كتبت رجانا حمية في "الأخبار": في وقت وصلت معظم بلاد العالم إلى صفر وفيات بداء الكَلَب، عاد لبنان إلى المربع الأول، حين كان هذا الداء، كالسرطان، «مميتاً حتماً». فقد سجّلت وزارة الصحة العامة العام الماضي 8 وفيات بهذا الداء «للمرّة الأولى منذ أكثر من 25 عاماً»، بحسب رئيسة مصلحة الطب الوقائي في الوزارة عاتكة بري.

كذلك سُجلت حالة وفاة واحدة منذ بداية هذه السنة.وبعدما تمكّنت وزارة الصحة من تصفير عدّاد الوفيات مع تأمين موازنة ثابتة للقاحات الكَلَب، أدت الأزمة المالية التي صاحبتها أزمة دواء حادة، إلى انقطاع هذه اللقاحات والأمصال في ظل انحسار التمويل، واقتصر الأمر على شراء كميات قليلة من سوريا لتأمين جرعة لمصاب طارئ، إلى أن قدمت منظمة الصحة العالمية العام الماضي هبة لتأمين «لقاحات تكفي عاماً تقريباً، وأمصال تكفي فقط لبضعة أشهر». غير أن الأزمة لا تحلّ فقط بمزيد من اللقاحات والأمصال، بل في إعادة البحث في الخطة التي وضعتها وزارة الزراعة لمكافحة الكلاب الشاردة قبل سنوات. ففي عام 2016، أُقرّت الخطة الوطنية للتعامل مع الكلاب الشاردة، وكانت باكورة أعمالها استحداث مركز إيواء «shelter» في جرود منطقة البترون حيث سجّلت سابقاً عدة حوادث. وبحسب مدير الثروة الحيوانية في الوزارة، الدكتور الياس إبراهيم، «كانت خطة كبيرة»، والأبرز فيها هو الإحصاء لأنه «لا يمكن التعاطي مع الملف ع العمياني». لذلك، «كان مطلوباً معرفة العدد الحقيقي للكلاب الشاردة والخطرة في الحياة البرية، إذ لم تكن هناك أي دراسة تعطي رقماً معقولاً على الأقل». وأهمية الإحصاء أن يساعد في «تحديد ما نحتاجه من أمصال ولقاحات وفرق بشرية، وتنظيم العمل بالخطوة اللاحقة المتعلقة بإقامة مراكز إيواء والتعامل مع الكلاب الشاردة من الناحية الطبية». وهي المرحلة الأكثر كلفة، إذ تتضمن «عمليات خصي للذكور وتعقيم للإناث، مع تزويد كل كلب معالج بـear tag تبين كل المعلومات عنه ثم وضعها في مراكز إيواء قبل نقلها إلى الشوارع». وفي حال وصلت الأعداد إلى أرقام كبيرة وازدحمت مراكز الإيواء بالكلاب، يتم اللجوء إلى أمرّ الخيارات «القتل الرحيم»، بعد مطالعة ترفعها دائرة الثروة الحيوانية إلى وزيري الزراعة والصحة قبل أن يصدر الأمر بقرار من وزير الزراعة. وتترافق هذه الخطة في كل مراحلها مع المهمّة الأساسية المتعلقة بالتوعية.
لكن، هذه الخطة تكاد تضيع اليوم... وسط الكلاب الشاردة. فقد تضخّمت «كتلة» الكلاب كثيراً مع ترك الأزمة من دون حل، خصوصاً أن الأزمة دفعت كثراً من الناس إلى التخلي عن كلابهم الأليفة أيضاً. ولعلّ أكثر الأسباب التي وقفت حائلاً دون التطبيق، هو التمويل الذي بات مستحيلاً. إذ قدّر المبلغ المطلوب للسنتين الأولَيين من الخطة بثلاثة ملايين دولار. أضف إلى ذلك أن البلديات، وهي المسؤول الأول عن معالجة هذه الأزمة ضمن نطاقاتها، لم تعد قادرة على تحمل المسؤولية وباتت قضية الكلاب الشاردة ترفاً بالنسبة إليها في ظل عجزها عن القيام بأبسط الخدمات.
  وما يزيد الطين بلة قلة التوعية والتعاطي بخفّة في ما يتعلّق بعقر الكلب لأحدهم، ففي غالبية الحالات التي يتسبب فيها كلب بعقر أو خدش، تكون ردّة الفعل الأولى قتل الكلب، وهذا «بالذات هو أخطر من العضّة»، بحسب إبراهيم، لأن «قتله سيعقّد المشكلة، فيما المطلوب احتجازه لنتمكن من معرفة الـID الخاص به وهل كان مصاباً بالداء أم لا وغيرها من الاستفسارات لكي نعرف كيفية التعامل مع الحالات». ويشدّد إبراهيم على أن «الكلب مطلوب حياً، لأنه في بعض الحالات يبقى احتمال ظهور عوارض الداء إلى ما بعد ستة أشهر، وعندما يصاب المعقور بداء الكلب لا أمل له بالشفاء، ففي العالم كله لم تسجّل سوى حالة شفاء واحدة من الداء وكانت استثناء». لذلك، يؤكد إبراهيم ضرورة «الابتعاد عن الحيوانات الشاردة والبرية تحديداً، لأن اقترابها من الإنسان ولعقه بلعابها يعني أن رأسها مضروب بالداء». وتطال قلة التوعية أيضاً الإجراءات الطبية، إذ يستغرب المعنيون في الزراعة أو الصحة أن «يكون التصرف الأول لدى بعض المصابين هو التوجه إلى الصيدلية وأخذ إبرة كزاز»! فيما المطلوب، بحسب بري وإبراهيم «التوجه إلى أقرب مركز في المستشفيات الحكومية في المنطقة لأخذ الأمصال المضادة لداء الكلَب خلال أول 24 ساعة، ثم اللقاحات». وتعدّد بري المراكز وعددها 10 وهي «مركز طرابلس الحكومي، حلبا الحكومي، ضهر الباشق، الكرنتينا الحكومي، صيدا الحكومي، النبطية الحكومي، بعلبك الحكومي، الهرمل الحكومي ومشغرة الحكومي وزحلة الحكومي».

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الکلاب الشاردة

إقرأ أيضاً:

ما تحديات إحياء المصانع المتعثرة وتعزيز توطين الصناعة؟

يناقش مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، في جلسته العامة اليوم ، طلب النائب إيهاب أبو كليلة، وأكثر من عشرين عضوا من الأعضاء، لاستيضاح سياسة الحكومة، بشأن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة لتعزيز عملية توطين الصناعات الواعدة.

وأكد النائب إيهاب أبو كليلة في طلبه أن الدولة اتخذت عددا من الإجراءات الهادفة إلى معالجة أزمة المصانع المتعثرة، من خلال تقديم تسهيلات مالية وضريبية، وتهيئة بيئة استثمارية مستقرة تدعم التوسع الصناعي وتحفيز الإنتاج المحلي.

وأشار النائب إلى أن الدولة أطلقت مبادرة تمويل الصناعات المتعثرة، والتي تتيح للمصانع المتوقفة الحصول على قروض ميسرة بفائدة 15%، لتغطية تكاليف شراء المعدات والمواد الخام، مما يساعدها على استعادة نشاطها تدريجيًا.

كما تم تشكيل لجنة موحدة للتفتيش والرقابة تضم ممثلين عن الجهات المعنية، بهدف تقليل التدخلات الإدارية التي كانت تؤثر سلبًا على سير الإنتاج.

وشدد على أهمية القرارات التي تمنع إغلاق أي منشأة صناعية إلا بقرار مباشر من الجهات المختصة، مما يمنح المصانع حماية قانونية ضد القرارات التي قد تؤثر على استقرارها التشغيلي.

كما أشار إلى أن الحكومة أعلنت عن حزمة من التسهيلات الضريبية التي تهدف إلى تقليل الأعباء المالية على المستثمرين، وتعزيز الامتثال الطوعي، إلى جانب دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية، مما يساعد على زيادة الإيرادات الضريبية دون التأثير السلبي على الصناعة.

ورغم هذه الجهود، أكد النائب أن التحديات لا تزال قائمة، داعيًا الحكومة إلى تكثيف العمل على إزالة العقبات التي تعيق تعافي المصانع المتعثرة.

وأوضح أن هناك حاجة إلى وضع رؤية استراتيجية واضحة تضمن تنفيذ حلول مستدامة، مع تحقيق التوازن بين سرعة التنفيذ وفعالية الإجراءات المتخذة.

كما شدد على ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يتيح فرصًا جديدة للاستثمار في الصناعات المغذية للمصانع المتعثرة، مما يسهم في تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة التنافسية العالمية للصناعة المصرية.

وأكد أن إعادة تشغيل هذه المصانع يمثل خطوة جوهرية نحو تحقيق التنمية الاقتصادية، وتعزيز قدرة مصر الإنتاجية، وتقليل الاعتماد على الواردات، مما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي ورفع معدلات التصدير، مشددًا على أهمية استمرار التنسيق بين الجهات المعنية لضمان تنفيذ هذه السياسات بفاعلية.

مقالات مشابهة

  • إحياء عروض أزياء زمان بنادي اليخت.. عودة للزمن الجميل برؤية عصرية
  • بميزانية 40 مليون دولار.. تركي آل الشيخ يكشف كواليس فيلم «الكلاب السبعة»
  • ما تحديات إحياء المصانع المتعثرة وتعزيز توطين الصناعة؟
  • برلمانية مستاءة من تأخر معالجة ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في شفشاون
  • السلطات تنفي إطلاق حملة للقضاء على 3 ملايين من الكلاب الضالة بالمغرب
  • وزارة الداخلية ترد على تقارير دولية بشأن "القضاء" على 3 ملايين من الكلاب الضالة
  • أستاذ الصحة: الوقاية من الإنفلونزا تتطلب استخدام الكمامات
  • إحياء الذكرى العشرين لاغتيال رفيق الحريري في ساحة الشهداء ببيروت
  • 3 أزمات تهدد الائتلاف الحكومي.. نتنياهو في فخّ يحاول الخروج منه
  • روبرت كينيدي الابن وزيرا للصحة في إدارة ترامب