عربي21:
2025-02-22@05:24:08 GMT

النكبة تغير موقعها

تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT

في ذكرى إعلان العدو عن وجوده/ استقلاله لم يبق في صفه عبر العالم إلا مصانع السلاح الأمريكية، فهي التي خلقته وهي التي تديره وهي التي تعرف أكثر من غيرها أن نهايته تعني توقف المصانع عن صناعة أدوات القتل وترويجها في الشرق الأوسط، خاصة وهو سوقها الأفضل منذ تأسيس الكيان. في ذكرى تأسيسه/ نكبة الفلسطيني تحولت الراية الفلسطينية إلى راية حرية في العالم؛ مؤذنة بسقوط رايته وتحولها إلى رمز للقهر والظلم والفشل التاريخي.

في هذه الذكرى يجمع أشلاء قتلاه في غزة.. عليه أن يبدأ حساب أيامه الباقيات، لقد جرفه الطوفان.

العدو سعى إلى نكبته في غزة

نتأمل في حرارة لحظة غزة الدامية بعض أثر حرب الطوفان فنجد أن العدو دخلها مستهينا برجالها وواثقا من سلاحه، وواثقا أيضا من تمكنه من عقل العالم الذي برر له دائما كل فعل شائن في حق الإنسان الفلسطيني. بعد ثمانية شهور يتبين له قبل غيره أن غروره وثقته الزائدة في قدراته وفي مكانته قد أودى به إلى حتفه، إنه يندحر عسكريا وسياسيا ويحتفل بعض جمهوره باكيا على الماضي الجميل وعلى المستقبل الغامض. انتهى زمن يقينه من البقاء واخترقت الهزيمة روحه، فهو يغرق في ما تبقى من غروره وتصدر عنه جمل يائسة تلح على مستقبل غير يقيني، لقد حول الحزن موقعه.

ذلك الشعار المؤمن الذي رفع في ثورة ليبيا "دم الشهداء ما يمشيش هباء" ينتقل إلى غزة، ويمكن للحاضنة الغزاوية أن ترفعه الآن بثقة.

ودون أن نستعيد التحليلات العسكرية التي صرنا بها خبراء بفضل وسائل الإعلام الموالية للمقاومة، فإن مغامرة العدو في رفح متوقفة من عجز عسكري أولا ومن عجز سياسي ثانيا، وعودته إلى الشمال وإلى جباليا بالتحديد بقصد القتل الانتقامي كشفت هوانه العسكري وضياع بوصلته، لقد عاد طائعا ليضع جيشه في مرمى مقاوم تدرب عليه في الهجوم الأول فحفظ درسه وأبدع في الشوط الثاني.

لقد عاد ليكشف أن جنوده فقدوا الرغبة في الحرب وأنهم يقاتلون بلا هوية ولا خريطة، فهم يستندون إلى الجدران مرهقين وتزيد شمس غزة في إذلالهم. لقد عاد ليسمح للمقاوم بالانتصار الصريح، ولسوء تقديره كان يوم احتفاله هو أشأم يوم في تاريخه الحربي، لقد بدأت نكبة العدو في غزة.

هل نستشرف المستقبل؟

يحق للمقاومة أن تتكلم واثقة، فرجالها على الأرض يوفرون موقفا سياسيا قويا، مع عناصر ثلاثة تجعل موقفها حاسما قبل طاولة التفاوض: ثبات المقاوم وحاضنته على الأرض، واضطراب العدو عسكريا وسياسيا، وانقلاب الموقف الشعبي والنخبوي وكثير من الموقف السياسي الدولي ضده.

اتضحت كثير من عناصر الصورة: العدو يصرح أنه عاجز عن حكم غزة عسكريا، وليس له حكومة مدنية متواطئة معه على غرار شلة أوسلو التي يبدو أنها طمعت في نصر لم تؤمن به في بداية الطوفان، ويبدو أنه فقد أيضا كثيرا من تواطؤ الموقف المصري معه بعد سيطرته على المعبر. لقد استنزف أنصاره / أجراؤه حتى العظم، وصارت مساعدته وبالا عليهم وهم يرون عجزه عن الحسم العسكري الذي تمنوه.

أي عودة للتفاوض الآن تكشف أنه صار أضعف مما كان قبل رفض صفقة التهدئة الأخيرة، وقد كتبنا سابقا أن هزيمته بعد رفح ستكون أثقل من هزيمته قبلها. لقد انتقم من ألف شهيد إضافي لكن الأرواح الشهيدة تهزمه ودمهم ما يمشيش هباء. بأية روح سيفاوض الآن والتفاوض قدره الذي لا مفر منه؟

كان إسماعيل هنية واضحا وصريحا؛ حماس (المقاومة) باقية وستحكم غزة بوسائلها ومنهجها ولديها حاضنة متماسكة من حولها ولديها فصائل تعاضدها بلا مواربة وبلا تنازع صلاحيات على اليومي والتفصيلي. ولا نرى أحدا من خارج غزة يمكنه أن يغامر بدخول غزة ليحكمها حتى مرتزقة بلاك ووتر (وقد كانوا احتمالا واردا)، أما قوة فصل عربية فلا نظن الغزاوية سيقدمون لها البارد في الصيف بين خرائب غزة. الجميع يرى ويستيقن أن أي داخل لغزة دون رضا المقاومة سيكون مصيره من مصير جيش العدو المحتل.

