الشيخ كمال الخطيب يكتب … ستتحقق أحلامنا، ولن يسرقوا آمالنا، ولن نكفّر عن أيماننا
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
#سواليف
ستتحقق أحلامنا، ولن يسرقوا آمالنا، ولن نكفّر عن أيماننا
#الشيخ_كمال_الخطيب
سأحتفظ بحلمي
مقالات ذات صلة الدويري .. المقاومة تدير المعركة في جباليا بطريقة أكثر ضراوة / فيديو 2024/05/17روى الدكتور حسان شمسي باشا في كتابه النافع “هناك يحلو اللقاء” قصة المعلم الذي أعطى لتلاميذه وظيفة بيتية هي كتابة موضوع إنشاء فيه يتحدثون عن طموحاتهم التي يرغبون بتحقيقها عندما يكبرون، وكان من بين طلاب الصف طالب لأبوين فقيرين وتعيش الأسرة في كوخ صغير متهالك، وقد كان موضوع الإنشاء الذي كتبه يتحدث فيه عن طموحه بأن يأتي اليوم الذي فيه يمتلك مزرعة تمتد على مساحة كبيرة من الأرض وفيها يربي الخيول الأصيلة وفيها تتدرب على السباق فتنال الجوائز والأوسمة.
قرأ المعلم ما كتبه تلاميذه وأعطى لكل واحد منهم العلامة التي يستحقها. وكان تقدير ذلك الطالب الفقير على ما كتبه درجة ضعيفة جدًا، ولما سأله التلميذ عن هذه الدرجة المتدنية قال له: لأن طموحك وهدفك بعيد عن الواقعية، فكيف لغلام فقير يعيش في كوخ صغير أن يجمع مالًا يكفي لشراء أرض واسعة يقيم عليها مزرعة ويشتري خيولًا ويأتي بفرسان ومدربين ومن يعتنون بخيول حيث لكل هؤلاء نفقات ومعاشات ومتطلبات”.
لم يدرك المعلم مقدار وعظيم خطئه. وزاد عليه أنه عرض على تلميذه إعطاءه فرصة أن يكتب موضوعًا جديدًا لعل به يحصل على درجة وتقدير أفضل مما حصل عليه، فكان جواب التلميذ على هذا العرض: “احتفظ أنت بالدرجة وسأحتفظ أنا بحلمي”.
دارت الأيام وكبر الغلام وحقق طموحه بما اجتهد وثابر وتعب حتى كان اليوم الذي فيه اشترى قطعة أرض شاسعة أقام عليها مزرعة للخيول فيها المئات من الخيول الأصيلة يقوم على خدمتها وتدريبها خيرة المدربين من الفرسان وقد نالوا أرفع الأوسمة.
هي ليست قصة ذلك الطالب الذي رفض أن يسرق أحد أحلامه ولو كان هو معلمه الذي كان يتوجب عليه أن يزرع في تلميذه الثقة بالنفس والعزيمة والإصرار بدل إشعاره بالدونية. إنها قصة كثيرين ممن سجل التاريخ أسماءهم بأحرف من نور، وهم الذين طرقوا أبواب المجد ولم يقنعوا بما دون النجوم رغم أن شهاداتهم المدرسية كانت تشير بعكس ذلك. فها هو الكاتب والروائي الإنجليزي “شكسبير” صاحب أشهر الروايات المسرحية، وها هو “الشيخ أحمد ديدات” رحمه الله من جنوب أفريقيا صاحب أشهر المناظرات العلمية في مقارنة الأديان، وها هو الأديب الكبير “عباس محمود العقاد” صاحب العبقريات وعشرات الكتب، وها هو “توماس أديسون” صاحب أكثر من ألف اختراع وأشهرها المصباح الكهربائي وهو الذي كان تقدير معلمه له في المدرسة الابتدائية أنه فاشل، فكل هؤلاء العظماء لم يتموا مراحل تعليمهم فمنهم من لم يتم المرحلة الابتدائية وكلهم لم يحصلوا على الشهادة الجامعية، لكنهم رفضوا أن يسرق أحد منهم أحلامهم.
لو كان خالي حيًا لكفّر عن يمينه
كان الإمام الطحاوي يطلب العلم ويتتلمذ على يدي خاله وشيخه الإمام المزني. وذات يوم أشكلت مسألة على الطحاوي طالب العلم فلم يعرف جوابها، فقال له خاله وشيخه الإمام المزني: “والله لا يجيء منك شيء” أي لا أمل فيك ولا يرتجى منك نفع.
