وسط وضع استثنائي في المنطقة، أصدرت الدول العربية المجتمعة في العاصمة البحرينية المنامة، بيانا يركز في معظمه على الحرب في قطاع غزة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق حل الدولتين ونشر قوات دولية بالأراضي الفلسطينية، فهل تلك الدعوات قابلة للتطبيق على أرض الواقع؟ وما رد إسرائيل المتوقع على تلك التوصيات؟

والخميس، دعا القادة العرب إلى نشر قوات دولية "في الأرض الفلسطينية المحتلة" لحين تنفيذ حل الدولتين، في ختام القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عقدت في البحرين.

وأيدت الدول العربية الـ22 في البيان الختامي دعوة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، إلى "عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين".

توصيات "واقعية" أم "غير قابلة للتطبيق"؟

يشدد الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، اللواء أركان حرب، سمير فرج، على أن قمة المنامة وما صدر عنها من توصيات قد "وحدت جهود الدول العربية تجاه ما يحدث في قطاع غزة".

وأثبتت تلك التوصيات أن هناك "موقف عربي موحد يدعم المقاومة الفلسطينية وأهل غزة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وفي سياق متصل، يرى المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، أن بيان قمة المنامة وما صدر عنها من توصيات هي "واقعية"، وفق الظروف والقدرات الحالية والتداخلات بمنطقة الشرق الأوسط.

والقضية بالشرق الأوسط "متداخلة مع القوى الكبرى"، ما يعني أنه يمكن للدول العربية "اتخاذ القرارات" لكن الأهم هو بـ"القدرة على تنفيذها"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير إلى أن التوصيات "واقعية جدا"، لكن البيان "القوي" سوف يرتطم بإرادة الدول الأخرى.

ويقول: "من سوف يوقف إطلاق النار هي إسرائيل ومن يستطيع الضغط عليها هي الولايات المتحدة".

ويشدد آل عاتي على أن البيان "حاول الانتصار للقضية الفلسطينية" لكن هناك عقبات كبيرة قد تعوق تنفيذه، نظرا لتداعيات وتداخلات القضية مع "استراتيجيات الدول الأخرى".

ويصف المحلل السياسي السعودي مقترح نشر قوى أممية في الأراضي الفلسطينية بـ"أفكار قد تكون قابلة للتطبيق".

لكن المقترح يحتاج للمزيد من "التفسير والمفاوضات"، ويجب توضيح من سوف يشارك في تلك القوة "متعددة الجنسيات"، وهل ستوافق الولايات المتحدة وإسرائيل على وجودها، ومن سوف يمول تشكيلها، وفق آل عاتي.

قمة محبطة

أما المحلل السياسي الفلسطيني ورئيس المجلس الأوروبي للعلاقات والاستشارات الدولية ومقره باريس، عادل الغول، فيصف القمة العربية بـ"المحبطة"، وبيانها بـ"الضعيف للغاية".

ولا يمكن من خلال "بيان القمة"، إجبار إسرائيل على "وقف إطلاق النار، والانسحاب وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ولكن يمكن تطبيق بعض بنود بيان "قمة المنامة"، ويمكن عقد مؤتمر دولي للسلام بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ووقف إطلاق النار، وبالتالي بحث إمكانية تنفيذ "حل الدولتين"، وفق الغول.

ويشير إلى أن نشر قوات دولية "متعددة الجنسيات"، لحفظ الأمن في القطاع "أمر وارد"، وهناك موافقة من عدة دول عربية بالمشاركة في هذه القوة، وحماس "لا يوجد لديها أي تحفظ" بهذا الشأن، بعد انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار، ولكن ليس قبل ذلك.

ومن جانبه، يؤكد الباحث في شؤون الشرق الأوسط، فادي عيد، أن القمة العربية جاءت في ظل "أوضاع استثنائية وتوقيت عصيب"، بحكم التطورات التي تشهدها المنطقة بأسرها".

لكن البيان الصادر عن القمة "عادي" ولم يكن على قدر التطلعات المتوقعة قبل الانعقاد، ولم يواكب "التطورات التي تشهدها المنطقة" ولا يوجد به "أي حزم أو حسم"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ودعوات نشر قوات دولية في الأرض الفلسطينية "غير واقعية ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع"، وقرار التطبيق من عدمه في يد إسرائيل وحدها، حسبما يشدد عيد.

وفي سياق متصل، يرى الباحث السياسي بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، أحمد عطا، أن بعض بنود البيان "حاولت تلبية متطلبات الشارع العربي"، لكن "بلا تأثير على أرض الواقع".

