موسكو– كما كان متوقعًا، اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصين لتكون أول بلد يقوم بزيارته بعد أن أعيد انتخابه رئيسا للبلاد، في خطوة تعكس النقلات النوعية نحو تمتين العلاقات بين البلدين، اللذين قطعا خلال السنوات الأخيرة أشواطًا كبيرة في التوجه نحو صياغة علاقات ثنائية إستراتيجية.

وهذا بالضبط ما فعله الرئيس الصيني شي جين بينغ أيضا، في مارس/آذار 2023 بعد إعادة انتخابه رئيسًا لبلاده، عندما قدم إلى روسيا في أول زيارة خارجية له.

بدأت الزيارة باستقبال بوتين ووفده والترحيب بهم مع "مرتبة الشرف" العسكرية الكاملة، حيث رافقه نواب رئيس الوزراء ووزراء وحكام 20 مقاطعة روسية ومدراء شركات السكك الحديدية ووكالة وروساتوم وغيرها، ووصفت وسائل إعلام روسية هذه الزيارة بالتاريخية، حيث تأتي في ظروف تتعرض فيها روسيا لعقوبات دولية كبيرة، بينما تتعرض الصين أيضا لضغوطات غربية.

الهدف الأبرز من لقاء الرئيسين يتمثل بإيجاد سبل لتجاوز القيود الأميركية التي أدت إلى انخفاض الصادرات الصينية إلى روسيا (الفرنسية) بداية حقبة جديدة

من المقرر أن تتوج هذه الزيارة بالتوقيع على بيان مشترك حول تعميق علاقات الشراكة الشاملة والتفاعل الإستراتيجي و"دخول حقبة جديدة"، وهو ما تمّ توقيته ليتزامن مع الذكرى الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي وجمهورية الصين الشعبية، فضلًا عن التوقيع على 11 اتفاقية حكومية على الأقل.

وإلى جانب العلاقات والمصالح التي تربط البلدين، فإن الرئيسين يشتركان في رؤية أن الولايات المتحدة تشكل بالنسبة لبلديهما عقبة أمام النمو، وفي هذا السياق يُشار إلى أنه قبل أسابيع قليلة من بدء الحرب مع أوكرانيا، أعلن قادة البلدين عن "شراكة بلا حدود" لمحاربة "الهيمنة الأميركية".

وعلاوة على ذلك، يرى كل من بوتين وشي نفسيهما كمهندسين لنظام عالمي جديد لا يخضع للتدخل الأميركي، وقاما بخطوات عدة لتعزيز التحالفات المتعددة الأطراف مع عدد كبير من البلدان النامية، بما في ذلك في إطار منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة "بريكس"، كثقل موازن للغرب.

كما تواصل بكين تقديم الدعم الاقتصادي الرئيسي لموسكو لتخفيف الضربة الناجمة عن العقوبات الاقتصادية الغربية، والتي حدت من وصول روسيا إلى سلاسل التوريد العالمية والأسواق الدولية.

وفي الأشهر الأخيرة، زادت الولايات المتحدة من تحذيراتها للصين بشأن الدور الحاسم الذي تلعبه في مساعدة روسيا في ساحة المعركة، عن طريق تعزيز صناعتها الدفاعية، من خلال توريد منتجات مزدوجة الاستخدام، غير فتاكة ولكنها مفيدة عسكريا.

الاقتصاد أولا

يقول محلل الشؤون الدولية ديمتري كيم، إن قرار بوتين اختيار الصين كأول دولة يزورها بعد إعادة انتخابه لم يكن مفاجئا، ويظهر أن موسكو تولي أهمية كبيرة لمواصلة تطوير شراكتها الإستراتيجية مع الصين، والتي لن تتخلى عنها رغم الضغوطات الغربية، بل إن موسكو أصبحت أكثر إصرارًا على "التوجه نحو الشرق".

وأكد في حديثه للجزيرة نت -انطلاقا من التشكيلة "العددية والنوعية" للوفد الروسي- أن التركيز بشكل خاص سينصب على القضايا الاقتصادية والتعاون في صناعات التكنولوجيا الفائقة، مع إعطاء اهتمام خاص لمشكلة التسويات المتبادلة في التجارة بين البلدين.

