عربي21:
2024-12-16@21:57:31 GMT

النكبة تغير موقعها

تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT

في ذكرى إعلان العدو عن وجوده/ استقلاله لم يبق في صفه عبر العالم إلا مصانع السلاح الأمريكية، فهي التي خلقته وهي التي تديره وهي التي تعرف أكثر من غيرها أن نهايته تعني توقف المصانع عن صناعة أدوات القتل وترويجها في الشرق الأوسط، خاصة وهو سوقها الأفضل منذ تأسيس الكيان. في ذكرى تأسيسه/ نكبة الفلسطيني تحولت الراية الفلسطينية إلى راية حرية في العالم؛ مؤذنة بسقوط رايته وتحولها إلى رمز للقهر والظلم والفشل التاريخي.

في هذه الذكرى يجمع أشلاء قتلاه في غزة.. عليه أن يبدأ حساب أيامه الباقيات، لقد جرفه الطوفان.

العدو سعى إلى نكبته في غزة

نتأمل في حرارة لحظة غزة الدامية بعض أثر حرب الطوفان فنجد أن العدو دخلها مستهينا برجالها وواثقا من سلاحه، وواثقا أيضا من تمكنه من عقل العالم الذي برر له دائما كل فعل شائن في حق الإنسان الفلسطيني. بعد ثمانية شهور يتبين له قبل غيره أن غروره وثقته الزائدة في قدراته وفي مكانته قد أودى به إلى حتفه، إنه يندحر عسكريا وسياسيا ويحتفل بعض جمهوره باكيا على الماضي الجميل وعلى المستقبل الغامض. انتهى زمن يقينه من البقاء واخترقت الهزيمة روحه، فهو يغرق في ما تبقى من غروره وتصدر عنه جمل يائسة تلح على مستقبل غير يقيني، لقد حول الحزن موقعه.

ذلك الشعار المؤمن الذي رفع في ثورة ليبيا "دم الشهداء ما يمشيش هباء" ينتقل إلى غزة، ويمكن للحاضنة الغزاوية أن ترفعه الآن بثقة.

ودون أن نستعيد التحليلات العسكرية التي صرنا بها خبراء بفضل وسائل الإعلام الموالية للمقاومة، فإن مغامرة العدو في رفح متوقفة من عجز عسكري أولا ومن عجز سياسي ثانيا، وعودته إلى الشمال وإلى جباليا بالتحديد بقصد القتل الانتقامي كشفت هوانه العسكري وضياع بوصلته، لقد عاد طائعا ليضع جيشه في مرمى مقاوم تدرب عليه في الهجوم الأول فحفظ درسه وأبدع في الشوط الثاني.

لقد عاد ليكشف أن جنوده فقدوا الرغبة في الحرب وأنهم يقاتلون بلا هوية ولا خريطة، فهم يستندون إلى الجدران مرهقين وتزيد شمس غزة في إذلالهم. لقد عاد ليسمح للمقاوم بالانتصار الصريح، ولسوء تقديره كان يوم احتفاله هو أشأم يوم في تاريخه الحربي، لقد بدأت نكبة العدو في غزة.

هل نستشرف المستقبل؟

يحق للمقاومة أن تتكلم واثقة، فرجالها على الأرض يوفرون موقفا سياسيا قويا، مع عناصر ثلاثة تجعل موقفها حاسما قبل طاولة التفاوض: ثبات المقاوم وحاضنته على الأرض، واضطراب العدو عسكريا وسياسيا، وانقلاب الموقف الشعبي والنخبوي وكثير من الموقف السياسي الدولي ضده.

اتضحت كثير من عناصر الصورة: العدو يصرح أنه عاجز عن حكم غزة عسكريا، وليس له حكومة مدنية متواطئة معه على غرار شلة أوسلو التي يبدو أنها طمعت في نصر لم تؤمن به في بداية الطوفان، ويبدو أنه فقد أيضا كثيرا من تواطؤ الموقف المصري معه بعد سيطرته على المعبر. لقد استنزف أنصاره / أجراؤه حتى العظم، وصارت مساعدته وبالا عليهم وهم يرون عجزه عن الحسم العسكري الذي تمنوه.

