قمة البحرين.. بيان لا يرقى إلى عمق الأزمات
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
لعل أبرز ما جاء في البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت في البحرين أمس، مطالبة مجلس الأمن الدولي بتنفيذ قراراته بوقف إطلاق النار في غزة ونشر قوات حفظ سلام دولية في الأراضي الفلسطينية والعمل على إقامة دولة فلسطينية وضرورة وضع سقف زمني للعملية السياسية والمفاوضات، يتم بعده إصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتصلة الأراضي، على خطوط 4 /6/ 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء أي تواجد للاحتلال على أرضها، مع تحميل إسرائيل مسؤولية تدمير المدن والمنشآت المدنية في قطاع غزة.
أما في ما خص سوريا التي اكتفى رئيسها بشار الأسد بالمشاركة في القمة من دون أن يلقي كلمة وباجتماعه مع عدد من القادة العرب على هامش القمة لا سيما ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ، فأكد البيان ضرورة إنهاء الأزمة السورية، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وبما يحفظ أمن سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها. كما أكد رفض التدخل في شؤون سوريا الداخلية، وأي محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية فيها.
وفي ما خص لبنان، شدد البيان على دعم الجمهورية اللبنانية وسيادتها واستقرارها ووحدة أراضيها.وحث جميع الأطراف اللبنانية على إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، وتعزيز عمل المؤسسات الدستورية، ومعالجة التحديات السياسية والأمنية، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، للحفاظ على أمن لبنان واستقراره، وحماية حدوده المعترف بها دولياً، بوجه الاعتداءات الإسرائيلية.
لكن تبقى مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في القمة العربية، في أنها تحافظ على أهمية حضور لبنان القمة العربية رغم الشغور الرئاسي. ففي كلمته ركز رئيس الحكومة على ثلاثة ملفات وهي: الجنوب، ملف النازحين، الانتخابات الرئاسية. ففي الملف الأول قال إن ما يشهده لبنان من أحداث وتصعيد على حدوده الجنوبية، منذ أكثر من سبعة أشهر، تزامنا مع ما يعانيه أهالي قطاع غزة من وجع أليم، ليس سوى نتيجة طبيعية لتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على بلدنا المؤمن بالسلام والعدالة، في ظل انتهاكات إسرائيل المستمرة لسيادته الوطنية وخرقها المتمادي لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، والتي وصلت إلى حوالي 35 ألف خرق منذ صدوره في العام 2006، وهذا يؤكد بحسب مصادر مطلعة ان رئيس الحكومة ربط ربطاً محكماً بين ما يجري على الحدود الجنوبية ومعاناة أهل القطاع، فضلاً عن تأكيده في كلمته وخلال لقاءاته على هامش المؤتمر التي اكتسبت اهمية كبيرة لا سيما مع الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش التزام لبنان بالقرارات الدولية لا سيما القرار 1701 وأنه يجب الضغط على إسرائيل لتطبيق هذا القرار وبضمانات دولية والانسحاب من الاراضي المحتلة ووقف انتهاكاتها واعتداءاتها البريّة والبحريّة والجويّة.
أما في ملف النازحين، فركز الرئيس ميقاتي على أهمية "تفعيل عمل لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا بما يساعد على تحقيق رؤية عربية مشتركة متفق عليها، وبلورة آلية تمويلية لتأمين الموارد اللازمة لتسهيل وتسريع عودة النازحين السوريين إلى بلدهم".
وعلى الخط الرئاسي، فهذا الملف يحتل الأولوية في اهتمام رئيس الحكومة الذي عول على الدور الفعال للأشقاء العرب، لا سيما أعضاء اللجنة الخماسية، من أجل مساعدة القوى السياسية اللبنانية على إنجاز هذا الاستحقاق، الذي يشكل الحوار مدخلاً لا بد منه لاستعادة الاستقرار، وهذا يؤكد مجدداً أن الملف الرئاسي يبقى الهاجس الأول عند رئيس الحكومة ليستقيم عمل المؤسسات على عكس ادعاءات البعض بأنه يبدي ارتياحاً لاستمرار الشغور واتهامه بالتعدي على صلاحيات الرئيس.
ومع ذلك لم يختلف البیان الذي صدر عن قمة المنامة عن كلاسيكيات النظام العربي بما فيها القمة التي عقدت في الخرطوم ذات اللاءات الثلاث التي أصبحت في ذمة التاريخ بحسب مصادر بحرينية لـ"لبنان24"، رغم أن بيان المنامة تضمن نقطة مضيئة ولو خافتة تمثلت بإهالة التراب على اتفاقيات أوسلو، لصالح الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على كافة الأراضي الفلسطينية ما قبل الرابع من يونيو 1967 وكذلك حق سيادة سوريا في الجولان المحتل، فهذا البيان أعاد القضية الفلسطينية إلى المربع الأول الأمر الذي سيحرج الدول الغربية لا سيما الولايات المتحدة والدول التي طبعت مع إسرائيل، خاصة وأن وضعاً كهذا لن يكون مقبولاً في تل أبيب. وأشارت المصادر إلى أن القمة شهدت خلافاً حول قوات الحماية العربية أو الدولية في غزة، في حين أن ممثلي عدد من الدول أبدوا رفضاً لكلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي هاجم من خلالها حركة حماس لكونها بدأت عملية "طوفان الاقصى" من دون تنسيق مع أحد، وبينما رأت المصادر أن هناك لجنة وزارية سوف تتابع مع الدول الخمس الكبرى العمل لعقد مؤتمر حول حل الدولتين، لفتت إلى غياب أي كلام عن أي تطبيع مع إسرائيل في المستقبل وهذا الأمر،بحسب المصادر ،يؤشر إلى أن سبحة التطبيع التي بدأت مع الأمارات والبحرين لن تكر وقد جمدت.
في الموازاة رأت مصادر فلسطينية لـ"لبنان24" أن ما صدر عن القمة بخصوص إدخال قوات أممية إلى غزة يصب في العمق في مصلحة العدو الإسرائيلي العالق في غزة والذي لا يملك أي خطة للخروج من أزمته فلا هو يستطيع السيطرة العسكرية المطلقة ولا يستطيع أن ينتج قيادة بديلة في غزة بديلاً عن القيادة الحالية، مرجحة أن يكون هذا المطلب مطلباً أميركياً، وهذا ما تريده إسرائيل للخروج من هذه الحرب بمكاسب سياسية فشلت حتى الآن في تحقيق أي منها.
أما مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب، فيرى أن "قمة البحرين"، كان يفترض أن تعقد في وقتٍ سابق وعاجل، لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية، وازدواجية المعايير الأميركية والغربية، حول حقوق الانسان وحماية الحريات والمرأة وحقوق الطفل ووقف القتل الجماعي والتهجير القسري والتلاعب بالديموغرافيا من خلال ما يجري من عمليات استيطان إسرائيلي في الضفة الغربية بوتيرة عالية ومنتظمة.
هذه القمة التي انعقدت رغم أنها كانت واضحة وصريحة في تأييدها لحقوق الشعب الفلسطيني وتقديم رؤية للحل تقوم على المبادرة العربية التي أطلقت من بيروت عام 2002، حول حل الدولتين، وأشارت بوضوح الى أزمات الدول العربية، فيجب، بحسب القطب، أن تستكمل طروحاتها برسم خطوات عملية وملزمة للمجتمع الدولي من أجل الضغط على إسرائيل لوقف العدوان والحرب ووقف القتل والتدمير، والمباشرة في إعادة الإعمار وعودة المهجرين والنازحين، والتعويض على المتضررين ومعاقبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وبما أن واقع العالم العربي اليوم لا يحسد عليه من انقسامات وصراعات تعم مختلف الدول العربية إلا القليل منها، فيجب بحسب القطب، تشكيل لجنة مصالحة عربية تعمل على وقف صراعاتها والعمل على حل نزاعاتها في كلٍ من ليبيا والسودان واليمن والعراق وسوريا والصومال وحيث يجب أيضاً، والمطلوب أيضاً العمل الجدي والمباشر والمنهجي على تحقيق ما ورد من توصيات ومعالجة ما تم الحديث عنه من أزمات وإعادة الاستقرار الى الشعوب المتعبة من الانقسام والصراع والتدخل الخارجي ووقف كل تدخل يعيق بث روح السلام ووقف الصراعات. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس الحکومة مجلس الأمن لا سیما فی غزة
إقرأ أيضاً:
أزمات المنطقة حاضرة بقوة في قمة الدول الثماني النامية.. خبير يكشف التفاصيل
اهتمت مصر بشكل كبير بأزمات المنطقة العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وأزمات سوريا ولبنان، وكانت هذه القضايا حاضرة بقوة خلال مناقشات قمة الدول الثماني النامية التي انعقدت برئاسة مصر في العاصمة الإدارية الجديدة.
مصر قادرة على حل هذه الأزماتأكد أحمد العناني، خبير الشئون الدولية، أن الجهود المصرية واضحة في محاولات حل أزمات منطقة الشرق الأوسط. وأشار إلى أن مناقشة هذه الأزمات ضمن قمة الدول الثماني النامية يعكس قدرة مصر على لعب دور محوري في إيجاد حلول لها.
وأضاف العناني في تصريح خاص لـ«الوطن» أن مصر، بالتعاون مع الدول الإقليمية الفاعلة، يمكنها المساهمة في حل هذه الأزمات. وشدد على أهمية مشاركة إيران وتركيا خلال فعاليات القمة، حيث اعتبر وجودهما فرصة لتعزيز الحلول السياسية، خاصة في أزمات سوريا ولبنان، كونهما من الأطراف الفاعلة والمؤثرة في هذه القضايا.
وأشار إلى أن مصر تسعى لاستغلال هذه الفرصة لدفع الاستقرار في المنطقة من خلال التفاهمات السياسية والشراكة مع القوى الإقليمية والدولية الكبرى.
الموقف المصري ثابت وواضح في أزمات المنطقةأكد العناني أن الموقف المصري ثابت وواضح تجاه أزمات المنطقة، وعلى رأسها ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، وإعادة إعمارها، بالإضافة إلى أزمات لبنان وسوريا، حيث تدعو مصر إلى إعادة إعمار هذه الدول مع احترام رغبات الشعوب والحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضيها.
شهدت العاصمة الإدارية بالقاهرة انعقاد مؤتمر قمة الدول الثماني النامية، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس إيران مسعود بزشكيان، ورئيس إندونيسيا فرابوو سوبيانتو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، بالإضافة إلى عدد من رؤساء الحكومات وممثلي المنظمات الدولية، وأمين عام الجامعة العربية، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي.