إلى التمويل ودعم النمو الاقتصادي، ونمو حصة الأصول المالية العالمية التي تحتفظ بها المؤسسات المالية غير المصرفية من حوالي 40% إلى قرابة 50% منذ الأزمة المالية العالمية، مما يبرز أهمية المؤسسات المالية غير المصرفية للوساطة في الأسواق المالية الأساسية، مثل السندات التي تصدرها الحكومات والشركات.
ولفت رئيس هيئة الرقابة المالية، إلى تقرير مجلس الاستقرار المالي الصادر في ديسمبر 2024، الذي عكس نمو حجم المؤسسات المالية غير المصرفية بنسبة 8.5%، مما رفع حصة المؤسسات المالية غير المصرفية من إجمالي الأصول المالية العالمية إلى 49.1%.
أشار الدكتور فريد إلى قرار مجلس إدارة المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (IOSCO)، بتضمين الاستقرار المالي والمخاطر الخاصة بالمؤسسات المالية غير المصرفية من بين الأولويات الرئيسية في خطة عملها، كما شكلت المنظمة مجموعة الاستقرار المالي (FSEG) في مارس 2020 لتعزز توجهات المنظمة بشأن الاستقرار المالي والمرونة في مواجهة الصدمات.
أكد الدكتور فريد، أن منظمة (IOSCO) تعمل على تنفيذ خطة تطوير تتحرك في مسارات متنوعة تتعلق بالمؤسسات المالية غير المصرفية، تشمل العمل على مرونة صناديق أسواق النقد، ومخاطر السيولة وإدارتها في صناديق الاستثمار المفتوحة، وكذلك الأسس السليمة لأسواق السندات وتوفير السيولة، وجمع البيانات ورصدها، والرافعة المالية للمؤسسات المالية غير المصرفية.
وتتيح الرافعة المالية للمتعاملين بالأسواق المالية غير المصرفية، القدرة على الحصول على مبالغ مالية في صورة قروض تماثل القاعدة الرأسمالية للمتعامل، بهدف زيادة فرص الاستثمار، وهو ما يجعلها ذات مخاطر مرتفعة دائماً.
وقال رئيس هيئة الرقابة المالية، إن تقرير منظمة (IOSCO) عن توقعات المنظمة للمخاطر في 2025-2026 حدد الرافعة المالية المرتبطة بالمؤسسات المالية غير المصرفية خطراً رئيسياً، وأكد تركيز أعضاء اللجنة الإقليمية لأفريقيا والشرق الأوسط (AMERC) التابعة لمنظمة (IOSCO)، على القضايا الإقليمية المتعلقة بتنظيم الأوراق المالية في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط والتي تضم 42 عضواً يمثلون الهيئات الرقابية في المنطقة.
كما سلطوا الضوء على الدروس المستفادة من الاضطرابات التي شهدتها صناديق أسواق النقد في مارس 2020، وحددوا بعض التحديات التي تشكلها المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل تسريع الجهود إلى تطوير فهم أفضل لمنظومة المؤسسات المالية غير المصرفية والترابطات داخلها، وسد فجوات البيانات وتطوير إطار مراقبة في الوقت الفعلي لهذه المؤسسات، وأوضح الدول الأعضاء في (AMERC) أن نقص البيانات قد يمنع تعزيز الوعي بالشكل الأفضل بالرافعات المالية للمؤسسات المالية غير المصرفية والمشكلات الموجودة فيها.
وأكد الدكتور فريد أن بعض الدول الأعضاء في (IOSCO) بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا يعملون على تطوير الجهود الرامية إلى معالجة المخاطر ومراجعة أطر اللوائح التنظيمية، وأوضح أن تطوير أسواق تداول المُشتقات المالية في المنطقة مازال أمامه الكثير من العمل.
وأضاف أن الرصد الفعال لمخاطر المؤسسات المالية غير المصرفية يتطلب دمجاً بين الرقابة التنظيمية ومؤشرات المراقبة المبتكرة، منوّهاً بأهمية رصد المخاطر المتعلقة بالمؤسسات المالية غير المصرفية، مع مراعاة الدمج بين الأساليب الكمية والنوعية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وللنظام المالي العالمي ككل في الوقت نفسه.
ذكر رئيس هيئة الرقابة المالية أن هذه الأساليب يمكن أن تشتمل على تعزيز الأطر التنظيمية التي تدعم الشفافية والمساءلة في المؤسسات المالية غير المصرفية، في ضوء أهمية الالتزام بمتطلبات الإفصاح لشركات إدارة الأصول وشركات التأمين وصناديق التحوط لتزويد الجهات التنظيمية بالبيانات المطلوبة في تقييم المخاطر المحتملة.
وسلّط الدكتور فريد الضوء على الأهمية الشديدة لاستخدام مؤشرات المراقبة في المتابعة الفعالة لهذه المخاطر، لكن أشار إلى إمكانية النظر في مجموعة أكبر من المؤشرات المصممة وفقًا للخصائص الفريدة للمؤسسات المالية غير المصرفية، إذ يمكن أن يؤدي تطوير المؤشرات التي تقيّم الترابط بين هذه المؤسسات والنظام المالي الأوسع إلى توفير صورة أفضل عن المخاطر المحتملة.
كما ذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية دشنت وحدة للاستقرار المالي كأساس لتنمية القطاع بشكل مستدام في إطار العمل على الحد من المخاطر النظامية المختلفة.
وشدد رئيس هيئة الرقابة المالية، على أن التعاون بين الجهات التنظيمية والمؤسسات المالية غير المصرفية والباحثين الأكاديميين مهم وأساسي لتحسين مؤشرات المراقبة، وأكد على وجوب تشارك السلطات التنظيمية والمؤسسات المالية العمل سوياً من أجل تبادل الأفكار وطرح أفضل الممارسات والمعلومات حول المخاطر المحتملة.
وأشار الدكتور فريد إلى أن الاستفادة من التقدم التكنولوجي وتحليل البيانات ستمكن الجهات التنظيمية من رصد الاتجاهات الجديدة بصورة أفضل، وستمكنهم أيضاً من توفير الاستجابة السريعة للتحديات الناشئة في المؤسسات المالية غير المصرفية.