والمطالب التي جاءت في البيان وعلى رأسها الدعوات لنشر قوات دولية هي "شكلية ولا يمكن أن تنفذ وجاءت لمغازلة الشارع العربي"، ولكن لن تقبل إسرائيل بتطبيقها على أرض الواقع، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير عطا إلى أن "الرد الإسرائيلي جاء سريعا على القمة العربية"، وفي اليوم ذاته الذي صدر خلاله "بيان المنامة".

هل ردت إسرائيل على مخرجات القمة العربية؟

يتمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بتنفيذ "هجوم واسع" على رفح التي يقول إنها "آخر معقل رئيسي لحماس في غزة".

وأعلنت إسرائيل، الخميس، أن جيشها "سيكثف عملياته البرية" في رفح، ما يعني التوغل بشكل أعمق في المدينة التي لجأ إليها 1.4 مليون فلسطيني هربا من الحرب المستمرة منذ 7 أشهر في قطاع غزة.

والخميس، قال نتانياهو، متوجها إلى جنود في منطقة رفح إن "المعركة في رفح حاسمة".

وأضاف "لا يقتصر الأمر على (وجود) بقية كتائبها (حماس) فحسب (في رفح)، بل إنها (المدينة) بمثابة شريان حياة لها للهروب وإعادة الإمداد"، وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتبه.

وقبل ذلك، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن "قوات إضافية ستدخل" رفح و"سيتكثف النشاط (العسكري)" فيها.

عملية عسكرية "محدودة أم شاملة"؟.. ما وراء إخلاء المزيد من المناطق برفح؟ هل ما زالت  العملية العسكرية "محدودة" أم أصبحت "شاملة"؟، تساؤلات تصاحب مطالب "الإخلاء الجديدة" التي وجهها الجيش الإسرائيلي لسكان أحياء عدة بمناطق مختلفة من مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، فلماذا يتسع نطاق تلك العمليات؟ وما أسباب وتداعيات ذلك؟

وفي هذا السياق، يشير المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، إلى أن "إسرائيل وحدها من تقرر متى تنتهي العملية العسكرية في قطاع غزة بشكل عام ورفح بشكل خاص".

وإسرائيل "لن تسمح أبدا" بوجود قوات دولية بالأراضي الفلسطينية، وهذا المقترح يصب في صالح "مقترحيه" لكنه "لا يتوافق مع المصلحة الإسرائيلية"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويضيف:" مع احترامنا للجميع.. نحن لا نثق بأحد إلا بأنفسنا".

وإسرائيل تتصرف "وفق مصالحها الأمنية وما تراه ملائما حسب الظروف على الأرض"، حسبما يؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي.

ويشير اللواء فرج إلى أن "نتانياهو ضرب ببيان القمة العربية عرض الحائط ولن ينفذ التهدئة ووقف إطلاق النار"، واصفا ما يحدث بـ"الأمر المتوقع".

ولكن يجب أن يكون هناك "رد عربي موحد" على ما فعله نتانياهو، على أن يكون "الرد المشترك من خلال جامعة الدول العربية"، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي المصري.

ومن جانبه، يرى عطا أن نتانياهو "أسقط كل ما جاء في بيان القمة العربية بالمنامة، ووضع الكثير من الدول العربية في موقف تاريخي حرج".

نتائج "صفرية" أم "محورية"؟

سبق لقادة الدول العربية أن عقدوا قمة طارئة في العاصمة السعودية الرياض في نوفمبر، كانت مشتركة مع منظمة التعاون الإسلامي.

ودان المجتمعون حينها الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، لكن القمة "عجزت" عن اتخاذ قرارات مباشرة ضد إسرائيل، على غرار طرد سفراء أو قطع إمدادات النفط بما يعكس "الغضب الشعبي الكبير" في العالمين العربي والإسلامي تجاه استمرار الحرب.

ولذلك، يربط الغول تطبيق "مخرجات القمة" بوجود "وقفة جادة  وتوجه عربي فاعل" للضغط على إسرائيل حتى تقدم تنازلات فيما يتعلق بالمفاوضات أو وقف الحرب وعدم اجتياح رفح.

لكن على جانب آخر، يشدد كيدار على أنه "لا يمكن لأحد فرض أمر واقع على إسرائيل".

ويقول: "إذا كانوا يريدون السلام فعلا.. ليجلسوا معنا.. ويتفاوضوا معنا.. لكن لا يمكن الجلوس في البحرين وإرسال الإملاءات إلينا.. ونحن نستقبلها استقبال حافل".

ومن جانبه، لا يتوقع عيد "نتائج كبرى" بما يتعدى "التنسيق المشترك بين بعض الدول العربية حول تقديم مساعدات إضافية لغزة".

ولا يملك العرب في الوقت الحالي "ما هو أكثر من ذلك"، ورغم امتلاكهم أوراق ضغط لكن "لا توجد رغبة في استخدامها من الأساس"، وفق الباحث في شؤون الشرق الأوسط.

أما اللواء فرج فيشدد على أن الدول العربية لديها "الكثير من أدوات الضغط (الجاهزة للاستخدام) والتي يمكن من خلالها الضغط على إسرائيل"، لكنه رفض الكشف عن "ماهية تلك الأدوات".

وهناك "محددات تفرض على الدول العربية عدم استخدام أدوات للضغط في الوقت الحالي"، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي المصري.

واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط 35303 قتلى معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة 79261، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع، الجمعة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المحلل السیاسی على أرض الواقع نشر قوات دولیة الدول العربیة القمة العربیة الشرق الأوسط حل الدولتین إطلاق النار فی قطاع غزة لا یمکن على أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

فلسطين تطلب عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية

فلسطين – تقدمت دولة فلسطين بطلب للأمانة العامة إلى جامعة الدول العربية لعقد اجتماع طارئ على إثر استئناف إسرائيل حربها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة

وأعلن المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية السفير مهند العكلوك أن دولة فلسطين تقدمت إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بطلب عقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين “على إثر استئناف إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لجرائم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي”.

وأضاف الدبلوماسي الفلسطيني أن من المنتظر أن تبحث الدورة غير العادية لمجلس الجامعة التحرك العربي والدولي لإلزام إسرائيل بوقف جرائمها وعدوانها ضد الشعب الفلسطيني والانصياع للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

واستأنفت إسرائيل قبل فجر امس (الثلاثاء) عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة منهيةً بذلك هدنة هشة استمرت لنحو شهرين كانت قد بدأت في يناير الماضي بوساطة مصرية قطرية أمريكية، ونفذت سلسلة غارات جوية مكثفة وأحزمة نارية على عدة مناطق في القطاع.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة الشهداء جراء الغارات الإسرائيلية على مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ ساعات فجر اليوم إلى 412 شهيدا و500 مصاب .

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، بدأت قوات الاحتلال عدوانا على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد ما يزيد على 48,572 مواطنا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 112,032 آخرين، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام.

المصدر: RT

Previous أكاكوس تُعلن استكمال حفر البئر D-42 بمعدل إنتاج واعد Related Posts الرئيس المصري وملك البحرين يدينان العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهالي قطاع غزة الأبرياء عربي 19 مارس، 2025 هجوم صاورخي من اليمن يستهدف إسرائيل عربي 19 مارس، 2025 أحدث المقالات فلسطين تطلب عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية أكاكوس تُعلن استكمال حفر البئر D-42 بمعدل إنتاج واعد حسني بي يحذر: المضاربة على الدولار تتصاعد بسبب زيادة عرض الدينار أبوالقاسم: مصرف ليبيا المركزي في مواجهة منفردة أمام الحكومات والمضاربين الرئيس المصري وملك البحرين يدينان العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهالي قطاع غزة الأبرياء

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • مجلس الجامعة العربية يدين انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة
  • ترامب يبحث عن مساعدة دولية لدعم جهوده ضد قوات صنعاء
  • تلبية لطلب دولة فلسطين : اليمن يترأس الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة
  • فلسطين تطلب عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
  • خبير علاقات دولية لـ«الأسبوع»: القصف الإسرائيلي يهدف إلى تعطيل إعادة إعمار غزة
  • فلسطين تدعو جامعة الدول العربية لاجتماع طارئ لوقف العدوان الإسرائيلي
  • باحثة: إسرائيل تتصرف فوق القانون وترتكب جرائم حرب دون مساءلة دولية
  • الرئيس السيسي وأمير الكويت: استئناف العدوان الإسرائيلي محاولة لجعل غزة غير قابلة للحياة
  • أمين عام جامعة الدول العربية يُدين الغارات الإسرائيلية على غزة
  • الدول العربية الأكثر ضرراً من الرسوم الجمركية الأميركية