يمانيون -متابعات
لم تكن صنعاء – عبر التاريخ – عاصمةً هامشية، بل كانت سبَّاقة في ميادين السياسة ومناصرة أشقائها العرب والمسلمين، ولم تتراجع مكانتها تلك إلا في زمن العمالة والخنوع، وهي مرحلة قصيرة نسبياً بالمقارنة مع ما سبقها من تاريخ مشرف، وربما مرَّت اليمن بأحداث كبرى أثبتت فيها جدارتها، كما هو حال المرحلة الراهنة التي نعيشها اليوم في ظل قيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي.

ويذكر التاريخ الحديث أن صنعاء كانت حاضرةً في نصرة الشقيقة الكبرى مصر، إبان مجابهتا الحملة الفرنسية، أواخر القرن الثامن عشر، ويشهد بذلك مؤرخ اليمن الكبير لطف الله جحاف، الذي وثَّق النفير اليمني لنصر أرض الكنانة، بدءاً من التحشيد المحلي بالمال والرجال، قبل إعلان الجهاد العام من أرض الحرمين، وما تبعه من نفير واسع باتجاه الديار المصرية.

وقد ذكر “الجبرتي”، مؤرخ مصر في تلك الحقبة، كيف أسهمت الحملة الإسلامية بقيادة اليمن في دحر الحملة الفرنسية، وكسر شوكة قائدها نابوليون بونابارت، الذي لاذ بالفرار، جاراً خلفه أذيال الهزيمة.

ومن المعروف أن الثورة الفرنسية عام 1789، كانت ذا توجهٍ استعماري يطمح في احتلال الديار الإسلامية، ولكن بأسلوب حديثٍ يختلف عما سبقه من الحملاتِ الصليبية التي غلب عليها الهمجية والتعصب الديني في السر والعلن، وارتكب خلالها الأوروبيون جرائم مروعة، وإبادة جماعية لمدن بأكملها.

كانت الحملة بداية للمشروع الصهيوني الجديد، ومقدمة لاحتلال المقدسات الإسلامية مرة أخرى، لكن بشعار المدنية والحداثة، وجلب التحضر للعالم العربي، وقد زعم حينها نابوليون أنه اعتنق الإسلام لكسر الحواجز بين الشرق والغرب، وقد انطلت خديعته على كثير من رجال الدين والزعماء العرب، إلا أن إمام اليمن – المنصور علي- كان حاضراً بقوة لإحباط تلك المؤامرة، مؤكداً للأمة بأن أهل الكتاب غير جديرين بالثقة والاحترام، وأن تحركاتهم تنتهي باحتلال البلاد الإسلامية، وامتهان أهلها.

وخلال الحرب العالمية الأولى، حذر الإمام يحيى حميد الدين، رحمه الله، العرب من التعاون مع الاحتلال الإنجليزي ضد العثمانيين، رافضاً في الوقت ذاته تلقي أي دعمٍ إنجليزي لمقاتلة الأتراك، وقد دفع ثمن ذلك الموقف المشرف بتعرض البلاد لسلسة من التمردات الداخلية والاعتداءات الخارجية، بدعم وتمويل الإنجليز، كان أسوأها على يد جماعة الإخوان التي استغلت تسامحه معها ونفذت اغتياله في فبراير 1948.

ومثل هذه المواقف غُيبت عن التاريخ العربي المعاصر، والهدف إبقاء اليمن في وضعية هامشية، ومنع استعادته لمكانته الطبيعية التي كانت محط إعجاب ودراسة المنصفين من أبناء الأمة، كالباحث المصري الدكتور مصطفى سالم، الذي حقق مجموعة من المراجع التاريخية، مثل “درر الحور العين في سيرة الإمام المنصور علي وأعلامه الميامين”، وغيرها.

ونحن اليوم نعيش مرحلة عظيمة من تاريخ اليمن المشرف، علينا أن نستذكر دور بلادنا المحوري في نصرة قضايا الأمة، وأن اليمن – بقيادة أعلام الهدى من آل البيت – سيكون مدداً وناصراً لكل الشعوب المستضعفة، وفي مقدمها الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة.

وقد أدرك الغرب خطورة الأمة إذا تولى أمرها آل البيت، فعمدوا إلى محاربتهم من الداخل عبر التضليل الديني والإعلامي، وعلى يد أفراد وجماعات موالية للصهاينة، مثل الوهابية وجماعة الإخوان، وغيرها من دعاة التحضر والعلمانية الساعية لاستعباد الأمة وتدجينها لأعدائها بدواعٍ تضليلية.

