نشر موقع بلومبيرغ الأميركي حوارا مع العالم السياسي فرانسيس فوكوياما، ليستقصي منه إجابة عن سؤال عما إذا كانت الديمقراطية كنظام سياسي قد وصلت إلى نهايتها.

وتركز الحوار -الذي أجراه معه توبين هارشو محرر صفحة مقالات الرأي بالموقع- حول انخفاض عدد الدول الليبرالية في العالم خلال الـ15 سنة الماضية، وما إذا كان مقدرا للولايات المتحدة أن تسلك المصير نفسه.

وكمدخل للحوار، يقول هارشو إنه على الرغم من أن عدد الدول الاستبدادية في العالم بات أقل مما كان عليه قبل قرن من الزمان فإن الأنظمة الديمقراطية غير الليبرالية آخذة في الارتفاع.

"نهاية التاريخ"

ولفت هارشو الانتباه إلى أن فوكوياما كان قد نشر مقالا بعنوان "نهاية التاريخ" في مجلة ناشونال إنترست الأميركية قبيل أشهر من انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 قلب عالم السياسة الخارجية رأسا على عقب.

وجادل العالم السياسي الأميركي في أطروحته تلك بأن الديمقراطية الليبرالية أثبتت أنها أعلى شكل من أشكال الحكم يمكن لأي مجتمع بلوغه، فهل يدحض الركود الديمقراطي في السنوات الأخيرة وجهة نظره هذه؟ أم أن بمقدور الليبرالية تغيير الأمور؟

وعن سؤال لهارشو حول العوامل التي تدفع باتجاه تدني أعداد الديمقراطيات الليبرالية في العالم فيما تعيش شعوب كثيرة في رحاب ديمقراطيات غير ليبرالية مثل المجر وتركيا والهند، يجيب فوكوياما بأنه لا يوجد عامل واحد، ففي الولايات المتحدة وكما في أوروبا يعزى ظهور القوميين اليمينيين في الأغلب إلى تفاقم ظاهرة عدم المساواة الاقتصادية التي أفرزتها العولمة.


ليس اقتصاديا فقط

فلو كان الأمر اقتصاديا بحتا -يواصل فوكوياما حديثه- لكنت قد شاهدت نشوءا لحركة شعبوية يسارية كبيرة في كل مكان، لأن الناس يريدون المزيد من مزايا الرعاية الاجتماعية، وتعويضات عن البطالة، وأشياء من هذا القبيل "لكن الأصوات الجديدة كلها تأتي من تيار اليمين، وهم قوميون".

ويؤكد فوكوياما أن الشيء الآخر المهم حقا هو التكنولوجيا، فقد قضى ظهور الإنترنت على التسلسلات الهرمية التي كانت بمثابة حراس للمعلومات وعن الكيفية التي يمكن للتكنولوجيا أن تقود بها إلى إرساء نظام سياسي.

ويقول فوكوياما -الذي يعمل الآن باحثا في معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية بجامعة ستانفورد- إن السؤال الكبير هو ما إذا كان هناك شكل سياسي لم تؤثر فيه أو على الأقل شجعته عملية التحديث الاقتصادي.

من الممكن أن تتحول أميركا لأكبر مهدد للديمقراطية

وعما إذا كان لا يزال عند وصفه ذات مرة بأن الولايات المتحدة تمثل أحد أكبر التهديدات للديمقراطية في العالم، أعرب فوكوياما عن اعتقاده بأنه إذا أعيد انتخاب دونالد ترامب للرئاسة في عام 2024 فإن الأمر لا يقتصر على مجرد انتخاب سياسي لديه أولويات سياسية مثل خفض الضرائب، والحد من الهجرة، فالرجل -أي ترامب- أظهر تحديا للمؤسسات الليبرالية الأساسية، فإذا انتخبت شخصا مستعدا لقلب نتيجة انتخابات حرة ونزيهة فأنت بذلك تلقي الديمقراطية نفسها من النافذة، على حد تعبير العالم السياسي الأميركي.

وانتقد فوكوياما هجوم الرئيس السابق ترامب على ما تسمى الدولة العميقة، لأنه يؤدي إلى زعزعة الاستقرار.

وأضاف أن هناك معاني مختلفة لمفهوم الليبرالية حول العالم، ففي الولايات المتحدة كونك ليبراليا يعني أنك من يسار الوسط، وفي أوروبا فإن ذلك يعني أنك على يمين الوسط.

وأضاف أن الفرضية الأهم -حسب تقديره- تتمحور حول المساواة في الكرامة الإنسانية، بمعنى أن يتمتع جميع البشر بقدر معين من الكرامة التي تستوجب الاحترام.

من هو الليبرالي؟

وفي مجتمع ليبرالي لا تقل -حسب رأي فوكوياما- إن هناك مجموعة فرعية واحدة من البشر تتمتع بمكانة أكبر استنادا إلى عرقهم، فإذا كنت تؤمن بمبدأ احترام الكرامة الإنسانية والحفاظ عليها وحمايتها لجميع البشر على قدم المساواة والحاجة إلى نظام قانوني يقيد الحكومات من انتهاك تلك الكرامة الأساسية فأنت ليبرالي.

ويعتقد العالم السياسي في حواره مع موقع بلومبيرغ أن هذه الحزمة من المبادئ تواجه تحديات من اليمين واليسار على حد سواء، فأنصار اليمين يودون العودة إلى نمط من القومية، حيث يمكنهم القول إن للهنغاريين أو الهندوس أو مجموعة فرعية أخرى من البشر وضعا خاصا.