وأشار المتحدث إلى أن البلدين لديهما مساحة محددة للتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والبنية التحتية والطاقة الجديدة والفضاء، وكذلك في المجال الثقافي، لكن الأبرز سيتركز على إيجاد سبل لتجاوز القيود الأميركية، التي أدت إلى انخفاض الصادرات الصينية إلى روسيا أواسط العام الماضي، لا سيما تلك المتعلقة بواردات السلع الاستهلاكية والمنتجات ذات الاستخدام المزدوج.

حلف إستراتيجي

بدوره، يقول المحلل السياسي مراد بشيروف، إن روسيا تنظر إلى الصين كحليف إستراتيجي، يتميز من بين أمور أخرى بالتفوق على الولايات المتحدة في كل شيء تقريبًا، من الحوسبة الكمية والبيولوجيا الاصطناعية إلى التجسس، بينما تتمتع روسيا بمخزون هائل من الطاقة وبقوة عسكرية صارمة.

وأضاف أن الصين عززت علاقاتها التجارية والعسكرية مع روسيا في السنوات الأخيرة، عندما فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على البلدين، كما يعتبر الغرب أن الصين لعبت دورا حاسما بمساعدة روسيا في التغلب على العقوبات، وقدمت التقنيات الأساسية التي استخدمتها روسيا في ساحة المعركة.

وأكد أن من شأن زيارة بوتين الحالية إلى الصين أن تعطي دفعة إضافية للتعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل والتعاون في الإنتاج الصناعي، إلى جانب التسويات بالعملة الوطنية وتعزيز الاستثمارات المتبادلة، وزيادة وتيرة التفاعل في مجال التكنولوجيا المتقدمة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة وغير ذلك.

وأشار الخبير ذاته إلى التأثير المتزايد لمجموعة "بريكس" وأهمية زيارة بوتين لجهة تعزيز دور هذه المنظمة وتفعيلها، لجعل الجميع يشعرون بالاطمئنان فيها، لا سيما أن عدد الدول التي تقدمت بطلبات للانضمام تجاوز الـ20.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة روسیا فی

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الفرنسي: الهدنة بين روسيا وأوكرانيا قد تظهر مدى استعداد بوتين لمحادثات سلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو اليوم الاثنين إن من شأن هدنة بين روسيا وأوكرانيا حول البنية التحتية الجوية والبحرية والمرتبطة بالطاقة، إذا جرى قبولها، أن تتيح لأوكرانيا وحلفائها تحديد ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتصرف بحسن نية ومدى استعداده لبدء مفاوضات جادة بشأن اتفاق سلام طويل الأجل.

وجاءت تصريحات بارو، التي أدلى بها لإذاعة آر.تي.إل، بعد أن قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن فرنسا وبريطانيا تقترحان هدنة جزئية لمدة شهر لن تشمل القتال على الأرض.

وأضاف بارو أنه يعتقد أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يكونان على استعداد لإعادة الانخراط في محادثات بعد مشادة كلامية حادة بينهما في المكتب البيضاوي.

مقالات مشابهة

  • روسيا: زيارة زيلينسكي إلى واشنطن تعكس الفشل الكامل لنظام كييف
  • وزير الخارجية الفرنسي: الهدنة بين روسيا وأوكرانيا قد تظهر مدى استعداد بوتين لمحادثات سلام
  • لماذا تفشل التطبيقات الخارقة خارج الصين؟
  • والي العيون يقود زيارة تاريخية لمقبرة الشهداء وفضاء الذاكرة بمشاركة أطفال الدشيرة
  • الضربات التي أوجعت الولايات المتحدة!!
  • حرب المعادن الأوكرانية مستمرة.. بعد توتر العلاقة بين ترامب وزيلينسكى.. السؤال الذى يشغل العالم لماذا تجعل واشنطن اتفاقية التعدين عنصرًا حاسمًا فى عملية السلام مع روسيا؟
  • الخارجية الروسية: زيارة زيلينسكي إلى الولايات المتحدة فشل دبلوماسي وسياسي
  • الصين تحذر مختصي الذكاء الاصطناعي من مواطنيها من السفر إلى الولايات المتحدة
  • لماذا أعلنت روسيا تأجيل إطلاق الروبل الرقمي؟
  • روسيا تعين سفيرا جديدا لدى الولايات المتحدة الأميركية