وغضب الطحاوي وتعلم مما قاله خاله وشيخه، فرحل عنه وراح يطلب العلم عند علماء آخرين حتى أنه أبدع وفاق شيوخ زمانه وصنف كتبًا كثيرة منها كتابه الشهير “العقيدة الطحاوية” ولقب في زمانه بلقب علمي رفيع هو “محدث الديار المصرية” و”شيخ الأحناف في مصر”.
كان الإمام الطحاوي كلما جلس في مجلس علم يقول مازحًا: “رحم الله خالي وشيخي المزني لو كان حيًا لكفّر عن يمينه” لما وصل إليه من مراتب علمية رغم اعتقاد خاله وشيخه المزني أنه لن يفلح ولن يكون منه شيء نافع. فإذا كان خاله الإمام المزني قد أقسم بالله أن الطحاوي لن يفلح ولن يكون منه ما ينفع الناس، فلما كانت النتيجة والحقيقة عكس ذلك فإنها كفارة اليمين يجب أن يؤديها.
ما أكثرهم الذين ينظرون إلى ما عليه حال المسلمين في هذه المرحلة والحقبة التاريخية العصيبة، حيث تكالب الأعداء وخذلان الأشقاء وخيانة الزعماء، وإذا بهؤلاء ينظرون إلى المستقبل بعدسة الحاضر ولسان حالهم والإحباط بالتشاؤم يلفهم من كل جانب، يقولون بل لعلهم يقسمون، والله إن أمتنا لن يتغير حالها، والله لن تقوم للإسلام بعد اليوم قائمة وإننا أمة فاشلة ونستحق الإذلال و و و.
فليس أن هؤلاء دورهم في الأمة هو كالخنجر في الظهر وهم الذين قال عنهم النبي ﷺ: “من قال هلك المسلمون فقد أهلكهم” وإنما هم ولشقاوتهم، فإنهم إذا كتب الله لهم الحياة، فإنهم ملزمون على أن يكفّروا عن أيمانهم لأن نبوءاتهم السوداوية لن تتحقق وإنما سيكون عكسها العزّ والمجد والرفعة بإذن الله تعالى. وما أصدق ما قاله الإمام الشافعي في الرد على هؤلاء:
عجبت لهم قالوا تماديت في المنى وفي المثل العليا وفي المرتقى الصعب
فأقصر ولا تجهد يراعك إنما ستبذر حبًا في ثرى ليس بالخصب
فقلت لهم: مهلًا فما اليأس شيمتي سأبذر حبي والثمار من الرب
ابن تيمية لم يكفّر عن يمينه
حينما اجتاحت جيوش التتار بلاد المسلمين وفعلوا ببغداد عاصمة الخلافة الأفاعيل، ودبت بين المسلمين الذلة والمهانة حتى أنه شاع بينهم القول “إذا قيل لك أن التتار قد انهزموا فلا تصدق”. وحينما استعدت جيوش المسلمين يومها في مصر والشام لملاقاة التتار، فقد أرجف المرجفون وبدأ دعاة الهزيمة ينشرون الرعب والخوف واستحالة النصر على التتار، عندها تحرك العلماء الصادقون لبث الأمل والتفاؤل بين المسلمين وكان في مقدمة هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي كان يثبت المسلمين ويبعث فيهم الأمل ويعدهم بالغلبة والتمكين والفتح المبين. وليس أن ابن تيمية كان يقول ذلك فقط، وإنما كان يقسم على ما يقول ويحلف بالله مخاطبًا جيوش المسلمين قائلًا: إنكم لمنصورون وأقسم على ذلك سبعين يمينًا. فكان يرد عليه بعض أمراء الجند قائلين: قل إن شاء الله يا إمام، فكان يقول: أقولها تحقيقًا لا تعليقًا.
ولقد كان ما تحدث وأقسم عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وكانت الغلبة للمسلمين.
وقد كتب كثيرون في حقيقة هذا الإصرار والقسم من ابن تيمية ويقينه بالفرج، فتساءل البعض هل كانت هذه فراسة أم أنها كرامة من الله لابن تيمية؟ وأيًا كان الجواب فإن هذا اليقين منه رحمه الله للذي ينطبق عليه قول الشاعر:
وإني لأدعو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانعه
أي أن حسن ظن المسلم بربه يجعله مطمئنًا إلى قوة الله وتدبيره سبحانه. وعليه فإذا كان شيخ الإسلام يومها قد تحقق ما أقسم عليه ولم يكن ضرورة في أن يكفّر عن يمينه، فإننا مثله اليوم نقسم على أن المستقبل للإسلام وأننا بين يدي فرج قادم، نقولها ونقسم عليها تحقيقًا لا تعليقًا وإن شاء الله لن نكفّر عن يميننا.
والشاعر لن يكفّر عن يمينه
إنها أبيات الشعر الرائعة قالها الشاعر مفعمًا بالأمل والتفاؤل والثقة بزوال الظالم وانتصار أصحاب وحملة الرسالات، ويقسم على ذلك لما قال:
تالله ما الدعوات تهزم بالأذى أبدًا وفي التاريخ برّ يميني
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة ونزع إيماني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يدي ربي وربي حافظي ومعيني
سأعيش معتصمًا بحبل عقيدتي وأموت مبتسمًا ليحيا ديني
إنه أقسم رحمه الله بالله لما قال: “تالله” بأن الدعوات والرسالات والمعتقدات وعلى مدار التاريخ الذي يشهد على ذلك، فإنها لن تُهزم ولن تُستأصل مهما بلغ الطغاة في حربهم عليها، وإن التاريخ وإن الواقع يؤكد على صدق وصواب ما قاله وأقسم عليه الشاعر حيث ذهب الطغاة والجبابرة وبقيت الرسالات السماوية، وذهب وسيذهب ويرحل ويُلقى به إلى مزابل التاريخ كل طاغية أعلن الحرب السافرة على دعوة الإسلام، وستبقى هذه الدعوة نبضًا تنبض بالحياة وتبعث في الناس الأمل حتى يتحقق وعد الله سبحانه بأن تكون كلمته هي العليا -وكلمة الله هي العليا – وكلمة الذين كفروا هي السفلى. ولأن ما أقسم عليه الشاعر كان صوابًا وحقًا وقد تحقق، فإنه لم يكفّر عن يمينه رحمه الله وجمعنا به على حوض النبي ﷺ.
والشاعر لن يكفّر عن يمينه
إنها أبيات الشعر الرائعة قالها الشاعر مفعمًا بالأمل والتفاؤل والثقة بزوال الظالم وانتصار أصحاب وحملة الرسالات، ويقسم على ذلك لما قال:
تالله ما الدعوات تهزم بالأذى أبدًا وفي التاريخ برّ يميني
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة ونزع إيماني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يدي ربي وربي حافظي ومعيني
سأعيش معتصمًا بحبل عقيدتي وأموت مبتسمًا ليحيا ديني
إنه أقسم رحمه الله بالله لما قال: “تالله” بأن الدعوات والرسالات والمعتقدات وعلى مدار التاريخ الذي يشهد على ذلك، فإنها لن تُهزم ولن تُستأصل مهما بلغ الطغاة في حربهم عليها، وإن التاريخ وإن الواقع يؤكد على صدق وصواب ما قاله وأقسم عليه الشاعر حيث ذهب الطغاة والجبابرة وبقيت الرسالات السماوية، وذهب وسيذهب ويرحل ويُلقى به إلى مزابل التاريخ كل طاغية أعلن الحرب السافرة على دعوة الإسلام، وستبقى هذه الدعوة نبضًا تنبض بالحياة وتبعث في الناس الأمل حتى يتحقق وعد الله سبحانه بأن تكون كلمته هي العليا -وكلمة الله هي العليا – وكلمة الذين كفروا هي السفلى. ولأن ما أقسم عليه الشاعر كان صوابًا وحقًا وقد تحقق، فإنه لم يكفّر عن يمينه رحمه الله وجمعنا به على حوض النبي ﷺ.
لن يسرقوا آمالنا وستتحقق أحلامنا ولن نكفّر عن أيماننا
لقد رأى رسول الله ﷺ في المنام أنه يدخل المسجد الحرام، وتحققت رؤياه صلوات ربي وسلامه عليه {لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} آية 17 سورة الفتح {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} آية 1 سورة الفتح.
ولقد رأى نبي الله يوسف عليه السلام في المنام أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر يسجدون له {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَٰٓأَبَتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَٰجِدِينَ} آية 4 سورة يوسف، فتحققت الرؤيا بما وصل إليه يوسف من مكانة {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُءْيَٰىَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّا} آية 99 سورة يوسف.
