باريس- أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان والمعهد الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، الخميس، في لقاء بث عبر تقنية الفيديو، عن إصدار تقرير مشترك تحت عنوان "عدالة بالترقيع في سوريا".

وسلط التقرير الضوء على طبيعة التحقيقات والمحاكمات الجارية في الشأن السوري ودور الآليات الدولية، كالآلية الدولية المحايدة والمستقلة والمنظمات غير الحكومية، فضلا عن الفجوات الموجودة في جهود المحاسبة.

كما تمت الإشارة إلى أنواع الجرائم المدانة دوليا التي لا يزال الشعب السوري يتعرض لها منذ 13 عاما عند مطالبته بالديمقراطية وحقوق الإنسان سنة 2011.

شهادات وتحقيقات

وخلال إطلاق التقرير، قالت المستشارة القانونية في المعهد الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان هيلينا كروغر، إنه يهدف إلى إبراز الدور الذي تلعبه الأطراف الناشطة في المجتمع المدني السوري ونوع الالتزامات الموجودة والتأثير السياسي الذي يلقي بظلاله على عمل هذه المنظمات المدنية.

وبحسب كروغر، فإن التحقيقات والمحاكمات للجرائم المرتكبة في سوريا، والتي بدأت في السويد وهولندا وألمانيا وبلجيكا، لا تستهدف كبار المسؤولين، مما يفتح المجال أمام إثارة بعض الأسئلة والمساءلة بشأن الوضع في البلاد والبناء على الأدلة الموجودة لرفع الشكاوى.

وعن أهمية إضافة شهادات الضحايا في نص هذه الشكاوى، أكد مؤسس ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، أنها تعتبر جزءا محوريا لكل عملية قانونية تسعى إلى بناء الملفات؛ لأن الشهود هم ضحايا تعرضوا لانتهاكات.

وأضاف عبد الغني للجزيرة نت، أن عددا من هؤلاء الضحايا يصبحون بمثابة مدّعين على المجرمين الذين ارتكبوا الانتهاكات في حقهم، بما في ذلك التعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وغيرها. وبالتالي، فإن الشهود يعدون العامل الأكثر أهمية ويتم الاعتماد على أقوالهم بشكل كبير جدا.

وتحدث التقرير المشترك عن تكفل روسيا والصين "بصدّ" كل الجهود المبذولة لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال استخدامهما "التعسفي" لحق النقض "الفيتو"، الأمر الذي أدى إلى تركيز جهود المحاسبة على دول خارجية أخرى تمكنت من تحقيق نتائج ملحوظة.

إيجابية

في السياق، أوضح عبد الغني أن "إيران دعمت النظام السوري بنحو 60 مليار دولار وبكمّ هائل من المليشيات ربما تصل إلى 45 ألف مقاتل، لكن الحليف الأبرز للنظام هو روسيا التي ساهمت في عرقلة العمل في المحاكم وتمتلك قوة الفيتو وتوجد تحت إمرتها دول أخرى"، وفق تصريحه.

أما فيما يخص مسألة الإفلات من العقاب، فوصف رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان نتائج المحاكمات بـ"الجيدة والإيجابية".

واعتبر أنها -ودون التضخيم في إنجازاتها- أدانت النظام نفسه ووصفت جرائمه بجرائم ضد الإنسانية، مشيرا إلى محاكمة الضابط السوري أنور رسلان بجرائم منهجية واسعة النطاق، "والتي لم يُتهم بها شخص واحد فقط وإنما نظام بأكمله".

ولكنه لفت إلى أن عدم البناء على هذه المحاكمات لإيقاف الإفلات من العقاب ومحاسبة النظام السوري بمختلف الإجراءات السياسية وحتى العسكرية، يعود إلى الخلل الكبير الموجود في النظام الدولي، "بما في ذلك مجلس الأمن الذي فشل في سوريا وترك الرئيس بشار الأسد في السلطة"، وليس مسؤولية المحاكمات بعينها.

وفي عام 2011 تم فتح تحقيقات في ألمانيا، تلتها أخرى في فرنسا والسويد وهولندا. وركزت المحاكمات الأولى على المتهمين حاملي الجنسيات الأوروبية الذين التحقوا بجماعات مسلحة في سوريا وأُطلق عليهم اسم "المقاتلين الأجانب"، وتمت محاكمتهم ضمن قوانين "مكافحة الإرهاب".

نقاط عمياء

من جانبه، أشار المحامي في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان باتريك كروكر، إلى التحديات التي يتم التعامل معها، وعلى رأسها إغلاق مجلس الأمن والجنائية الدولية في وجه الملف السوري، مشيدا بعمل المجتمع المدني السوري الذي تمكن من إعادة تجميع صفوفه في المنفى.

وعلى الرغم من إيجابية النتائج التي حصدتها جهود المحاسبة، فإن آثارها لا تزال محدودة "لأنها لم تؤدّ إلى نقلة كبيرة في حالة حقوق الإنسان في سوريا ولم تزعزع قبضة النظام على السلطة، وحتى لم تمنع قادة الدول الأخرى من تطبيع العلاقات معه"، وفق نص التقرير.

وعلى ضوء هذه التحديات وغيرها، تطرق مؤسس ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إلى صعوبة إثبات وقوع جرائم العنف الجنسي "الذي لا تتعرض له النساء فقط وإنما الرجال أيضا، وقد يكون إثباته ضدهم أكثر صعوبة".

ويرى عبد الغني أن غياب الضغط الجاد ضد نظام بشار الأسد ساهم في استمراره بممارسة كل هذه الانتهاكات وإفلاته من العقاب منذ 13 عاما، وأن المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، لا يعتبر سوريا وشعبها قضية مهمة تحتاج إلى بذل جهد حقيقي لعملية انتقال وتغيير سياسي. "ويظهر ذلك جليا في العجز عن تطبيق قرار مجلس الأمن الصادر في أواخر عام 2016".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات وحقوق الإنسان عبد الغنی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

وقفة أمام بقع الدم السوري..!

• لا يزال الاخوان و” مشتقاتهم” يعتقدون أنهم مرغوب بهم لدى الغرب كأداة سلطة وحكم لا مجرد أداة هدم وتهيئة انتقالية للأدوار التالية من المؤامرات، يتناسون تجربة طويلة من الصفعات، من أفغانستان إلى العراق إلى تونس ومصر وليبيا وغيرها.. ويفرحون مجدداً بالدفع بهم إلى واجهة الحكم في سوريا . يأملون بعمى السلطة ونشوة السيطرة أن تكون هذه البلد نموذجاً مختلفاً عن ما سبق، على الرغم من أن كل المعطيات تؤكد تكرار الصفعات والنهايات، بما فيها سوريا.
• ويوماً ما لن يطول انتظاره كثيراً.. وبعد أن يسقط هذا النظام الدموي الأحمق نتيجة تهوره وفقدانه القدرة على السيطرة، سيحدثك الإخواني “العميق بذكاء المؤامرة” كالعادة عن مؤامرة كونية استهدفت تنظيمهم، كدلالة أنهم على الحق قائمون، وقد تكالبت عليهم الأمم، وبأن الطوائف الأخرى متحالفة مع الغرب عليهم، وينسى كل المسارات التي انتهجوها وقادتهم للهلاك، وتستمر الحكاية ..
• أي تراث أو فكر أو نظرية إسلامية يُبنى أو يستند عليها هذا الإجرام الحاصل في المشهد السوري، علينا أن نتبرأ منها ونكفر بها وبعلمائها ومنظريها .. وبأي جماعة أو طائفة أو مذهب أو مجلس اسلامي يصمت عن ادانة ما يحدث هناك، ولا غرابة ان نشهد كل هذا الصمت والتشفي وثقافة النأي بالنفس عن قول كلمة الحق .. بعد المواقف من غزة التي عرت المستور، بات كل شيء ممكناً .
• ترسيخ دورة العنف غير الأخلاقي في المنطقة كثقافة متبادلة، بعيداً عن جدليات الدفاع أو الهجوم على الأنظمة البائدة، هذا هو ما تفعله اليوم الأنظمة العميلة القادمة على ظهر الدبابات الغربية، وبإملاءات غربية، وهو بالمحصلة ليس في صالح تلك الأنظمة، لأن سقوطها وصعود أنظمة جديدة – وهذه سنن الحياة الملموسة – سيبرر أو سيشعل الانتقام بالمثل على قادتها وجمهورها الأعزل، هذا ما يريده الغرب الكافر ولا تنتبه اليه جماعات النظام الجديد، ولو كانت تملك الشجاعة لأوقفت هذه الدورة من العنف الذي لطالما اشتكت منه، ولفتحت صفحة جديدة تؤسس لبقائها طويلا في سدة الحكم، وتأمن فيه من تقلبات المراحل، أو على الأقل ليكون لديها ثقافة مختلفة بأن يبقى الصراع نخبوياً، يحيد فيه الجمهور المدني الأعزل من الأحقاد والتصفيات.
• مبادئ “اليساري والقومي” هشة وكذبة كبرى، مع احترامنا للاستثناء وهم شخوص قليلة، منذ العدوان على اليمن إلى ما يحدث اليوم من تطورات في المنطقة ونحن نتفاجأ بالتناقضات، صار أولئك ” الأمميون” يرون العالم من ثقب إبرة، قد تجدهم مشبعين بالتعصب الطائفي أكثر من الملتحيين، وليبراليين أكثر من النظام الغربي!، واينما مالت رياح المؤامرات.. مالوا.
• في غزة، حدث أن تقاربت المذاهب الإسلامية الشريفة حول قضية مقدسة، بعد أن امتزجت دماؤها على طريق القدس انزوت الأفكار الظلامية خجولة أمام المشهد الوحدوي العظيم للساحات، كانت قد بدأت تتشكل ثورة من الوعي لدى جمهور العامة، وتنبه العدو لهذا الخطر الذي يتهدده، وهو الذي عمل على عدم وقوعه طوال المراحل والعقود الماضية، فأطلق العدو قطعان مسوخه بسوريا سعياً لإعادة إنتاج الفتنة واحياء لسدنتها المتربصين والذين في قلوبهم مرض، ولعن الله صناع الفتن وأدواتهم ومن أيقظهم.

مقالات مشابهة

  • ما أبرز بنود الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس السوري؟
  • حدَّد فترة المرحلة الانتقالية بـ5 سنوات.. أبرز بنود الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس السوري
  • الموضوع كان هزار.. مجدي عبد الغني يكشف مؤامرة إبراهيم فايق عليه
  • تقرير أممي يفضح إنتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر وملاحقة الكبرانات للنشطاء بتهم الإرهاب
  • من أين يحصل فلول النظام على السلاح في الساحل السوري؟
  • سوريا.. تقرير أممي يكشف مقتل عائلات بأكملها في عنف طائفي
  • وقفة أمام بقع الدم السوري..!
  • منتدى حقوقي يستنكر التراجعات الحقوقية التي شهدها المغرب
  • تقرير حقوقي يوثق مقتل أكثر من 800 شخص في انتهاكات بسوريا
  • المفوض الأممي لحقوق الإنسان يدعو لتحقيق مستقل في أحداث الساحل السوري