وفي تيار اليسار، يرى فوكوياما في ختام الحوار أن الأمر يتعلق أكثر ما يتعلق بالتشكيك في القيم الليبرالية الأساسية للتسامح وحرية التعبير.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی العالم إذا کان

إقرأ أيضاً:

ماغرو زار المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان: من دون الأبحاث يستحيل أن نتوقع التطورات التي تحصل في العالم

زار سفير فرنسا هيرفي ماغرو المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان.

وأشارت السفارة الفرنسية في بيان، إلى أن "الحوار مع الأمينة العامة للمجلس تمارا الزين ومديري مراكز الأبحاث شكل مناسبة للقيام بجولة أفق حول التعاون الثنائي الكثيف والمثمر بين فرنسا والمجلس. كما زار السفير المركز الوطني للمخاطر الطبيعية والإنذار المبكر والهيئة اللبنانية للطاقة الذرية".

ولفتت إلى أن "فرنسا تدعم عمل المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان من خلال العديد من مشاريع التعاون، لا سيما في مجال إدارة الأزمات"، وقالت: "في أعقاب الزلزال الذي حدث في 6 شباط 2023 في تركيا وسوريا، وشعر به سكان لبنان بقوة، تم تعزيز التعاون الثنائي في مجال رصد الزلازل على نحو ملحوظ".

وأوضحت السفارة أن "فرنسا قدمت دعما ماديا بقيمة 379000 يورو من خلال مركز الأزمات والمساندة التابع لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية، وأتاح هذا المبلغ تركيب وحدة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، مما مكن منصة الإنذار المبكر التابعة للمجلس الوطني للبحوث العلمية من العمل على مدار الساعة خلال الأزمات، مع تحقيق وفر كبير في الوقت نفسه. واستعمل هذا المبلغ كذلك لنشر 10 محطات جديدة لرصد الزلازل في مناطق مختلفة من البلاد"، وقالت: "بالتالي، يستطيع المركز الوطني للجيوفيزياء أن يحسن بشكل ملحوظ استخدام وتحليل البيانات التي يتم جمعها حول مخاطر الزلازل".

واعتبرت أن "هذا المشروع الذي تدعمه فرنسا ويعنى بسلامة الشعب اللبناني يسلط الضوء على دور المجلس الوطني للبحوث العلمية في مجال الخدمة العامة"، مشيرة إلى أن "هذا المشروع الطموح يواكب توقيع اتفاقية بين المجلسين الوطنيين للبحوث العلمية في فرنسا ولبنان بهدف تعزيز التعاون اللبناني - الفرنسي في مجال علوم الزلازل، وهذا ما نوه به السفير ماغرو والدكتورة تمارا الزين".

ولفتت إلى أن "الشراكة بين فرنسا والمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان تتجلى من خلال الالتزام التقني والتبادلات العلمية مع المجلس الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، إضافة إلى دعم سفارة فرنسا لتنقل الباحثين التابعين للمجلس الوطني للبحوث العلمية ومنح جامعية لشهادة الدكتوراه يستفيد منها طلاب مسجلون وفق نظام الإشراف المشترك أو الإدارة المشتركة مع جامعة في فرنسا" مشيرة إلى "المشاريع المختلفة التي تقوم بها وكالة التنمية الفرنسية والمعهد الفرنسي للشرق الأدنى".

وأشارت إلى أن "فرنسا عازمة على مواصلة دعمها للأبحاث الجامعية والعلمية في لبنان من خلال مشاريع عدة للمساعدة على تنقل الباحثين، وبرامج المنح، وبرنامج "هوبير كوريان" – "سيدر"، ومواكبة العديد من مشاريع الشراكة الجامعية".

وتحدث ماغرو فقال: "إن هذا المركز، الذي تم تأسيسه عام 1962، هو رمز قيم وميزة كبيرة ودعامة ضرورية لهذه المرحلة المفصلية في تاريخ البلاد".

وأشار إلى أن "للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان أهميّة فائقة بالنسبة إلى استقلال لبنان الغد وسيادته، من خلال تجسيد القوى الحية في البلاد"، وقال: "من دون الأبحاث، يستحيل أن نفهم أو أن نتوقع التطورات التي تحصل في العالم. ويستحيل أيضا أن نتخيل الحلول اللازمة للمستقبل وأن ننير القرارات التي يتخذها المسؤولون من خلال توفير البيانات الموضوعية والموثوقة من أجل إعادة إعمار البلاد".

مقالات مشابهة

  • اجتماع أممي بشأن الكونغو الديمقراطية وكينشاسا تستدعي دبلوماسييها من رواندا
  • مقتل 9 جنود من قوات حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية
  • الكونغو الديمقراطية: اشتداد المعارك في غوما بين حركة "إم 23" وقوات حكومية وأخرى تابعة للأمم المتحدة
  • الأمم المتحدة تنقل مؤقتًا موظفيها غير الأساسيين من جوما شرق الكونغو الديمقراطية
  • إصابة 9 من قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية
  • مقتل قائد عسكري وفرار 178 ألف شخص مع اقتراب متمردي حركة إم23 من مدينة غوما في شرق الكونغو الديمقراطية
  • اشتعال شرق الكونغو الديمقراطية.. الأمم المتحدة تطالب "إم23" بوقف التقدم إلى جوما.. فرار عشرات الآلاف من السكان.. ورواندا متورطة في دعم المتمردين
  • قلب الكون..كيف غيّرت قناة بنما التي يرغب دونالد ترامب بالإستيلاء عليها العالم؟
  • "بلومبيرغ": حرائق الغابات المستمرة تستنزف ترسانة العالم لمكافحتها
  • ماغرو زار المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان: من دون الأبحاث يستحيل أن نتوقع التطورات التي تحصل في العالم