أما نحن وفي هذا الزمان فلسنا أنبياء يوحى إلينا، ولا من أتباع البحث عن الرؤى ولا من أدعياء التنجيم، وإنما نحن من أصحاب تصديق وعد الله الذي سيتحقق وبشارة رسول الله ﷺ {هُوَ ٱلَّذِىٓ أَرْسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا} آية 13 سورة الفتح. {كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِىٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ} آية 21 سورة المجادلة. ولما كان هذا وعدًا ربانيًا صادقًا سيتحقق بانتصار وقيام دولة الإسلام العالمية دولة الخلافة الراشدة، فإننا نقسم على ذلك سبعين يمينًا بل سبعمائة يمين، ولن نكفّر عن أيماننا هذه لأن ما نقسم عليه هو وعد الله ووعد الله حق {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} آية 77 سورة غافر. ولأن ما نقسم عليه هو وعد الله ووعد الله لا يُخلف، والله لا يخلف وعده {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} آية 6 سورة الروم.
نعم لن يسرق الطغاة والعملاء آمالنا وستتحقق أحلامنا ووعد ربنا، ولن نكفّر عن أيماننا ولا عزاء للمحبطين والمتشائمين واليائسين.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف ابن تیمیة هی العلیا رحمه الله وعد الله على ذلک لما قال الله لا ما قاله فی یدی
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: معزوفة درويش كئيب على أطلال الجزيرة
من مرويات الصحابة التي تدعو للتأمل والتدبر والاعتبار حكاية وقوف سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه (أبو تراب) على تراب المقابر وحياها قائلا:
السلام عليكم يا أهل المقابر أما أموالكم فقد قسمت، وأما بيوتكم فقد سكنت، وأما أزواجكم فقد تزوجن غيركم هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟
ثم سكت قليلاً وقال:
أما والله لو شاء الله لهم أن يتكلموا لقالوا:
إن خير الزّاد التقوى.
لقد ذكرتني هذه الحكاية الموحية حالنا في الجزيرة المنكوبة الجريحة المستباحة شمالا وجنوبا شرقا وغربا حواضرا وقرى. وفي ظني أن حال القرى المنهوبة المهجرة المغتصبة تماثل حال المقابر إن لم تكن المقابر أشد سلامة منها وطمأنينة.
فلعمري لو مر ود تكتوك هذا العصر بمخيمات النازحين واللاجئين من هذه القرى التي كانت حتى بالأمس تضج بالحياة والأمل والإشراق، وقد أمسى ساكنوها الآن في عراء الله يتامى وأرامل، وفي أطراف المدن حفاة وعراة وحزانى يتكففون الزاد والأمن والخيمة والأسبرين لمداواة جراح الجسد وجراح الروح.
ولكأني بصوت الرجل يرتفع عالياً حتى يتردد صداه في الأعالي والبطاح: (يا أهل الجزيرة إن الأموال قد نُهبت وإن الأعراض قد أُهينت وإن العزة والشرف القديم قد مرغ بالتراب)
وإن بقي في الرسالة بقية فهي للجيش وللشعب وللمقاومة وللمستنفرين والفدائيين، ختام ما قاله الشيخ فرح:
يا هؤلاء “ابحثوا عن مهمة أخرى” غير استعادة مدن وقرى الجزيرة، فماذا يفعل الناس ببقايا الأشياء وأطلال المساكن؟ ابحثوا عن مهمة أخرى فإن دخول القرى والمدن بعد أن أخليت تماماً من كل شيٍ حتى مواقد الطعام وسرائر الأطفال وباقي الدين والعجين، هي ضرب من العبث واللامعقول.
“ابحثوا عن مهمة أخرى” لن يصفق الشعب لانتصارات وهمية في أمكنةٍ خلاء، وقرى مهجورة، وملايين من الحيارى فقدوا كل شئ، نعم كل شئ حتى بقية الدموع في قاع الأعين، وبقية النشيج في قاع الصدور.
نعم “ابحثوا عن مهمة أخرى” فإن الشئ الوحيد الذي بقي هو ذاك (الهوى) المهشم على قارعة الطريق، والهواء الآسن والمعفر برائحة الجثث والإثم وقهقهات القتلة واللصوص.
كل شئٍ هناك ساكن، صامت إلا نحيب العاصفة الممزوج بأسى الأطلال ونزيف الغناء القديم.
كل شئٍ مضى نازحاً إلا زامر الحي الدرويش فقد ظل وحيداً يردد معزوفته في أسىً بصوته الذبيح ونفسه المتلاشية:
يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحاً من خيال فهوى
اسقني واشرب على (أطلاله)
واروِ عني طالما (الدمع روى)
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطا من ندامى حلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب