ماذا سيحدث إذا حصلت إيران على السلاح النووي؟
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لأستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، ستيفن إم والت، قال فيه إن الإجابة عن السؤال فيما إذا كانت إيران ستمتلك أسلحة نووية يوما ما؟ هي نعم ولكن الإجابة عن السؤال حول ما ستفعل إن حدث ذلك فهو غير واضح.
وكانت الجمهورية الإسلامية على خلاف مع الولايات المتحدة والعديد من جيرانها لمدة 45 عاما، منذ الثورة التي أطاحت بالشاه في عام 1979.
وفي نهاية المطاف، وقعت إدارة أوباما على اتفاق نووي مع إيران، لكنها تعاونت أيضا مع إسرائيل لشن هجوم إلكتروني كبير على البنية التحتية لتخصيب اليورانيوم في إيران. وحتى لا يتفوق عليه أحد، سمح الرئيس دونالد ترامب في نهاية المطاف بشن غارة بمسيّرة أسفرت عن مقتل الجنرال قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي، وحاول إضعاف النظام من خلال برنامج "أقصى قدر من الضغط"، وفق المقال.
وقد ردت إيران على هذه الأنشطة المختلفة وغيرها من خلال دعم نظام الأسد في سوريا، والاقتراب من روسيا والصين، وتسليح وتدريب الميليشيات في لبنان والعراق واليمن وغزة.
وكما أوضح رافائيل كوهين مؤخرا هنا في مجلة فورين بوليسي، فمن المرجح أن تستمر الحرب السرية بين إسرائيل وإيران لفترة طويلة قادمة ويمكن أن تتفاقم بسهولة.
وقال والت، إن احتمال حدوث مشاكل هنا واضح، لكن أحد منظري العلاقات الدولية البارزين يعتقد أن هناك طريقة واضحة للحد من ذلك.
ووفقا لآخر مقال منشور للراحل كينيث والتز، فإن الطريقة الأكثر مباشرة لتحقيق الاستقرار في المنطقة هي أن تحصل إيران على رادع نووي خاص بها.
وقال والتز إن امتلاك ترسانة نووية من شأنه أن يقلل من مخاوف إيران الأمنية، ويمنحها سببا أقل لإثارة المشاكل للآخرين، ويجبر منافسيها الإقليميين على الامتناع عن استخدام القوة ضدها بطرق قد تؤدي عن غير قصد إلى تبادل نووي.
وعلى حد تعبير ونستون تشرشل في السنوات الأولى من الحرب الباردة، فإن الاستقرار سيصبح "طفل الرعب القوي".
وكان والتز قد عرض المنطق المركزي لهذه الحجة في دراسة مثيرة للجدل عام 1981، بالاعتماد على نظرية الردع النووي الأساسية.
لقد بدأ بالافتراض الواقعي المألوف بأن الدول التي تعيش في حالة من الفوضى تهتم في المقام الأول بالأمن. وفي عالم خالٍ من الأسلحة النووية، كثيرا ما تؤدي مثل هذه المخاوف إلى سوء التقدير، والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر، والحرب. لقد غيرت الأسلحة النووية هذا الوضع من خلال تهديدها بمستوى من القوة التدميرية كان على القادة الأكثر طموحا أو عدوانية احترامها.
لقد رأى أن الردع النووي هو الضمانة الأمنية النهائية: لن يحاول أي زعيم عاقل غزو أو الإطاحة بمنافس مسلح نوويا لأن القيام بذلك سيؤدي حتما إلى المخاطرة بهجوم نووي. ولن تساوي أي مكاسب سياسية يمكن تصورها خسارة عددا من مدن الدولة المعنية، وحتى الاحتمال الضئيل للرد النووي سيكون كافيا لردع أي هجوم مباشر على استقلال دولة أخرى.
ويرى كاتب المقال أن سوء التقدير سيكون أقل احتمالا لأنه من السهل على أي شخص يتمتع بالحد الأدنى من الذكاء أن يفهم التأثير الذي قد يخلفه التبادل النووي، وبالتالي، فإن الدول التي تتمتع بقدرة آمنة على توجيه ضربة ثانية لن تشعر بالقلق بشأن بقائها، وسوف يتم تقييد المنافسة بينها بسبب الخوف المتبادل.