أي عودة للتفاوض الآن تكشف أنه صار أضعف مما كان قبل رفض صفقة التهدئة الأخيرة، وقد كتبنا سابقا أن هزيمته بعد رفح ستكون أثقل من هزيمته قبلها. لقد انتقم من ألف شهيد إضافي لكن الأرواح الشهيدة تهزمه ودمهم ما يمشيش هباء. بأية روح سيفاوض الآن والتفاوض قدره الذي لا مفر منه؟

كان إسماعيل هنية واضحا وصريحا؛ حماس (المقاومة) باقية وستحكم غزة بوسائلها ومنهجها ولديها حاضنة متماسكة من حولها ولديها فصائل تعاضدها بلا مواربة وبلا تنازع صلاحيات على اليومي والتفصيلي. ولا نرى أحدا من خارج غزة يمكنه أن يغامر بدخول غزة ليحكمها حتى مرتزقة بلاك ووتر (وقد كانوا احتمالا واردا)، أما قوة فصل عربية فلا نظن الغزاوية سيقدمون لها البارد في الصيف بين خرائب غزة. الجميع يرى ويستيقن أن أي داخل لغزة دون رضا المقاومة سيكون مصيره من مصير جيش العدو المحتل.

سيكون من المبكر أن نرسم مستقبل غزة والمعركة دائرة، لكن لا يمكن أن نتجاهل أن العدو يندحر وأن المقاومة تتقدم وتضع شروط التفاوض بثقة أعلى ولديها وقت كاف لتناور من هذا الموقع.

لقد كانت معارك الشهر الثامن انقلابا حقيقيا في مجريات المعركة لم يفر الرجال في الشهور السبعة، ولكنهم الآن يكرون كرة رجل واحد على عدو مهزوم نفسيا. يمكننا أن نؤلف روايات كثيرة عن مقاتل فقد الرغبة في الحرب ويشعر أن قيادته تستهين بحياته ولا تفكر في ما بعد هزيمته، إنه يستسلم لمصير مجهول؛ مصيره العسكري كفرد ومصير دولته من خلفه في ذكرى "استقلالها" الذي صار يوم نكبتها.

من يمكنه أن يطيع أمرا عسكريا بالعودة إلى حرب خاسرة في لحظتها وخاسرة في المستقبل؟ لاحقا سيكون هناك سؤال وجودي في نفس كل جندي: ما جدوى البقاء في أرض لا تمكن هزيمتها؟ فالأرض تحمي من يعرفها وتهزم من يجهلها. سترن تلك الجملة التي قالها المقاتل في رفح في سمع كل عسكري يدعى لحمل السلاح ويرسل إلى غزة أو الضفة المتربصة.

هنا تموت دولة مصطنعة وتعود دولة عمل العالم على طمس وجودها فانبعثت وحولت رايتها إلى راية حرية في العالم. هنا والآن وبكثير من التفاؤل العجول نكتب بيقين هنا نكبة العدو وهنا الاستقلال الفلسطيني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة المقاومة فلسطين غزة الاحتلال المقاومة النكبة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو : تل أبيب تغير الشرق الأوسط بالفعل

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو ، مساء اليوم الأحد 15 ديسمبر 2024، إن تل أبيب تغيّر الشرق الأوسط بالفعل، مشيرا إلى أنه تحدّث مع الرئيس الأميركيّ المنتخَب، دونالد ترامب، بشأن الحاجة "لاستكمال النصر"، على حدّ وصفه.

كما أشار نتنياهو في تصريحات وردت في بيان صدر عن مكتبه، وكذلك في مقطع مصوّر، إلى أنه لا مصلحة لتل أبيب في مواجهة سورية.

يأتي ذلك فيما صادقت الحكومة الإسرائيلية، اليوم الأحد، على خطة قدمها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لتعزيز "النمو السكاني" في مستوطنات الجولان المحتل، بميزانية تزيد عن 40 مليون شيكل، وذلك في قرار يتزامن مع تصعيد إسرائيل هجماتها العدوانية على سورية في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد.

وذكر بيان صدر عن الحكومة الإسرائيلية أن الخطة تأتي في ظل "التطورات الأمنية والجبهة الجديدة مع سورية"، وتهدف إلى مضاعفة عدد المستوطنين في الجولان السوري المحتل، مضيفا أنها تتضمن "تمويل مشاريع في مجالات التعليم والطاقة المتجددة، إضافة إلى إنشاء قرية طلابية وبرامج لدعم المجلس الإقليمي في الجولان لاستيعاب المستوطنين الجدد".

وقال نتنياهو: "قبل عام قلت شيئا بسيطا: سوف نغيّر الشرق الأوسط، ونحن بالفعل نغيّره"، مضيفا أن "سورية ليست هي سورية، ولبنان ليس هو لبنان، و غزة ليست هي غزة، ورئيسة المحور إيران، ليست إيران نفسها؛ كما أنها شعرت بأذرعنا".

