من منا لم يشاهد مسرحية شاهد ما شفش حاجة، عندما قاطع المحامي خلف خلاف الشاهد، معتبرا ان شهادة سرحان منقوصة، لأنها مبنية علي سماع الشاهد وليس علي معايشته او مشاهدته لفحوي الشهادة التي يشهد بها امام المحكمة.
ويا للاسف فهذا المشهد الكوميدي ، إنما يمثل الحالة العامة التي يبني عليها معظم افراد مجتمعاتنا آرائهم السياسية والاجتماعية وهي الحالة السماعية .
فالمجتمعات العربية مجتمعات لا تقرأ ، ولا تكلف نفسها عناء البحث عن الحقيقة. رغم توفر سبل البحث السهلة في عالمنا المعاصر ، عنه في عوالمنا السابقة.
كما أن العقل الجمعي العربي مصاب بداء الانتقائية فهو يصدق الخبر الذي يخدم معتقده الايديولوجي، او الديني، ولا يصدق الخبر الذي لا يخدم هذه المعتقدات، دون البحث او اعمال العقل في هذا او ذاك.
والامثلة علي ذلك كثيرة ومتعددة، ومن اكثر الامثلة شيوعا في محركات البحث وأجهزة الاعلام العربية ان هلاري كلنتون قالت ان الولايات المتحدة الأمريكية قد قامت بعمل الفوضي الخلاقة، في العالم العربي في كتاب مذكراتها ، لكي تخلق شرق أوسط جديد.
ولو اعمل الناس عقولهم ولو قليلا لما صدق الناس هذا القول جملة واحدة، فمن غير المعقول ان يعترف صاحب الجريمة علي نفسه بمنتهي السذاجة، وصاحب هذه الجريمة دبلوماسي وسياسي أمريكي كاد ان يصل الي رئاسة الجمهورية الأمريكية،
غير أن مذكرات السيدة مبذولة في المكتبات بالنسختين العربية والإنجليزية، ولمن أراد أن يبحث عن الحقيقة فما عليه سوي ان يشتري نسخة وان يقراها .
هناك معتقد راسخ وشائع في العالم العربي، وهو ان عند الامريكان الحل السحري لكل مشكل مستعصي، ولكن طالما يخفي الامريكان تلك الحلول ، لشئ في نفس بن يعقوب.
والحقيقة الماثلة لكل زي عقل راجح مستبصر لوقائع التاريخ ، يري في هذا المعتقد رخاوة في التفكير وقلة حيلة في التحليل .
هزمت الولايات المتحدة في فيتنام هزيمة صريحة علي ايدي الوطنييين الشيوعيين الفيتناميين، كما هزمت هزيمة شبه صريحة في العراق وافغانستان .
خرجت الولايات المتحدة من الصومال ذليله علي ايدي عسكر عيتيد ولم تعد له حتي الان ، رغم ما مثله الصومال من صداع للمجتمع الدولي طيلة عشرات السنوات من تهديد للملاحة الدولية وتصدير للإرهاب.
وفي واقع الحال فإن الولايات المتحدة في كثير من الأحيان تتفاجأ مثلنا تماما بالأحداث بل ربما اكثر منا ، وربما يرجع هذا لعدم فهم الغرب عموما لمجتمعاتنا وطرائق تفكيرها.
طمأن حميدتي والبرهان المبعوث الأمريكي عندما زار السودان قبيل انقلاب الخامس والعشرون من اكتوبر بانهم لن ينقلبوا علي حكومة حمدوك ، وربما قبل ان يصل المبعوث الي دياره كان الجنرالين قد نفذا انقلابهما.
وبالطبع فإن هذا لا يمنع الولايات المتحدة او غيرها من الاستفادة من الأحداث ، اذا ما بدت الفرصة مواتية لها او لغيرها من اللاعبين علي الساحة الدولية من ان تقتنص الفرص لمصالحها .
فها نحن نري اليوم التصارع الدولي والاقليمي علي السودان وارضه، وانتهازية هذه الدولة او ذاك ممنية نفسها في اقتطاع جزء من كيكة السودان الشهية ، فهل يكون هذا دافعا لتحكيم عقل كل الأطراف المتصارعة في السودان عسكرية كانت أم مدنية، لإنقاذ ما يمكن انقاذه وتجنيب البلاد والعباد مزيدا من الفرقة و الدمار .
السودان اليوم اذا ما استمرت هذه الحرب اللعينة، شاغرة فاها، مهددة باراقة مزيد من دماء أبناء الشعب السوداني الاعزل، فإنه علي أعتاب تدخل دولي، قد يدخل البلاد في متاهات لا قبل له بها او انه علي أعتاب تقسيم جديد، سواء اعترف به المجتمع الدولي أم لم يعترف كما في الحالة الليبية، فإنه يهدد بمزيد من الصراع ومزيد من تغلغل النفوذ الدولي في السودان وبهذا يكون السودان قد تحول الي دويلات خاضعة لنفوذ هذا او ذاك
فمن يوقف الحرب اللعينة ؟
امجد هرفي بولس
wadharfee76@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ننشر محاور وأهداف المؤتمر الدولي الثاني لدراسات بنات الأزهر بالسادات
تنظم كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر للبنات بالسادات، مؤتمرها العلمي الدولي الثاني يومي الإثنين والثلاثاء 29 -30 أبريل في إطار نشاطها العلمي وتطبيقا لمتطلبات الجودة وتحقيقها، والعمل على خدمة البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية.
وقال الدكتور سعيد جمعة، عميد الكلية ورئيس المؤتمر، إن المؤتمر الدولي الثاني للكلية يعقد تحت عنوان “البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية بين مشكلات الواقع وآفاق التطوير”، برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، والدكتور رمضان عبدالله الصاوي، نائب رئيس الجامعة للوجه البحري والدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، مشيراً إلى أن المؤتمر يقام في إطار دعم جهود الدولة المصرية في حل مشكلات البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية.
وأوضح عميد الكلية ورئيس المؤتمر، أن المؤتمر يسعى إلى تأصيل المفاهيم والقيم المعززة أو الخادمة للبحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية بما يساعد في حل المشكلات التي تعوق البحوث العلمية في الدراسات الإسلامية والعربية، وتكشف عن أسباب ضعفها. وتحدد مخاطرها ، ونضع لها الحلول التي تداوي جراحها ، وترسم لها طريق التطور، كما يقدم استراتيجياتٍ وحلولًا مبتكرة لتطوير البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية بما يتماشى مع متطلبات العصر الحديث.
وأضاف أن المؤتمر يهدف للنهوض بعقل الأمة وقلبها، وتقديم الرؤى والأفكار الجديدة للخروج من الأزمة التي تحاصر البحوث العلمية في الدراسات الإسلامية والعربية.
وأشار عميد الكلية إلى أن محاور المؤتمر تدور حول: دور البحث العلمي في تحقيق التنمية المستدامة، و المؤسسات ودورها في خدمة البحث العلمي، و غيات البحث العلمي، و أولويات البحث العلمي، و البحث العلمي والتقنيات الحديثة، والدراسات البينية وأثرها في البحث العلمي، و التوثيق العلمي: مفاهيمه وضوابطه، و تطوير البحث العلمي بين الأصالة والتجديد، و النظريات الحديثة بين المخاطر و الآمال، و مشكلات الإفتاء ودور البحث العلمي في علاجها، و مشكلات البحث العلمي بين القديم والحديث وطرق العلاج.
وبين عميد الكلية أنه يجري العمل حاليًا على وضع اللَّمسات الأخيرة لضمان خروج المؤتمر بصورة مشرفة تعكس مكانة الأزهر الشريف باعتبارها مؤسسة علمية وفكرية عالمية تقدِّم إسهاماتها الرائدة لصالح الإنسانية.
وأضاف أن المؤتمر يسعى إلى الوقوف على مواطن الضعف، واقتراح الحلول الشافية، والمناسبة، والمتنوعة إداريا وأكاديميا وأخلاقيا؛ ليعود البحث العلمي كما كان أصيلا مزدهرا، مفيدا الوطن والأمة، ومنطلقا إلى أفاق الإبداع، ومسهما في التنمية المستدامة، والاستثمار الإنساني الحقيقي الفاعل.
الجدير بالذكر أن المؤتمر يقام برئاسة الدكتور سعيد جمعة ، عميد الكلية ورئيس المؤتمر، والدكتور أنور خطاب، وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب وأمين المؤتمر، والدكتورة سحر عزت، وكيلة الكلية للدراسات العليا والبحوث ومقرر المؤتمر، والدكتور/صبري أبوحسين، منسق المؤتمر.