ولم يقترح والتز أن الردع النووي يقضي على كافة مصادر المنافسة الأمنية. كما أنه لم يزعم أن كل دولة ستكون في وضع أفضل إذا امتلكت القنبلة النووية، أو أن الانتشار السريع للأسلحة النووية سيكون أمرا جيدا للنظام الدولي.
وبدلا من ذلك، أشار إلى أن الانتشار البطيء للأسلحة النووية قد يكون مفيدا في بعض السياقات، بل وربما يكون أفضل من بذل جهود شاملة لمنعه.
وأعرب عن اعتقاده بأن الخوف المتبادل من التصعيد الذي ساعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على تجنب الصدام المباشر للأسلحة خلال الحرب الباردة والذي أدى إلى تقليص حجم ونطاق الحروب بين الهند وباكستان سيكون له آثار مماثلة في أماكن أخرى، بما في ذلك الشرق الأوسط الممزق بالحروب.
ويؤكد كاتب المقال أت موقف والتز المناقض اجتذب الكثير من الانتقادات، وأدت دراسته الأصلية في النهاية إلى تبادل موسع ومفيد مع أستاذ جامعة ستانفورد سكوت ساجان.
ولقد حذر المتشككون من أن القوى النووية الجديدة قد يقودها زعماء غير عقلانيين أو مهووسين لا يمكن ردعهم، رغم أنه ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانوا أقل عقلانية أو حذرا من زعماء الدول النووية الحالية.
وأعرب آخرون عن قلقهم من أن القوى النووية الجديدة قد تفتقر إلى التدابير الأمنية المعقدة وإجراءات القيادة والسيطرة، مما يجعل ترساناتها أكثر عرضة للسرقة أو الاستخدام غير المصرح به.
وادعى الصقور أن القوى النووية الجديدة قد تهدد باستخدامها لابتزاز الآخرين أو كدرع للعدوان، على الرغم من أن أيا من القوى النووية القائمة لم تفعل ذلك بنجاح على الإطلاق.
وتوقع منتقدون آخرون أن امتلاك إيران للأسلحة النووية من شأنه أن يدفع بعض جيرانها إلى أن تحذو حذوها، رغم أن الأدلة على عمليات "تسلسل الانتشار النووي" السابقة كانت في أفضل تقدير مختلطة.
وبطبيعة الحال، لم تفكر حكومة الولايات المتحدة قط في تبني موقف والتز، وبالتأكيد ليس فيما يتعلق بدول مثل إيران. بل على العكس من ذلك، حاولت الولايات المتحدة في كل الأحوال تقريبا ثني الدول الأخرى عن تطوير ترساناتها النووية، وقد بذلت جهدا إضافيا لمنع إيران من القيام بذلك.
لقد قال الرؤساء الديمقراطيون والجمهوريون مرارا إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة إذا حاولت إيران تصنيع قنبلة فعلية، كما فرضوا عقوبات اقتصادية صارمة على نحو متزايد في محاولة فاشلة في معظمها لإقناع طهران بالتخلي عن برنامج التخصيب.
وفي نهاية المطاف، تفاوضت إدارة أوباما على اتفاق (خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015) مما أدى إلى تراجع قدرة إيران على التخصيب بشكل كبير، وخفض مخزونها من المواد النووية، وتوسيع نطاق مراقبة الأنشطة النووية الإيرانية المتبقية.
وفي خطأ استراتيجي مذهل، تخلى ترامب عن الصفقة في عام 2018. والنتيجة؟ وبدأت إيران في تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى، وهي الآن أقرب إلى امتلاك قنبلة نووية من أي وقت مضى.
وبصرف النظر عن خطة العمل الشاملة المشتركة، بذلت الولايات المتحدة (وإسرائيل) كل ما في وسعها لإقناع طهران بأنها لا يمكن أن تكون آمنة دون رادعها الخاص.
وقام الكونغرس بتمويل جهود "تعزيز الديمقراطية" الموجهة إلى إيران، بما في ذلك تمويل الجماعات الإيرانية في المنفى.
وقد رفضت واشنطن العديد من المحاولات الإيرانية لتحسين العلاقات، واشتبكت مع القوات البحرية الإيرانية في الخليج العربي، واغتالت عمدا مسؤولا إيرانيا كبيرا، وقامت بمجموعة من الأنشطة السرية داخل إيران.
ويتابع والت، أن واشنطن دعمت علنا علنا تشكيل تحالف مناهض لإيران في المنطقة وليس لديها علاقات دبلوماسية مع طهران (على عكس روسيا والصين ومعظم حلفاء أمريكا).