سيكون من المبكر أن نرسم مستقبل غزة والمعركة دائرة، لكن لا يمكن أن نتجاهل أن العدو يندحر وأن المقاومة تتقدم وتضع شروط التفاوض بثقة أعلى ولديها وقت كاف لتناور من هذا الموقع.

لقد كانت معارك الشهر الثامن انقلابا حقيقيا في مجريات المعركة لم يفر الرجال في الشهور السبعة، ولكنهم الآن يكرون كرة رجل واحد على عدو مهزوم نفسيا. يمكننا أن نؤلف روايات كثيرة عن مقاتل فقد الرغبة في الحرب ويشعر أن قيادته تستهين بحياته ولا تفكر في ما بعد هزيمته، إنه يستسلم لمصير مجهول؛ مصيره العسكري كفرد ومصير دولته من خلفه في ذكرى "استقلالها" الذي صار يوم نكبتها.

من يمكنه أن يطيع أمرا عسكريا بالعودة إلى حرب خاسرة في لحظتها وخاسرة في المستقبل؟ لاحقا سيكون هناك سؤال وجودي في نفس كل جندي: ما جدوى البقاء في أرض لا تمكن هزيمتها؟ فالأرض تحمي من يعرفها وتهزم من يجهلها. سترن تلك الجملة التي قالها المقاتل في رفح في سمع كل عسكري يدعى لحمل السلاح ويرسل إلى غزة أو الضفة المتربصة.

هنا تموت دولة مصطنعة وتعود دولة عمل العالم على طمس وجودها فانبعثت وحولت رايتها إلى راية حرية في العالم. هنا والآن وبكثير من التفاؤل العجول نكتب بيقين هنا نكبة العدو وهنا الاستقلال الفلسطيني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة المقاومة فلسطين غزة الاحتلال المقاومة النكبة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

أمين عام الناتو يطالب بدعم أوكرانيا لتعزيز موقعها في التفاوض

طالب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" مارك روته، بدعم ومساعدة أوكرانيا، لتعزيز موقعها في التفاوض، وللحصول على ضمانات أمنية "قوية" للوصول إلى سلام دائم.

وقال روته خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة السلوفاكية براتيسلافا، إنه "يجب أن نستمر في  تقوية يد أوكرانيا، حتى يتمكنوا من المجيء إلى طاولة المفاوضات من موقع قوة".

وأضاف الأمين العام للناتو أن دول الحلف يجب أن تزيد الإنفاق العسكري إلى "أكثر بكثير" من 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي وق سابق، قال إنّ "إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت محقة في الدعوة إلى المزيد من الاستثمار من الحلفاء في الناتو".

وقال روته من باريس: "إنهم على حق، علينا أن ننفق المزيد وسننفق المزيد"، وأضاف أنه يعتقد أن دول حلف شمال الأطلسي بحاجة إلى إنفاق "ما يزيد عن 3%" من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع من أجل سد "فجوات ضخمة" في القدرات.



وأردف الأمين العام للناتو قائلا حينها: "هذه النسبة الحالية 2% ليست كافية. يجب أن يكون أكثر من ذلك بكثير".

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد حذرت من عواقب وخيمة على أوروبا نتيجة عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، مؤكدة أن عضويتها غير مقبولة.

وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة موسكو، على ضرورة القضاء على الأسباب الجذرية للأزمة الأوكرانية.

وتطرقت إلى مساعي كييف للانضمام للناتو، قائلة إن عضوية أوكرانيا في الناتو تشكل تهديدا خطيرا لأمن روسيا، مضيفة أنه "قد تؤدي (العضوية) إلى عواقب وخيمة على أوروبا بأكملها".

ولفتت إلى أن "أوكرانيا، وفقا لدستورها، يجب أن تكون محايدة، ولا تشارك في أي تحالفات، ولا تمتلك أسلحة نووية".

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا تشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.

مقالات مشابهة

  • دراسة: كمية المياه التي تفقدها الأنهار الجليدية تعادل ما يستهلكه سكان العالم في 3 عقود
  • أمين عام الناتو يطالب بدعم أوكرانيا لتعزيز موقعها في التفاوض
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)
  • ريال بات رمزا لعملة السعودية.. ما الذي نعرفه عن رموز عملات العالم؟
  • تقرير لـ«الجارديان» يرصد رد أهالي غزة على دعوات التهجير: «لن نكرر النكبة مرة أخرى»
  • الشؤون الصحية بالحرس الوطني تعلن عن وظائف شاغرة
  • العماد الذي لا مثيل له في البلاد‏
  • الأشقر: الشغب هو العدو الأول للسياحة في أي بلد في العالم
  • خالد سلك.. لايمكن حسم الحرب عسكريا مهما طال أمدها
  • المخرج من دائرة الجهل التي تتميز بها دول العالم الثالث وتتجلي في الحروب الأهلية