وذكر نتنياهو: "نعمل بكل قوة وحكمة لتحقيق الأمن لجميع دول المنطقة، وتحقيق الاستقرار والأمن لحدودنا كلّها، وهذا لا يعني أنه لم تعد هناك تحديات أخرى أمامنا، فهي موجودة".

وأضاف أن التحديات هي "إيران، ووكلائها، وكذلك أمام التهديدات المُحتمَلة الأخرى، لأن الواقع ديناميكيّ، ويتغيّر بسرعة".

وتابع: "لهذا السبب أريد أن أقول شيئا عن سورية، ليس لدينا مصلحة في مواجهة سورية، وسنحدّد سياسة إسرائيل تجاه سورية، وفقا للواقع الناشئ على الأرض"، مضيفا: "أذكّركم أن سورية كانت لعقود من الزمن، دولة عدوّة نشِطة ضدّ إسرائيل".

وادعى نتنياهو: "لقد هاجمتنا مرارا وتكرارا، وسمحتْ للآخرين بمهاجمتنا من أراضيها، وسمحت لإيران بتسليح حزب الله عبر أراضيها".

وقال: "لضمان أن ما حدث لن يتكرر مرة أخرى، اتخذنا سلسلة من الإجراءات القوية في الأيام القليلة الماضية، فقد أصدرت، بالتعاون مع وزير الأمن، (يسرائيل) كاتس، تعليمات للجيش الإسرائيلي، بإحباط التهديدات المُحتملة من سورية، ومنع عناصر من السيطرة بالقرب من حدودنا".

وذكر نتنياهو أنه "في غضون أيام قليلة، دمّرنا القدرات التي كان نظام (المخلوع بشار)، الأسد يبنيها منذ عقود. لقد فعلنا ذلك للتأكّد من عدم توجيه سلاح خطير ضدّنا مرة أخرى من الأراضي السورية؛ كما ضربنا طرق إمداد الأسلحة من سورية إلى حزب الله".

وأضاف: "لقد قالها الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أمس: ’لقد فقد حزب الله طريق الإمدادات العسكرية عبر سورية’"، عادًّا أن "هذه الكلمات هي بالطبع دليل آخر على الضرر الفادح الذي ألحقناه بالمحور الإيرانيّ بأكمله".

وقال: "ولكن مع ذلك، أودّ التوضيح والتحذير: نحن ملتزمون بمنع إعادة تسليح حزب الله أيضا، وهذا اختبار مستمرّ لإسرائيل، وعلينا أن نصمد أمامه، وسوف نصمد".

وتابع رئيس الحكومة الإسرائيلية: "أقول لحزب الله وإيران بطريقة لا لُبس فيها: لِمَنعكم من إيذاءنا، سنواصل العمل ضدّكم بحسب الضرورة، في أي جبهة، وفي أي وقت".

وأشار نتنياهو إلى محادثة أجراها مع الرئيس الأميركي المنتخب، وقال: "لقد ناقشت كل هذا مرة أخرى الليلة الماضية مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، لقد كانت محادثة وديّة ودافئة ومهمّة للغاية".

وأضاف: "تحدثنا عن ضرورة استكمال انتصار إسرائيل، كما تحدثنا مطوّلا عن الجهود التي نبذلها لتحرير الرهائن"، الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

وقال نتنياهو: "إننا نواصل باستمرار العمل بلا كلل، من أجل إعادة المختطفين، سواء كانوا أحياء أو موتى، وأضيف أنه كلما قلّلنا الحديث عن ذلك، كلما كان ذلك أفضل، وسننجح أيضًا".

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • مقتل الفلسطيني خالد نبهان.. الجد الذي أبكى العالم أثناء وداع حفيدته "روح الروح"
  • شهود على مجزرة التضامن بدمشق يستعرضون موقعها.. رأينا جثثا محترقة (شاهد)
  • القراءة تغير بنية الدماغ
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
  • متحدث الدفاع المدني في غزة: المجازرُ التي ارتكبها الكيانُ الصهيونيُّ في غزةَ لم يحدُثْ مثلُها في القرن الـ 21
  • نتنياهو : تل أبيب تغير الشرق الأوسط بالفعل
  • اكثر من 12 ألف معتقل .. حصيلة الحملات التي قام بها العدو الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة منذ الـ 7 من أكتوبر 2023م : نادي الأسير الفلسطيني : حالات الاعتقالات ترافقت مع عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب
  • غزة أكثر مناطق العالم التي يعيش فيها مبتورو الأطراف .. والسبب العدوان الإسرائيلي
  • شركة التعمير للتمويل العقاري تطلق موقعها الإلكتروني الجديد
  • هل تغير كل شئ كل في لحظة؟