كتب صلاح سلام في" اللواء": لا ننتظر ذكرى ذلك اليوم الأسود حتى نتذكر المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد.
فالرجال الرجال الذين يجمعون بين الريادة الإيمانية والقيادة السياسية. والذين يتمتعون بشجاعة الرأي وجرأة الموقف، يبقون أحياء بمبادراتهم و بإنجازاتهم ولو قضوا على درب الشهادة، وحضورهم يستمر في الوجدان، مهما مرّ عليه الزمن.
المفتي حسن خالد كان يعتبر نفسه شهيداً، منذ قرر التصدي لفوضى السلاح المتفلت في إيدي الميليشيات، وراح يجهر بمعارضته للجوء إلى العنف المسلح في إصلاح النظام السياسي، والتصدي للتجاوزات الفلسطينية في شوارع بيروت، والمناطق الأخرى، ورفض أسلوب تفريخ الشلل الميليشية، وتعدياتها على المواطنين العزل.
وقف المفتي الشهيد سداً منيعاً أمام تيارات الفتنة المذهبية، وكان على تواصل مستمر مع صديقه الإمام محمد مهدي شمس الدين، ومع الرئيس حسين الحسيني، ثم مع رئيس حركة «أمل» نبيه برّي، لتطويق تداعيات ما يجري على الأرض من تحاوزات وإستفزازات، وقطع دابر الفتنة من رأسها مباشرة، وقبل إستفحال نيرانها في الشارع المشتعل بالنار والبارود.
ترأس إجتماعات القمم الإسلامية في دار الفتوى، ٠وكان على تواصل دائم مع بكركي والمرجعيات الروحية المسيحية، لوضعها في صورة المناقشات الإسلامية الداعية لنبذ لغة السلاح بين أبناء الوطن الواحد، وضرورة العودة إلى لغة العقل، وإعتماد الحكمة والتبصر في إنهاء مآسي الحرب القذرة، وإستعادة الوطن الموحد من خنادق المتقاتلين.
كان المفتي حسن خالد الصوت اللبناني المدوّي في دمشق، يحمل معه معاناة الناس من تصرفات العسكر السوري، ويطرح مواقفه الوطنية بكل جرأة أمام كبار المسؤولين السوريين، لا سيما الرئيس حافظ الأسد شخصياً، حيث كان المقربون منه يخافون على سلامته بعد كل زيارة إلى دمشق، وما يتخللها من نقاش ساخن مع نائب الرئيس عبد الحليم خدام، الذي كان ممسكاً بالملف اللبناني في تلك الفترة.
في زيارة تهنئة للرئيس السوري حافظ الأسد، لمناسبة انتخابه لأول مرة رئيساً للجمهورية في إستفتاء شعبي، على رأس وفد من المجلس الإستشاري، طرح في الجلسة مطلب أهل بيروت بإخلاء مدينتهم من السلاح والمسلحين، على أن يتسلم الجيش، بدعم من قوات الردع العربية، الأمن في العاصمة. فوجئ الأسد بجرأة محدثه الذي يطلب بطريقة لبقة سحب الجيش السوري والمسلحين من بيروت، وكان جوابه كالمعتاد: هذا الأمر تقرره الحكومة اللبنانية!!
طالت يد الغدر موكب الإفتاء، وإنتقل المفتي الشهيد إلى جوار ربه، ولكنه مازال حاضراً، بخطابه التاريخي في الملعب البلدي، وبشجاعته في إطلاق المواقف الإسلامية والوطنية الكبيرة، والتي كرستها وثيقة الثوابت الإسلامية التي أعلنت من دار الفتوى عام ١٩٨٨، وبكلماته الجريئة التي مازالت تُضيء طريق الوحدة الوطنية الحقيقية، رغم ظلام الإنقسامات التي تهدد الوطن والكيان.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
سماحة المفتي يوجه رسالة لـ"محور المقاومة"
مسقط- الرؤية
نشر سماحة المفتي الشيخ أحمد بن حمد الخليلي رسالة لمحور المقاومة في غزة ولبنان واليمن والعراق.
وقال: "تتظافر بحمد الله جهود المجـ.ـاهدين الأبطال لمواجهة الكيـ.ـان الغاصب ومن يقف وراءه، في غـ.ـزة العزة ولبنان الحرة وفي اليمن والعراق؛ نسأل الله لهم التوفيق حتى يمضوا قدما في سبيل الكفاح غير لاوين على شيء مما يمزق الصف ويبعثر الجهود، (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم)".