وأردف، أيا كان رأي المرء في النظام الإيراني ــ وهناك الكثير مما لا يعجبه ــ فإن هذه التدابير وغيرها من التدابير تزيد بلا أدنى شك من اهتمامها بالحصول على نفس الحماية الرادعة التي تتمتع بها الآن تسع دول أخرى ــ بما في ذلك إسرائيل، وباكستان، وكوريا الشمالية.
وتساءل، لماذا لم تتجاوز إيران العتبة النووية بالفعل؟ لا أحد يعرف، فأحد الاحتمالات هو أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي يعتقد حقا أن الأسلحة النووية تتعارض مع الإسلام، وأن تجاوز الخط سيكون خطأ من الناحية الأخلاقية.
وأوضح، "لا أميل إلى هذا التفسير بنفسي، لكن لا يمكنني استبعاده تماما ومن الممكن أيضا أن قادة إيران لا يشعرون بالقلق إزاء هجوم أو غزو أميركي مباشر (مهما كان ما قد يقولونه علنا)، وخاصة في ضوء المحاولات الكارثية التي بذلتها أميركا لتغيير النظام في العراق وأفغانستان وليبيا وعدد قليل من الأماكن الأخرى".
ومضى قائلا، "ربما يدركون أنه لا يوجد رئيس أمريكي يرغب في إعادة إحياء تلك التجارب، وخاصة ضد دولة تبلغ مساحتها ما يقرب من أربعة أضعاف مساحة العراق وضعف عدد سكان العراق".
وقال والت، إن الولايات المتحدة خصم خطير ولكنها لا تشكل تهديدا وجوديا، لذلك ليست هناك حاجة للسباق السريع نحو القنبلة.
وقد يكون رادع طهران أيضا التهديد بحرب وقائية، طالما أنه من المرجح أن يتم اكتشاف محاولة لبناء سلاح فعال ويمكن أن يؤدي بسهولة إلى قيام الولايات المتحدة أو إسرائيل (أو كليهما) بمهاجمة البنية التحتية النووية التي ضحت إيران بالكثير من أجل إنشائها، وإذا لم تكن هناك حاجة ملحة ولم تكن الظروف مواتية، فمن المنطقي أكثر أن تبقى إيران على هذا الجانب من عتبة الانتشار النووي.
وتابع، "إذا كانت الولايات المتحدة وآخرون يريدون إبقاء الأمور على هذا النحو، فعليهم أن يجمعوا بين تحذيراتهم بشأن العواقب المحتملة لمحاولة الاختراق مع ضمانات بأن إيران لن تتعرض للهجوم إذا استمرت في تجنب القدرة على إنتاج الأسلحة النووية".
وأضاف الكاتب، "أن وقف الحرب السرية بين إسرائيل وإيران من شأنه أن يساعد أيضا، على الرغم من أنه من الصعب تخيل أن حكومة نتنياهو تختار هذا المسار أو تواجه ضغوطا كبيرة للقيام بذلك من إدارة بايدن".
وأشار، إلى أن "ما يقلقني هو أنه إذا استمر المستوى الحالي من العداء، فمن الصعب أن نصدق أن إيران لن تقرر في نهاية المطاف أنها في حاجة إلى رادع نووي خاص بها، ولا أحد يستطيع أن يخمن ما قد يحدث بعد ذلك".
وقد يؤدي ذلك إلى إشعال حرب أخرى في الشرق الأوسط، وهو آخر ما يحتاجه أي شخص.
وبين، "إذا نجحت إيران في صنع قنبلة نووية خاصة بها، فقد تدفع دولا مثل السعودية أو تركيا إلى أن تحذو حذوها".
لكن ذلك قد يكشف أيضا أن والتز كان على حق طوال الوقت، وأن التوازن النووي التقريبي في الشرق الأوسط من شأنه أن يحث أخيرا هذه الدول المتخاصمة على نحو دائم على تخفيف عدائها واختيار التعايش السلمي، ولكن هذه واحدة من تجارب العلوم الاجتماعية التي أفضل عدم إجرائها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إيران الولايات المتحدة إيران الولايات المتحدة العقوبات البرنامج النووي القنبلة الذرية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
يتسلمها ترامب خلال ساعات.. ماذا نعرف عن الحقيبة النووية التي لا تفارق الرئيس الأمريكي؟
عواصم - الوكالات
يصفها البعض بأنها النسخة المعاصرة من التاج والصولجان وبقية الرموز التي كانت تشير إلى السلطة في العصور الوسطى، وبمرافقتها الدائمة لرئيس أقوى دول العالم والقائد الأعلى لجيشها، تحوّلت هذه الحقيبة البسيطة في مظهرها، إلى أيقونة للقوة العظمى وأخطر وسيلة تدبير اخترعتها البشرية حتى اليوم.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية "الحقيبة النووية" عبارة عن حقيبة تزن عشرين كيلوجراما ملفوفة بالجلد الأسود، تحتوي الرموز والمفاتيح التي يحتاجها رئيس الدولة إذا قرر شن ضربة نووية، وترافق الرئيس في حله وترحاله.
وأطلق الأمريكيون اسم "كرة القدم النووية" نسبة لأول خطة سرية للحرب النووية، وبرزت أهمية الحقيبة بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وظهرت لأول مرة يوم 10 مايو 1963، وتم تحديثها دوريا من قبل جهات عسكرية أمريكية.
وتسمى الرموز الموجودة في الحقيبة النووية الأمريكية بـ"رموز الذهب" ويتم توفيرها من قبل وكالة الأمن القومي، وتطبع على بطاقة بلاستيكية بحجم بطاقة الائتمان تسمى "بسكويت"، لأن البطاقة ملفوفة في فيلم مبهم، تبدو مثل مغلفات البسكويت، وهذه البطاقة "بسكويت" يمكن للرؤساء حملها خارج الحقيبة النووية.
ويتناوب على حمل "الحقيبة النووية" التي تحتوي على عناصر غاية في السرية خمسة جنود أمريكيين تلقوا تدريبا خاصا، ويلازمون الرئيس أينما حلّ في الداخل والخارج، في الجو والبحر، وفي المصعد والفندق وغيرها من الأماكن.
ورغم أن القانون الأميركي يمنح الرئيس صلاحية حصرية في شن ضربة نووية، فإن إعطاء الأمر بذلك يحتاج من الناحية القانونية إلى سلسلة إجراءات يتعين على الرئيس اتخاذها، تتمثل في الاتصال بمركز عمليات وزراة الدفاع (بنتاغون)، وقراءة رموز تحديد الهوية للتأكد من أنه هو الذي يعطي هذا الأمر، وهي الرموز التي تبقى في البطاقة.
وقبل تسليم مهامه لخلفه، يضع الرئيس المنتهية ولايته مفتاح تشغيل النووي على المكتب الرئاسي في مجلد مغلف بالشمع ويمنع على الجميع لمسه قبل الرئيس الذي يجلس في كرسي البيت الأبيض، وسوف يتسلم ترامب الحقيبة اليوم بعد مراسم التنصيب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية خلفا لبايدن.
وللرؤساء الأميركيين قصص وروايات مع بطاقة "بسكويت"، ففي عام 1981، أثناء محاولة اغتيال الرئيس رونالد ريغان في مارس 1981، لم يتمكن الشخص الذي كان يحمل "الحقيبة النووية" من الصعود إلى سيارة الإسعاف التي حملت الرئيس إلى المستشفى، ليتم العثور لاحقا على بطاقة "بسكويت" في حذاء الرئيس الذي كان ملقيا على الأرض في غرفة العمليات.
كما أن الرئيسين جيرارد فورد وجيمي كارتر قد نسيا بطاقة "بسكويت" في جيوب بدلات أرسلت للغسيل. أما الرئيس بيل كلينتون فقد غادر عام 1999 قمة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) من دون "الحقيبة النووية"، كما فقد "بسكويت" لشهور عديدة.
ولم يخل عهد الرئيس ترمب في ولايته السابقة من المخاوف بشأن "الحقيبة النووية"، فقد قام رجل أعمال يدعى ريتشارد ديغازيو بالتقاط صورة له مع حامل "الحقيبة النووية" ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وعلق عليها قائلا "هذا هو ريك.. إنه يحمل الحقيبة النووية"، وحدث ذلك خلال حفل عشاء أقامه ترمب وزوجته على شرف رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وزوجته في نادي الرئيس الأميركي الخاص في ولاية فلوريدا. وتم حذف حساب رجل الأعمال من حينها في فيسبوك.