محمد محسن الجوهري

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

حكومة التغيير والبناء: اليمن لن يتراجع عن نصرة غزة

يمانيون ـ صنعاء

أكدت حكومة التغيير والبناء، أن الجمهورية اليمنية، قيادةً وحكومةً وشعباً، لن تتزحزح عن موقفها الداعم والمناصر لغزة، مهما بلغت التضحيات.
وقالت حكومة التغيير والبناء في بيان صادر عنها “بإباء وعزة وشموخ، شهدت العاصمة صنعاء ومحافظات يمننا الأبي، الجمعة الماضية، تظاهرات جماهيرية مليونية غير مسبوقة، جسّدت صور التلاحم الوطني، وأكدت من جديد على ثبات موقف اليمن المبدئي في دعم ومساندة إخواننا في غزة وفلسطين”.
وأوضحت أن تلك الجموع الغفيرة التي خرجت ملبية لنداء الواجب بعثت برسائل واضحة وقوية إلى قوى العدوان والاستكبار، وعلى رأسها العدو الأمريكي وحلفاؤه، أهمها أن شعبنا اليمني العظيم، قيادةً وحكومةً وشعباً، يؤكد اليوم وغداً، وفي كل يوم، أنه لن يتزحزح قيد أنملة عن موقفه الداعم والمناصر لغزة، مهما بلغت التضحيات.
وأشار البيان إلى أن العدو الأمريكي، خاب وخسر، في رهانه على أن عدوانه الغاشم على اليمن سيثنيه عن دعم غزة.. مؤكدًا أن الشعب اليمني يخرج اليوم بأعداد أكبر، وأكثر عزيمة وإصراراً، ليؤكد أن العدوان لم يزده إلا قوة وتماسكاً.
ولفت إلى أن العدوان الأمريكي لم يزد الشعب اليمني، إلا قناعة بأهمية الموقف المساند لغزة، فقد تعززّت قناعة اليمنيين أن أمريكا هي الشيطان الأكبر، وأن دعمهم اللا محدود للكيان الصهيوني، هو ما يطيل أمد المعاناة في فلسطين.
وأضاف البيان “لقد وحّد العدوان الأمريكي شعبنا اليمني العظيم، وجعله أكثر التفافاً حول قيادته وقضيته، فها هي الجماهير تخرج اليوم من كل حدبٍ وصوب، لتعلن للعالم أجمع أن اليمن واحد موحد، في مواجهة العدوان”.
وأفاد بأن التظاهرات المليونية أكدت للعالم أجمع أن الوضع الداخلي في اليمن الحر متماسك وقوي، وأن الحاضنة الشعبية للدولة صلبة ومتينة، فهذه التظاهرات تعكس وحدة الموقف الرسمي والشعبي في اليمن، في دعم صمود غزة.
وأكدت حكومة التغيير والبناء، أن جرائم العدوان الأمريكي تزيد من تفاعل الشعب اليمني في دعم عمليات القوات المسلحة اليمنية الباسلة، وفي ذات الوقت تزيد من الكراهية للأمريكي والعداء له.
وأضافت “نقول للعدو الأمريكي إن عدوانك السافر على يمننا الحبيب، هو استفزاز لمشاعر كل يمني غيور على دينه وعروبته، ولكنك لن تجد منا إلا الصمود والثبات، وعبثاً تحاول أن تحطم الروح المعنوية لشعبنا، فكلما زادت جرائمك، ازداد شعبنا قوةً وإصراراً على مواجهتك، وزرعت اليأس والإحباط في صفوفك، وأدركت أنك لن تحقق أهدافك الخبيثة في اليمن”.
ودعت حكومة التغيير والبناء دول العالم وكافة وسائل الإعلام الدولية الحرة إلى أن تنظر بعين الموضوعية إلى التظاهرات الشعبية اليمنية، التي تعبّر عن ضمير إنساني حي ينادي بالحق والعدالة، ويدعم الفلسطينيين المظلومين.
وحثت شعوب العالم وأحراره على الاقتداء بالشعب اليمني، الذي يخرج في تظاهرات حاشدة ومستمرة، للمطالبة بوقف جرائم الإبادة في غزة.. مضيفة “نؤكد أننا سنظل الأوفياء لدماء الشهداء ولتضحيات شعبنا العظيم، وسنواصل دعمنا ومساندتنا لغزة وفلسطين، حتى يتحقق النصر الكامل”.

مقالات مشابهة

  • العدوان الأمريكي يدمر معهدًا مهنيًا في الصومعة… وأبناء البيضاء يؤكدون استمرارهم في نصرة غزة
  • اليمن في قلب المعركة.. موقف لا يتزحزح في نصرة غزة
  • “المجاهدين”الفلسطينية تشيد بقصف اليمن ليافا”تل أبيب”
  • حكومة التغيير والبناء: اليمن لن يتراجع عن نصرة غزة
  • اليمن.. نارُ الكرامة التي لا تنطفئ
  • السعودية تعزز مكانتها الدولية في مجال سلامة الغذاء
  • اليمن في قلب المعركة .. موقف ثابت لا يتزحزح في نصرة غزة مهما كانت العواصف
  • “مدري”.. الكلمة التي أربكت مواقع التواصل وتحولت إلى ترند.. ما قصتها!
  • نائب: زيارة الرئيس الإندونيسي لمصر رسالة قوية تعكس مكانتها الدولية والإقليمية
  • شلقم: ليبيا من بين البلدان التي عانت غياب الخبرة السياسية